معاجم الأدباء جهود مهمة ولكن ...
د. محمد عبدالله القواسمة
تصدر من وقت لآخر أعمال معجمية في موضوعات مختلفة أدبية، وسياسية، وفلسفية، وجغرافية وغيرها. الذي يهمنا هنا هو معاجم الأدباء، مثل: معاجم الشعراء أو الروائيين أو كتاب المسرح. ويمكن تقسيم هذه الأعمال إلى قسمين من حيث الجهات التي تصدرها: القسم الأول تصدره مؤسسات حكومية أو خاصة، مثل: معجم الأدباء في الأردن الذي أصدرته وزارة الثقافة الأردنية، وصدر الجزء الأول منه (الراحلون) عام 2001، ومعجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين الذي أصدرته مؤسسة جائزة البابطين في الكويت. والقسم الثاني يصدره أفراد، مثل: شعراء فلسطين في القرن العشرين للمرحوم راضي صدوق، ومعجم أدباء إربد لإبراهيم الكوفحي.
من الملاحظ أن المعاجم التي تصدرها المؤسسات العامة والخاصة في بلدنا تتفوق على تلك التي يصدرها الأفراد بحسن الإخراج، واتساع التغطية للموضوع المتناول، والدقة في تقديم المعلومات. ويعود الفضل في ذلك إلى توافر الإمكانات المادية لهذه المؤسسات التي تستطيع بوساطتها توظيف الكوادر البشرية القادرة على إنجاز العمل بدقة وانتظام.
الأصل في هذه الأعمال أن تقوم بها المؤسسات. وربما يلجأ الأفراد إلى إعدادها بسبب عدم قيام المؤسسات بهذه المهمة. ويمكن التدليل على ذلك بذكر جهود الباحث محمد المشايخ الذي تفرد بإعداد معاجم كثيرة نأت المؤسسات عن القيام بها أو التفكير في إعدادها، نذكر منها: الأدب والأدباء والكتاب المعاصرون في الأردن، وكُتّاب الأردن، ومعجم أديبات الأردن وكاتباته، ومعجم شعراء الأردن الذي صدر مؤخراً.
لا شك أن المعاجم الأدبية وبخاصة معاجم الأدباء سواء أكانت تصدر عن مؤسسات أم عن أفراد معاجم مهمة بل وضرورية في التعريف بالأدباء، وبيان ما يعتور الأجناس الأدبية في بلادنا من تطور، وتوثيق ما تمور به حياتنا الثقافية من أحداث أدبية وثقافية، وإبقاء ذكرى شعرائنا وروائيينا ومسرحيينا عالقة في أذهان الأجيال. فما الأمم غير تراثها الأدبي والثقافي؛ فهو رمز وجودها، ومانحها هويتها وخصوصيتها.
تدفعنا أهمية المعاجم الأدبية إلى تقديم ملاحظات حول ما عايناه منها في المدة الأخيرة:
1. قلة هذه الأعمال، فعلى سبيل المثال فإن وزارة الثقافة الأردنية تعثرت في إصدار معجم أدباء الأردن، ولم تصدر غير جزأين منه (الجزء الثاني صدر عام 2006) مع أن من الضرورة ليس استكمال إصدار هذا المعجم الأدبي العام بل أيضًا إصدار معاجم متخصصة للشعراء، والروائيين، وكُتّاب المسرح، والنقد كلًا على حده.
2. غياب التحديث عن هذه الأعمال. فقد تمر سنوات دون إجراء عمليات تحديث عليها؛ فتغدو قليلة الأهمية. إنها تحتاج إلى تحديث مرة كل سنة على الأقل.
3. عدم اعتمادها منهجًا علميًّا في ترتيب موادها، فلا يسهل الإفادة منها، ويحتاج المستفيد إلى وقت طويل للوصول إلى المعلومة التي يريدها.
4. خلو بعضها من مقدمة توضح كيفية استخدامها وطريقة الوصول إلى موادها. وربما نجد في بعضها بدلا من المقدمة تقديمًا من شخص آخر يمتدح العمل وصاحبه.
على ضوء هذه الملاحظات، وللوصول إلى حياة ثقافية زاخرة، تساعد على الإبداع والبحث، الاهتمام بالمعاجم، باتّباع منهج علمي في إعدادها، وتوضيح ذلك في مقدمة المعجم، وربما يحسن الاستعانة بخبير في المكتبات والمعلومات لمراجعة العمل ليأتي إلى الحياة وفق الأسس التي تعتمد المقاييس والقواعد العالمية في الفهرسة والتصنيف.
ولما كانت أمثال هذه الأعمال يعجز الأفراد عن إعدادها والاستمرار في تحديثها؛ فالمطلوب من المؤسسات العامة والخاصة، وبخاصة وزارة الثقافة أن تقوم بمسؤوليتها في ذلك. فليس من مهمات دائرة المكتبة الوطنية في الوزارة إصدار الببليوغرافيا الوطنية الأردنية فقط، بل أيضًا إصدار الببليوغرافيات المتنوعة، والكشافات والأدلة المختلفة، والمعاجم العامة والمتخصصة في الإبداع والمبدعين، وكذلك مساعدة الأفراد الذين يقومون بهذه الأعمال ماديًّا ومعنويًّا.
[email protected]
معاجم الأدباء جهود مهمة ولكن..بقلم: د. محمد عبدالله القواسمة
تاريخ النشر : 2016-10-15