من هو مُعلم القرن الحادي والعشرين؟ بقلم:د.مجدي علي زامل
تاريخ النشر : 2016-01-30
من هو مُعلم القرن الحادي والعشرين؟

د.مجدي علي زامل

أستاذ التربية المشارك

ق.أ.عميد كلية التربية/ جامعة القدس المفتوحة

تهتم التربية ببناء الإنسان، بناءً متكاملاً، معرفياً وتربوياً وثقافياً واجتماعياً ووجدانياً..إلخ، وتُعد الأفراد للعيش في المجتمع، وفق ما يتطلبه من معارف وخبرات وسلوكات يحتاجها الفرد، وبخاصة أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، الذي يفرض على النظام التربوي والتعليمي تغييرات، تستدعي إعادة بلورة سياساته واستراتيجياته وخططه، وفق ما يتطلبه القرن الحادي والعشرين.

إذ ان التغييرات والتطورات الحاصلة في القرن الحادي والعشرين، ومن أبرزها التطورات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فرضت على الحكومات وصناع السياسات التربويين إعادة التفكير بمختلف القضايا التربوية ومنها المعلم، لما له من دور مهم في ترسيخ ثقافة القرن الحالي، وتوظيف مستحدثاته في عمليتي التعلم والتعليم، والتركيز على مهارات الحياة، ومهارات التعلم المستمر، وبشكل أشمل مهارات القرن الحادي والعشرين، التي تساعد المعلم على تحقيق التعلم والتعليم النوعيين.  

ويُعد المُعلم عنصر رئيس من عناصر العملية التعليمية التعلمية، فهـو المُيـسر والمُنظم والمُطور لعملية التعليم والتعلم، والمسؤول عن إحداث التغييرات المطلوبة في شخصية المُتعلم، المعرفية والوجدانية والنفس حركية. ويلعب دوراً مهماً في تنمية مهارات المتعلمين، وتنمية التفكير الناقد، من خلال الاستراتيجيات والممارسات الهادفة له في عمليتي التعلم والتعليم. 

وتشير الأدبيات التربوية، إلى العديد من التصنيفات لمهارات القرن الحادي والعشرين، التي يجب على المعلم امتلاكها منها: طرق التفكير(الإبداع والابتكار، والتفكير النقدي وحل المشكلات، وما وراء المعرفة)، وطرق الشعور (التعاطف، والحب، والاهتمام)، والحياة في العالم (المواطنة المحلية والعالمية، والمسؤولية الشخصية والمجتمعية)، وطرق العمل (التواصل، والتعامل/ العمل الجماعي) (Binkley et al., 2010). وهناك مهارات أخرى، مهارات سوق العمل، والمهارات الحياتية، ومهارات التواصل والتفاعل، والمهارات التطبيقية، والمسؤولية الشخصية والمجتمعية وغيرها.  

وهذا يعني ان لمعلم القرن الحادي والعشرين، سمات وخصائص عدة، تميزه عن المعلم التقليدي، منها التحلي بسمات وخصائص شخصية تتعلق بالخصائص النفسية والاجتماعية والعقلية، وسمات مهنية ترتبط بقيم العمل التربوي ومهنيته، وسمات مبنية على كفايات التعليم والتعلم.

وهناك سمات أخرى يمتاز بها معلم القرن الحادي والعشرين، منها مواكبة التطورات التكنولوجية، والذكاء من خلال الإلمام بالذكاءات المتعددة وكيفية توظيفها لذاته ولطلابه، واستخدام الأجهزة الذكية، والتوجه الرقمي، والتعاون، والتواصل، والتعلم القائم على المشاريع، والابتكار، والاستمرار في التعليم(Palmer, 2015)، إضافة إلى البحث عن المعلومات، وحل المشكلات، وإدارة الوقت، واتخاذ القرارات.


ويتطلب من معلم القرن الحادي والعشرين أن يكون مُعداً ومؤهلاً أكاديمياً ومهنياً، بما يتطلبه القرن الحادي والعشرين، لتمكينه من ممارسة مهنة التعليم بالطريقة الفاعلة، والتي تُسهم في بناء مُتعلم المستقبل في ضوء عصر اقتصاد المعرفة (Economy Knowledge). كما أن يمتاز بامتلاكه لمجموعة من المهارات، منها: تنمية المهارات التفكير العليا، وإدارة المهارات الحياتية، وإدارة قدرات المتعلمين، ودعم الاقتصاد المعرفي، وإدارة تكنولوجيا التعليم، وإدارة فن التعليم، وإدارة منظومة التقويم (الزهراني، 2012)، وذلك لولوج عصر الاقتصاد المعرفي سعيًا لبناء مجتمع المعرفة في ضوء التحديات المتعددة التي تعيشها النظم التربوية.

ويتجه كثير من التربويين إلى أن معلم القرن الحالي، من الطبيعي أن يمتلك استراتيجيات التعلم الفاعلة، التي تُعد المتعلم للقرن الحادي والعشرين، ومن أهمها، أسلوب حل المشكلات، والتفكير الناقد، والتفكير التأملي، والتعلم بالمشاريع، والتعلم الذاتي، والتعلم البنائي، والتعلم التعاوني، والتقويم الحديث وتقنياته، كالتقويم الأصيل وغيرها، وقدرته على توظيفها في عمليتي التعلم والتعليم.

وفي ظل التطورات التي يشهدها القرن الحالي، أصبح لزاماً على المعلم، امتلاك مجموعة من الأدوار والمهام، أهمها:

1-   تحوّل دوره إلى أن يكون متعلماً نشطاً ومرشداً للمتعلم وأعماله وميسراً وملاحظاً للتعلم ومتأملاً فيه، ليكون قادراً على مساعدة المتعلمين على التغير، وتشجيعهم وحفزهم على التأمل في ممارساتهم وأعمالهم.

2-   توفير المناخ الودي الآمن والداعم، وتهيئة البيئة التعليمية الغنية، المناسبة للتعليم والتعلم.

3-   توظيف استراتيجيات وأساليب التعلم المتمركزة حول المُتعلم.

4-   تحقيق التفاعل الصفي الفاعل والمؤثر، فهو وسيلة التعليم والتعلم، وسبيل تطور روح الفريق، والعامل على توليد الشعور بالانتماء إلى المدرسة ونظامها، وإنشاء علاقات يسودها التفاهم بين المعلم والمتعلمين.

5-   توظيفه لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، من خلال استخدام الأدوات والمواد اللازمة.

6-   تشجيع المتعلمين على التعلم والتفاعل في العملية التعليمية التعلمية من خلال تفاعلهم مع شبكات التواصل الاجتماعية وغيرها.

7-   توظيف الأنشطة والفعاليات التي تنمي مهارات التفكير العليا، والتفكير الناقد، والتفكير الإبداعي.

8-   توظيف البحث الإجرائي في الغرفة الصفية والمدرسة، في معالجة المشكلات التعليمية، وذلك للارتقاء بالعملية التعليمية التعلمية.

9-   توظيف استراتيجيات التفكير النقدي، وحل المشكلات، والعمل التعاوني، والتواصل الفعال، والتعلم بالمشاريع وغيرها.

10-    توظيف المعلم لأساليب التقويم الحديثة وأدواته، ومنها ملف الانجاز العادي والالكتروني وغيرها.

وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى ان من أهم الموضوعات التي يرتكز عليها تقدم الأفراد والمجتمعات، موضوع إعداد المعلم في القرن الحادي والعشرين، لمواكبة التطورات المعرفية والتكنولوجيا العالمية التي تحدث، وهذا يحتاج إلى بناء المعلم الواعي، والمُفكر، والباحث، والمُبدع، والمُبتكر، والقادر على إحداث التغييرات المطلوبة في المتعلمين وأفراد المجتمع المحلي ومؤسساته، للوصول بالمتعلم إلى ما يجب أن يكون عليه في القرن الحادي والعشرين.