عبدالحليم الحجار إعداد وتنسيق: حسين أحمد سليم
تاريخ النشر : 2014-05-13
عبدالحليم الحجار إعداد وتنسيق: حسين أحمد سليم


عبدالحليم الحجار

سيرة عطرة مختصرة لحياته السياسية والإدارية والإبداعية الشعرية

إعداد وتنسيق: حسين أحمد سليم


هو الرّاحل "عبدالحليم بن حسين الحجار", الذي ولد في بلدة شحيم العريقة في التّاريخ، بإقليم الخرّوب, التّابع لقضاء بيت الدّين, الواقع بالتّرتيب الإداري جنوبي محافظة جبل لبنان... وتوفي في مدينة بعلبك البقاعيّة, مركز قضاء بعلبك, بمحافظة البقاع سابقا, (محافظة بعلبك الهرمل) بعلبك المدينة التّاريخيّة المشهورة والواقعة شرقي لبنان, بمحاذاة سلسلة جبال لبنان الشرقية... وإمتدت حياته بين السّنتين: 1896 - 1937 للميلاد.

عاش عبدالحليم الحجار في كنف ربوع لبنان, الوطن الذي أخلص له وفخر به وغنّاه في قصائده الشّعرية, وكان وفيا له حيث ترجم ولاءه لوطنه بخدماته الجليلة التي ما زال الناس يتذكرونها, ويحملون له المحبة والتقدير, سيما في بلاد بعلبك حيث كان قائمقاما لها في أواخر العشرينيات من القرن السّالف...

تلقى عبدالحليم الحجار دراسته الأولى في المدرسة الرّشدية، ثم انتقل فيما بعد إلى مدينة بيروت عاصمة لبنان، وهناك حمله طموحه كي يلتحق بالمدرسة العثمانية، ثم إنتقل إلى المدرسة البطركية ليستكمل دراساته، ودفعه طموحه البعيد كي يتابع دراسته العليا في الكلية اليسوعية... هذا وقد عكف مثابرا لتلقّى أصول وفقه اللغة العربيّة وقرض الشعر وأسس نظمه وفق البحور الخليليّة وجوازاتها على يد عبدالله البستاني.

كان لعبدالحليم الحجار حضوره الفاعل في لبنان أبان حياته المديدة, حيث عين مديرًا لمديرية الهرمل عام 1918 للميلاد, المدينة الواقعة في البقاع الشّمالي، والّتي هي مركز محافظة الهرمل إداريّا, وفي عام 1920 للميلاد أصبح نائبًا في مجلس الإدارة بمنطقة الشوف الجبليّة، وعين حاكمًا إداريًا لمدينة طرابلس شمالي لبنان عام 1921 للميلاد، وفي عام 1927 للميلاد عين محافظًا في مدينة زحلة البقاعية، مركز محافظة زحلة إداريا, ومحافظًا لمدينة الشوف عام 1928 للميلاد، وفي مدينة بعلبك اختير قائمقام، وبقي في هذا المنصب حتى وافته المنية فيها. وفي مدينة بعلبك كان له المكانة المميزة عند أهاليها نظرا للخدمات الجليلة التي قدّمها للمدينة وأهلها في زمن قائمقاميّته في مدينة بعلبك وتوابعها...

كان عبدالحليم الحجار عضوًا في مجلس إدارة جبل لبنان سنة 1917 للميلاد, إذ انتخب خلفًا لوالده الرّاحل حسين الحجّار... وقد عرف عبدالحليم الحجار بإنسانيّته وزعامته، وعرف أيضا بنزعته القيادية المميزة، وبرز بنشاطه السياسي، وإهتماماته بشؤون الناس وقضاياهم... حيث انضم إلى الكتلة الدستورية بقيادة بشارة الخوري زعيم المعارضة في ذلك الوقت، وكان مناهضًا للفرنسيين وللحكومة القائمة في بيروت آنذاك، وقد انضم إلى الوفد الرسمي الأول الموفد من إدارة جبل لبنان إلى مؤتمر الصلح في باريس أوائل عام 1919 للميلاد برئاسة داود عمون.

هذا وإلى جانب الإهتمامات السياسية والإدارية لعبدالحليم الحجار كان له إهتماماته الفكرية والأدبية والشعرية ونظرته الخاصة للوطن ولمرأة والحياة والحب وبعض الرجالات الذين برزوا عبر التاريخ السالف, فهو يصنّف كشاعر وطني متنوع الاهتمامات، ويعتبر شعره رحلة من البحث المستفيض عن المرأة المثال، والحب المثال، وله شعر في الإشادة بالأبطال من صانعي التاريخ أمثال نابليون بونابرت...

إستطاع عبدالحليم الحجار بفكره الثاقب ورؤاه البعيدة أن ينحاز لقوة الشعب ويعيش معاناته وعرف كيف يحتمي بأصوات الجماهير... وكان داعيا إلى الثورة على الفساد والإنحراف وفضح التدليس السياسي...
كتب عبدالحليم الحجار في مدح الكثير من الشعراء، وقام بتقريظ شعرهم، أمثال سعيد عقل، والأخطل الصغير، إلى جانب كتاباته الشعرية له في وصف الطبيعة في لبنان، وكتب في المناسبات والتهاني، كما كتب في الفخر الذاتي والعنفوان والكبرياء، إضافة لما له من شعر في التغني بحب بلاده ووطنه لبنان... هذا وكتب معبرًا عن طموحات الشباب الساعي إلى العمل... وتتسم لغته بالطواعية، ويتميّز أسلوبه بالسلاسة, وخياله بالفاعلية والنشاط...

وله الكثير من القصائد المشهورة ةأبرزها القصيدة المعروفة تحت عنوان: «الفخر في بلادنا» المنشورة في مجلة تقويم البشير في العام 1947 للميلاد، والتي تنشد في المناسبات من قبل القوى العسكرية والطلبة في المدارس والفرق الكشفية اللبنانية والعربية... هذا ونشرت له مجلة العرفان البعض من قصائده، وله ديوان شعري مخطوط.

نال عبدالحليم الحجار عددًا من الأوسمة والنياشين نذكر منها: وسام المعارف ورتبة ضابط من الحكومة الفرنسية عام 1917 للميلاد. ووسام جوقة الشرف من الحكومة الفرنسية عام 1921 للميلاد, و ميدالية الاستحقاق من الحكومة اللبنانية عقب وفاته عام 193 للميلاد.

ومن كتاباته الشعرية نقرأ ما يلي ممّا إخترناه في هذه العجالة عن سيرة عبدالحليم الحجار:

الفخر في بلادنا
والعز باتحادنا
وعن ذرى أطوادنا
والأرز لا تسل
حبذا لبنان جنة الخلود
مهبط البيان تربة الجدود
يا بني الأوطان
عصبة الأسود
إذا دعا داعي الحمى يثير فينا الهمما
وسالت الأرض دما وروّع الجبل
أسرجوا الخيول
واقرعوا الطبول
واقحموا السهول
واحرسوا الجبل


اعزة ضيوفنا
راهيفتا سيوفنا
مؤمنا مصيفنا
لكل من نذل
نحفظ الزمام
و نكرم النزيل
و يبريء السقام
هوانا العليل
فارضنا سلام
و الماء سلسبيل
و لا نحب الاعتداء
و لا نرى الا الهدى
لكن اذا الشر بدا و احمرت المقل
أسرجوا الخيول
واقرعوا الطبول
واقحموا السهول
واحرسوا الجبل


الموت في جهادنا
خيرا من استعبادنا
نمشي على اكبادنا
في الحادث الجلل
ما تلكم الاشباح
في مربض الاسود
تسير للبطاح
تخرق الحدود
هبوا الى السلاح
يا ايها الجنود
و ليرتعد من ظالما قد شاقنا سفق الدما
ويلا لمن رامى الحمى فالحر لا يذل
أسرجوا الخيول
واقرعوا الطبول
واقحموا السهول
واحرسوا الجبل


لبنان هز البيرقا
و اصعد لاعلى مرتقى
حتى تنير المشرقى
في العلم و العمل
لبيك فخر الدين
و يا بشير غر
فكلنا امين
و كلنا نكر
من مرتقى صنين
للسفح و النهر
تحركت فتياننا وزغردت نسواننا
و ها هو لبنانا يمشي بلا وجل
أسرجوا الخيول
واقرعوا الطبول
واقحموا السهول
واحرسوا الجبل
وله هذه القصيدة أيضا:
اتّقـوا الشعب أيـهـا الظالـمـونــــــــا
واهدمـوا العـرش وانصـفـوا العـالـمـيـنـا
واحذروا بطشه إذا ثـار يـــــــــــــومًا
ونضـا الفأس وانـتضى السّكّيـنـــــــــــا
إنمـا الشعبُ يستـمد قــــــــــــــــواه
حـيـن يجـري القصـاص مـن عِلّيـيـنـــــــا
وهـو مـثل الـبركـان يـقذف نـــــــــارًا
ويثـير الزلزال حـيـنًا فحـيـنــــــــــا
كـائنٌ بـالـحسـام رغم اللـيـالـــــــــي
كلّ شـيء يريـده أن يكـونـــــــــــــــا
تـرجف الأرض والسّمـاء إذا مــــــــــــا
أقسم الشعب فـي الـبـلاد الـيـمـيـنــــا
فـوق هـام الـمـلـوك مخضـوضبــــــــــاتٌ
بـدِمـاهـم مشى إلى الخـائنـيـنـــــــــا
ففـنـاءُ «الكـونكـورد» مـا زلـت فـيــــه
إن تكـن شـاعـرًا تـرى «الكـيرتـيـنــــا»
أصعـد الشعب مـلكه وهـــــــــــــو يرغو
فغدا أمـره عـلـيـهـا أنـيـنـــــــــــا
ولـدنْ عـاثتِ الـديـانة فـيـــــــــــــه
جعـل العقـل فـي الكـنـيسة ديـنــــــــا
لست أدري هل كـان ذلك عقــــــــــــــلا
وصـوابًا أم كـان ذاك جنـونــــــــــــا؟
إنمـا الانقـلاب أنـبت فـيـهـــــــــــم
تحت ظل السـيـوف نـابـلـيـونـــــــــــا
لا تخـاف الـمـنـون إلا شعـــــــــــوبًا
لا يـخـافـون فـي الـحـيـاة الـمـنـونــا
هـاك إنّي رفعتُ فـي الغرب صـوتــــــــــي
لـيـت قـومـي فـي شـرقهـم يسمعـونــــــا