الإعلام القوي دعامة أساسية للدولة بقلم: د. حنا عيسى
تاريخ النشر : 2016-07-19
الإعلام القوي دعامة أساسية للدولة بقلم: د. حنا عيسى


الإعلام القوي دعامة أساسية للدولة
بقلم: د. حنا عيسى

أستاذ القانون الدولي

"إذا كانت الصحافة حرة وبإمكان الجميع القراءة فسوف يعم الأمان"

(توماس جفرسون)

تطوّرت المجتمعات السكانية واختلفت كثيراً عمّا كانت عليه قديماً، ومن التطوّرات الحديثة التي شهدها العالم تطور وسائل الاتصال أو الإعلام ، فقديماً كان الاتصال عن طريق الإشارات والحديث بين الناس، ثمّ ازداد عدد الناس وتوسعت القبائل والشعوب، وعند إرسال وإيصال معلومة كان يستخدم الحمام الزاجل، ومن ثم ظهر الورق، ثم بدأ التقدم فعليّاً عند إختراع أجهزة تساعد على الإتصال والإعلام.

يعرف الإعلام بأنه اداة اتصال بين طرفين، وهما الاعلامي اي المراسل من جهة بالاضافة الى الجمهور أي الفئة المستقبلة، وذلك يكون عن طريق العديد من الوسائل الاعلامية، فتنتقل الرسالة الاعلامية بواسطته من طرف لآخر، وأيضا  يعتبر الاعلام بأنه العملية التي تقوم على تزويد الجمهور او المستقبل للمعلومات بأكبر كمية ممكنة من المعلومات الصحيحة بالاضافة الى الحقائق الثابتة والواضحة، فهناك وسائل اعلامية كثيرة منها المسموعة ومنها المقروءة ومنها المرئية. فالمسموعة مثل الراديو، والمرئية مثل التلفاز، والمقروءة مثل الجرائد والمجلات, حيث نجد وسائل اعلام حديث واخرى قديم، ومع كل تطور للعلوم والتكنولوجيا يكون هناك ادوات ووسائل إعلامية متطورة .

أصبح دور وسائل الإعلام في المجتمع مهما وخطيرا جداً، إلى درجة خصصت جميع الحكومات أقساماً ودوائر ووزارات إعلام تتولى تحقيق أهداف داخلية وخارجية عن طريق تلك الوسائل، ومن تلك الأهداف الداخلية رفع مستوى الجماهير ثقافياً، وتطوير أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية، أما خارجياً فمن أهداف دوائر الإعلام تعريف العالم بحضارة الشعوب ووجهات نظر الحكومات في المسائل الدولية.

 لم يقتصر اهتمام الحكومات بوسائل الإعلام، بل أن مؤسسات اجتماعية وسياسية واقتصادية اهتمت بها، ووجدت أن تلك الوسائل تخدمها وتخدم أهدافها وتساعد في ازدهارها.

الدولة ذات الإعلام القوي تعتبر قوية وقادرة، فلقد أصبح الإعلام عاملاً رئيسيا في نفوذ بعض الدول، وبخاصة تلك التي وجدت فيه إحدى دعاماتها الرئيسية، وقدمته على باقي دعائم الدولة. وسبب كل ذلك هو أن وسائل الإعلام مؤثرة في الجماهير وفاعلة سلباً أو إيجاباً؛ فمن هذه الوظائف:

1.  الوظيفة الإخبارية: تعني قيام وسائل الإعلام الجماهيرية بنقل الأحداث والقضايا المهمة، ومتابعة تطوراتها وانعكاساتها على المجتمع، وذلك لتلبية حاجة الإنسان الطبيعية لمعرفة البيئة المحيطة به، ومعرفة الحوادث الجارية من حوله، ويكاد المضمون الإخباري يشكل النسبة الرئيسية السائدة اليوم في وسائل الإعلام التي يفترض أن تقوم بتغطية تلك الأحداث بحيادية ودقة ومصداقية، لكي تحظى باحترام الجمهور. 

2.   التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات: من المتعارف عليه أن المدرسة تتولى مهمة التوجيه، بعد العائلة، باعتبار أن الطالب يقضي قسما مهما من حياته فيها؛ لكن المجتمع بجميع مؤسساته الأسرية والعائلية والاجتماعية والدينية والاقتصادية له دور كبير في مجال التوجيه، وتكوين المواقف والاتجاهات الخاصة بكل فرد، من هنا تتلاقى تلك المؤسسات مع المدرسة في مهمة التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات، خاصة وأن المجتمع ليس كله طلابا، ولا يتاح عادة لكل افراد المجتمع دخول المدارس أو الاستمرار في الدراسة ،وإذا كانت المدرسة تقوم بمهمتها تلك عن طريق الهيئة التعليمية والكتاب، فأن توجيه المجتمع يمارس بشكل مباشر وغير مباشر على السواء عن طريق وسائل الإعلام المنتشرة عادة، فكلما كانت المادة الإعلامية ملائمة للجمهور لغة ومحتوى، ازداد تأثيرها، فلا يعقل مثلا أن تخاطب الذين لا يجيدون اللغة العربية باللغة الفصحى، ولا الذين ليس لديهم مستوى ثقافي معين بالمنطق وعلم الكلام والحجج الفكرية والفلسفية.

3.  زيادة الثقافة والمعلومات: التثقيف العام هدفه زيادة ثقافة الفرد بواسطة وسائل الإعلام، وليس بالطرق والوسائل الأكاديمية التعليمية، والتثقيف العام يحدث في الإطار الاجتماعي للفرد سواء كأن ذلك بشكل عفوي وعارض أم بشكل مخطط ومبرمج ومقصود.

التثقيف العفوي هو مواجهة دائمة من جانب وسائل الإعلام للفرد، هذه المواجهة تقدم له ـ بدون أن يكون هو المقصود بالذات ـ معلومات وأفكار وصور وآراء، وهذا يحدث عندما يتجول الطالب في ساحة ملعب جامعته فيفاجأ بجريدة حائط أو بتلفزيون نادي الجامعة أو باللافتات المرفوعة في أماكن من الجامعة، وكلها تحمل عبارات تلفت نظره، فيندفع في قراءتها أو متابعتها فتعلق بعض الكلمات في ذهنه ويأخذ ببعض الآراء، أما التثقيف المخطط فهو حصيلة وظيفتي التوجيه والتبشير؛ لكن هناك بعض الحالات تقع في دائرة التثقيف المخطط كالبرامج الزراعية التي هي عبارة عن حلقات إرشاد للمزارعين يدعون إليها أو تبث إليهم عبر الإذاعة أو التلفزيون.

4.  الاتصال الاجتماعي والعلاقات البينية:  ويعرف الاتصال الاجتماعي عادة بالاحتكاك المتبادل بين الأفراد بعضهم مع بعض، هذا الاحتكاك هو نوع من التعارف الاجتماعي يتم عن طريق وسائل الإعلام التي تتولى تعميق الصلات الاجتماعية وتنميتها. وهناك أمر ثانٍ هو قيام وسائل الإعلام كلها تقريبا بتعريف الناس ببعض الأشخاص البارزين أو الذين هم في طريق الشهرة سواء في مجال السياسة أو الفن أو المجتمع أو الأدب. 

5.  الترفيه عن الجمهور وتسليته:  تقوم وسائل الإعلام فيما تقوم به من وظائف بمهمة ملء أوقات الفراغ عند الجمهور بما هو مسلٍ ومرفه؛ مثل الأبواب المسلية في الصحف أو البرامج الكوميدية في التلفاز، وفي الحالتين تأخذ وسائل الإعلام في اعتبارها مبدأ واضحا وهو أن برامج الترفيه والتسلية ضرورية لراحة الجمهور ولجذبه إليها، وحتى في مجال الترفيه هناك برامج وأبواب ترفيه موجه يمكن عن طريقها الدعوة إلى بعض المواقف ودعم بعض الاتجاهات أو تحويرها وحتى تغييرها، وهذا يتطلب بالطبع أساليب مناسبة من جانب وسائل الإعلام. 

6.  الإعلان والدعاية:  تقوم وسائل الإعلام بوظيفة الإعلان عن السلع الجديدة التي تهم المواطنين، كما تقوم بدور مهم في حقول العمل والتجارة عندما تتولى الإعلان عن وجود وظائف شاغرة أو وجود موظفين مستعدين للعمل، أو عندما تتولى الإعلان عن إجراء مناقصة أو وضع التزام موضع التنفيذ…الخ . ولهذا استطاعت وسائل الإعلام على تنوعها من صحافة وتلفزيون وإذاعة وسينما، أمام تعقيد الحياة وتعدد ما فيها من اختراعات وصناعات واكتشافات أن تقوم بمهمة التعريف بما هو جديد وتقديمه إلى الجمهور وعرض فوائده وأسعاره وحسناته بشكل عام. 
أنواع وسائل الاعلام :

1.    وسائل الإعلام المطبوعة ويُستخدم الورق كأداة في الإعلام المطبوع  .ومن أبرز هذه الوسائل هي:

·   الصحف والجرائد تُعتبر الصحف المحليّة التي تختّص في كل بلد معين مثال حي على الإعلام في نشر الأخبار المحليّة والإقليمية والعالمية، فالصحيفة أو الجريدة تحتوي في طياتها على مادة اعلامية مكتوبة بطريقة صحفيّة فنية في نشرة آخر الأخبار، وعرض التحليلات وإدراج المقالات وتخصص في صفحاتها زاوية للكتّاب والأدباء، وكذلك زوايا مختصّة في الإعلانات سواء الحكوميّة أو التجاريّة، ويتم إصدار الصحيفة بشكل دوريّ أي يوميّ أو أسبوعي، وأول صحيفة نُشرت في التاريخ عام 1605م كانت في فرنسا.

·   المجلات أُصدرت أول مجلة في التاريخ عام 1731م في لندن وهي مجلة السّيد، فالمجلة هي منشور يُصدر بشكل شهري أو حسب ما تقرر المؤسسة التي تصدر المجلة، فتختلف المجلة عن الجريدة في الشكل والمواضيع والمحتوى، فالمجلة تحتوي على غلاف كالكتاب وفيها صفحة للمحتويات، ومن ثمّ تعرض المواضيع كالأخبار، وتناقشها وتخصص مواضيع وصفحات للطعام والأزياء والموضة، وكذلك الصحة، وأخبار الفن وغيرها.

2.    وسائل الإعلام غير المطبوعة: وتكون هذه الوسائل مرئية أو مسموعة او إلكترونية، ومنها:

·   التلفاز: يعتبر التلفاز من اهم وسائل الإعلام الذي لا يتمّ الاستغناء عنه بسبب الجماهيرية العالية التي يتمتع بها، وقدرته على التأثير في الرأي العام، وكانت أول تجربة في اختراع التلفاز عام 1848 ثم تطورت حتى تم اختراعه بشكل كامل في عام 1926م، فمع ولادة التلفاز ظهرت المحطّات الإذاعية والفضائية التي تستخدم التلفاز في عرض الأخبار والإعلانات التجاريّة والمسلسلات والأفلام، والبرامج الثقافيّة والرياضية وغيرها من البرامج المختلفة حسب نوع المؤسسة.

·   المذياع أو الراديو: هو وسيلة إعلام مسموعة فالجمهور لا يرى المذيع، ولكن يحدث نوع من التواصل عن طريق الاستماع إلى المذيع، ويدير المذياع محطات إذاعية خاصة بترددات المذياع، وكان أول اختراع للترددات الكهرومغناطيسيّة في عام 1889م بواسطة المخترع المشهور هنري هيرتز، وجهاز الراديو اخترع عام 1895م، ومن خلال المحطات الإذاعيّة يستمع المستمع إلى نشرات الأخبار بكافة أنواعها، ويتحكّم المستمع من خلال المحطّات المختلفة مثل محطة للقرآن، وأخرى للرياضة، وأخرى للتسلية وغيرها.

·   الإنترنت : يعتبر الإنترنت أحدث وسائل الإعلام فهو وسيلة إعلام إلكترونية ومسموعة ومرئية ومكتوبة، أي وسيلة متعددة فمن خلال الإنترنت يستطيع المتصفح أن يتصفح ما يريد فهناك مواقع إلكترونيّة إخباريّة ومواقع ترفيهية وغيرها الكثير ما هو متنوّع ومتعدد، فالإنترنت شبكة عنكبوتية ظهرت عام 1969م، فهذه الشبكة تتميز بعدد كبير من المستخدمين من كافة دول العالم أينما كانوا.

"المأزق المحوري في الصحافة أنك لا تعرف ما لا تعرفه"

(بوب وودورد)