وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر بقلم صالح الجيلاني
تاريخ النشر : 2016-01-04
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر بقلم صالح الجيلاني


وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر. بقلم صالح الجيلاني .

استعرت شطر البيت هذا من قصيدة لابي فراس الحمداني لأكتب عن صديق عزيز وكاتب مبدع وهو الاستاذ احمد عمر حسين ،آخذاً على نفسي عهداً ،بأن ارد له بعض الجميل ونكرمه وهو حي على غير ما تعودنا عليه ،حيث لا نتذكر المبدعين إلا بعد وفاتهم .لقد عرفت الاستاذ احمد كما عرفه من جالسه عن قرب ،عرفته مبدعاً وغير متكلفاً...تنساب الجمل والمواضيع من بين شفتيه ومن مداد قلمه انسياباً جميلاً واسلوبه السهل الممتنع يأسرك ،حيث إنه يسطر المقالة أو المقالتين في دقائق معدودات ...وعرفته كذلك متواضعاً بسيطاً غير مزهواً بنفسه ولا انتهازياً.!بالنسبة لي وقليل من مثلي لا يتجاوزون اصابع اليدين من الذين عرفوه ،قد تأكدت لدينا وترسخت القناعة إننا امام انسان بكل معنى الكلمة ،وكذلك عرفنا انه موسوعة ومكتبة متنقلة ومدرسة لمن اراد ان يستفيد منها.صحيح ان بعض الجلساء لم يدركوا ولم يقدروا الاستاذ احمز حق قدره وهو معنا وبين ظهرانينا لسنين عدة .فلم يستفيدوا ،ان لم يكونوا ايضاً غير عابئين بفرصة وجوده بيننا!لكن وللأمانة فقد أقروا وبعد غيابه عن مجالسنا وفي احلك الظروف من هذه الحرب الضروس...اقروا ان الاستاذ احمد يفتقد وان آراءه السابقة ونصائحه هي اليوم كلها او اغلبها تتجسد شاخصة امام الاعين .لقد كان لا يبخل بالمعلومة والاستقراء والتوقعات والنصائح صحيح ان ظاهرة غمط الناس وخصوصاً المبدعين، هي ظاهرة عالمنا العربي عموماً ..وفي بلادنا بشكل واضح وصادم .!وبما ان العالم قد اصبح قرية صغيرة ،لكن حكومتنا غير عابئة بالكوادر المنسية، فما فائدة التطور وكون العالم قرية صغيرة إذا حكومتنا لا تنظر الى الكوادر واصحاب الرأي السديد والمشورة الراجحة.! الزميل احمد عمر حسين له لغته الخاصة ذات النكهة المميزة فهو يدهشك بأسلوبه وباستقراءاته، وتحليلاته التي تحقق منها الكثير وفي فترات قصيرة، وانا هنا ملتزم بان اورد بعض ما تضمنته مقالاته او اشعاره، حتى لا يظن الذين لم يتعرفوا اليه ،بانني منافق او كاذب .ففي عز جبروت عاي عبدالله صالح في عام 1998م وفي الصفحة الاخيرة من صحيفة التجمع الوحدوي وفي عددها رقم317 بتاريخ29/6/1998يشخص الوضع حينها وبصراحته المعهودة .والقصيدة بعنوان (صورة)نقتطف الاتي ..هكذا الحكام ارباب السياسة###يرهنون الشعب في سوق النخاسة!!نهبوا الثروات واستبقوا له###عيشة الذل وجرعات التعاسة !يدعون الطهر في كل زمان ### وهمو في الوحل غرقى والنجاسةوبعد نقد وشرح بليغ جلد به الحاكم ..يقول في اواخر القصيدة//هكذا الحكام قد شاءوا لنا###صنعوا الوضع واختاروا مقاسه!!اينما وليت وجهك سترى ###جائعاً يطلب لقمه في الكناسة
هكذا صورتنا اليوم وقد###يفقد البنيان ركنه واساسه!!حين يلفظ كل فرد ذات يوم ###عيشة الذل ويصحو من نعاسه!وقد كان ذلك وبعد تسع من السنين !ولنا نظرة اخرى فيما يخص قضية الجنوب وقد قال في مقالة له في صحيفة الطريق العدد 1788بتاريخ30/4/2014 م وفي صفحتها الاخيرة موجهاً رؤيته الى قيادات الحراك ..وعنوان المقال(قيادات المكونات الجنوبية وقانون الكم والكيف ) ففي وسطها يقول::(البحث عن حلول من خارج الواقع وهم ..)ويردف ايضاً(من يظن ان الوحدة او العودة للوضع السابق فعل يخص الجنوب لوحده، مخطئ، ومن يظن كذلك انه يخص الشمال ومتنفذيه لوحدهم مخطئ، ومن يظن ان الخمسة الكبار والمجتمع الدولي هم المتحكمون لوحدهم يائس ،ومن يظن انه سيواجه المجتمع الدولي مجنون ولكن الوحدة او العودة الى الوضع السابق لها فعل يخص كل هؤلاء جميعاً. ونتذكر له من الجديد بعد استيلاء الحوثي على صنعاء ،حيث نشر مقال في المواقع الاليكترونية ..في اكثر من سبعين موقعاً، وبعنوان (الحوثي وعوامل التدمير الذاتي !)حيث اكد ان حركة الحوثي حملت بذور فناءها معها ولخصها وعددها اي بذور الفناء ومنها ،الاعتماد على التوسع بالحرب ،والانتقامات والانغلاق، والطريقة الميليشاوية ،واكد انها مثل صعدت بسرعة الصاروخ ستنتهي بالسرعة ذاتها والمقالة نشرت في المواقع بتاريخ15/12/2014 وفعلاً اليوم نرى كما توقع كاتبنا العزيز ان الحركة حملت في احشاءها كما كتب بذور الفناء .وهناك الكثير الكثير ولا نستطيع في مقالة واحدة ان نوفيه ما يستحق من التذكر والانصاف .ولكن نعود لما يبهرني فيه وفي اسلوبه ،فظاهره المتواضع قد يدفعك لان تتجاهله لشدة تواضعه وبساطته، بينما هو حين تجلس معه، وتنصت اليه او تساله تحصل عندك حالة من الاندهاش والفخر بجلوسك معه فهو موسوعة سياسيه وتاريخية وادبيه وثقافية فلا غرور ولا انتهازيه ولا تكبر،لقد تذكرناك في غيابك عن مجالسنا المتواضعة وافتقدناك كثيراً كما يفتقد السامر والساري ،وافتقد انا خصوصاً الانتفاع من اسلوبك المدهش والبساطة في شرح الامور، فانت حقيقة لدي لا ينكرها الا جاحد او حاسد. . انت إضافة بحجم الحقيقة لساحتنا الثقافية، وساقية تسقي وتحرث ارضا لم يحرثها من قبل احد غيرك ولم يسبقك اليها احد من اقرانك،،ولكن هذا هو حال المبدع اينما حل او ارتحل، فانه يبتكر نهره، ويصنع غابته، ويطلق عصافيره من دون ان يلتفت الى ما حوله...ولا يسعني وليس امامي من اجلك سوى يراعي الذي راعه الغياب ،فكان له ان تأسى بقول ابي فراس الحمداني فلك ومن اجلك وبلسان ابي فراس :: (وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر!!!) وها انا وبكل شوق وحرقة افتقدك يا كاتبنا وشاعرنا ومحللنا السياسي الجهبذ ،ولست وحدي فهناك الكثير غيري افتقدك ،ولكن ليس لهم مثلي يراع لكي يشعروك بحقيقة افتقادهم لحضورك بينهم ولنا لقاءات اخرى .