ما هو الفرق بين العرق والاثنية؟ ولماذا يعتبر البعض -العرق- جريمة؟ بقلم:أنس أبو عريش
تاريخ النشر : 2016-10-20
ما هو الفرق بين العرق والاثنية؟ ولماذا يعتبر البعض -العرق- جريمة؟ بقلم:أنس أبو عريش


أنس أبو عريش 

- لا بد أنك سمعت بمصطلحات مثل "العرق" و"الاثنية" من قبل، لكن هل فكرت يوماً بمعنى هذين المصطلحين؟ وبماذا يختلف كل منهما عن الآخر؟ سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة في هذا التقرير.
قديماً كان مصطلح "العرق" رائجاً جداً في الحوارات العامة، وقد بدأ استخدامه للدلالة على مجموعة الأشخاص الذين يتحدثون بلغة مشتركة. بعد القرن السابع عشر أصبح استخدام هذا المصطلح يصدر من أولئك الذين كانوا يعتقدون بأنهم متفوقون على باقي البشر بسبب نشوئهم ضمن عائلات معينة أو قبائل معينة، ما يدعوهم إلى الفخر والاعتزاز لمجرد أنهم نشؤا ضمن هذه البيئة. وخير مثال على ذلك، نظرية العرق الآري (الألماني) التي رأي من خلالها أدولف هتلر الألمان كعرق متفوق على جميع الأجناس البشرية.
لاحقاً أصبح هذا المصطلح معيباً، ولم يعد الكثير من الناس يشعرون بضرورة استخدامه لما يمكن أن يحمل في طياته توجهات عنصرية ضد مجموعات معينة من الناس. ولذلك بدأ مصطلح "الاثنية" بالظهور إلى الواجهة أكثر فأكثر، واستخدم في كثير من الحالات تلافياً لاستخدام مصطلح "العرق".
ولكن ما هو الفرق بين المصطلحين؟
يشير مصطلح العرق إلى مجموعة من البشر الذين يتشاركون خصائص جسدية متشابهة ومميزة، أما الاثنية فهي مجموعة من البشر الذين يجمعهم اسم جامع، وأسطورة عن الأصل المشترك (هذا ما يفسر عوامل التشابه بين أفراد المجموعة)، وتاريخ مشترك، وثقافة مميزة، ويرتبطون بإقليم محدد، إضافة إلى شعور عام بالتضامن بين أفرادها.
وقد ارتبط مصطلح العرق بالدراسات الوصفية التي تقوم على تقسيم الجنس البشري إلى مجموعات عرقية رئيسية (أمريكي، آسيوي، أوروبي، أسترالي) قائمة بالأساس على افتراض اللا تكافؤ بين بني البشر بالاستناد إلى مبررات بيولوجية. لكن هل يعقل هذا خاصة إذا علمنا أن النقاء العرقي غير موجود على أرض الواقع بسبب الاختلاط العرقي الذي نتج عن الزواجات المختلطة وعدم وجود حدود فاصلة بين المجموعات العرقية المختلفة، إضافة إلى الحجم الكبير للمجموعات العرقية الذي يجعل الاختلافات تظهر بشكل أكبر بين أفراد كل مجموعة؟.
ولذلك بدأ مصطلح الاثنية بالظهور أكثر فأكثر باعتباره مصطلحاً أشمل، إذ لا يقتصر اهتمامه على الخصائص البيولوجية، بل يتعداها إلى الكثير من الأبعاد الثقافية وغيرها من الجوانب غير المادية في تكوين الهوية.
وبالتالي فإن البشر أخذوا ينظرون إلى العرق باعتباره مصطلحاً يشير إلى تصنيف سلبي للناس يقوم على مبدأ الإقصاء، على عكس الاثنية الذي يرونه يدعو إلى تماثل إيجابي للجماعة يقوم على الإدماج بين الأفراد. وقد يعطي مصطلح العرق انطباعاً بأن الفروق في الخصائص الثقافية هي فروق فطرية غير قابلة للتغير لأنها نابعة من أسس بيولوجية، أما مصطلح الاثنية فيعطي انطباعاً بأن هذه الفروق مكتسبة بفعل الاحتكاك مع المجتمع.
ويبدو أن مغالاة النازية في تمجيد العرق الآري (الجيرماني) باعتباره عرقاً يتفوق على كافة الأجناس البشرية، وسيداً على باقي البشر، قد أدى -لاحقاً- إلى تجريم مصطلح العرق وأسهم شيئاً فشيئاً إلى جانب بعض العوامل الأخرى في ظهور مصطلح الاثنية كمصطلح بديل وأقل حدة من العرق، على الأقل باعتباره مصطلحاً لا يدعو إلى توليد الكراهية والعنصرية ضد الفئات المختلفة بين بني البشر.


أنس أبو عريش - صحفي وباحث