خيارات السعودية في مواجهة الاتفاق النووي بين إيران والغرب بقلم:هاني موسى
تاريخ النشر : 2015-08-03
خيارات السعودية في مواجهة الاتفاق النووي بين إيران والغرب
هاني موسى
مدرس في دائرة العلوم السياسية/جامعة بيرزيت
لقد جلب الاتفاق النووي بين إيران والغرب تحديات جسام للمملكة العربية السعودية. فمن جهة، سيمّكن الاتفاق إيران من إعادة بناء علاقاتها السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع أوروبا والولايات المتحدة على قاعدة الندية "لا غالب ولا مغلوب"، وهو ما سينعكس على مكانة إيران ونفوذها في الشرق الأوسط بمزيد من القوة. في حين أن المملكة العربية السعودية ستبقى في دائرة التبعية الاقتصادية والسياسية لأوروبا والولايات المتحدة رغم حالة التحالف الموجودة بينهما. ومن جهة أخرى، سيترتب على الاتفاق النووي تغيرات على صعيد ملفات عديدة مأزومة في المنطقة العربية لعل أبرزها الملف السوري، واليمني، والبحريني، واللبناني. بحيث أن هذه الملفات سيتم خلخلتها بما يؤدي إلى حدوث مقاربات تحافظ على حلفاء إيران التقليديين في الدول الآنفة الذكر، وبما يعزز التحالف الدولي في مواجهة المنظمات والجماعات المتطرفة مثل داعش وأخواتها. وهذا يضع السعودية أمام أربعة خيارات للحفاظ على ماء وجهها:
أولاً، التماشي مع الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما يستدعي تحسين العلاقات بين الجانبين. الأمر الذي يتطلب تنازلات سعودية في الملفات الساخنة السابقة الذكر، وتخفيف الاحتقان الطائفي والمذهبي في المنطقة، بما يعزز حالة الاستقرار والسلم الأهلي.
ثانياً، ترتيب البيت السعودي الداخلي، وقيام الدولة السعودية بالتصالح مع مجتمعها. فهناك ملفات عديدة عالقة تحتاج إلى إفراج من النظام السعودي، ويأتي في مقدمتها ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان، وملف الحريات بكافة أشكالها، وملف المرأة. فالقلاع والحصون لا تسقط إلا من الداخل، ولا تزدهر المجتمعات والدول إلا بسواعد أبنائها.
ثالثاً، عدم الركون على الغرب في الوقوف في وجه التهديدات الخارجية. وهذا يجب أن يقود السعودية نحو إعادة بناء قدراتها الذاتية، وبناء علاقاتها مع أوروبا وأمريكا من منطلق الندية، والخروج من حالة التبعية التي تعيق عجلة التنمية الاقتصادية والتعليمية والثقافية. والاستخدام الأمثل لسلاح النفط عصب الاقتصاد العالمي. فالدول الغربية بدأت تتسابق في ترميم علاقاتها مع إيران بعد انقطاع طويل متجاهلةً في ذلك حلفائها من السعوديين وغيرهم...
رابعاً، الاهتمام بقضايا الأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وعدم الاكتفاء بالخطابات والأقوال التي اعتاد المواطن العربي على سماعها. وهو ما يستلزم اعادة ترتيب الأولويات، ووضع برامج جديدة ومشاريع جدية بما ينسجم وتطلعات الأمة العربية. فالعالم العربي اليوم متعطش أكثر من أي وقت مضى لقيادة عربية لديها من الشجاعة والحنكة السياسية ما يكفي لمواجهة الأخطار والتهديدات التي تعصف بالمنطقة العربية.
وفي الختام، لقد أصبح من الصعوبة بمكان على المملكة العربية السعودية تجاهل بعض الخيارات المشار إليها سابقاً، لا سيما الخيار الثاني المتعلق بترتيب البيت السعودي الداخلي لأهميته في تعزيز مكانتها الدولية والإقليمية والمحلية.