شهادتي الحية عن دور المفكر السياسي الدكتور إبراهيم أبراش بقلم نعمان فيصل
تاريخ النشر : 2015-07-27
شهادتي الحية عن دور المفكر السياسي الدكتور إبراهيم أبراش بقلم نعمان فيصل


شهادتي الحية عن دور المفكر السياسي الدكتور إبراهيم أبراش

بقلم/ نعمان فيصل

في هذه السطور يطيب لي أن أسجل شهادتي الحية عن دور الدكتور إبراهيم أبراش، فقد غدا لي ولكل من عرفه مثلاً يحتذى به، وهذه حقيقة لا يجوز اغفالها في هذا المقام، وحسبه تعريفاً أنه من مواليد قطاع غزة عام 1952، نال درجة الدكتوراه في القانون العام – العلوم السياسية من جامعة محمد الخامس بالرباط عام 1985م، وأحرز قصب السبق بين أقرانه، مارس التدريس الجامعي منذ عام 1978م حتى عام 2000م في الجامعات المغربية، وما لبث أن تركها وعاد إلى غزة، وعين استاذاً في جامعة الأزهر بغزة في أكتوبر عام 2000م، وتولى العديد من المناصب المهمة فيها، فكان رئيساً لقسم الاجتماع والعلوم السياسية بكلية الآداب، ثم عميداً للكلية بجامعة الأزهر في غزة، وأشرف على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه، كما أسس وشارك في العديد من مراكز البحوث والمؤتمرات والندوات العلمية.

تقلد الدكتور أبراش منصب وزير الثقافة في الحكومة الفلسطينية الثالثة عشر من يوليو عام 2007م إلى مارس عام 2008م وما لبث أن قدم استقالته من الوزارة لأسباب وعوامل موضوعية نظراً لما عرف عنه من جرأة وصلابة في مواقفه الوطنية.

لعب القدر دوراً هاماً في الجمع بيني وبين الدكتور إبراهيم أبراش فكان مشرفي على الرسالة التي تقدمت بها لجامعة الأزهر لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية والموسومة بـ: (الانقسام الفلسطيني في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية وفي عهد الانتداب البريطاني "دراسة مقارنة"). عرفته عن قرب، فكان يربي تلاميذه على الأخلاق الحميدة، ويعرفهم بتراث أمتهم المجيد، وكان معلماً واستاذاً من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، وهو يبث علمه الغزير في جود وسخاء كالشجرة الكريمة تجود بالعطاء في غير منّ ولا استعلاء، وكان استاذاً لكثيرين ممن انعقدت لهم في السياسة والأدب ألوية، واستقام لهم في الفكر العربي مكان.

وضع الرجل نصب عينيه مسألة إبراز قساوة الظروف التي أحاطت بالوطن والمواطنين، فلم يشأ الدكتور أبراش أن يعيش على هامش الأحداث أو بمعزل منها ، فكان له رأي واضح وصريح في مقاومة فساد النظام المختل، ولم يتوان عن إدانة الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس وتداعياته الفظيعة، وتجلى ذلك في محاولاته لإصلاح منحى القيادة وقسوة مجابهته وحدّة موقفه في رأب الصدع ووحدة الصف الفلسطيني، والدفاع عن المشروع الوطني، خاصة أننا نعيش مرحلة يذبح فيها أبناء شعبنا، فكان غبار الانقسام يملأ حلوقنا، ويصم آذاننا، ويعشي أبصارنا، فكتب الكثير من المقالات التي تدور في فلك الوطن، وتنبض بآلامه، وتنزف لأوجاعه، وتحدث من خلالها عن موقفه من القضية الفلسطينية والقضايا القومية الأخرى، فكان ثورة على القهر وقنبلة على الظلم أينما كان مصدره مؤمناً بعدالة قضيته ونهضة شعبه، وفي أغلب الأمور كان يشكل محور الاقتراح والتصدي، ويأخذ زمام المبادرة دائماً في بعث الروح الوطنية في نفوس أبناء الجيل، ويكتب وسط بيئة صعبة وجو محموم، ولعلَّ من أبلغ الأمثلة على ذلك أنه تعرض تارة لحملات عنيفة غير نزيهة من أجل التشهير به وتشويه صورته، كحملة الهيئة العامة للشؤون المدنية في رام الله، وتارة أخرى كثرة الاستدعاءات والاستجوابات في ظل حكومة غزة التي تديرها حركة حماس بعد أحداث حزيران 2007م، لكسر قلمه الحر، واسكات صوته المعبر، إلا أن ذلك لم يثنه عن واجبه الوطني، فكل ما عمله من أجل الوطن، وكانت إنسانيته كمرآة صافية تنعكس عليها آلام الناس جميعاً.. ومهما أسهبت في ذلك فإنني سأظل مقصراً في تعداد سجاياه وعطائه في سبيل الوطن والإنسانية.