أمريكا والغرب سبب خراب ليبيا بقلم:أ. فرج محمد صوان
تاريخ النشر : 2014-11-13
أمريكا والغرب سبب خراب ليبيا بقلم:أ. فرج محمد صوان


أمريكا والغرب سبب خراب ليبيا
لقد مرت ثلاث سنوات فقط على حملة القصف التي قادتها الولايات المتحدة للإطاحة بنظام معمر القذافي في ليبيا. لقد ‏بدت العملية في بدايتها وكأنها انتصار للسلام والحرية، و بسقوط الدكتاتور افترض العالم أن الليبيين أصبحوا أحرار ‏وأنهم سيستقرون بسرعة بسبب الديمقراطية التي تدعو لها الولايات المتحدة.‏
لكن بعدما التقطنا انفاسنا سرعان ما اكتشفنا أن ذلك كان خطأً كارثياً بسبب العواقب الخيمة غير المقصودة التي نتجت ‏عن هذا التدخل، فحتى أولئك الذين عارضوا التدخل لم يتخيلوا كيف ستكون آثاره على المدى البعيد. سيسجل التاريخ ‏هذا التدخل باعتباره أحد أكثر التدخلات سوءا للإدارة الأمريكية وفي عهد أوباما تحديدا.‏
تفيد التقارير الأخيرة الصادرة حول ليبيا بالتزامن مع الذكرى الثالثة لسقوط القذافي وقتله إلى أن الدولة لم يعد لها ‏وجود وليبيا بلا حكومة مركزية. وفقا لمنظمة العفو الدولية، "الجماعات المسلحة والميليشيات تعيث في الأرض فسادا، ‏وتشن هجمات عشوائية على المناطق المدنية وترتكب انتهاكات واسعة النطاق تشمل جرائم حرب وبدون أي عقاب." ‏مصر وقطر والإمارات العربية المتحدة وتنظيم القاعدة والدولة الاسلامية (داعش) تدعم الفصائل المسلحة وفقا ‏لمصالحها. مبعوث الأمم المتحدة تعيس الحظ، برناردينو ليون، يقول انه بالكاد يمكن البدء في التوسط لحل الأزمة في ‏ليبيا "لأن الزعماء هم مئات الميليشيات". الحرب الأهلية الشاملة هو احتمال واقعي وربما الأسوأ لم يبدأ بعد.‏
كان من الممكن بل كان ينبغي أن يكون هذا متوقعا، فإزالة نظام قائم منذ فترة طويلة أمر خطير ما لم يكن هناك بديل ‏جاهز وواضح، لأنه ينتج فراغا في السلطة، وسيكافح منافسيه من أجل مكان في النظام الجديد. وبقطع رأس النظام في ‏ليبيا فجأة، جعلت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف الناتو الصراع والفوضى، والإرهاب نتيجة حتمية في ليبيا و لا ‏مفر منها.‏
انقسم المسؤولين الأمريكان حول مسألة ما إذا كان ينبغي قصف ليبيا في عام 2011، وفضل الرئيس أوباما أخيرا ‏الفصيل المؤيد للقصف مما جعل هذا أول تدخل عسكري في التاريخ الأميركي - ربما لأول مرة - مدفوعا بشكل ‏رئيسي من قبل النساء حبث كانت أنصاره داخل أروقة السلطة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والسفيرة سوزان ‏رايس لدى الأمم المتحدة، وسامانثا باور، وكذلك موظفي مجلس الأمن القومي. لقد حذروا من أن القذافي كان يخطط ‏لمهاجمة معقل المعارضة في بنغازي واختلقوا كارثة إنسانية. وعلى الرغم من أنهم ربما كانوا على حق، فقد بالغوا ‏على نحو خطير في تقدير قدرة أمريكا في التحكم في عواقب قصف ليبيا، فضحايا الحرب قي بنغازي وحدها الشهر ‏الماضي فاقت الـ 200 قتيل.‏
في الوقت الذي أطاحت فيه أمريكا وحلفائها بالقذافي، نجده قد تخلى عن طموحاته النووية وتوقف عن تهديد ‏مصالحهم، وحافظ على بلاده مستقرة لعقود من الزمن، وإن كان ذلك بأساليب وحشية أحيانا. قد روجت أمريكا ‏وحلفائها للإطاحة بالقذافي دون التفكير بجدية حول أي نوع من النظام سيكون بديلا له. مسترشدين بجوهر المزيج ‏الأمريكي التفاؤلي الساذج وبالأنانية الثقافية سمح الأمريكان وحلفائهم لأنفسهم بالاعتقاد أنه يمكنهم أن يقتحموا ليبيا ‏عنوة ويدمروا كل المؤسسات التي بموجبها كانت تعيش لأكثر من 40 عاما، وافترضوا مرحين أن الأمور، بطريقة أو ‏بأخرى، ستتحسن من تلقاء نفسها بشكل سلمي وتصبح ليبيا حرة بكل بساطة.‏
لقد كان هذا فشلا ذريعًا ومؤسفًا للخيال الاستراتيجي، فأي مفكر يتمتع بقدر من الحكمة كان سيتوقع أن ازالة هيكل ‏الحكم في ليبيا بين عشية وضحاها سيفجر الصراع المدني، وقد فكر في ذلك البعض مثل وزير الدفاع الأمريكي ‏روبرت غيتس. ولكن ما لم يتوقعه أحد، هو أن قصف ليبيا لن يفعل شيئا سوى تدمير الدولة الليبية، وقد كان لذلك ‏آثارا يتردد صداها الآن في ما وراء حدود ليبيا.‏
لقد اشتمل جيش القذافي على فيالق من قوات النخبة من قبائل الطوارق في مالي. عندما أطيح بالقذافي داهم المقاتلين ‏الطوارق ترسانات ليبيا وجرت الأسلحة الثقيلة في قوافل إلى بلدهم الأصل مالي. استخدموا تلك الاسلحة هناك لتفجير ‏الصراع الذي توسعت رقعته من شمال أفريقيا إلى منطقة لا تسيطر عليها الحكومة حيث يزدهر الإرهاب المتطرف ‏وتعيش الشعوب تحت قسوة الاضطهاد. تحولت الأسلحة من مخازن القذافي أيضا لأيدي المليشيات المتطرفة الأخرى ‏مثل بوكو حرام في نيجيريا التي اشتهرت بخطق تلميذات المدارس. هذا هو نذر يسير من نتائج قرار أمريكا وحلفائها ‏بقصف ليبيا منذ ثلاث سنوات.‏
لم تكن الحياة في ظل القذافي حرة تمامًا، ولكن على الرغم من ذلك كان بإمكان معظم الليبيين التمتع بحياة طبيعية إلى ‏حد ما طالما أنهم بعيدين عن السياسة. اليوم لا يمكن لأي ليبي أن يعيش حياة طبيعية، وخاصة الذين يعيشون في ‏المناطق المروعة من قبل المجموعات المسلحة بأسلحة منهوبة من مستودعات القذافي. إن العواقب والآثار الواقعية ‏لتدخل أمريكا وحلفائها تجعلنا نتوقف ونحن نفكر التدخلات الآخرى.‏