بغداد في شفة الزمان قصيدة
شعر: ياسين عبد الله السعدي
(بمناسبة مرور عام على جريمة حرب الخليج) الأولى
عَامٌ مَضَى قَدْ جَاءَ عامٌ آخَرُ *** أَوَ مَا لِهذا اللَّيْلِ يَبْدو آخِرُ؟
ذَاكَ الَّذي وَدَّعْتُ فيه أمانِياً *** هذا الذي فيهِ الأماني تُزْهِرُ
إني كَرِهْتُكَ أَيُّها العامُ الذي *** ولّى، لأنَكَ خادِعٌ مُتآمِرُ
رَقَصَتٍ أمانينا لمولدِ أُمَّةٍ *** عربيةٍ نَزْهو بها ونُفاخِرُ
كانَتْ لنا آمالُنا في دَوْلَةٍ *** تبني لنا أمجادَنا وَتُعَمِّرُ
لكنّما الأعرابُ؛ أعرابَ الخنى *** باعوا العروبةَ للعِدى وتآمروا
هَبَّتْ على صَرْحِ العُروبة مَوْجَةٌ *** وأتوا (بعاصفةِ الفلاةِ) وَدَمَّروا
جاءوا إلى شَعْبِ العِراقِ بلؤمِهِمْ *** وَهَوَوْا عليهِ بِحِقْدِهِم يَتَفَجَّرُ
هَدَموا الحضارةَ، دَمَّروا بُنيانَها *** قالوا: أتينا للكويتِ نُحَرِّرُ
كَذَبوا!! لقد جاءوا بكل جنونهم *** كَيْما يُعيقوا شَعبنا وَيُؤخِّروا
قَد هَالَهُمْ أن تَسْتفيقَ حَضَارةٌ *** قَدْ راعَهُم أَسَدُ العُروبةِ يَزْأرُ
الفارسُ (النَشْمِيّ) فَجَّرَ حِقْدَهُم *** فَأتَوا بِكُلِّ جموعِهِم وتكاثروا
جاءوا مِنَ الصحراءِ في عِدْوانِهِم *** وَأَتَوا كَذلِك بالسفائِن تُبْحِرُ
وَهَووا على بغدادَ مِنْ كَبِدِ السَّما *** فَكَأنَّها بِلَظى جَهَنَّمَ تُمْطَرُ
(مِتِرانُ) في (ميراجِهِ) مُتَبَجِّحَاً *** يا خِزْيَ حَرْبٍ أوقدتها (تَتْشَرُ)
تَرَكَتْ لنا مِنْ بَعدِها (فِئْرانها) *** خَسِئَ الغُزاةُ يَقودهم (جون ميجرُ)
فَرضوا على شَعْب العِراقِ حِصارَهُمْ *** لَكِنَّ شَعْب الرافِدَيْن سَيُنْصَرُ
سَيَرُدّ كَيْدَ المعتدينَ لِنَحْرِهِمْ *** وأخو الخيانةِ سَوْفَ يُهْزَم، يُدْحَرُ
بَغْدادُ في شَفَةِ الزَّمانِ قَصيدةٌ *** عَصْماءُ يَقْرأهُا الزّمَانُ وَيَفْخَرُ
وَتُرَدِّد الأجيالُ رجعَ نشيدهِا *** أهزوجةُ فِيها الكرامةُ تَزْخَرُ
بَلَدَ الرَشيدِ أَتاكِ عِلجٌ حَاقِدٌ *** مِنْ جنْدِ هـولاكو أَشَّدُ وَأَخْطَرُ
إِنْ كان هولاكو أَبَادَ حَضارَةً *** فَبِمِثْلِ فَعْلَتِهِ أَتانا (بيكرُ)
يَدْعونَهَا (حَرْبَ الخَليجِ) وإِنَّها *** حَرْبٌ على وَطَنِ العروبةِ تُشْهَرُ
(بُوشْ) تَقَدَّمَهُمْ يقودُ جُموعَهُمْ *** بعضُ العُروبَةِ للجَريمةِ نَاصروا
يا خِزْيَهُمْ! يا عارَهم! يا وَيلَهُمْ! *** ماذا سَيُرْوى عَنْهُمُ ويُسطَّرُ؟!
ماذا سَتَقْرأُ عَنْهُمُ الأجْيالُ في *** مستقبل الأيامِ؟ ماذا يُذْكَرُ؟!
هَل يَكْتُبُ التاريخُ أنَّ جُيوشَنَا *** جَاءَتْ بأذيالِ الغُزاةِ تُؤازِرُ؟!
يا أمةٌ مَنكوبةٌ في قادةٍ *** مهزومةٍ؛ لا تقرأُ التاريخَ، ليسَ تُفَكِّرُ
تَبَّاً لَهُم مِنْ قادة قد أسلَموا *** للغرْبِ أعناقَ العروبةِ تُنْحرُ
باعوا المبادئَ والكرامةَ للعِدى *** وَعَلى شِعاراتِ المبادِئِ سَمْسَروا
كانوا دعاةً للعروبةِ فانْثَنَوا *** أعداءَهَا، وَمَعَ الغُزاةِ تقاطروا
والمسلمونَ الخانعونَ تأمْرَكوا *** ما عادَ للإِسلامِ فِيهِمْ مِنْبَرُ
الدّيِنُ عِندهمُ شِعارٌ زائفٌ *** والأمْرُ دَوْماً ما يَرَى المُسْتَعْمِرُ
حُكَّامُنا، زُعَماؤنا، أعداؤنا *** خَذَلوا قضايانا؛ بها هم تاجروا
لكِنْ بِرُغْمِ الليْلِ يَبْسُمُ فَجْرُنا *** وَلَسَوْفَ راياتُ التَّحَرُّرِ تُنْشَرُ
إني أرى التاريخَ يَرْنو نَحْوَنا *** يَسْتَنْهِضُ الأَبْطالَ أن يَتَحَرَّروا
وَيَقولُ: هيا أيها العرب الأولى *** كانوا بناةً للحضارةِ؛ عَمَّروا
نَشَروا التَّمَدُّنَ في بقاعِ الأرْضِ إِذْ *** كانَ الظَّلامُ يَسودُها وَيُسَيْطِرُ
فغَدوا مَشاعِلَ للحضارةِ كُلِّها *** فَكَأنَّهُمْ للعالمينَ منائِرُ
رَكِبوا مُتون المجدِ عِزَّاً فانْثَنَى *** جِيدُ الزَّمانِ، غدا إليْهِمْ يَنْظُرُ
هَلْ يَنْهَضُ التاريخُ مِنْ أغْلالِهِ *** وَنُحَطِّمُ الأصنامَ حينَ نُزَمْجِرُ؟
ونُزيلُ أَصنامَ التَّخاذُلِ في غَدٍ *** وَنَرَى غَداً شَمسَ العُروبةِ تُسْفِرُ؟
لابُدَّ يَوْمَاً أن تَسُودَ حَضارَةٌ *** لابُدّ للإَسْلامِ يَوْمَاً يُنْصَرُ!!
وَلَسَوْفَ تَطْلُعُ في غَدٍ أشْواقُنا *** مِنْ دولةِ الحَقِّ التي لا تُقْهَرُ
وَغَداً يَصيرُ إلى الحضارةِ مِشْعَلاً *** المارِدُ العَرَبيّ، هذا الأَسْمَرُ!!
نشرت في جريدة القدس يوم الجمعة بتاريخ 15-4-2016م؛ صفحة 18
بغداد في شفة الزمان قصيدة !! شعر: ياسين عبد الله السعدي
تاريخ النشر : 2016-04-15
