منظمة التحرير الفلسطينية: من خطاب تحرر إلى خطاب دولة بقلم فادي أبوبكر
تاريخ النشر : 2015-08-10
منظمة التحرير الفلسطينية: من خطاب تحرر إلى خطاب دولة بقلم فادي أبوبكر


منظمة التحرير الفلسطينية : من خطاب تحرر إلى خطاب دولة

لا شك أن منظمة التحرير الفلسطينية ، قد أدركت منذ ولادتها أهمية مفهوم حقوق الإنسان للقضية الفلسطينية، وحاولت في خطابها دائماً التمسك به وإظهار التزامها بقواعده وأحكامه، لما له من أهمية في حفظ حقوق المدنيين الخاضعين للاحتلال كذلك لكسب التأييد الدولي للتوجه السياسي الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وهذا يظهر جلياً في مواثيق منظمة التحرير الفلسطينية .

الميثاق القومي الفلسطيني عام 1964، يتضح في مقدمته حرص المنظمة على الالتزام بحقوق الإنسان حيث تضمنت المقدمة أنه" تطبيقاً لمبادئ حقوق الإنسان وإدراكاً منا لطبيعة العلاقات السياسية والدولية بمختلف أبعادها ومراميها .. نملي هذا الميثاق الفلسطيني ونعلنه."، كما أن المادة 24 من " الميثاق الوطني الفلسطيني" عام 1968 تنص على أنه "يؤمن الشعب العربي الفلسطيني بمبادئ العدل والحرية والسيادة وتقرير المصير والكرامة الإنسانية وحق الشعوب في ممارستها" .

خطاب ياسر عرفات امام الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1974 يركز فيه على الحقوق الوطنية ، فهو يقول فيه "إننا نعيش في عالم يطمح للسلام والعدل والمساواة والحرية، يطمح إلى أن يرى الأمم المظلومة الرازحة تحت الاستعمار والاضطهاد العنصري وهي تمارس حريتها وحقها في تقرير المصير..وتأمين السيادة الوطنية" .

وثيقة إعلان الاستقلال عام 1988 ، نرى فيها التزام أكبر بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، حيث تنص الوثيقة على " إن دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، تصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن سيادة القانون والقضاء المستقل وعلى أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون ".

اتفاق أوسلو عام 1993 أثار اشكالية كبيرة فيما يتعلق بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، فقد اعترفت م.ت.ف في اتفاق أوسلو بحق الاحتلال في الوجود على أرض فلسطين المحتلة عام 1948، وهذا يشكل 78% من أرض فلسطين. كما أن الاتفاق لا يشير إلى أنّ الضفة الغربية أو قطاع غزة أرض محتلة، وهو ما يعزز الاعتقاد بأنها أراضٍ متنازع عليها. كما تعهدت منظمة التحرير الفلسطينية وقف المقاومة المسلحة، والتزمت تماماً المسار السلمي،وهذا ينسف حقاً أصيلاً من حقوق الإنسان،وهو الحق في مقاومة الاحتلال بكافة الطرق الممكنة.

من هنا يمكن القول أن خطاب المنظمة قد تحول من خطاب حركة تحرر إلى خطاب دولة تسعى  فيه إلى ضمان حقوق أفرادها المكفولة في منظومة حقوق الإنسان العالمية، فقد حاولت المنظمة محاكاة غيرها من الدول، حتى تمهد الطريق لنفسها لتسلم زمام الدولة الفلسطينية مستقبلاً ، إلا أن هذا يعني التركيز على الحقوق الفردية على حساب الحقوق الوطنية. ولكن حتى ذلك كان نظرياً ولم يطبق على أرض الواقع، فما خلقته السلطة الفلسطينية من نيولبرالية و فروقات طبقية كبيرة وما هو قائم من احتلال اسرائيلي جعل التطبيق مستحيلاً.

فادي أبو بكر     
[email protected]