من صفات سيد الخلق
===========
نعم الله على العباد كثيرة ، ومنها أن جعل هذه الأمة خير الأمم ، وبعث لها خير خلقة ليكون للناس بشيراً ونذيراً{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } فهو صفوة المصطفين فعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله أصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، وأصطفى قريشاً من كنانة ، وأصطفى من قريش بني هاشم وأصطفاني من بني هاشم ) وأول النبيين وخاتم المرسلين { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } الصادق الأمين والرحمة المهداة للعالمين { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } والأسوة الحسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ، وقد فضلة المولى في الخطاب على جميع الأنبياء والرسل ، فلم يخاطبة باسمة مباشرة كما خاطبهم ، بل كان يخاطبة بقولة [ يا أيها النبي ، يا أيها الرسول ، يا أيها المزمل ، يا أيها المدثر ] وهو خير من آمن ، وأدى الأمانة ونصح الأمة ، وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين فدعا قومه بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنه ، وجادلهم بالتي هي أحسن ، فكان الأسوة التي يقتدى بها { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} فلم يكن فظاً ولا غليظ القلب {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ . . . } ولا عاتياً ولا متكبراً ، بل كان فيه من اللطف واللين والحلم والصبر والتواضع والشهامة والمروءة ، وقد كان أجود الناس كفاً وأجرأ الناس صدراً وأصدقهم لهجة ، وأوفاهم ذمة ، وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه أحبه وأتبع هواه فسبحان الذي لم يجعل له نظير في العباد { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهـُمْ إِلَى صـِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } فهو المثل الأعلى للتكامل الإنساني والسمو البشري ، فقد أدبه ربه فأحسن تأديبه ، وأرسله للناس كافه { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا . . . } وجعل خلقه القران { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } وبعثة بدعوة الحق ليدعو الإنسانية إلى الكمال .
وقد وصفته أم معبد بقولها [ . . . إذا صمت فعليه الوقار ، وإذا تكلم سما وعلا البهاء ، حلو المنطق ، فصل لا نزر ولا هزر وكأن منطقه خرزات نظم ينحدر ]
و وصفه سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بأنه [ كان يخزن لسانه إلا بما يعنيه ويؤلفهم ولا ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره ولا خلقه يتفقد أصحابه معتدل الأمر غير مختلف وكان إذا أنتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس لا يرد من يسأله حاجه إلا بها أو بميسور من القول ، دائم البشر ، سهل الخلق لين الجانب ، وقد ترك صلى الله عليه وسلم نفسة من ثلاث : المراء والإكثار ومالا يعنيه ، وترك الناس من ثلاث . فكان عليه الصلاة والسلام لا يذم أحد ولا يعيرة ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه ] وقد كانت له هيبة على أعدائه تروعهم وتفزعهم ، وتنزل على قلوب أصحابه ملطفة بالتواضع والحب وقد كان صلوات ربي وسلامه عليه أبعد البعد عن الرياء والنفاق وحب الدنيا وحيث أن خلقه القرآن كانت سنته صلى الله عليه وسلم تأتي بعد القرآن الكريم في المنزلة ، فتفسر مجمل ما نزل ، وتبين الأحكام ، وتوضح الأهداف وكل ذلك كان يبلغه لصحابته رضوان الله عليهم بأفعاله وصفاته { . . . ِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } كل هذه الأخلاق كانت تنبعث ممن أخرج لهذه الدنيا يتيماً ، وقد بعثه الله برسالة الإسلام فعمت البركة وأكتملت الرحمة ، وتحقق على يديه الكريمتين صلى الله عليه وسلم خروج الإنسانية من دياجير الظلم والظلام إلى نور الحق والعدل والسلام .
فهذا غيض من فيض من صفات أفضل الخلق ، فصلوات ربي وسلامه عليك أيها النبي الكريم ومن أصدق من الله قيلاً { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } .
نـبـيــه بن مــراد العطـرجـي
[email protected]
من صفات سيد الخلق بقلم:نـبـيـه بن مـراد الـعـطـرجـي
تاريخ النشر : 2006-04-05