بقلم/ يحيى قاعود
هاجت الجماهير العربية لحرق الطفل دوابشة وعائلته في الضفة الغربية أمس، وأصبحت درجة غليان الشارع الفلسطيني تزيد عن رجاحة العقل حتى وصلت إلى المناكفات الإعلامية وكيل الاتهامات للقيادة الفلسطينية والتنظيمات، وتناسينا الجريمة البشعة
التي اقترفها قطعان المستوطنين من شدة الغليان.
لسنا أمام مشكلة إنسانية فإحراق الطفل دوابشة وعائلته وإن كانت جريمة يعاقب عليها القانون والأعراف والديانات السماوية
وكل من ينتمى لطائفة البشر، فهي بالأساس مشكلة سياسية احتلالية. كقضية اللاجئين التي تحل دائما من خلال كابونة التموين فقضيتهم ليست اجتماعية بل سياسية محضة هي:
الطرد من ديارهم وممتلكاتهم بفعل الاحتلال. فنحن ضحية الاحتلال الصهيوني لأرضنا منذ عام 1948، ولو أردنا الحديث عن جرائم الاحتلال لتجاوزنا آلاف الأوراق، منذ بدايتها على يد العصابات الصهيونية التي أحرقت قرى فلسطينية بساكنيها، فهذا نهج العنصرية والفوقية الصهيونية، منذ تجمعهم بهدف المصلحة، فلا أصل أو سلاله لهم.
في الواقع لا يوجد عائله فلسطينية منذ بداية الاحتلال إلى يومنا هذا، لم تعاني أو تصاب بأذى من قبل العصابات الصهيونية
التي أصبحت تسمى فيما بعد "قوات الاحتلال الإسرائيلي"، فجرائم الاحتلال بحق شعبنا لا تعد ولا تحصى "حرق وقتل وتشريد وأسر وهدم واقتلاع"، بل هي في زيادة تصاعدية وفق معيارين، الأول: زيادة الجرائم المرتكبة بحق شعبنا، ثانياً: ابتداع
طرق جديدة من الجرائم وخاصة الجماعية كما يحدث في الاعتداءات على قطاع غزة.
فالاستيطان الاحتلالي يبتلع الضفة الغربية، وزراعة المستوطنين في القدس ومحافظات الضفة الغربية أصبحت أسرع من زراعة
"النعنع". ولهذا لا يمكن أن يكون الرد من خلال العالم الافتراضي فيس بوك أو تويتر. إن المستوطنين اليهود الذين أحرقوا الطفل محمد أبو خضير في القدس العام الماضي هم نفسهم الذين أحرقوا الرضيع دوابشة، ولكن تناسوا كما تناسينا بأنهم دفعوا الثمن غالياً من خلال العمليات الفردية في قلب الكيان، لاستخدام الشباب المقدسي براءة التخطيط وفرديته وسرعة الرد، ولطفلنا دوابشة شباباً ثائراً له حق الرد وهم وحدهم قادرين على ضرب قطعان المستوطنين، بجدارة تفوق كلماتنا الرنانة، وتفوق قوة وصلابة أحزابنا، لأن هؤلاء الفتيان ليس لهم مصلحة سوى دماء دوابشة.
وأخيراً أقول: هل يهون علينا دماء أطفالنا وعائلاتنا؟ هل يمكن لنا ترك جريمة الاستيطان بلا حساب؟ متى سنعترف بأن مسألة المستوطنين وجرائمهم هي انبثاق عن القضية المركزية "الاحتلال"؟
مخطئ من ظن أن هناك أرضاً فلسطينية ليست تحت
سيطرة الاحتلال، هناك إعادة لانتشار قوات الاحتلال في قطاع غزة، وبعض مدن الضفة الغربية، إلا أنه هو المسيطر الفعلي على أرضنا بالكامل، وعليه لابد من شحذ الهمم من أجل محاربة الاحتلال وعمل ثورة هدفها إنهاء الاحتلال عن أرضنا حتى لو كان حلاً مرحليا، فلا يمكن حماية أطفالنا من الاحتلال بكافة قطاعاته ومسمياته إن لم نعمل على نهايته، وإلا سوف نسمع في صباح كل يوم عن جريمة جديدة على يد هؤلاء القتلة، وسوف
نرى بعدها المناكفات الإعلامية والاسفافات والرسومات وكيل الاتهامات، فلابد من رسم طريق التحرير لحماية الشعب وأطفاله.
دماء دوابشة بين المثاليات والواقع بقلم يحيى قاعود
تاريخ النشر : 2015-08-01
