العدالة الناجزة والاجراءات المعطلة بقلم:بيان الآغا
تاريخ النشر : 2014-04-26
العدالة الناجزة والاجراءات المعطلة
تضمن القوانين والتشريعات التي تبنيها الدول سلامة المجتمع في الحفاظ على الارواح والحقوق الخاصة والعامة ، وتراجع هذه الدول هذه القوانين للنظر في مدى ملاءمتها للوقائع الجديدة التي تطرأ على شكل وتطور الحياة المستمر وتنظر لها باعتبارها نصوصا بشرية وضعت في ظروف معينة ويصلح تطبيقها في تلك الظروف والتي تمتد لعقد او اثنين وليس مضمونا عدالتها في ظروف تكون الحياة تطورت وتغيرت بشكل كبير ولذلك كانت المراجعة واجبة وخاصة في الامور التي تخص حياة المواطنين وحقوقهم .
وتتفق المجتمعات في أن سيادة القانون هو من أهم الاولويات الرئيسة في بنائه ، فهو الحكم في نزاعاتهم وخلافاتهم وهذا الاتفاق ينبع من الطبيعة البشرية التي تميل الى العيش بسلام وطمأنية بعيدا عن أشكال العنف والظلم .
ولكن سرعان ما تتبدد رغبة المواطنيين في الاحتكام الى القانون عندما تستغرق الاجراءات المصالحبة لعملية التقاضي وقتا طويلا لا يناسب نوعيا اهمية و خطورة القضية وحتى عدالتها المتحققة ، ويصبح الاحتكام الى اللاقانون امرا ضروريا من وجهة نظر البعض . فالمجتمع عندما يتعرض الى ما يهدد سلامته ووحدته فانه يميل الى استخدام العدالة الناجزة التي تختصر الاجراءات الطويلة التي وضعها المشرع وتزرع في نفوس المقهورين عدم احترام القانون ، ولعل جرائم القتل التي وقعت في مجتمعنا الفلسطيني خلال فترة قصيرة أكبر دليل على عدم قدرة القوانين في التعامل مع الجرائم التي تهز اركان المجتمع بالحزم والردع المطلوبين .
اليوم ارتكبت جريمة قتل جديدة بحق أحد الصرافين من عائلة الاسطل وبالأمس القريب جريمة قتل لاحد الصرافين – أيضا - من عائلة شراب وقبلها جرائم قتل دوافعها الرئيسة إما السرقة أو الاغتصاب ، صحيح أن أجهزة الأمن ألقت القبض على الجناة والمجرمين و لكن العدالة الناجزة لم تتحقق بعد بسبب الاجراءات الطويلة من اصدار الحكم الاولي الى أن نصل الى الحكم النهائي من الجهة المختصة وصولاالي مصادقة الرئيس على التنفيذ ، هذه الاجراءات الطويلة تنسينا الجريمة الاولى ولا نكاد نتذكرها كمجتمع الا عند وقوع جريمة جديدة .
صحيح ان المجتمع الفلسطيني قليل العدد مقارنة بالمجتمعات الكبيرة التي تنتشر فيها الجريمة المنظمة وليس به هذا النوع المنظم ،وأن جرائم القتل في مجتمعنا تعتبر جرائم فردية و لعل التركيبة العائلية لمجتمعنا و الظروف التي عاشها ولايزال تحت الاحتلال اسهمت في تقليل هذه الظاهرة ، بل رفع الغطاء العائلي عندما يكون مرتكبها احد ابنائها .
ولكن هل نضمن الا تنتقل الاعمال الفردية المتشابهة الظروف والدوافع في كثير من الحالات الى عمل منظم في ظل غياب العدالة الناجزة التي تختصر اجراءات استئناف الحكم في جرائم أقر مرتكبوها بأفعالهم واقتنع القاضي بعدالة حكمه.
ليست هذه دعوة الى تغييب القانون وعدم القبول به كأساس لتحقيق العدالة ولكنها دعوة لمراجعة القوانين و التشريعات التي ترتبط بقضايا عند وقوعها تهدد سلامة المجتمع وتماسكه وتزلزل كيانه .

بيان الآغا / خانيونس
0599746528