مصر بين رئيسين وقناتين
حقيقة كانت لحظات أدمعة العيون من شدة تأثيرها الفرح الذي أهاج مشاعر كل الشرفاء ومحبي الخير لمصر.
دموع الفرح انهالت من المقل وجرت كجريان مياه قناةٍ كان الحلم يراود تنفيذها فكان أن تكون بهمة من استحقوا أن يكونو هم رواد هذه المرحلة اللذين ركبوا سفينة النصر تمخر عباب قناة السويس الثانية وكان للرئيس عبد الفتاح السيسي فخر افتتاحها وكان لمصر أن تفتخر به.
لا أريد الخوض في تفاصيل كثيرة عن الفوائد والمكاسب المادية والمعنوية والنفسية التي ستجنيها مصر من هذا المشروع العملاق ولكن لي كلمة وأنا العاشق للوطن العربي وشعبه وعلى رأسه مصر العروبة، مصر التاريخ والحضارة مصر حامية القومية العربية مصر العمود الفقري للوطن العربي وبمثابة عامود خيمته الذي يسعى المتآمرون من غرب ودول عربية قزمية لكسر هذان العمودان حتى يُركعوا جمل المحامل ( مصر)، مصر جمال عبد الناصر زعيم العروبة الذي ما أن رحل عنا حتى تكالب الأكلة على قصعتهم لأننا (العرب) كغثاء السيل يذهب ولا يترك أثراً وليس فيهم خير يبقى في أرضهم، جمال عبد الناصر يوم أن اتخذ قراراً لا يتخذه إلا هو عندما أمم قناة السويس التي غيرت وجهة التاريخ والخارطة الجغرافية للعالم وخلقت مفاهيم جديدة في السياسة والعلاقات الدولية.
لم يكن المهندس ديليسبس الفرنسي الجنسية الذي أحضره الاستعمار الفرنسي يهدف خدمة مصر عندما خطط لإقامة قناة تربط كلاً من البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط بل لخدمة التوجهات الاستعمارية لفرنسا والغرب وجنى الأرباح لها من خلال احتكار ممراً مائياً يختصر حركة السفن والبضائع إلى الحد الذي يوفر سهولة جني الأموال وتنفيذ السياسات الاستعمارية.
لقد كلف بناء قناة السويس الشعب المصري الكثير فعلى مدى عشرة سنوات والتي استغرقها حفر القناة فقد الشعب المصري عشرات الآلاف من العمال المصريين الذين قاموا بحفر القناة بأدوات بدائية تحت شدة الحر وسوط الجلاد الفرنسي الذي لم يرحمهم ولم يرحم ضعفهم ولا حتى جوعهم وعطشهم.
لم يجنِ المصريون أيّ مكسب كان من وراء حفر قناة السويس آنذاك بل أثقل مصر بديون كبيرة زاد منها تكاليف الاحتفالات المبهرة لافتتاح القناة والتي تحملها الشعب المصري ولم يسدد منها شيء من دخل القناة وكان ذلك في ظل الخديوية العفنة الضاربة أطنابها في الفساد والإفساد.
بعد ثورة 23 يوليو 1952 وتولي الرئيس جمال عبد الناصر سدة الحكم كان له كلمة الفصل في تأميم قناة السويس عام أربع وخمسون وتسعمائة وألف مما أصاب الدول الاستعمارية بالجنون فشنت حرباً قذرة ضد مصر وأطلق عليها ( العدوان الثلاثي) والذي غير فرنسا ضم بريطانيا وإسرائيل فكان لزاماً على مصر بعد ذلك وبعد رحيل جمال عبد الناصر أن تخرج من ثنايا تاريخها شخصية قيادية تتمتع بحس وطني وانتماء حقيقي لمصر العروبة فأتى من أتى وذهب من ذهب وكان لكل دورة المعطاء في الارتقاء بمصر إلى مصاف الدول التي تنهض بالعلم وبالانجازات وتسابقوا في إنشاء المشاريع العملاقة وآخرهم من كاد أن يذهب بمصر إلى الهاوية لولا رعاية الله وحفظه لمصر، فسخر لها من أبنائها وشرفائها والغيورين على مصالحها (عبد الفتاح السيسي) ليصبح رئيساً لمصر التي تكفلها الله برعايتها.
لا نريد في هذا المقال تمجيد الرئيس السيسي بقدر ما نريد أن نؤكد بأنه يعيد ترميم ما هدم من مصر، يعيد الثقة لشعبه وللشعوب العربية بأن مصر هي الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه وهي محور التاريخ والنضال والوطنية ومحور الحفاظ على مقدراتها وانجازاتها على مدى تاريخها الممتد لأكثر من سبعة آلاف سنة.
في ظل تشرذم الوطن العربي وما فعله الربيع العربي في بعض الدول ولازال واستهدافه لمصر وجيشها، في ظل ذلك يهب الله لها (عبد الفتاح السيسي) رئيساً منقذاً لمصر من مصيبة التقسيم وتدمير الجيش المصري كأقوى جيش في الإقليم وقد قبل السيسي الأمانة وحمل أثقالها وانطلق إلى حيث ما كان يجب أن ينطلق إليه من سبقه فكان له التوفيق من الله في جميع القضايا الأمنية والاجتماعية والاقتصادية وقضايا العلاقات الدولية فحقق كثيراً من الانجازات ولازالت خطاه ثابتة على هذه الطرق، وعندما أدرك بأن الاقتصاد عصب التطور والرقى والرفاهية انطلق لينهض بمصر اقتصادياً ليعلن عن ثاني أهم قرار اُتخذ بشأن قناة السويس والتي تعتبر شريان الحياة الأول لمصر، فكان قراره بإنشاء قناة السويس الجديدة هو قراراً لا يقل أهمية عن قرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس.
إن قرار إنشاء القناة الجديدة قراراً مهماً وأهميته تكمن في تحديد طول القناة الجديدة وعمقها ومدة بنائها والمشاريع العملاقة والمختلفة التي ستواكب إنشاء القناة ودراسات الجدوى التي تحدد الفوائد التي ستعود على مصر من إنشاء القناة وتلك المشاريع الملحقة بها.
لقد استحقت مصر وقناتها الجديدة ذاك الاحتفال الرسمي ليكون العالم شاهداً على عظمة مصر وانجازاتها، وأن يكون للاحتفال جانباً شعبياً تقديراً للشعب المصري لمساهمته مالياً في إنشاء تلك القناة وليطمئنوا بأنهم ليسوا جزءاً من مصر فقط بل جزءاً أصيلاً من الحق العام فيها.
وأخيراً هنيئاً لك يا مصر برئيسك وهنيئاً لرئيسك بك وهنيئاً للعرب بكما وستظلى رافعة لواء العروبة والشرف والكرامة وراية الأمن القومي العربي خطاً أحمر لن يسمح بتجاوزه.
د.عز الدين أبو صفية
8/8/2015
مصر بين رئيسين وقناتين بقلم:د. عز الدين أبو صفية
تاريخ النشر : 2015-08-09
