لطائف من الإعجاز القراني في اسم الله "العزيز" بقلم : عطية مرجان أبوزر
تاريخ النشر : 2014-09-29
لطائف من الإعجاز القراني في اسم  الله "العزيز" بقلم : عطية مرجان أبوزر


بسم الله الرحمن الرحيم
عطية مرجان ابوزر
الحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم النبيين والسلام على الأنبياء جميعهم والمرسلين المُكرمين وبعد:

قال الله " العزيز " جل وعلا "وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأعراف : 180] وقال سبحانه { إن ربك هو القوي العزيز} ( هود : 66) وقال تعالى في معرض وعيده ألترهيبي لاعداءه بينما ينزعهم إلى عذاب جهنم نزعا فيتصارخون فيها ألما " ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [الدخان : 49] وكأني بهؤلاء القوم هم من تجرئوا على إطلاق اسم العزيز أو الكريم كأسماء مطلقة على أنفسهم كفراعين مصر مع يقيني ان هذا التذوق سيكون من حظ كل كافر ومشرك وعاصي متجبر ممن توعدهم الله بجهنم ممن كان شعورهم بالعزة والكبرياء في الأرض, ولهذا السبب وجدت أن من يجرؤ على تسمية نفسه بالعزيز يحتاج الى ستون صفة متكاملة ليستحق هذا الاسم , ولذا تشعر بالتحقير السفلي لمن قيل له " ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ " وكأن الله تعالى يُظهر لنا بهذا القول معنى آخر أو يشرح لنا معنى قوله تعالى " مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج : 74] فانظر صفة العزيز كيف وردت في الآية دون ألف لام التعريف اي لم ترد ان الله القوي العزيز كما وردت في الآية " اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ [الشورى : 19]" فلا يقُارن الله العزيز ذاته بمغرور الأرض ممن اعتقد انه العزيز غرورا بقوته كفرعون القائل الذي أخذته العزة فقال أنا ربكم الأعلى , فاكتفى سبحانه بذكر صفاته المطلقة بالمقابل فقال مؤكدا بلام التوكيد "إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" فكان على هذا العزيز المزيف ان يعلم بموجبات العزة التي بلغت ستون اتصف بها الله سبحانه والتي ذكرها لنا في القران مفصلة كلما ذكر اسمه "العزيز" وهذا هو محور خاطرتنا هذه إذ حاولنا الوقوف على صفات العزة الحقة المتضمنة في اسم الله "العزيز".

أسماء الله تعالى كلها حسنى, وكل أسماءه تتضمن صفاته المطلقة ,و صفاته كلها عليا ومطلقة لا حدود لوصفها أو معرفة كمالها, ومن أحصى أسماء الله فعرف معناها وعمل بمقتضاها دخل الجنة كلام نبوي شريف صادق منه صلى الله عليه وسلم وهو القائل " لله مائة اسم إلا واحد من أحصاها وعمل بها دخل الجنة" .

ومن اسمائه الحسنى المُعرفة بالف ولام التعريف أي العلم و الواردة في القران المجيد اسم "العزيز" الذي يعتبر من أكثر الاسماء الحسنى التي وردت في القران ذكرا بعد لفظ الجلالة "الله" وقد ذكر اسم الله " العزيز " 59 مرة في 59 آية كريمة

والعزيز في اللغة :- عَزيز : غالٍ ، نفيس القدر ، كريمٌ مصون بدليل قول الله عن القران انه عزيز فقال { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } ونقول (عزيزي فلان ): عبارة تُبدأ بها الرَّسائل والاقوال  وفيها معاني كثيرة منها :- عزيز الجانب :أي  ذو قوة ومكانة وأثر ، و عزيز المنال : أي صعب البلوغ ، وعزيز النَّفس : أي أبيّ ، شريف  كَرِيمَ النَّفْسِ ، نَبِيلاً, وأطلق لقب العزيز على الوزير الأكبر في الدَّولة المصريّة القديمة ( رئيس الوزراء) بدليل قول القران { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ } ويقال: أَنْتَ عَزِيزٌ عَلَيَّ : أي مُكَرَّمٌ عِنْدِي ، لَكَ مَكَانَةٌ وَتَقْدِيرٌ ويقال هُمْ أَعِزَّائِي : أي أَحِبَّائِي. فهل تنطبق هذه الاقوال والمعاني على "الله العزيز"؟ لنرى تعريف القرآن إذن .

في النظم الاعجازي القراني ( سواء البلاغي او العددي ) لاحظنا عدة ملاحظات مثيرة تعلقت بتدبر معاني اسم "العزيز"سنأتي عليها باذن الله تاليا. ولكن قبل ان نخوض في الأمر يجدر بي الإشارة لملاحظة اعجازية هامة وقفت عليها بمشيئة من الله تعالى وهي أنني لاحظت ان عدد الايات التي ورد فيها اسم الله "العزيز" كانت 59 اية انقسمت إلى قسمين متساويين كان القسم الأول يختص باسم العزيز الحكيم في 27 اية بينما القسم الثاني الذي يشترك فيه اسم الله"العزيز" مع كوكبة من اسماء الله الحسنى وهي " الرحيم - العليم - الحميد - الغفار - العزيز - الوهاب - الجبار والغفور " كان في عدد آيات مساوي للآيات في القسم الأول أي 27 اية بمجموع ايات القسمين = 59 اية سبحان الله ناظم القران العظيم.

معنى العزيز :- الله هو العزيز ذو العزة والكبرياء, وقد تضمن اسمه "العزيز" كل صفات العزة وتمامها وتكاملها في آن, ويشتمل اسم العزيز المتضمن الصفات الكثير من المعاني نجدها في تكامل تدبر الايات التي ورد فيها هذا الاسم وهو أفضل مصدر لمعرفة معنى هذا الاسم دون اقحام أو تقدير للمعاني,لاننا نجدها في النظر الى الاسماء الحسنى المتكاملة مع هذا الاسم وسنأتي بهذه الايات لنتدبرها وصولا لما نسعى اليه من المعرفة الحق والايات مرتبة حسب مرات تكرارها في القران وهي :-
 الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ :- لاحظنا بالاحصاء للايات التي ورد فيها اسم العزيز متكاملا مع اسم الحكيم انه كان الاكثر تكرارا في القران فكان في 27 آية مساويا في العدد لكافة الايات الاخرى التي ذكرت هذا الاسم , ومن روائع النظم القراني وجدنا في هذه الباقة من الاسماء انها بدأت بالاية الاولى مطلعا  لخمس سور قرانية كان اسم العزيز يسبق ترتيبا اسم الحكيم في كل الايات كمثل " تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [الزمر : 1] والسور هي : الزمر ,الحديد,الحشر,الصف الجمعة , كذلك أخذت الموقع الثاني في ثلاث سور أخرى كمثل :"نزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [الجاثية : 2] مع ملاحظة أنها ذات الاية , والسور هي : الجاثية ,الاحقاف,فاطر.
ومن روائع الإعجاز القرآني العددي في هذه المجموعة من الآيات أنه عندما جاء النظم القرآني العددي مفردا وترا حين يأتي على ذكر أسماء الله  الحسنى كما هو الحال هنا ( 27 أية ذكرت العزيز الحكيم - و 27 آية ذكرت العزيز مع أسماء أخرى ) نجد أن القران قد استكمل بثلاث عشرة آية - وتر -  أخرى صفات الله " العزيز الحكيم" كصفات غير معرفة بألف ولام التعريف أي أنها جاءت " عزيز حكيم " فكان المجموع أربعون آية أتت على أسماء (العزيز الحكيم ) و صفاته ( عزيز حكيم ) وهذه الآيات هي : [البقرة : 209-220-228-240-260][المائدة : 38][الأنفال : 10-49-63-67][التوبة : 40-71][لقمان : 27] فالكثير من الامثلة سنسجلها مسندة بالايات تاليا بمشيئة الله.
 الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:- ورد هذا الاسم في عشرة آيات وفي سورتين فقط هما الشعراء و الدخان ومنها 9 في سورة الشعراء وحدها وفي باقة من أجمل الباقات القرانية و من روائع هذه الباقة انها كررت ذات الاية " وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ " تسع مرات والايات هي : [الشعراء : 9][68][104] [122][140][159][175][191[217] كمثل تكرار آية "فبأي ىلاء ربكما تكذبان" الواردة في سورة الرحمن.وكان اسم العزيز يسبق في ترتيبه اسم الرحيم في كل الايات .مع ملاحظة ان اسم العزيز يسبق ترتيبه اسم الرحيم في جميع الايات المذكورة.
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ:- ورد إسمي العزيز مع العليم في ستة سور قرآنية والآيات هي : [الأنعام : 96][النمل : 78][يس : 38] [غافر : 2][فصلت : 12][الزخرف : 9] وكان اسم العزيز يسبق في ترتيبه اسم العليم في كل الايات .
الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ:- ورد إسمي العزيز مع الغفار في ثلاث سور قرآنية والآيات هي : [صـ : 66][الزمر : 5][غافر : 42] وكان اسم العزيز يسبق في ترتيبه اسم العليم في كل الايات .
الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ:- جاء اسم العزيز يسبق ترتيبا اسم الحميد و متلازمان في ثلاث سور هي :[إبراهيم : 1][البروج:8] [سبأ : 6]
 الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ:-ورد اسمي القوي والعزيز متلازمان في سورتين هما:[هود : 66][الشورى : 19] وكانت هاتان الايتان هما الاولى في القران التي جاءت بترتيب اسم قبل اسم العزيز وهو القوي ولم تشبهها آية آيات أخرى مما يوجب تدبر الامر ومحاولة الوقوف على حكمته ؟!

العزيز الوهاب: جاء اسم العزيز مع الوهاب يسبقه ترتيبا في اية واحدة وهي [صـ : 9]

 الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ :- جاء اسم العزيز مع الوهاب يسبقه ترتيبا في اية واحدة في باقة تساعية من باقات الاسماء الحسنى القرانية فكان اسم العزيز فيها مسبوقا باسم المهيمن ومتبوعا باسم الجبار في قوله تعالى اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..."[الحشر : 23]"

الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" جاء اسم العزيز مع الغفور يسبقه ترتيبا في اية واحدة وهي [الملك : 2]

الْعَزِيزُ الْمُتَكَبِّرُ:- جاء اسم العزيز مع اسم اسم المتكبر ضمن أسماء الباقية التساعية من باقات الأسماء الحسنى في الآية "اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..." فأخذ ترتيبه السابع ضمن المجموعة مسبوقا باسم المهيمن متبوعا باسمي الجبار والمتكبر .
الله العزيز :- لا يمكن لاي اسم من الأسماء الحسنى لله تعالى أن يسبق ترتيبه اسم "الله" وهذا مانطبق على اسم "العزيز" في الباقة التساعية في الباقة التساعية من سورة الحشر كما في الاية "اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..."[الحشر : 23] 

الملك العزيز: سبق اسم الملك اسم العزيز في الباقة التساعية وكان ترتيب اسم العزيز هو الخامس من بعده" اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..."
 القدوس العزيز : أيضا في ذات الباقة سبق اسم القدوس اسم العزيز بثلاثة أسماء كما ترى" اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..."
السلام العزيز:كذلك وفي ذات الباقة سبق اسم السلام اسم العزيز باسمي المؤمن والمؤمن كما ترى " اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..."
الْمُؤْمِنُ العزيز  :وأيضا وفي ذات الباقة سبق اسم المؤمن اسم العزيز باسم المؤمن وبينهما ترتيبا اسم المهيمن " اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..."
الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ: سبق اسم المهيمن ترتيبا اسم العزيز مباشرة في ذات الباقة " اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..."
بهذه الإحصائية العددية والترتيب الرقمي لعدد ذكر اسم "العزيز" الدال على الله سبحانه في القران يمكننا تدبر معاني هذا الاسم الأعظم ترديدا بين الأسماء الحسنى بعد لفظ الجلالة "الله" وعليه يمكننا التدبر بما شاء لنا الله تعالى من معرفة.

في رحاب اسم " العزيز"  
لننظر الان معنى العزة و اسم العزيز كما عرفه لنا القران بتدبر الآيات التي ورد فيها هذا الاسم :- 
وجدنا ان اسم العزيز قد سبق في ترتيبه لكل الأسماء الحسنى التي تكامل معها في 57 اية قرانية من أصل 59 أية ( باستثناء ما كان في الباقة التساعية من سورة الحشر) ففهمنا أن كل هذه الآيات تشرح لنا معنى العزة الإلهية التي تضمنها اسم العزيز بالتفصيل مع مراعاة ان الآيات التي سبق فيها اسم العزيز أسماء أخرى يختلف فهمنا لحكمة ترتيبها بمعنى آخر إذ نفهم منها موجبات العزة لا وصفها وعلى هذا نتدبر الصفات و لنأخذ أولا معنى تلازم اسم العزيز بالحكيم :-
فما معنى الحكيم وما علاقة الحكمة بالعزة ؟ لنرى أولا معنى الحكمة :-

الحَكِيمُ : اسم من أسماء الله كما نجده معرفا علما في القران في 38 آية قرانية دلت على الله تعالى اضافة الى أربع آيات وصفت القران " بالحكيم" فقالت " القران الحكيم"و " الذِّكر الحكِيم " و الحَكِيمُ في اللغة : ذو الحِكْمَة ويُقال للفيلسوف وللطبيب حكيم و رَجُلٌ حَكِيمٌ : هو رجل مُتَبَصِّرٌ مِنْ ذَوِي الحِكْمَةِ ,والله وجاء في القرآن { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } ونقول :- وَجَّهت إلَيْهِ نَصيحَةً حَكِيمَةً : أي بَالِغَةً تَتَضَمَّنُ رَأْياً سَدِيداً.

لو أطلقنا كل هذه الصفات ليتضمنها اسم الحكيم فلن ينالها نيل الحق الا الله العزيز الحكيم , ولان العزة تتطلب الحكمة المطلقة فلا عزيز حكيم الا الله سبحانه. فكيف دلنا القران على متطلبات الحكمة للعزيز ؟
هن 27 آية تحدثن عن ذلك وليس أقل (انظر الحاشية اسفل من الاية 1 الى 27) سنأخذ أمثلة منها ونترك لكم المزيد لتدبرها بقلوبكم العامرة بحب العزيز الحكيم :
العزة تتطلب الحكمة: ان تلازم اسم العزيز باسم الحكيم مع حفظ الترتيب القرآني لاسبقية العزيز فذلك يدل المتدبر على ان الحكمة صفة أساس من متطلبات العزة ولا عزة بلا حكمة ولولا حكمة النبي يوسف عليه السلام ما توصل الى عزة مصر او التسيد على أملاكها وشعبها فكان العزيز في منصبه على بيت المال الذي فيه حياة الدولة وبدت حكمة يوسف لأول مرة في نصحه لفرعون عهده بان يأكل المصريون نصف إنتاجهم من الغلال لسبع سنوات خضر وتوفير النصف الثاني لسبع سنوات عجاف بدليل ما جاء في الآيات " قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ [47] ثمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ [يوسف : 48] لهذه الحكمة اليوسفية وماتلاها من حكم مشهورة في قصصه مع اخوته وأبوية كان يوسف عزيزا حكيما أما رب يوسف وربنا فهو العزيز الحكيم بلا منازع سبحانه.ولذا فلا يجوز لغير الله أن يُسمى بالعزيز المطلق.فسبحان العزيز الحكيم .
العزة تتطلب الإعجاز مع الحكمة :- والى موجبة أخرى من موجبات عزة الحكمة الربانية نتدبر ما جاء في الآية الأولى من سورة الزمر وهي آية مكررة نصا حرفيا في [الزمر : 1][الجاثية : 2][الأحقاف : 2] ونصها " تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ " هذه الايات التي نجد فيها الصفة الثانية المتضمنة في اسم العزيز وهي صفة المُنزل للكتاب وهل من عزيز سواه يستحق ان يحمل اسم او لقب العزيز إذا لم تكن له قدرة نظم كتاب كالقران بكل تشريعاته وقصصه وإعجازه غير الله العزيز , مع سلامنا على نبي الله يوسف عزيز مصر وهو الذي ورد اسمه في القران بلقب "العزيز" في الآيات  [يوسف : 30] والتي جاء فيها " وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ... " فجاء اسم العزيز قولا على لسان النسوة , وفي الآية [يوسف : 51] ,والتي فيها "قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ" والآية [يوسف : 78] والتي فيها "قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ" [يوسف : 88] والتي فيها "قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ" وهنا نلاحظ أن كافة هذه الآيات فيها أقوال على لسان بشر , ولم يسمه الله سبحانه بالعزيز. ومما لاحظناه أيضا التأكيد القرآني بالمزيد من الآيات على هذه الصفة كمثل " تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [يس : 5] وقوله " تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [غافر : 2]ولذا فلا يجوز لغير الله أن يُسمى بالعزيز المطلق.فسبحان منزل الكتاب العزيز الحكيم.
العزة تتطلب الوحدانية مع الحكمة : تبين والآيات الأولى المُسبحة من سور الحديد, الحشر, ,الصف والجمعة: جميعها على الصفة الثالثة التي توجبها العزة , حيث تحمل الآيات اسم العزيز, بعد قولها "سَبَّحَ لِلَّهِ " لتدل على معنى آخر من معاني العزة الربانية,فالعزة موجبة لتسبيح صاحبها العزيز المتضمن اسمه لكل صفات العزة, وبما أن التسبيح هو توحيد بحد ذاته فمعنى العزيز يتضمن الوحدانية أيضا, فكان التوحيد الموجب للتسبيح صفة مُضمنه في اسم العزيز.ولذا فلا يجوز لغير الله أن يُسمى بالعزيز المطلق.فسبحان العزيز الواحد الحكيم .
العزة تتطلب القدرة على الرحمة المطلقة مع الحكمة:  قال تعالى "وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [النحل : 60]
ونكتفي بهذا القدر من الاستعراض للصفات المتضمنة في اسم "العزيز الحكيم " من باقة الآيات ال27 الأولى المتضمنة اسم العزيز , تاركا للقارئ الكريم حرية تأمل وتدبر باقي الآيات والله الموفق .
العزة تتطلب الرحمة :- نستكمل مع أسماء العزيز المتكاملة بالأسماء الحسنى الأخرى ومنها " الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" والحق ان

هذه جولة رائعة ممتعة للمتدبر وهو يرى قول الله "وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" يتكرر تسع مرات في سورة واحدة , أمر يدعونا للحظات لتسبيح العزيز الرحيم فانظر الآيات (في الحاشية أسفل) [الشعراء : 9-68-104-122-140-159-175-191-217] انها ذات الاية نصا حرفيا وردت في تسع سور مختلفة فكانت ايات وتر فردية وحين شاء الناظم للقران ان يستكمل العشرة في "العزيز الرحيم" جاء بها في سورة أخرى ليكون القران برمته متكاملا دون فصل او توقف أو اختلاف فقال "  إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الدخان : 42]" وبهذا الكم من الآيات العشر نجد الدلالة على صفة أو متطلب آخر من متطلبات العزة وهو الرحمة المطلقة فقال القران في عشر آيات " العزيز الرحيم" فلا يكون العزيز عزيزا لا أسما ولا صفة إن لم يكن رحيما , فسبحان العزيز الرحيم القائل "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " فمن هو الرحيم ؟
الرَّحِيمُ : هو الكثيرُ الرحمة والجمع : رُحَمَاء { أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } والرَّحيم : اسم عظيم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه : الرَّفيق بالمؤمنين ، والعاطف على خلقه بالرِّزق ، والمثيب على العمل هو مالك اسمى { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } منفردا بهما - انظر خاطرتنا في بيان معناها .
العزة تتطلب العلم :- والعلم المطلق لا يكون إلا لله العزيز العليم , والعلم ليس التعلم ولا الخبرة المحدودة انه علم التقدير والقضاء والتنزيل وعلم الخلق من العدم لا علم الصناعة وتلك علوم مطلقة لا يمتلكها ألا إله حق عزيز عليم ,وسبحانه

القائل" ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [الأنعام : 96] [يس : 38] والقائل "إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيم [النمل : 78] القائل"  وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ [الزخرف : 9][سبأ : 6]
والعليم: اسم من أسماء اللهِ الحُسنى ، ومعناه : المُدرِك لما يُدركه المخلوقون بعقولهم وحواسِّهم ، وما لا يستطيعون إدراكَه من غير أن يكون موصوفًا بعقل أو حسّ ، أو الفائق في العلم { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِالْعَلِيمِ } ومعنى عليم في اللعة:- هي صيغة مبالغة من علِمَ / علِمَ  بدليل قول القران { إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } أما العلِيمُ من الناس فهو كثير العلم في مجال مختص من علوم الدين أو الدنيا، ذو علم عميق ، فائق في العلم { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } ولان فوق كل علم عليم فلا يُقال للإنسان عليما بل عالما .ولا يُسمى باسم العليم الا الله سبحانه .
العزة تتطلب الحمد :- بدليل قوله تعالى" الْعَزِيزِ الْحَمِيد "ِ وبدليل بيانه سبحانه لمعنى الحميد قال " صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ

" في سورتين هما [إبراهيم : 1] و[سبأ : 6] وقال في الثالثة [البروج : 8]  وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " فكان روعة في بيان المعنى المتعلق بالصراط المستقيم والإيمان بالله بمعنى ان العزة تتطلب حمد الغير للعزيز الذي يؤمنون به ويهتدون بهداه , اما معنى حميد في اللعة فهو :-اسم المفعول من حَمِدَ و حَمِدَهُ عَلَى كَرَمِهِ : شَكَرَهُ وَأثْنَى عَلَيْهِ ونقول :- حمِد اللهَ : أثنى عليه وشكرَ نعمتَه { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } والمحمود هو المذكور بالايجاب في صفاته وعطاءه ويقال :كَانَ رجُلاً حَمِيداً : أي مَحْموداً و يَتَّصِفُ بِخِصَالٍ حَمِيدَةٍ :أي صفات  كَرِيمَةٍ ، مَحْمُودَةٍ ويقولون :- الْمَسَاعِي الحَمِيدَةُ : وهي القِيَامُ بِوَسَاطَةٍ مشكورة بَيْنَ فَرِيقَيْنِ لإِشَاعَةِ الوُدِّ وَالوِفَاقِ بَيْنَهُمَا  , فسبحان العزيز الحميد.
العزة تتطلب القدرة المطلقة على المغفرة : فالعزيز يكون غفارا وغفورا , وغفار مطلق المغفرة,وبدليل قول الله "الْعَزِيزُ

الْغَفَّارُ "[صـ : 66][غافر : 42][الزمر : 5] وغَفّار:هي صيغة مبالغة من غفَرَ : أي كثير الغفران أو السَّتْر والمسامحة و الغفَّار : اسم من أسماء الله الحسنى ، معناه : الذي يُظهر الجميلَ ويستر القبيحَ ويغفر الذنوبَ ذنبًا بعد ذنب أبدًا ، ويستر صاحبَها في الدُّنيا وفي الآخرة بدليل قوله تعالى { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا }
العزة تتطلب الغنى المطلق للقدرة على الوهب المطلق : وتلك من صفات الاله التي لا يستطيعها سواه سبحانه ونستدل بقوله تعالى" أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ [صـ : 9] وَهّاب:صيغة مبالغة من وهَبَ و رَجُلٌ وَهَّابٌ : يُعْطِي كَثِيراً بلا مقابل ،

و الوهَّاب : اسم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه : المُتفضِّل بالعطاء بلا عِوَض ، والمانح الفضل بلا غَرَض ، والمُعطي الحاجة بغير سؤال { وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ }
العزة تتطلب القدرة المطلقة على الجبروت بالحق وللحق : والجبار هو الله , بدليل قوله "اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..."[الحشر : 23]" وهو اسم علم من الاسماء الحسنى لم يتكرر في القران الا مرة واحدة تابعا في ترتيبه اسم العزيز , فكان دالا على معنى جديد لمتطلبات العزة , وجبار في اللغة تدل على جبروت الانسان المنافية لجبروت الله المناقضة لمعانيها : وهي صيغة مبالغة من جبَرَ : بمعنى قاهر ، متسلِّط ، متكبِّر ، متعالٍ عن قبول الحقّ ، لا يرى لأحد عليه حقًّا ، مستبدّ بدليل قول القران { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } والجبار من الناس هو كثير القتل والبطش { وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } ونقول أيضا عقلٌ جبَّار :أي فائقُ الذكاء
أما الله الجبَّار : فهو اسم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه : العالي الذي لا يُنال ، صاحب الجبروت في الحق ونصرته ، المُصلح للأمور { الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ } والله العزيز الجبار جبار العزة .
العزة تتطلب القدرة المطلقة على المغفرة : والْغَفُور:اسم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه : الذي يعفو ويصفح ويغفر الذُّنوب ويستر صاحبَها فلا يشهِّر به لا في الدُّنيا ولا في الآخرة { إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } صيغة مبالغة من غفَرَ : أي كثير الغفران ، رحيم ، متسامِح, وجاء في قوله ".الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ [الملك : 2]  ان المغفرة من موجبات العزة فسبحان العزيز الغفور.
الْعَزِيزُ الْمُتَكَبِّرُ:- اسم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه : العظيم المتعالي عن صفات الخلق ، المُتفرِّد بالعظمة والكبرياء ، الملكُ الذي لا يزول سلطانُه ، والعظيمُ الذي لا يجري في ملكه إلاّ ما يريد ة واسم الله ا وتختلف صفات الله المتكبر واسم المتكبر ورد مرة واحدة في القران في "اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ..."
و صفات الإنسان المتكبر وتعارض صفات الله المتكبر تماما , فالتكبر في اللغة : اسم فاعل من تكبَّرَ / تكبَّرَ على / تكبَّرَ عن, والمتكبر من الناس هو: المُتعجرف ، المغرور,فأخذ ترتيبه السابع ضمن المجموعة مسبوقا باسم المهيمن متبوعا باسمي الجبار والمتكبر .
كانت هذه صفات العزيز كما فسرها القران الحكيم بناءا على أن كل اسم متضمن لصفات العزيز كان تابعا في الترتيب له فماذا عن ما تضمنته الاسماء السابقة له ؟.
وجدنا أن سبعة من أسماء الله الحسنى  قد سبقت في ترتيبها اسم العزيز وهي "الله - القوي- الملك - القدوس -السلام -الْمُؤْمِنُ -الْمُهَيْمِنُ " ففهمنا ان صاحب هذه الصفات هو العزيز , بما تضمنته من صفات للعزة فالله عزيز والقوي عزيز وهكذا وجميع هذه الأسماء جاءت في الاية " اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ.." ماعدا اسم القوي الذي جاء في الآيات [هود : 66][الشورى : 19]
الموضوع منقول من مدونتي ومختصر للفائدة للاستزادة انظر الخاطره الاصل