رحيل من نوع آخر
لم يكن نهاية العالم لأحزن ولم يتأذى أحد من عائلتي أو أصدقائي ؟! فلماذا الحزن والنحيب بصوت مكتوم على من لا أعرفهم ولا يعرفونني !! لا يا سادة فالذي حدث في الجمعة الحزينة حدث أيضا قبل عام من الآن بعد انتهاء الحرب.. نعم لقد ذهب الشباب والنساء والأطفال بلا عودة ولا بواكي لهم سوى عائلاتهم!! .. فلماذا غادروا أرض الانتصارات نحو القدر المحتوم ؟! ألم يكن حريا بهم البقاء والنزول للشوارع للاحتفال !! أرضهم التي لم يتركوها إلا لأنهم شعروا بأن من يحكمونها يلفظونهم يطردونهم وكأنها عزبة أجدادهم !!
فهد زوج ابنة عمي داليا أحد الذين غادروا بعد الحرب .. لقد شارف على الأربعين ولم يجد أي عمل لسد رمق أطفاله وهو الحاصل على درجة الماجستير في الهندسة من الجامعات الكندية !! لم يجد فرصة لأن والده – رحمه الله- لم يكن مناضلا أو مجاهدا بل رجل بسيط عمل بجد واجتهاد كي يزرع أبنائه وأحفاده في الوطن لحين عودتهم إلى البلاد !! فقد أوقن أن الطريق الأقصر إلى قريته حمامة هو البناء و الاعمار في وطنه.. بنى في وطنه وبنى الأبناء فيها تحت الاحتلال .. ؟! لكن فهد ترك غزة باحثا عن لقمة العيش والحرية والأمان في بلاد بعيدة !! هذا حال الكثير من الشباب الذين انتهى ما يقارب أكثر من عقد في حياتهم دون جدوى!! يتحدثون عن تحرير فلسطين وشبابها ينتظرون أي فرصة للرحيل حتى وان كانت للموت !! فهم يؤمنون بأن الهروب من وطن مأزوم للموت هو حياة أخرى !! فما جدوى الأرض بدون أهلها ؟!... من المسئول ؟! أكيد ليس ذنب أبو فهد وغيره أنهم لم يناضلوا ويجاهدوا - على طريقة غيرهم - ليضمنوا لأبنائهم الوظائف والثروة!!.. احتار الاحتلال في كيفية مواجهة نضال البسطاء .. فاختلق من يستطيع نثر بذور الرحيل والكره في نفوس أبناء الوطن الواحد .. وقال القدماء إذا اختفى العدل من الأرض لم يعد لوجود الإنسان قيمة فكل الشعوب العربية في البلاء هذه الأيام سواء !!
وأخيرا التحقت ابنة عمي بزوجها الأسبوع الماضي في محاولة للبقاء على قيد الحياة كبشر.. فسلام من الله عليها وعلى عائلتها ولعنة الله على كل من ساهم في خروجهم من البلاد..
كاتم الصوت:البديل لا يستطيع صناعته شخص منفرد مهما كانت مكانته...القرار جماعي ...وإلا لا معنى لوجود البقية كرجال!!!
كلام في سرك:استقالة الرئيس في الوقت الحالي والظروف الحالية ستفتح المجال لصراع مكعب بدل المربع...الاستقالة الآن مرفوضة...التحضير لها مقبولا...ما بين الأولى والثانية تظهر حقيقة معادن الناس بين الحريص على نفسه وحزبه ! والحريص على القضية.