زينات علوى عاشقة فنون الرقص بقلم:وجيه ندى
تاريخ النشر : 2015-07-17
زينات علوى عاشقة فنون الرقص بقلم:وجيه ندى


زينات علوى عاشقة فنون الرقص
وجيــه نــدى المؤرخ و الباحث فى التراث الفنى وحكاية الفنانه زينات علوى
فى حياتها رفضت الزواج وتمردت على الرجال واعتبرتهم "ذئاباً"، و ايضا فى حياتها دافعت عن زميلاتها واعتزلت اعتراضاً على شرطة الآداب، مزجت التحطيب بدلال وغنج الهز الشرقي، لؤلؤة مكنونة نفضت عنها الغبار مكتشفتها الست بديعة مصابنى
ومن دعابتها الفنيه ان كشفت ألاعيب رشدي أباظة وفضحته عند سامية جمال، وقفت بالمرصاد لمن حاولوا نهش " قلب الأسد"، لقد كانت قسوة السياط على جسدها أرحم من نظرة الجياع.
وعلى الرغم ما تمتعت به من شهرة وثراء, لم تخل حياتها من مشاكل
والحديث عن الراقصة والفنانة الشهيرة زينات علوي وحكايتها مع فن الرقص الشرقي قد يصعب حصره في بضعة أوراق, ومع ان حياتها ثرية بالأحداث والمواقف التي قد تحسب لها أو تؤخذ عليها وكان من السهل ألا تتوقف عن سردها, لكنها كانت دوماً وبصورة محيرة تكره الشهرة وتسعد بدور الجندي المجهول في أعمالها السينمائية برغم أن الجمهور كان ينتظرها للحصول على قسط من البهجة والاستمتاع بفنها واستعراضاتها شديدة الرقي.
زينات علوى الفنانة غريبة الأطوار اختارت الوحدة والانعزال الأبدي ملاذاً لها ولم تنتظر يوماً - حتى وهي في قمة مجدها - تكريماً أو حواراً صحافياً أو برنامجاً تلفزيونياً يسلط عليها الأضواء حتى قضت عليها الوحدة ليجدها من وجدها بعد سنوات طويلة من الغياب قد توفيت في منزلها دون أن يشعر بها أحد لمدة ثلاثة أيام..
في الاسكندرية نشأت زينات علوي تلك الراقصة التي ألهبت قلوب الملايين عشقاً وهياماً بفنها وكالعادة كانت قسوة الأب وشدته سبباً في اقدامها على الهروب من منزل أسرتها, حيث الخلاص من سوط التقاليد والسيطرة والعنف والضرب الذي كان ينهال بقسوة على جسدها الواهن الضعيف, ربما عقاباً لها على جرأتها في المواجهة أو الجدل الدائم أو مطلبها العادل في القليل من العطف والحنان أو حتى فهم لمشاعرها وطموحاتها وأحلامها, فقد كانت كفتاة في أوج مراحل نضوجها الأنثوي.. لا تريد سوى القليل من الرحمة.
كان الخلاص لتلك الفتاة الصغيرة التي لم تتجاوز السادسة عشرة من عمره
لا يعني سوى الهروب والرحيل الى القاهرة, فهناك ستجد بالتأكيد من يتفهم مشاعرها.. ويساعدها في العثور على عمل يناسب طموحاتها التي لا تتجاوز الحياة الكريمة الآدمية, وليتها ما فعلت فمنذ ذلك اليوم والندم لا يفارقها, فلم يكن الأمر يحتاج الى كثير من البراهين لتعي أن قسوة السياط التي كانت تنهال على جسدها أفضل كثيراً من رحمة الجياع الذين كانوا لا يحلمون سوى بنهش ذلك الجسد ولكن هيهات فلقد كانت لهم بالمرصاد.
وذات صباح مشؤوم, قررت أن تقدم على تنفيذ خطتها التي اعتزمت القيام بها ولم يكن لديها ما تأخذه معها في هذه الرحلة الطويلة المجهولة سوى أحلامها وطموحاتها والقليل من المال الذي قد لا يكفيها حتى الصباح التالي, وبهدوء شديد تسللت صوب الطريق واضطرت الى السير لمسافة تزيد على العشرة كيلو مترات في ظلام دامس لتبتعد عن بلدتها فالموت في انتظارها اذا ضبطتها الأعين, ولكن كل الموانع والمعوقات لم تفت في عضدها أو تبعث في نفسها أدنى شعور بالتراجع أو الخوف, فقد كان قرارها الأكيد الرحيل في طريق بلا عودة وأخذت تبحث في ثنايا ذاكرتها عمن يمكن أن تلجأ لها من المعارف أو الأصدقاء أو من يمكن أن تستعين بهم على مواجهة محنتها الطارئة. ومضت في ذهنها فكرة الذهاب الى امرأة من أقاربها تبرأت منها أسرتها وتعمل راقصة في الكباريهات المنتشرة في القاهرة وتحديداً في شارع عماد الدين, وعلى الفور اتجهت الى هناك بعد مشقة بالغة في شوارع القاهرة وبعد عناء طويل التقتها, حيث وجدتها تعمل في فرقة الست بديعة مصابني لتقضي برفقتها يوماً ربما لم يخطر على بالها مطلقاً أن تعيش ولو لحظات منه, فهناك شاهدت استعراضات الفرقة ورقصات فناناتها المذهلات بقيادة الست بديعة التي ألهبت الجميع بظهورها, ولم لا, وهي المرأة التي استطاعت أن تتربع على عرش الفن الاستعراضي لسنوات طويلة, وبالطبع كان الأمر بالنسبة للصغيرة زينات غريباً وان كان يناسب جرأة فعلتها في الهروب من أسرتها وطموحاتها اذا ما التقت بفراسة وخبرة ملكة المسرح الاستعراضي ومكتشفة النجوم.
أما المفاجأة الحقيقية في حياة زينات علوي فكانت عندما رفضت قريبتها التي لجأت اليها أن تبقيها معها خوفاً من انتقام أسرتها أو اتهامهم لها بتحريضها على الهروب, كما رفضت مساعدتها تماماً وطالبتها بالعودة, فماذا ستفعل بفتاة صغيرة لا حول لها ولا قوة وشاحبة الوجه وقصيرة ومكتنزة الجسم وهاربة من أسرتها, بمعنى انها فتاة جريئة وقد تجلب لها العديد من المشكلات وكأنها تناست أنها أيضاً فعلتها وهربت من الجميع?.. ورفضت زينات علوى العودة وعرضت عليها أن تشاركها في الرقص في فرقة الست بديعة حتى ولو مع مجاميع الراقصات اللاتي يظهرن على المسرح لإلهاء الجمهور حتى تستعد الست بديعة ملكة المسرح المتوجة, وبعد اخذ ورد عنيف وافقت على أن تتحدث في أمرها مع الست بديعة التي وافقت على الفور, حين رأتها وبفراستها أيقنت انها لؤلؤة تنتظر من ينفض الغبار عنها.
وخلال ستة أسابيع فقط كانت زينات علوي ترقص بين المجاميع في تألق مدهش لفت أنظار الجميع, فلم تكن مجرد راقصة "والسلام" لا تعرف سوى بعض الحركات الآلية, بل أثبتت أنها موهوبة في الرقص الشرقي وأن بديعة مصابني دائماً تربح وعلى حق, وبأمر "الست" تقدمت زينات الصفوف قليلاً فالجمهور يتفاعل معها وأحبها فلماذا لا تتواصل معه ولو لدقائق معدودة, وتحولت الدقائق الى ربع ساعة كاملة ترقص على الطبلة وتمسك بالعصا الصعيدية التي كثيراً ما رقصت بها في حفلات قريباتها بالصعيد داخل الغرف المغلقة, بل كانت تلك العصا من أهم أسباب شهرتها كراقصة وتفننت في الاستعراض بها ومزجت رقصة التحطيب الشهيرة بدلال الرقص الشرقي عندما يبدعه جسدها المكتنز الرشيق وحققت تألقاً ونجاحاً كبيراً, دفع الست بديعة الى الاهتمام بها ومنحها راتب من الفئة الأولى للراقصات بفرقتها اذأصبح لها جمهورها الذي يأتي خصيصاً للاستمتاع بفنها وأدائها السهل الجميل "الشيك" البعيد عن الابتذال, بل بلغ الأمر ببعض الصحف الى مقارنتها بسامية جمال وتحية كاريوكا ونعيمة عاكف والتأكيد على أنها تفوقت عليهن بقدراتها المذهلة في ابتكار الرقصات واضافة حركات جديدة للرقص الشرقي ربما لم يعرفها من قبل.. ولكن الغريب حقا أنها برغم خفة ظلها وشخصيتها المرحة كانت تفضل الانعزال والوحدة فبمجرد أن تنتهي فقرتها تهرول الى غرفتها ومنها الى منزلها وترفض السهر تماما الا من أجل العمل ما جعلها تفتقد دائما الأصدقاء والمعارف اذ جاءت الى القاهرة وحيدة وأصرت على أن تظل وحيدة ما اثر تأثيرا مباشرا على تألقها الفني فيما بعد وخاصة سينمائيا بل وجعلها يوما تموت وحيدة في منزلها دون أن يدري بها أحد حيث كانت تعيش وحيدة ولم تتزوج وهو الأمر المحير الذي مثل لغزا غامضا في حياتها فهل رفضت الرجال بعد أن كانت لا ترى في وجوههم سوى ذئاب متوحشة لا تريد سوى أن تنهش جسدها الجميل وهو ما لم يستطع أحدهم أن يفعله, أم أن سياط ظلم التقاليد التي كان ينهال بها رجال عائلتها على جسدها الضعيف ظلت تفزعها ودفعتها دفعا الى التمرد على كل الرجال?.. بالطبع لا أحد يعلم وان كانت شراستها في التعامل مع من حولها وخاصة الرجال تؤكد أنها لن تستكين لأحدهم.. مهما فعل لارضائها وقد كان .. وكعادة من تبرز في فرقة الست بديعة أصبحت زينات راقصة الأمراء والهوانم والنبلاء في ذلك الوقت قبل ثورة يوليو عام 1952 كما التفتت اليها السينما وانهالت عليها العروض المسرحية الاستعراضية حيث انضمت الى فرقة محمود شكوكو الاستعراضية وقدمت معها روائع عديدة بصحبة النجوم زوزو محمد وعبدالعزيز محمود وحورية حسن وعمر الجيزاوي بقيادة الفنان "شكوكو" الذي كان متألقاً بشدة آنذاك, والطريف أن نجوم تلك الاستعراضات المسرحية تباروا في نيل رضاها أملا في الفوز بحبها وعلى رأسهم كبير الرحيمية عمر الجيزاوي وعبد العزيز محمود الذي كان لا يبدع على المسرح الا وزينات علوي ترقص أمامه, أما في السينما فكانت كلما رشحت لعمل سينمائي ويروق لها دورها فيه تضع شروطها التي تقتصر فقط على تقديم تابلوهات راقصة استعراضية ضمن أحداثه, وتحقق نجاحا كبيرا يدفع البعض الى التكهن بأن السينما فتحت لها أبوابها على مصاريعها, سرعان ما تعود الى الرقص الشرقي معشوقها الأول لتختفي تماماً عن الأنظار ولا يراها الا جمهورها الخاص في الحفلات والمسارح التي ترقص بها بصفة يومية, فلقد كانت علوي تدرك تماماً أن السينما لا تريدها سوى راقصة مبدعة وبالتالي لم تبتعد عن ذلك أو تتجاوز ذلك الأمر, وحتى عندما كان المخرجين الكبار أمثال صلاح أبو سيف ويوسف شاهين وغيرهم يحاولون اخراجها من هذا الاطار كانت تؤكد, أنها راقصة وستبقى راقصة والجمهور اذا شاهد الفيلم من أجلها فلأنها راقصة..
ولأن الالحاح كان شديدا عليها انطلقت زينات علوى سينمائياً واجتهدت بقدر استطاعتها في الأدوار التي تسند اليها بعيداً عن الرقص بعد أن وافقت على أداء بعضها على مضض وبالطبع كانت محقة في رفضها للتمثيل فقط بعيدا عن الرقص حيث جاء أداؤها غير مقنعاً على الاطلاق ولا يقارن بجسدها عندما تقترب منه الموسيقى أو يدها اذا تلقفت عصا, وهكذا تألقت كراقصة واجتهدت كممثلة في أفلام "فاعل خير" من اخراج حلمى رفله , "شباك حبيبي" مناخراج عباس كامل عام 1951 و"العائلة الكريمة",و عبيد المال اخراج فطين عبد الوهاب "ريا وسكينة" اخراج صلاح ابو سيف في عام 1953, وأيضاً "كرامة زوجتي", "عندما نحب", "الأرملة الطروب", "صاحب العصمة" عام 1956 وحتى "سوق السلاح", "أشجع رجل في العالم", "نشال رغم أنفه" مروراً ب¯ "الزوجة رقم 13" الذي كان سببا في نشوب خلاف بين رشدي أباظة وسامية جمال بعد أن حاول كعادته الارتباط عاطفيا بزينات الا أنها كانت له بالمرصاد وكشفت ألاعيبه ورفضت أن تخون صديقتها سامية جمال لتكون أول امرأة في السينما المصرية تقهر الدونجوان رشدي أباظة ولا تستجيب لنزواته.. وأيضا من الأفلام التي شاركت بها ولا تنسى "اسماعيل يس في الطيران" و"اسماعيل يس بوليس سري" والذي ارتبطت في أعقابه بعلاقة عاطفية مع النجم عبد السلام النابلسي ولكنها سرعان ما تلاشت وهكذا بلغ رصيدها من السينما نحو 22 فيلماً أشهرها ابداعات النجوم اسماعيل يس ورشدي أباظة وفريد شوقي وكمال الشناوي وهند رستم في "اشاعة حب" لتتضاعف شهرة زينات بقوة, فلم يعشقها الجمهور لمجرد أنها راقصة مصرية شهيرة ومبدعة واحدى خريجات أكاديمية بديعة مصابني للرقص الشرقي, بل لأنها أبدعت كراقصة سينمائية وتركت تاريخاً مشرفاً يروي مسيرتها الفنية التي امتدت لنحو 25 عاماً مع الرقص الشرقي.
وفي ليلة من ليالي نوفمبر الباردة عام 1965 فاجأت الراقصة الشهيرة زينات علوي الجميع باعلان قرار اعتزالها وتمسكها به اعتراضاً وحزناً على ما تتعرض له الراقصات في ذلك الوقت من ظلم واضطهاد ومطاردة مستمرة من شرطة الآداب, فلقد كانت محاولة جادة ومثيرة منها للدفاع عن الراقصات والرقص الشرقي في هذا الزمان رغم أنها كراقصة شهيرة ومعروفة ولها جمهورها وملتزمة بتقديم فن شديد الرقي ونجحت في أن تلفت أنظار الراقصات باعتزالها الى أهمية مطالبهن المشروعة بانشاء نقابة خاصة بهن لحمايتهن وكونت تحالفاً ضخماً للضغط على وزارة الثقافة لتنفيذها ورغم الجهود التي بذلتها مع الراقصات الشهيرات نجوي فؤاد وسهير زكي وسامية جمال وزيزي مصطفى وسوزي خيرى ورجاء يوسف الا أن المفاجأة كانت قاسية على الجميع, حيث تقرر تفعيل القرار الخاص بالرقابة على المصنفات الفنية وتشديده وكان ينص على أنه حتى تحصل الراقصة على تصريح يجب ألا تكون من أرباب السوابق وحسنة السير والسلوك وأن تثبت مزاولتها للرقص بصورة واضحة وأن تحصل على تصريح بكل رقصة تؤديها من رقابة المصنفات ومن يخالف ذلك يسجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على 6 أشهر وغرامة قدرها 50 جنيهاً ولا تزيد على 100 جنيه ولا تعاقب الراقصة المخالفة للقانون فقط, بل ومدير المكان الذي تعمل به حيث يخضع لنفس العقوبة الى جانب اغلاق المكان وهكذا أصبح الجو خانقاً وكأن الوزارة أرادت معاقبة كل الراقصات على مجرد تفكيرهن في انشاء نقابة تقوم بحمايتهن.
هنا فاجأت الراقصة زينات علوي الجميع بالعودة من جديد للرقص بعد أن شعرت أن الانسحاب من المعركة لا يعني سوى الاستسلام لهذا الاجحاف من وجهة نظرهن جميعاً الى جانب أنها بعد اعتزالها فوجئت بأنها بلا مصدر رزق على الاطلاق وحاصرتها الديون ولذا كانت عودتها مبهرة وتألقت في حفلاتها وأعمالها الفنية التي كان أهمها آنذاك "أدهم الشرقاوي" ولكن لم يدم الحال طويلا حيث سرعان ما قلت أعمالها وحفلاتها وخاصة بعدما عادت لمشاكساتها وأصبحت في ذلك الوقت بمثابة المتحدث الرسمي للراقصات جميعاً والمدافع الأول عن حقوقهن لدرجة كادت معها تتعرض للسجن بسبب واقعة شهيرة مازالت تروي عنها وتذكرها أروقة وأوراق نيابة مصر القديمة حيث أحيلت للمحاكمة بتهمة ضرب شخص أجنبي لمجرد أنه تجرأ وحاول الاعتداء بالضرب على راقصة تعمل في الملهي الليلي الذي كانت تقدم به زينات علوي فقراتها اليومية حيث توجهت اليهما لمعرفة سبب ما يحدث فقال لها بغضب أنت مجرد "راقصة و"فتاحة قزايز".. ابتعدي والا تسببت في متاعب كثيرة لك".. وهنا لم يشعر بنفسه الا بعد أن تحطمت أسنانه وأصيب بعدة كدمات وكسور عنيفة بل واستعانت ببعض حراس الملهي لتلقينه درساً لا ينساه وعلى الفور أتت الشرطة واتهمها السائح بضربه والتحريض على ايذائه وكاد الأمر يتسبب في توتر العلاقات بين مصر ودولة ذلك الشخص الذي تدخلت سفارته على الفور وما ان علم السفير أن من قامت بضربه هي الراقصة زينات علوى حتى توجه لها على الفور باعتذار رسمي تقديراً لمكانتها, وهنا أعلنت زينات علوي مرة أخرى اعتزالها عام 1967 وان لم تمتنع عن الصدام مع الدولة في العهد الناصري والذي كان لا يعني سوى الموت لمن يجرؤ على ذلك, فقد طالبت بتغيير نظرة الدولة للرقص كفن من الفنون الجميلة وللراقصات كفنانات وخاصة أنها تدعوهن لحفلاتها الغنائية التي تقيمها لجنود الجيش بل ان زينات رقصت في قاعدة انشاص في احتفال كبير ليلة النكسة قبل اعتزالها, فلا خلاف أن الراقصات بالفعل كن يواجهن مصاعب عديدة ومواجهات مستمرة آنذاك مع شرطة الآداب لا تفسير لها وهو ما رأته غير لائق بهن, فيكفي أن الراقصة عليها أن تذهب اليهم بأقدامها كلما أرادت تقديم فقرة جديدة أو حتى الانتقال من ملهى لآخر, على الرغم من أن الراقصات في ذلك الوقت أيضاً كانت وزارة السياحة تقوم بايفادهن الى الخارج وهن يحملن أوراقا تثبت أنهن يمثلن مصر في الحفلات الكبرى والمهرجانات وبالطبع شتان الفارق بين هذا وذاك.
وربما لذلك كله وبلا مبالغة فانه لو كانت الراقصات في ذلك الزمان نجحن في انشاء لهن تدافع عنهن وتطالب بحقوقهن وتعترف بهن كفنانات شاملات يحافظن على تراث مصري صميم, لكانت زينات قلب الأسد كما أطلقت عليها الراقصات في زمانها, هي الأولى بمنصب النقيب وبالاجماع بعد أن خاضت حرباً ضروساً للدفاع عن حقوق الراقصات وانتقدت الأوضاع التي يعشن بها والظروف السيئة التي تطاردهن, بل وجعلتها يوماً تقرر الاعتزال في قمة مجدها حزناً على ما أصاب الرقص وليت ذلك كله شفع لها..
وكان يوم وفاتها 16 يوليو عام 1988 وبعد اعتزالها بنحو 20 عاماً عندما فعلتها مرة أخرى بلا رجعة و كانت تعيش فى مسكنها بمفردها بعد أن انفض الجميع من حولها و اكتشفت الامر خادمتها - التي رفضت تركها رغم ضيق أحوالها المادية وكان تقرير الطب الشرعي أنها توفيت بأزمة قلبية وكانت النهايه – رحمها الله و اسكنها فسيح جناته المؤرخ و الباحث فى التراث الفنى وجيــه نــدى
[email protected]