الغلبان بقلم إبراهيم شواهنة
تاريخ النشر : 2016-10-29
الغلبان بقلم إبراهيم شواهنة


 الخطابة فن ...إنها والله .. حرفة المثقفين ..وطليقي اللسان ..ومن يمتلكون ناصية اللغة ..وتلابيب الحروف والكلمات ..هم من يعتلون المنصات وهم واثقين من انفسهم .. ممتلؤون بالمعلومات.

مثقفون في دينهم  ودنياهم .... ومن ثم بالسياسة .. ولا ضير أن كانوا يمتلكون اللحية .. فقد تزيدمن هيبتهم ووقارهم ......وتجعل عامة الناس ينصاعون للاصغاء لهم ..يثقون بهم ...وقد  تخدع اللحى  السذج من بني البشر .

      وحديثي اليوم ..موجه بصفة خاصة  إلى أولئك المكلفون بالتحدث أثناء عقد القران والطلبة .في الاعراس .  أو من  يكلفهم أهل العريس بطلب الامانة من ولي أمر العروس ..وأعني " العروس...عند خروجها إلى عش الزوجية ....

كنت هناك ..البارحة ومن ضمن المدعوين إلى تلك الخطبة .....وصلنا لبيت العروس . أستقبلنا أهلها عند باب بيتهم  ..مرحبين مهللين بنا ..جلسنا بعد ذلك فدار  شاب علينا بالقهوة ... كالمعتاد ..." عادة فلسطينية "  توارثها الابناء  والاباء عن اجدادهم ..كان نظر الجميع  .. ينتظر اللحظة التي يقف  بها رجل من جماعتنا

        ليتحدث  ويطلب العروس من أهلها .. بسرد بعض من الآيات والاحاديث التي تحث على الزواج والمصاهرة .. وغيرها من الجمل والعبارات المتعارف عليها بين عامة شعبنا ...

وفجأة  نهض من بين الحضور رجل يملأ ثيابه يلبس البدلة الرسمية ...وربطة عنق .. تكاد تشنقه .ضخم  الجثة   عريض المنكبين .... وبدأ في التحدث .. ..تردد في بداية الامر ..وظن الجميع   أنه يعاني من مرض

في حنجرته   او ربما هومصاب بنزلة برد ... كان صوته مخنوقا ..وربما لم يعتد على لبس ربطة العنق " الجرافة"   كما نسميها في اللهجة العامية ..

" يا ليته لم يتحدث " فكل الآيات والاحاديث التي قالها تخلو من الصواب كان يأتي بجملة من الشرق ليتبعها جملة من الغرب .. كنت أحاول أن ألم حديثه   أنافهم جملة  واحدة  أوآية قرانية    لن عبثا .. فقد حرف القرآن وخالف أحاديث الرسول .. وكنت في غاية الاستغراب والغضب .. لدرجة أنني وقفت وصحت به أتق الله يا رجل ..ألم يجدوا غيرك ؟؟ . حرام عليك يا رجل .لقد اخترعت لنا قرآنا جديدا ودينا جديدا . كل ما قلته من آيات لا تمت للقرآن .. بصلة ..وكل الاحاديث التي رويتها عن النبي ..تخلو من الصواب .."غلط في غلط"

رد  بغضب ...وما أفهمك ما قلت ...أنا قلت مثلما أسمع من الناس ...وأنا لم أدخل المدارس ..والذنب ليس ذنبي ...الذنب ذنبهم ..وكان يعني أبيه وأمه ...

صمت الجميع ..وبعضهم انفجر ضاحكا ..ويا ليتني لم أسبب له الاحراج .. فقد ذاب من الخجل .وراح يشتو عرقا ..واصفر وجهه ..وراح يرجف  صدقوني لقد خفت عليه أن يسقط ميتا . وراح يستعين بالعريس الذي هو الآخر .ليصحح له ما يقول .. لكن العريس . لم تسعفه  الذاكرة في تصحيح ..كلام صاحبه..فقد كان فكره منصبا على عروسه  التي سيصحبها بعد قليل للقاعة ...كل  الحضور راحوا يتهامسون  الاستاذ معه حق فيما يقول ..ألم يجدوا غيره ؟؟؟ . 

وقفت ..وقلت للحضور ... أرجوكم يا أخوتي أن تتخيروا من يحسن الحديث في مثل تلك المناسبات ..لأن  الأمر يتعلق بكتاب الله وسنة نبيه ..نعم نحن نرتكب الاثم ..حين نختار أناس يجهلون ..كتاب الله ..وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ..دون أن ندرك ..

         وسألت العريس .. من أين أتيت بهذا المسكين ..  فقد قال لي : 

هو عمي يا أستاذ ..ولقد أصرأصرارا ... وألح ألحاحا .- رجل على باب الله    غلبان - .أن يطلب لي عروستي من أهلها ... وحتى لا أغضبه .. وهذا الأمر عيب في العادات والتقاليد ....فقد .. نزلت عند رغبته ووافقت له أن يتحدثوأنا أعلم أنه سيفشلنا .. أمام الحاضرين ...فهو لم يدخل المدارس .. فقط هو يسمع تلك  الآيات والآحاديث من الشيوخ وظن أنه في موقف مثل هذا الموقف .. سينجح ..لكنه  رسب بكل جدارة ... وعرض نفسه لسخرية  الجميع ...

خرجت العروس من بيت أهلها   وركب  العريس بجانبها ....وكل الحضور يهمس .." لقد فضحهم أبو فلان " 

وأنا أكتفيت  بالدعاء له بأن يشفيه الله من الحماقة ...وأن يكون عبرة لغيرة ممن يفكرون ..في اقحام أنفسهم في مثل تلك  المواقف . لأنها في الحقيقة مواقف يفقد من يخطأ  بها ثقته  بنفسه ..ويصير أضحوكة  في مجتمعه  وحديث  مسليا في المجالس .   فهل يعتبر أولي   الألباب ...؟؟؟....  وأنتم    يا معشر الناس ...إختاروا ...بعناية من يتحدثون في الخطب والأعراس.... فبدل من  أن يحسنوا إليكم قد...يسؤوكم ...!!