مهما عصفت بنا التحديات و الخطوب و مهما تربص بنا الأعداء و الجاحدين و مهما زمجر الباطل فان له ساعة و الحق قائم الى قيام الساعة. أكد الشعب الفلسطيني بأنه صاحب قضية عادلة يدافع عن حق عادل دولي مقدس أقرته المواثيق و الشرائع الدولية و المتمثل في حق تقرير المصير و حق اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس الشريف زهرة المدائن و معراج الرسول الكريم الى السماوات العلا و سدرة المنتهى.
ان فلسطين ليست ذكرى فحسب بل شاهد حي و ناصع على تشبث الفلسطينيين بأرضهم و استماتتهم بالدفاع و الذود عن حياضها و عن الارث و الميراث العربي و الاسلامي و الحضاري و تقديمهم الغالي و الرخيص حتى نيل كافة الحقوق المشروعة و أهمها حق العودة الى الديار التي هجروا منها عنوة، فلسطين شاهد على المأساة الانسانية التي ما يزال الشعب الفلسطيني يئن تحت وطأتها منذ ما يزيد عن ستة عقود و نيف و فلسطين شاهد على النكبة بنزوح الشعب من أرض فلسطين التاريخية و تشريده و تهجيره و هدم معالم حضاراته و طمس قضيته و شطب هويته السياسية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية بهدف تهويد القدس و رسم حدود جديدة و فرض و قائع جديدة على الأرض بما يسمى الأمر الواقع.
و لكن أهم من ذلك كله بقيت فلسطين بلد القداسة، موطن البشارة و ميلاد السيد المسيح عليه الصلاة و السلام، رسول المحبة و السلام. يحق للفلسطينيين أن يفخروا بأن أرضهم شهدت ولادة المسيح فحجارة الذاكرة تشهد على بزوغ المسيحية و رسالة الغفران و التوبة الخالصة و محورية التواجد المسيحي كجزء لا ينفصم عن المجتمعات الفلسطينية و العربية مرتبطة بتاريخه و أماله و نضاله و تطلعاته و رؤياه و علاوة على ذلك شهدت حجارة الذاكرة على امامة الرسول ص للأنبياء في المسجد الأقصى المبارك و معراجه الى السماء لتكون القدس زهرة المدائن و نموذجا أمثل لعناق الأديان.
ان اعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين و اعلان قداسة البابا فرانسيس الراهبتين الفلسطينتين قديستين هو حدث تاريخي و فخر وطني و شاهد أخر على أن فلسطين بلد القديسين و مثال التعايش السلمي و التسامح الديني و موطن السلام و العدل و المساواة.
و مع قدسية الراهبتين الفلسطينيتين كان الرئيس أبو مازن بحق كما وصفه قداسة البابا فرانسيس ملاكا للسلام، جرئيا شجاعا واضحا و بعيد رؤية في التأكيد على أن السلام لا يتأتى الا عن طريق العدالة و انهاء الاحتلال و التزام المجتمع الدولي بمسؤلياته الأخلاقية و السياسية و التاريخية و القانونية بوضع سقف زمني للاحتلال الاسرائيلي و اقامة الدولة الفلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967 و عاصمتها القدس الشريف ، و انها معاناة هذا الشعب في الشتات و المنافي و ما يتعرض له من تهجير جماعي و طرد قسري و قتل عشوائي و تنكيل بالأسرى و المعتقلين و حصار ظالم جائر و أن يضمن حقوقه السليبة التي ضمنتها المواثيق و الشرائع العربية و الدولية.
فهنيئا لنا بهذه الرسالة الالهامية من قداسة الحبر الأعظم و هنيئا لنا بقدسية الراهبتين الفلسطينيتين و هنيئا لنا بالقدس مدينة الله و مدينة السلام و رمز الحوار السلمي و التعايش الديني بين أتباع الديانات السماوية و حق لنا أن نفخر بملاك السلام الزعيم أبو مازن الطامح لتحقيق الحرية و الديمقراطية و السلام لشعبه و تحقيق الحلم الفلسطيني النبيل بانهاء الاحتلال الاسرائيلي البغيض فبوركت مساعيه و مواقفه المشرفة في المحافل و المنابر الدولية لكسر العزلة و تقوية العضد الفلسطيني.
الدكتور منجد فريد القطب
قداسة الراهبتين الفلسطينيتين بقلم:د.منجد فريد القطب
تاريخ النشر : 2015-05-18