أنا ياسر عرفات بقلم: عبدالله عيسى
تاريخ النشر : 2014-08-06
أنا ياسر عرفات بقلم: عبدالله عيسى


أنا ياسر عرفات

 في ذكرى ميلاده 

شعر : عبدالله عيسى *

وما صلبوه ُ، 

ولكنه شُبّه فوق ذاك الصليب لهم 

انظروا : يده لا تزال على حائط البيت تحمي قميصي الذي قُدّ من دُبرٍ من دم ٍكذب ٍ. 

انظروا : صوته لا يزال على عهده صارخاً في البٓرِيّة : لا إخوتي ، إنه الذئب ، يا أبتي .

انظروا : ظله صاعدات حجراً يتشبّث مثلي بمعراجه بين مئذنة القدس والأديرة ْ. 

وما قتلوه ُ، 

ولكنّه هاء ٓ، أو هكذا شاء ٓبين حصارٍوحرب ٍعليه لهم 

قد غفا بين حربين لم تبدأا تحت زيتونة ٍفي الطريق إلى دير ياسين 

حتى يُذكّرنا بالذي لا يزال يؤرّق ُقتلاهُ في سيرةِ المجزرة ْ.

لا قتيلاً 

ولكن ،

شهيد 

يقول لقاتله : ما لمثلي إذن أن يموت على جنبات الأسِرّة ِ

ليس لعينيّ أن تُغمضا قبل أن أطمئن ّعلى الماءِ في البئر ِ، 

والبئرِ في البيت ِ، 

والبيتِ بين طريقينِ آمنتين ِيُطِلّان مثلي على ظلّ أيقونة ٍ

تحرس الأبديةٓ في الناصرة ْ.

لا قتيلا ًأعود ُ

يقول لقاتله : سأظل أزورك ٓفي الليل ،

أُفسِد ُغفوة ٓأحفادك ٓالنائدين ٓعلى حائطٍ لا يُذكّرُ إلا بما سوّلتْ لي دموعُكٓ

مذْ جئتٓ أرضي لأرثيكٓ بي . 

يا غريب ُ

الحجارةُ ليست تشير على أثر ٍضائع ٍلظلالك من ألف عام ٍ، 

وتسندُ حلمي الذي خصّني خالقي أن ألوّح ٓلي فأعود إلى جسدي فاتناً بي ، 

الهواء ُالذي لم يعد طازجاً مذ أتيتٓ إلى حيّنا لايزال

يدل ّعلى زفرات ِزهور ِالحواكيرِ في رئتي ّ

وأنفاس ِعشب ِالحقول التي ذبلت من خطاك َالثقيلة ، 

والماءُ في البئرِ 

والبئرُ في البيت ِ

والبيتُ في الارض ِ

والأرضُ لي 

يا غريبُ 

فعُدْ مثلما كنت َمن حيث ُجئتَ أعزل مني بخبز عشائي الأخير ِالذي سرقتَه ُلتطعم كلبك َزوجك 

عدْ . لم تكن بيننا في المرايا سوى جثةٍ عابرةْ

بل 

شهيد ٌ

أعود ُ

يقول لقاتله : لا أصدّقُ غيري . أنا الحي ّ، أُرزقُ في الملكوت مع الأنبياء الذين قتلتٓ ،

أطوف ُمع الشهداء الحواري القديمةَ في القدس كي نكلأ الأبديةٓ مما تكيدُ يداكَ ، 

ونحرسُ في بحر غزّة َخبط ٓالنوارس ِمن نظراتك َ، 

عمياءُ تعبر خائفةً بين أجسادنا طائراتك ٓ

أعمى بأسلحةٍ ، وأصابع عمياء كنت تحاصرُ ظلّي على بُعد ِحربين ِ مني . 

وحريتي فكرتي . فكرتي وطني . وطني جسدي . جسدي في مراياك َ أجمل منك

وما صلبوه ُ، ولكنه شُبّه لكٓ ، 

تلك القيامةٌ حريتي الهادرةْ.

يعبرون البلاد جميلين بي . في يدٍ غصن ُزيتونة ، زيتها يوقظ الغدَ في ليل صبرا فتصحو شاتيلا لتدلق َحبر الرواة ِعلى هدهدٍ في مزاميرِ قاتلها . لا أصدق ُانك تقتل أطفالنا بخناجر رب ّجنودك َحتى تعود الى أحفادك َالمستريحين في بيتنا بدُماهم وحلوى نخبّئُ تحت الوسائد للعيد . 

قالت لقاتلها ومضت بي إلى غدها . 

ويريدون أن يحلموا بحياة تليق بهم مثل كلّ الطيور . 

ويعيشون مثل السواقي على أرضهم دون أن تقتلوهم عليها ، ومن أجلها في الأراضي الشقيقة . أيلول ما زال يأوي حزيناً إلى صحف الشهداء ، ويقرأ فوق الشواهد أسماءهم واحداًواحداً .

بينما لا يزال يراودنا خلسة عن يدينا تلّ زعترنا راعفاً يتخبّط بين المخيّم ِوالمقبرة ْ. 

وتجيء فلسطين كاملة دون سوءٍ بهم . تصعد المنبر المرمري ّوتُلقي بأحسن منه سلاماً على أممٍ حين نحلم تندم، أو تشتكي غدها حين نروي الى أمسها . لم نجئ لنرى دمنا يتأوه في نخب أعدائنا ، أو نفاوض سارق مشكاتنا العبثي ّعلى قبس الزيت في غصن زيتونة في يدينا التي لم تزل تشتهر بالرضى ، بل لنذكر ما لم تقله الضحية للطعنة الغادرة 

وأجيء بهم مثلما كنت من ألف عام : بكوفيتي وخريطتي ٓالمشتهاة ْ

انا ياسر 

عرفاتْ

*شاعر  وأكاديمي فلسطيني مقيم في موسكو