العماليق.................بقلم: وصفي خالد مسرات
لستُ مسؤولاً عن عقلكَ بعدَ هذا السطر
فتخيل:
أن تصحو من نومكَ ذات صباح
ثُمَ تَخْرُجُ مُطمئناً إلى الطريق
تَحملُ في يدكَ مشروعاً جديداً
وأوراقاً وزجاجةَ عطرٍ وكلمات
وترتدي بِذلةً جديدة
وربطةَ عنقٍ أنيقة
ثُمَ فجأةً وبلا مقدمات
أقدامٌ كبيرةٌ بحجمِ الشاحنات
تكادُ أن تَسْحَقَ جسدكَ الصغير
وتَسْمَعُ الصرخات:
(العماليق......العماليق.......جاء العماليق)
مخلوقاتٌ غريبة تجتاحُ الطرقات
ضخمةٌ وطويلة
وبيدهم مطارقُ غليظة
من حديدٍ
يهدمون البيوتَ والمزارع
يدوسونَ السيارات والمصانع
يتقاذفونَ الاطفالَ بأرجلهم
كألعابٍ صغيرةٍ تافهة
فتلجأ ذليلاً الى صخرةٍ مُرْتَعِشَة
وفي عينيكَ خوفٌ وتَرَقُّبْ
ثم تَنْسَلُ لتُخْرجَ زوجتكَ وأطفالكَ من البيت
لا تدري أين يذهبون
تسيرونَ كالقططِ الخائفة على جوانبِ الطرقات
تَخَاف أن يقذفهم العملاقُ بصخرة
أو يدوسهم أمامَ عينيك
أو يضعهم في غرفةٍ حديديةٍ بلا نوافذ
كأنهُ يصطادُ الحشرات
وتسمعُ صُراخهم في الظلام
ومعهم طفلكَ الذي ما زال يحبو
وزوجتكَ الحاملُ المنهكة
ثم تسيرُ مع الناسِ كأسرابِ النملِ
تبحثونَ عن ملاذ
.......ربما ستذهبونَ إلى أقربِ مسجدٍ أو كنيسة.......
.......كملاذٍ أخيرٍ للتفاوضِ مع السماء..........
......ثم يموتُ الشيخُ في أولِ الدعاء..........
كلُ شيءٍ ينهار
وأناتُ الجرحى
وجثثُ الموتى
والاطفالُ بارتعاشٍ يصرخون
........وعيونهم المرتعدة..........
ثم تسيرُ مع من تبقى إلى خارجِ المدينة
نحو الكهوفِ و الأودية
وشُقوقِ الصخور
وتدخلَ كالفئرانِ الى الجحور
هل تَخَيلتَ كُلَ ذلك؟
هل تخيلت كل ذلك؟
هل عرفتَ الانَ وجعَ النملِ حينَ تدوسُهُ الاقدام؟
هل أدركتَ تلك النظرة المتوسلة في عينِ قطةٍ تنام؟
هل أحسستَ حينَ الصيدِ بوجعِ الحمام؟
هل عانيتَ ألمَ الفقدِ في الدروب؟
هل عِشْتَ يوماً واحداً تحتَ أنقاض الحروب؟
هل رأيتَ يوماً كيف يموتُ الناسُ تحت عجلات الدبابات؟
هل أدركتَ الانَ معنى أن تكونَ بلا قيمةٍ؟
وبلا ثَمَنْ؟
رُغْمَ أنكَ تعيش
في فجر الاثنين 28/3/2016.................وصفي مسرات
العماليق..بقلم:وصفي خالد محمد مسرات
تاريخ النشر : 2016-04-05
