قراءة عابرة لبعض لوحات التشكيلية العراقية لمياء حسين
بقلم لحسن ملواني ـ كاتب وتشكيلي من المغرب.
في لوحات لمْياء حسين تجسيد للأزمة والمحنة والصراع الانطلوجي ، ومعاناة الإنسان مع الذات والمحيط ، و تؤدي الفنانة ذلك بصيغ وأساليب متنوعة لتجعل المشاهد في النهاية أمام أشخاص تدل وضعياتهم على الشجن وما يعتري ذواتهم من الأهوال والآمال، ففي كل لوحة تجسيد وتلميح إلى موقف ... في كل لوحة إحالة على وضع ينقصه الاتزان و السكينة...في كل لوحة وقفة للتأمل في المصير الآتي والمتوقع ...في كل لوحة صرخة مكتومة ومسيجة ...في كل لوحة عودة إلى المنغصات الجارحة لدواخلنا...
لوحات ترسم الملمح الحزين للإنسان في زمن الاستفحال للاستهلاك وضرب القيم ، والإساءات الظالمة الماحية للإنسانية فينا ...
لوحات تمثل موقف الفنانة مما يجري في وطنها الجريح الذي فقد بوصلة الأمن والأمان فصار يتخبط ويتمزق بين الحين والحين ، وصار الإنسان فيه يعيش بين إحساسات التيه والضياع ، وإحساسات التوق إلى الاستقرار الاجتماعي والوجداني.
ترسم الإنسان ـ ذكرا أو أنثى ـ واجما وحيدا متوقعا بين هواجسه وأشجانه ، وكأنه قد فقد كل المنافذ من أجل محو أو التلطيف من عبء أزماته ...
وبذلك تنخرط الفنانة بإبداعاتها في رصد ما يجري في بلدها وفي معظم الدول العربية من عزلة تجعل الإنسان يفكر ويعيد النظر في وجوده ، وفي حيثيات كثيرة تبحث عن حلول...إنها تقدم في أعمالها أصواتا وصرخات بأجساد ثابتة صامتة تشي بعلامات القهر والضيق.
تخطيطات الفنانة ولمساتها الفنية بالفرشاة والسكين والأقلام تأتي متسقة مع مواضيع لوحاتها ، وتتميز بتداخلات لونية تسع فضاء اللوحات فلا تترك مجالا للفراغ ، لان هذا الأخير تحوله كي يصير عنصرا متكاملا مع الملمح العام للوحة ، كما تتسم أعمالها بالتصميمات الجميلة المتناسقة تخطيطا ولونا ، وانطلاقا من ذلك ، تضعك بفنية أمام المضايقات والتوجسات والهواجس المبهة المنغرسة في ألأعماق كمحاولة لاستجلاء الحزن والمآسي الإنسانية.
بهذه الصفة ، نعتقد أن لمياء حسين على غرار الكثيرين من المبدعين والمبدعات منكبة على تصوير الكائن المحزن بحثا عن الجميل الممكن والذي يتطلب التحدي والإصرار من أجل التعايش الإيجابي الأخوي والإنساني ضمن مجتمعات متمتعة بالحرية والأمن والسلام.




