إنني أحسد الدجاجة... سيسيلي !بقلم:محمد قاسم الخزامي
تاريخ النشر : 2015-08-06
اليوم الأربعاء، سيتم إجراء عملية لدجاجة لتركب لها رجل صناعية بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد بـــ2500 دولار، ذلك أنّها عانت تمزقا في وتر رجلها. الطريف، أنها ليستْ العملية الأولى، إذ خضعت قبلها دجاجة لعملية على الرحم من نفس المزرعة.
لو كنت معلق الخبر لقلت أن هنالك مستقبلاً ربيعيًا للدجاج، فالدجاج بدأ يخرج من عصر التدجين عكسنا، ومن إرهاب طريقة ذبحه في مصانع كندا وغيرها من الدول التي تمسك الدجاج كما لو كانتْ إرهابيّة من أجل أن تثريهم ببيضها، أو كمواطنة أمسكتها الشرطة العدلية لأنها ترتدي حجابًا، ولعل المسعد لهنّ أنه قد أعلن كثيرون أنه سيأتي وقت سيتخلى فيه الناس عن أكل الدجاج وجلّ اللحوم الحمراء لحماية صحتهم، وهو إصرار علميّ لحماية الناس من قائمة الأمراض المحتملة التي تصيبهم، وهكذا تدخل عزيزتنا الدجاجة إلى عالم الرفاهية وربما حفاظا على نسلها، سيقع تحريم أكلها لاحقًا بعد إخراج فتوى ضدّ النهم، وربما تقديسها لاحقا كما تقدس البقرة في الهند، ومنحها حق قطع الطرقات دون خوف من السيارات كما للبط والإوز من حقوق، أو كما في بريطانيا أن تقع معاقبة واعتقال القطط التي تتجنى على الدجاج وإن كانت مشوية مثل ما حدث لتلك القطة التي حاولت لفرط جوعها سرقة دجاجة من سيدة مُسنة، أو أن لا تخضع لعمليات الإطفاء والإنارة والتأثير الضوئي واستمرار خداعها بحلول الليل والنهار كما عندنا من أجل أن تبيض لنا ساحرتها البيضاء في أقرب وقت، أمَّا في اليابان فبلاَ شك لن تتكرر تلك "المجزرة الشنيعة" التي حصلت لها يوم أعدمت 112 دجاجة بعد تسجيل حالات إصابة بأنفلونزا الطيور وبهذا سنصنع للدَّجاجة محمية عالمية، حتى أنّ الكلاب التي تتمتع بالاستجمام والتي تدلل كلّما ستُقدم على عملية عدائية للعَرب أو "فدائيّة" في نظر الغرب قد تحسدها على هنائها، فمن يضمن لهم إن قطعت أرجلهم في عملياتهم التي تشن على العَرب من نهش وعض أن تعاد لهم رجل مثل الدجاجة سيسيلي هذه لا سيما وأنها لا تملك حتى بطاقة تحمل اسمها على رقبتها مثلهم ولا تملك بطاقة عضوية أو انخراط هي التي تعاني عضوًا مقطوعًا؟ أمَّا إن كنتُ جريحًا عربيًا كغيري فبلا شك كنت سأحسدها، وربما كنت أتمنى لو أنني ما استطعت النوم فرحًا لأنّ رجلي المقطوعة في الحرب والثورات قد تعود من جديد، وربما أموت سخرية على نفسي فما وضع هذا المبلغ قبلًا على جريح عربيّ "مسالم" !
من المضحك أن نطالب بحقوق الحيوان لأنفسنا عسانَا ننقذ دمارًا إنسانيا شاسعًا سيحل بنا.. وأن نرغب في أن ندلل مثلها، وأن يقدّم لنا غدائنا صحيا وأن نخرج دون خوف من الذَّباحِين، فنحن في هذه الأيَّام حين نموت يصبح لحمنا أرخص من لحم دجاجة واحدة. ذلك أنَّ الدول التي تتنافس على ذبحنا حسب مزاجها الإرهابيّ وحسب حالتها الدوليّة الصباحيّة لا تهمل حقوق حياة حيوان واحد لديها، بإعتباره كائن حرّ وله الحق في الحياة، وهي إهانة غير مباشرة لنا، فحتى وهي تصدر لنا حيواناتها تتقاضى الثمن مرتين منَّا. بينما ينام أكثر من 112 عربيّ يحلم بنصف دجاجة واحدة يسد بها جوع أبنائه.
طبعًا الرقم 112 منذ سماعي بتلك المجزرة دلني على رقم النداء المتوفر في كلّ الهواتف الأمر الذي جعلني أن أتصل بأصحاب هذا الرقم الاستعجالي ليدركوني بهذه الدجاجة المحسودة عربيًا بلا شك، عساني بتنتيف ريشها أُسعد على الأقل العرب الذين تمنوا نهشها لأنهم لا يجدون ماذا يمكن أن يأكلوا صيفًا وبردًا حين أنّ الكلاب الإسرائيليّة وحدها لها حق نهش رجل وأكل أيّ فلسطيني ولسبب آخر، هو أن هذه الدجاجة تجد قوتها اليوميّ أما هم فلا.. لولا أنني لا أملك إلّا أن أتعاطف معها فلا مآل لها إلّا الموت في بطن أحدهم ما فكر أن تصله دجاجة تعادل 2500 دولار.
أمَّا الكتَّاب الآخرون فقد يطلبون الرقم نفسه ويعرضون بيع كتبهم مجانًا قبل أن تدخل هذه الدجاجة ضمن قصص الأطفال قبل أن ترويها صاحبتها أندريا مارتن التي علقت :" يجب أن تروي هذه الدجاجة قصتها." وربما تصبح رائدة الدجاج العالميّ بينما لو كانت دجاجة عربية فربما تدخلت من أجلها الجمعيات الخيريّة ومنحتها جوائز لأنها تحدت إعاقتها، ولأصبحت الدجاجة الحرّة والثائرة المدجنة الأولى.. فما أوفر حظها فهي ستخلد و ستحظى بألقاب عالمية وشهرة أبديّة من بينها أن تلقب كبطلة روائيّة وربما حسب تصريح صاحبة المزرعة... كاتبة عالمية للأطفال !
طبعًا، لهذه الأسباب أفكر أن أكتب قصتها أنا، فأكون قد كسبت حصتها الأدبيّة وفزت قبلها بالجوائز الباقية !
عملية سعيدة لهذه الدجاجة.. وأمنياتي لها أوّلًا بالشفاء العاجل.
محمد قاسم الخزامي