يعني إيه عدالة إجتماعية يا ناس ج1
ـــ
أنا لا أعرف يعني إيه عداالة إجتماعية
وأنا عهدي ألا أكتب إلا عمّا أعرف وأفهم
و أنا ـ حقاً ـ لا أعرف ولا أفهم "جيداً" يعني إيه عدالة إجتماعية
كل ما أنا متأكد منه الآن أنني كنت أطالب بها ـ طويلاً ـ أنا وغيري ثم اكتشفتُ مؤخرا أنّي وغيري نجهل معنى العدالة الإجتماعية ـ
لأنني وغيري على أرض هذه البلاد منذ عهد الأجداد وأجداد الأجداد على مرّ الحقب والأزمان لم نعِش يوماً أو بعض يومٍ تجربةًً حقيقيةً
للعدالة الإجتماعية ..
فمنذ نزول أول آدم على هذه الأرض، كان الحكام هم سادة الشعب، وكان " الكَتَبةُ و المستخدمون" خدماً للحكام في علاقتهم بالحكام، وكانوا
سادة للشعب في علاقتهم الوسيطة بين الحكام والشعب..
طوال عمر هذه البلاد منذ نزول أول آدم عليها ، كان حملة القلم وأهل الرأي والمشورة يُسمونهم " مستَخدَمين"
مستَخدَمين "لدى الحكومة" ، وليس " لدى الشعب" !!
ومنذ نزول أول آدم على أرض هذه البلاد وحتى الآن والحال هو الحال والمنوال ذات المنوال!!
" المستخدمون في الحكومة هم مسئولون خدميون أمام الحكومة وأصحاب سلطة متسلطون أمام الشعب"
وهذا التوصيف العجيب جعل ميزة بيّنة لهؤلاء المستخدمين؛ ميزة على "الشعب"؛ الذي لا يمكن وصفة بسوى " المسكين"
ولا أكتمكم سراً إذ أقول أنّ هذه الخصوصية " للمستخدمين لدى الحكومة المصرية" لا يوجد مثيل لها سوى في الأمة المصرية
فالمستخدم لدى الدولة المصرية وبدلا من أن يكون خادماً للأمة المصرية " التي هي الشعب" فهو بواقع الحال والمآل شئناً أم لم نشأ خادمٌ
للحكومة، وسيدٌ على الشعب !!
انظروا لعلاقة أكبر وأصغر موظف "ميري" في الدولة المصرية بحكومته " التي تعطيه الأجر" من ناحية ـ وعلاقته بشعبه " طالب الخدمة
" من ناحية أخرى ـ لتجدوا علاقات الحكام، و الكتبة المستخدمين، والشعب المسكين كلها علاقات مريضة وغير عادلة بالمرة ..
فبدلا من أن يخدم الموظف مخدومه "الذي هو طالب الخدمة من أبناء الشعب" ستجدون بأن الحال هو بالمقلوب و الحقيقة أن " طالب الخدمة
" هو الذي يتودّد للخادم " الموظف لديه" ويتوسل به وهو في سبيله لطلب الخدمة وربما يرشوه برزق " غير كريم" من أجل خدمة هي حق
له أصيل كونه أبن من أبناء الشعب السيد، الكريم ..
انظروا إلى علاقة شرطي المرور بالمرور عليه من السيارات والمركبات، وكل ما يدبّ على الأرض بعجلات
يقول أصحاب العجلات أنهم أصبحوا يخشونه ويسترضونه أكثر من الحكومة نفسها !!
انظروا حتى إلى الجندي عندما يغادر ثكناته ويغيّر وجهته تجاه المدينة والمدنيين
لتجدوا أنّ علاقته بغيره من أبناء الشعب قد أصبحت كما لو كانت علاقة ضابط بكتيبة من الجنود
لتجدوا الأوامر العالية، والسمع المرهف؛ المقرون بالطاعة الواجبة، و تجدوا قاعدة لزوم التنفيذ قبل المناقشة، وكل ما غير ذلك من
الطقوس والشعائر، والتقاليد العسكرية !!
انظروا حتى إلى " أحدث عامل نظافة مستخدم في الحكومة" لتجدوا أن كلامه مع مخدوميه من شعبه طالب الخدمة لا يخلو من تهديد
( اتركني في حالي وإلا تركت لك كوم الزبالة وذهبت لحالي !!)
حتى عامل النظافة "المستخدم لدى الحكومة " يرى علاقته بالحكومة أنه في خدمة الحكومة ـ و علاقته بالشعب أنه "صاحب سلطة" !!
انظروا هكذا ودائماً على طول السلسلة بانتظام و دونما انقطاع من أكبر "موظف في الدولة " إلى أصغر " موظف" ..
انظروا من الوزير وإلى الخفير ؛ لتجدوا أنّ كل هذه العلاقات المقلوبة مقلوبة وعلى ذات الحال ونفس المنوال منذ أول آدم داس هذه
الأرض وحتى الآن !!
أمّا تحليل ودراسة هذه الحال فتحتاج لفيض بحث و عديد مقال.
***
يعني إيه عدالة إجتماعية يا ناس ج1 بقلم : محمد عزت الشريف
تاريخ النشر : 2015-08-09
