أردوغان والنفاق السياسي في محاربة الارهاب ومعاداة الاكراد...الى أين تقوده ؟؟
النجاحات العسكرية الاخيرة للجيش السوري ولوحدات حماية الشعب الكردية في الشمال السوري في دحر مقاتلي الدولة الاسلامية من الحسكة واسترداد العديد من المواقع والقرى في مناطق الشمال الحدودية والصد المتواصل من قبل الجيش السوري لمحاولات الجماعات التكفيرية المتكررة لإختراق الاحياء الغربية في حلب مع تقدم الجيش السوري في تدمر شرقي محافظة حمص , مُضافاً اليها النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري مع المقاومة اللبنانية سابقاً في احكام السيطرة على جبال ومرتفعات القلمون على طول الحدود اللبنانية, وما تبع ذلك من دخول الزبداني وحصار الجماعات المسلحة فيها , وكذلك منع الجماعات المسلحة من جبهة النصرة وغيرها من التمدد في ريف القنيطرة , وما قامت به قبل ذلك وحدات من الجيش العربي السوري من سحق للهجوم المباغت الذي قادته جبهة النصرة في الجنوب للسيطرة على درعا ... الخ . كل هذه النجاحات (رغم إخفاقات محافظة أدلب) أحبطت بالتأكيد ليس فقط أحلام أردوغان ومقاتلي الدولة الاسلامية والجماعات المُسلحة الاخرى التي كان يحتضنها أردوغان, بل أيضاً اسرائيل التي صعدت بالنتيجة عدوانها العسكري مؤخراً في القنيطرة والحدود اللبنانية . وهذه الاحباطات المُتعددة من قبل الجهات المتآمرة على سوريا سببها الرئيسي هو الفشل في إحراز أي إختراق استراتيجي يهدد النظام السوري الذي يقود مع حزب الله اللبناني جبهة المقاومة في المنطقة سواء كان هذا الفشل في الشمال السوري (لمصلحة تركيا) , أو في الجنوب (درعا والسويداء والقنيطرة) لمصلحة اسرائيل .... ولكن هنالك إحباطات أخرى في الشمال السوري أفقدت أردوغان صوابه ¬بالكامل وهي فشل مقاتلي داعش في القضاء على الجماعات الكردية المسلحة في الشمال السوري في الوقت ترافق فيه هذا الفشل مع نجاح حزب الشعوب الديمقراطي اليساري في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في تركيا في تجاوزه نسبة % 10 , وهو حزب يُمثل بشكلٍ رئيسي الاكراد وبعض الاقليات العرقية الاخرى في في تركيا ويُعتبر الحليف السياسي لحزب العمال الكردستاني . فقد حصل هذا الحزب على 80 مقعد في البرلمان التركي على حساب تراجع نسبة المقاعد التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية مما حرم حزب العدالة ليس فقط من الحصول الاغلبية اللازمة لتعديل الدستور ومنح صلاحيات دستورية واسعة للرئيس التركي ودكتاتور حزب العدالة والتنمية الحالم أردوغان , بل حتى من الحصلول على الاغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة من قبل حزب العدالة والتنمية بمفرده .
وتحت تأثير هذه الاخفاقات وازدياد الاتهامات الاقليمية والدولية للحكومة التركية باحتضان ودعم العديد من الجماعات المسلحة وعلى رأسها داعش والجماعات التكفيرية المنضوية تحت ما يُسمى بجيش الفتح, فقد خرجت هستيريا أردوغان السياسية عن الواقعية والعقلانية وقرر أن يُعاقب حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني وينقلب فجأة (ولو مرحلياً ) ضد داعش ليقود حملة مسعورة من النفاق السياسي تحت شعار محاربة الارهاب المُتمثل حسب رأيه بداعش وحزب العمال الكردستاني ومحاربة اليسار وهو يقصد بشكلٍ رئيسي حزب الشعوب الديمقراطي الذي تسبب في الخسارة التي مُني بها حزب العدالة والتنمية في البرلمان , كما يقصد أيضاً نوعاً ما حزب الشعب الجمهوري العدو اللدود لاردوغان وحزب العدالة والتنمية .... وهنا يطمح أردوغان أن يلعب على الوتر القومي للرأي العام التركي في مواجهة الاكراد وحزب العمال الكردستاني , كما يُحاول من خلال حربه المزعومة على داعش أن يبرئ نفسه من تهم دعم واحتضان الجماعات الارهابية , آملاً أن يُغير بذلك من قناعات الشعب التركي تجاه حزب العدالة والتنمية مع توجه البلاد للانتخابات البرلمانية المبكرة التي أصبحت شبه مُؤكدة مع استمرار الفشل في تشكيل حكومة إئتلافية .... ولكن أردوغان بغبائه السياسي وقراراته الهستيرية المفاجئة لم يدرك أنه يدفع تركيا ليس فقط الى المزيد من التوتر والازمات السياسية والعسكرية في الداخل التركي ومع دول الجوار بل أيضاً الى خرق اتفاق المصالحة مع الاكراد الذين يمثلون مايقرب من 20 – 18 مليون من تعداد تركيا والذي دعا اليه عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني , ومن ثم توريط الجيش التركي في جبهة قتال واسعة مع مُقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين يُتقنون ببراعة حرب العصابات في مواجهة الجيش التركي . وهي جبهة تمتد من جنوب شرق تركيا وشمال سوريا الى مناطق الاكراد في شمال العراق..... وبالتالي هل يتوقع أردوغان أن يُكافئه الناخب التركي بعد ذلك بمنح المزيد من الاصوات لحزبه الذي بدأ يفقد الكثير من بريقه وشعبيته في الداخل التركي ؟؟؟ .... إن غداً لناظره قريب .
أردوغان والنفاق السياسي في محاربة الارهاب ومعاداة الاكراد...الى أين تقوده ؟؟بقلم:زياد عبد الفتاح الاسدي
تاريخ النشر : 2015-08-03
