أيتها القيادة! أين نهاية النفق؟
* بقلم الكاتب/ أحمد مسمح
لا يمكن لأمهر رسّام عالميّ أن يعبّر بريشته عن أوضاع قطاع غزة المأساوية، ولا يمكن لأيّ شاعرٍ مهما بلغت فصاحتُه وبلاغتُه أن يصوّر معاناةَ الغزيين في هذه الأيام، ولا يمكن لأي أمٍّ ثكلى أن تندبَ حظَّ القطاع في النكبات والملمات، والعجيب أنه في كلٍّ مرةٍ يقع فيها الناسُ في كربٍ شديد وتقترب الأوضاع إلى الحل والانفراج، تتعثر الجهود من جديد، وتعود الأمورُ إلى سابق عهدها، تزدادُ أوضاعُ الغزيين سوءاً بعد سوء، حيث إننا نعيشُ في كابوسٍ كبير، لا ندري متى نهايته، ولا يمكن أن أصدق أننا نعيش هذه الأوضاع، لقد تكشفت في هذه الأيام حقيقة المصالحة والتوافق..
يضيع هذا الشعب تحت مراهنات السياسة وحسابات الزعامة، هذا الشعب الذي قدم التضحيات والشهداء وصبر على الحروب وقصف المنازل والمجازر لا بد أن يجازى إحدى الحسنيين، لابد أن تكون القيادة الفلسطينية على قدر المسؤولية الدينية والوطنية والتنظيمية.. للأسف هناك تجاهل لمعاناة الغزيين ولبنود اتفاق المصالحة وتعليق لملف موظفي غزة..
إنها حقيقة لا بد أن نصدع بها: لا يمكن لطابورٍ من الجوعى أن يصنع تحريراً أو أن يسطّر نصراً أو أن يبدعَ في الصناعة والزراعة والتعليم.."لا تستشر من ليس في بيته كسرةُ خبر" قيلت قديماً، ولا زلنا نراها رأيَ العين..
إن أي موظف في غزة لا يتلقى الراتب إلا منقوصاً عشرات المرات، بينما يرى أشقاءَ الوطن يتلقون الرواتب العالية ويعيشون حياةً أفضل من غيرهم، وإن كانوا في المحنة والمعاناة سواء..
إلى أين تقودنا القيادة؟ وأين نهاية النفق؟ وهل هناك نهاية لهذه المعاناة، معاناة الناس في المسكن والمأكل والمشرب، إلى متى سيبقى الناسُ يتحملون أخطاء تعثر قيادتهم؟
إن بقاءَ الناس يطالبون بالكهرباء والإعمار والرواتب هي مأساة لشعب يريد تحريراً للأرض وللمقدسات.
واقعنا الفلسطيني الذي نعيشه: مأزوم سياسياً، متدهور اقتصادياً، متأخر خدماتياً، منشق فصائلياً. دخلنا في أزمةٍ تلو الأزمة، ولا حل يلوح في الأفق، مطلوب من القيادة في غزة والضفة أن تكون على قدر المسؤولية..
فإن من حكمة السياسي أن يتوقع الحدث قبل وقوعه، وأن يعمل على عدم تفاقم الأوضاع من حوله، فإن السياسة هي فنُّ الممكن، وليس فن المستحيل، فمن المستحيل الآن العبور بالناس إلى شاطئ البر والأمان، وهو جوعى وعطشى وعراة ومكلومون، لا إعمار ولا وظائف ولا رواتب، البطالة تخنقهم والمآسي تلاحقهم، وأحلام أطفالهم تبددت والمستقبل أصبح مجهولاً.
المطلوب من القيادة الفلسطينية في شقي الوطن أن تجد مخرجاً للأزمة وبشكلٍ عاجل؛ لأن غزة برميل من الوقود يوشك أن ينفجر، وستطال الشظايا كلّ من قصّر في حقه وحق أبنائه وشهدائه..
أيتها القيادة! أين نهاية النفق؟ بقلم: أحمد مسمح
تاريخ النشر : 2015-08-11