ما الذي ينتظر ليبيا؟ بقلم: ا. فرج محمد صوان
تاريخ النشر : 2014-10-10
ما الذي ينتظر ليبيا؟  بقلم: ا. فرج محمد صوان


ما الذي ينتظر ليبيا؟
بقلم: ا. فرج محمد صوان


عما قريب سوف يجتمع الفرقاء الليبيين في غدامس والجزائر لعقد جلسات الحوار بعد قطيعة طويلة بينهم مستمرة منذ انتهاء ولاية المؤتمر حيث انقسم بعد ذلك الثوار الى جماعتين "فجر والكرامة" وشكلت حكومة خاصة بفجر ليبيا في طرابلس وأخرى في طبرق لإدارة شئون ليبيا, ولم يعترف العالم بحكومة فجر ليبيا طيلة الوقت, وظل العالم معترفا بحكومة البرلمان في طبرق فقط.

تعرضت ليبيا منذ ثورة 17 فبراير في العام 2011 إلي تدمير مرافق حيوية مختلفة والي إغلاقات طويلة ومنظمة من قبل كتائب الثوار التي تسيطر على ليبيا - منذ نهاية العام 2011- أدت إلي إضعاف وتهالك القطاعات الاقتصادية بها والي دخول أغلب شباب المناطق الليبية في مواجهات دامية, وقد أدي انقسام الثوار الى فجر وكرامة وما رافقه من حصار وتدمير شديدين لكافة قطاعات البني التحتية من مطارات وطرق ومستشفيات... الخ، بسبب الحروب التي شنتها كتائب وميليشيات فجر ليبيا على كتائب القعقاع والمدني والصواعق في عام 2014 وكذلك ما يسمى إلزام القذافي مما أدي إلي قتل المءات وجرح وتشريد الآلاف من المدنيين العزل جلهم من النساء والأطفال والعجزة خلال هذه الحرب التي استهدفت السكان والبني التحتية, والحديث يطول في هذا المجال.

وعندما يدخل المرء إلي المناطق التي شهدت النزاع المسلح سوف يفاجئ بحجم الدمار الذي أصاب منازل السكان وهذا الدمار هو دمار متراكم منذ العام 2011 حيث لم يتم إعادة أعمار ليبيا حينها. وقد ارتفعت وتيرة الدمار لتصل إلي أوجها في الحرب الأخيرة وخاصة في منطقة سهل الجفارة (ورشفانة)، وسوف يفاجئ أيضا بدمار قطاعي الزراعة والتجارة والصناعة ونقص الكهرباء المتصاعد الذي أصبح يشكل شللا حقيقيا للسكان والاقتصاد ولا أشك أن البيئة وعدم وجود محطات لتنقية المياه العادمة وعدم صلاحية المجاري في المنطقة المنكوبة قد سبب في تلوثها, وربما أصبحت حتى مصادر مياه الشرب ملوثة بسبب جيف الحيوانات وفي ظل افتقار السكان إلي ايه مصادر أخري.

سوف يرى المرء دمارا هائلا وكبيرا وخاصة المنازل والمحال التجارية المهدمة والمحروقة والتي لا يوجد إمكانية حتى لصيانتها وهي حسب أقوال أصحابها على صفحات التواصل الاجتماعي قد جاوزت الألفي 2000 منزل. وهناك أيضاً مشكلة الحيوانات التي تم إعدامها عمدا بالرصاص لا لشيء الا انها لاحول لها ولا قوة.

هناك أيضاً مشكلة الشباب الذين تم استيعابهم في الدروع واللجنة الأمنية العليا وتم صرف مرتبات لهم ولكن لم يتم تدريبهم وتسكينهم لا في الجيش ولا في الشرطة, ومشكلة النازحين الذين طلبت منهم الحكومة الجلوس في مخيماتهم (التي لم تسلم هي الاخرى من ويلات الحرب) بسبب الانقسام, ومشكلة المهجرين في الخارج , حيث يعيش أكثر من مليون ليبي من السكان مهجرين في تونس ومصر وباقي الدول العربية والعالم . ومشكلة المعابر التي يسيطر عليها المليشيات ,ومشكلة الأعمار والتنمية ومشاكل أخري كثيرة بحاجة إلى مليارات الدولارات الأمريكية لحلها, والي ممارسة ضغوط على مجالس شورى الثوار والدروع للانظمام كمواطنين عاديين تحت شرعية الدولة حتى يتم تنظيم المعابر ويعاد تشغيل المطارات والموانئ، وعودة التلاميذ للمدارس والطلاب للمعاهد والجامعات.

ولكن المشكلة الكبيرة التي ستواجهه فرقاء ليبيا في حواراتهم في غدامس والجزائر هي مشكلة الحكومة ودمج موظفي ووزراء فجر والبرلمان او الكرامة في حكومة واحدة وهذه المشكلة بحاجة فعلا إلي عقلانية وتنازلات كبيرة من كلا الطرفين في فجر ليبيا والبرلمان, واختيار الكفاءات المناسبة التي يوكل لها ببناء المؤسسات وإعادة الأعمار.

وأختم بالقول انه حتى لو اتفق الفرقاء الليبيين في حواراتهم بغدامس والجزائر فإن القضايا التي تنتظر حكومة الوفاق في ليبيا جسام وبحاجة إلي أموال ووقت, وبحاجة إلي رعاية وضمانات عربية ودولية لعدم السماح للمتطرفين والمتشددين بتدمير ليبيا بعد أعمارها.