وعد بلفور المشئوم بقلم : أحمد محمد كلوب " أبو فادي "
تاريخ النشر : 2016-11-01
وعد بلفور المشئوم  بقلم : أحمد محمد كلوب " أبو فادي "


بسم الله الرحمن الرحيم

وعد بلفور المشئوم
بقلم : أحمد محمد كلوب " أبو فادي "

وعد بلفور هو الاسم الشائع الذي تم اطلاقه على الرسالة التي أرسلها / أرثر جيمس بلفور في 2/11/1917م الى اللورد روتشيلد الصهيوني المعروف , والتي يعبر فيها عن تأييد الحكومة البريطانية انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين .
ونص هذه الرسالة يقول :
عزيزي اللورد روتشيلد . يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته التصريح التالي : والذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية , وقد عرض على مجلس الوزراء وأقره . " أن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف الى اقامة مقام قومي لليهود في فلسطين للشعب اليهودي – أي وطن قومي لليهود في فلسطين, وأنها ستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية , على أن يفهم جليا أنه لن توتي بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي يتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين , ولا الحقوق ولا الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد أخر .
وسأكون ممتنا اذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا التصرف المخلص : أرثر جيمس بلفور ,,, ولقد صدر هذا الوعد قبل احتلال بريطانيا لفلسطين , وكان هناك اتفاق سايكس بيكو , والذي تم فيه الاتفاق بين كل من بريطانيا وفرنسا تقاسم أملاك الرجل المريض , ألا وهي الدولة العثمانية التي كانت تحتل بلاد الشام .
ملاحظة هامة جدا :
- حين صدر وعد بلفور كان عدد اليهود في فلسطين لا يزيد على 5 % من عدد سكان فلسطين.
- ولقد صدر هذا الوعد قبل احتلال بلاد الشام ومن ثم تقاسمها بين كل من بريطانيا وفرنسا .
- أراد البريطانيون من هذا الوعد استمالة اليهود الى جانبهم بما كانوا يتمتعون به من نفوذ في العالم , خاصة وأنهم مقدمون على الحرب العالمية الأولى وخاصة أنهم كانوا يريدون امالة الولايات المتحدة الأمريكية الى جانبهم من خلال النفوذ اليهودي الصهيوني هناك .
وتقدمت القوات البريطانية المتواجدة في مصر عاملة على احتلال جنوب فلسطين , حيث احتلت بئر السبع وواصلت تقدمها الى ما هو أبعد من حيفا شمالا , وشاركت القوات الفرنسية في احتلال لبنان وسوريا .
وعندما احتلت بريطانيا فلسطين وأكملت السيطرة عليها في العام 1919م بلغ عدد السكان سبعمائة ألف مواطن , ثم ارتفع هذه العدد الى سبعمائة واثنان وستون ألفا في العام 1921م , منهم 76,9 % من العرب , و 10,6 % من اليهود , و 11,6 % من المسيحين , و 09 % آخرين .
وما تم تجميعه من يهود العالم ما بين عامي 1897م – 1948م في فلسطين ما يقارب ستمائة وخمسون ألفا تم زرعهم في فلسطين , وتم كل ذلك بمباركة حكومة الانتداب البريطاني , ومن خلال التسهيلات التي قدمت لهم سرا وعلانية , والهدف من كل ذلك هو تغير الواقع الديموغرافي للسكان بزيادة عدد المهاجرين اليهود الى فلسطين كي يصبحوا رقما ليس من السهل تجاهله أو كسره .
وتمكنت المجموعات الصهيونية من اقامة ما مجموعه مائة وعشر مستوطنات ما بين عامي 1897م و1927م , ثم زاد هذا العدد ليصل الى 291 مستوطنة زراعية حتى العام 1948م , وهو عام النكبة والذي اعلن فيه عن قيام دولة الكيان الصهيوني في فلسطين بتاريخ 15 مايو 1948م .
ومن هنا تتضح المسئولية الكبرى لبريطانيا عما جرى للشعب الفلسطيني من نكبات , وهذه المسئولية تتمثل في :
1 – اصدارها للوعد المشئوم , وعد بلفور , والذي قيل عنه (وعد من لا يملك من لا يستحق باقامة وطن قومي لهم في فلسطين).
2 – تسهيل عملية هجرة اليهود من كافة أقطار العالم الى فلسطين
3 – تأمين كافة مستلزمات المهاجرين اليهود وخاصة الحماية لهم , ومن ثم تمكينهم من السيطرة على الأماكن والمواقع المهم في فلسطين.
4 – تسليح المهاجرين , في مقابل محاربة الفلسطينيين وتجريدهم من السلاح .
5 – منح المهاجرين اليهود أفضل المناطق الزراعية من أجل اقامة مستوطناتهم هناك .
6 – وكذلك منحهم أراضي ذات مواقع حساسة واستراتيجية , تمكنهم من السيطرة فيما بعد على الأراضي المجاورة لمستوطناتهم .
7 – وقبل انسحابها من فلسطين , أو حت بريطانيا للأنظمة العربية الخاضعة لسيطرتها , بتحريك جيوشها لفلسطين , والتي نتج عنها النكبة بكل أبعادها من تهجير ومن استيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية التي لم تكن تستطيع العصابات الصهيونية من الاستيلاء عليها.
وبكل أسف كان لدخول هذه الجيوش على الرغم مما بذله بعض الضباط والجنود من مقاومة ومواجهة للصهاينة , كان دخولها أيضا يمثل مزيدا من النكبات على الشعب الفلسطيني تمثل فيما يلي:
أولا : تجريد المجاهدين الفلسطينيين من أسلحتهم .
ثانيا : تسليم العديد من المدن والقرى الفلسطينية خاصة الرملة واللد , ومن ثم فتح الطريق لعصابات الصهاينة للوصول الى القدس الغربية .
ثالثا : الطلب من السكان بضرورة مغادرة مدنهم وقراهم خوفا من أن تطالهم نيران اليهود , ومن ثم كان يتم الانسحاب من هذه المدن والقرى , فيحتلها اليهود , ويتم بذلك تهجير السكان بشكل نهائي .
رابعا : تم تسليم العديد من المجاهدين من قبل بعض الضباط العملاء في هذه الجيوش الى الجانب الاسارئيلي .
خامسا : تم ترحيل أكبر عدد من الفلسطينيين الى أماكن بعيدة عن فلسطين مثل العراق والتي كان جيشها قد أحضر معه العديد من الشاحنات بقصد تهجير الفلسطينيين باعتبار أن هذه هي حصة العراق من الفلسطينين , بالاضافة لتهجير أخرين الى أماكن بعيدة في سوريا ولبنان مثل حمص وحماة وحلب وطرابلس .
سادسا : قامت هذه الجيوش بتوقيع العديد من الهدنات مع الاسرائيلين , وكلما جرت معركة كانت هذه الجيوش تنسحب من مواقعها , ومن ثم تتقدم العصابات الصثهيونية لتحتل تلكم المناطق , ويتم توقيع هدنة جديدة بعد ذلك .
سابعا : ونتج عن كل ذلك أن استطاعت اسرائيل أن تتحصل على أكثر مساحة مما قرره قرار التقسيم , حيث بلغت مساحة ما تم احتلاله 78 % من مساحة فلسطين .
ثامنا : ومن ثم تبقى جزء تحت الادارة الأردنية هي الضفة الغربية , والتي تم ضمها فيما بعد مع المملكة الأردنية الهاشمية , والجزء الأخر هو قطاع غزة والذي كان تحت ادارة واشراف الادارة المصرية حتى حرب العام 1967م .
والسؤال الذي يتبادر الى الأذهان :
ما دامت بريطانيا هي المسئولة الأولى عن كل ما جرى للشعب الفلسطيني من نكبات وويلات , فلماذا لا تقم بتحمل مسؤولياتها التاريخية أمام هذه النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني ؟؟؟!!!... ومن هنا أرى أنه يجب على قيادتنا الفلسطينية أن تبدأ معركة سياسية ودبلوماسية مع بريطانيا لتضعها أمام مسؤولياتها الحقيقية , بضرورة تحملها كافة التبعات التي حلت بشعب فلسطين العظيم من جراء هذا الوعد المشئوم .
وهذا الأمر يحتاج الى اعداد العدة بشكل مبرمج وممنهج ومدروس , وهذا يحتاج الى تظافر جهود كل العاشقين للوطن الغالي فلسطين كل فلسطين .

والله من وراء القصد ,
ودمتم سالمين ,,,

بقلم : أحمد محمد كلوب " أبو فادي "