دراسة تاريخية جديدة - عوامل سقوط الدول والحكومات (تاريخ دولة المماليك نموذجا)
تاريخ النشر : 2014-04-21
دراسة تاريخية جديدة - عوامل سقوط الدول والحكومات (تاريخ دولة المماليك نموذجا)


كتاب :

تاريخ دولة المماليك

 
جمع وترتيب وتأليف وإعداد وتنسيق:


الباحث والكاتب والمؤرخ والمحقق /

محمد سرور الحريري

 
باحث أكاديمي وكاتب ومحلل سياسي وخبير دولي ومخطط إستراتيجي

 

الإهداء

 
الى العلماء العاملين ، والدعاة المخلصين،

وطلاب العلم المجتهدين ،

إلى أبناء الأمة

الغيورين.

أهدي هذا الكتاب سائلاً المولى  عز وجل بأسمائه

الحسنى وصفاته العُلا أن يكون خالصاً

لوجهه الكريم

 

قال تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِهِ فَلْيَعمَل عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِه أَحَدَاً. 
   (سورة الكهف، آية 110)


m

إن الحمدلله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله { ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حَق تقاتِهِ ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون} (سورة آل عمران : آية 102).

{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطعِ الله ورسوله فقد فازاً فوزاً عظيماً} (سورة النساء، الآية1).

أما بعد؛

يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت.

هذا كتاب هام يتحدث عن تاريخ دولة المماليك يعطي صورة واضحة عن أصول المماليك وتاريخ دولة المماليك ، وقد تحدثنا عن اعمالهم المجيدة عبر التاريخ، واستنبطنا من بطون المصادر والمراجع بعض التراجم لشخصيات من دولة المماليك ساهمت في بناء الحضارة الاسلامية، ونصرت المسلمين .

ويتحدث الكتاب عن جهادهم ودعوتهم وحبهم للعلم والعدل، ويبين قادة دولة المماليك الذين قاموا ببناء دولة المماليك ويبين صفاتهم والمنهج الذي ساروا عليه، وكيف تعاملوا مع شعوبهم ؟

ويبين الكتاب للقارئ الكريم أن النهوض في دولة المماليك  كان شاملاً في كافة المجالات العلمية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والحربية، وأن للتمكين صفات، لابد من توفرها في القادة، والأمة، وبفقدها يفقد التمكين.

ويوضح الكتاب للقارئ حقيقة دولة الماليك والأسس التي قامت عليها والأعمال الجليلة التي قدمتها للأمة؛ كحماية الأماكن المقدسة الإسلامية من مخططات الصليبية وإيجاد وحدة طبيعية بين الولايات العربية ، وإبعاد الزحف الاستعماري عن ديار الشام ومصر، وغيرها من الاراضي الاسلامية.

بداية الكتاب :

ففي بداية هذا الكتاب تحدثنا عن :

-        أسباب نشوء دولة المماليك وعوامل إنتهاء الدولة الأيوبية

-        كما تحدثنا عن وفاة صلاح الدين الأيوبي والبدء في إنقضاء وإنتهاء عهد الدولة الأيوبية .

-        كما تحدثنا عن وفاة السلطان الناصر صلاح الدين  وكانت وفاته في عام 589هـ .

-   ثم بعد ذلك تحدثنا عن تاريخ دولة المماليك وقمنا بالتعريف عن دولة المماليك وشرحنا طبيعة دولتهم بالتفصيل .

 

نهاية الكتاب :

وفي نهاية الكتاب تعرضنا لأسباب إنتهاء وإنهيار وسقوط دولة المماليك .

 وقد تم الإهتمام بإبراز أسباب السقوط ، ليتبين للقارئ أن اسباب السقوط عديدة منها؛ انحراف الأمة عن مفاهيم دينها، كعقيدة الولاء والبراء، ومفهوم العبادة، وانتشار مظاهر الشرك والبدع، وانحرافات الناس عن الدين وظهور الفساد وغير ذلك .

قال تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} (سورة الأعراف: آية 196).

 

إن هذا الجهد المتواضع قابل للنقد والتوجيه وفي حقيقته محاولة جادة للجمع والترتيب والتفسير والتحليل للأحداث التاريخية التي وقعت في زمن دولة المماليك والتي تأثرت بحركة الشعوب في صراعها العنيف فيما بينها نتيجة للأختلاف في العقائد والمناهج والأهداف والقيم والمثل؛ فإن كان خيراً فمن الله وحده وإن أخطأت السبيل فأنا عنه راجع إن تبين لي ذلك، والمجال مفتوح للنقد والرد والتوجيه .


 

الهدف من الكتاب :


هدفي من وضع وتأليف الكتاب هو :

 
            - تسليط الأضواء على زعماء دولة المماليك

 
            - بيان المنهج الذي سارت عليه دولة المماليك .
   

            - التركيز على العوامل التي ساهمت في بناء دولة المماليك .

         
            - الأسباب التي ساهمت في إضعاف وسقوط وزوال دولة المماليك .

 
    - تسهيل مبدأ الاعتبار والاتعاظ بمعرفة أحوال الدول، وماتؤول إليه الدول والأشخاص والهيئات والأمم إلى الزوال والإنتهاء والنظر في سنن الله في الآفاق وفي الأنفس والمجتمعات.


            - بيان الكيد العظيم الذي تعرضت له دولة المماليك .

    - الدفاع عن المظلومين من دولة المماليك والذين تعرضوا للظلم ونسب الى تاريخهم أباطيل وأكاذيب كثيرة .

            - إظهار صفحات البطولات التي قدمها عظماء وقادة دولة المماليك .

     - إثراء المكتبة الاسلامية التاريخية بالابحاث المنبثقة عن عقيدة صحيحة وتصور سليم بعيدة عن السموم والأفكار الغريبة .

            - خدمة الأمة الإسلامية والعربية بإيجاد كتاب وبحث خاص عن تاريخ دولة المماليك .

            - تقديم معلومات صحيحة وواضحة عن تاريخ دولة الماليك .

    - المساهمة في نشر العلم والمعروف والخير والتعاون مع المؤسسات الثقافية والتاريخية بدولة الإمارات العربية المتحدة .


أقسام الكتاب :


هذا وقد قمت بتقسيم الكتاب الى ما يلي :-

 
1-               الفصل الأول : تفصيل تاريخ دولة المماليك


2-                الفصل الثاني : معالم دولة المماليك


3-                الفصل الثالث : صراعات وحروب دولة المماليك


4-                 الفصل الرابع : عوامل سقوط دولة المماليك


ثم النتائج العلمية لهذا البحث وخلاصة الكتاب .

وأخيراً: أرجو من الله تعالى أن يكون عملاً خالصاً لوجهه الكريم وأن يثيبني على كل حرف كتبته ويجعله في ميزان حسناتي وأن يثيب إخواني الذين أعانوني بكافة مايملكون من أجل إتمام هذا الكتاب .

((سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين)).

 

      كتبه /الكاتب والمؤرخ والمحلل الأكاديمي / محمد سرور الحريري

              22-10-2013م

 

الفصل الأول :

تفصيل تاريخ دولة المماليك

أسباب نشوء دولة المماليك وعوامل إنتهاء الدولة الأيوبية

بعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد لم يعد في العالم الإسلامي دولة إلا دولة المماليك والتى حكمت مصر والشام والحجاز .

وأصبحت دولة المماليك أقوى دولة في ذلك الوقت، بالإضافة إلى أنهم أعادوا الخلافة العباسية في مصر شكليًا ليضفوا الشرعية على حكمهم، وذلك باستدعاء وبإستضافة الكثيرمن أبناء العباسيين إليهم وقاموا بإكرامهم .

 وكان ذلك في عام (659هـ) حيث عقد الظاهر بيبرس مجلسًا حافلا أثبت فيه ولائهم ومحبتهم للعباسيين .

وكان ذلك بلا خلافة عباسية حقيقية، لذلك فلم يكن لهم ولا لمن جاء من بعدهم من أبناء العباسيين أي أذىً يذكر .

وهنا تتجلى حنكة المماليك وقد يقول قائل ما هو أصل المماليك ؟

فنجيبه بقولنا أن أصل المماليك، عبارة عن تجمعات مختلفة من أماكن كثيرة ، فهم من جنسيات متعددة ومن مناطق إسلامية مختلفة منها بلاد التركستان، وشبه جزيرة القرم، وبلاد القوقاز، وآسيا الصغرى، وبلاد ما وراء النهر.

 ونظراً لتعدد أنواع المماليك فإنهم قد إنقسموا إلى قسمين:

القسم الأول: المماليك البحرية: وهم الذين جلبهم الملك الصالح نجم الدين وبنى لهم قلعة بجزيرة الروضة وإختار منهم فرقة للأسطول سميت الفرقة البحرية ولذلك سموا المماليك البحرية .

 أما القسم الثانى: المماليك البرجية:  وهم شراكسة اشتراهم السلطان قلاوون لتدعيم حكمه، وتم له ما أراد إلى أن استولوا هم على الحكم من أحفاده الذين جاءوا بعده.

وسموا المماليك البرجية لأن السلطان قلاوون أسكنهم في أبراج .

وفي عام – 648 هـ - سقطت دولة الأيوبيين لتحل محلها دولة المماليك .

وكان ذلك عندما تآمرت شجرة الدر مع المماليك على قتل توران شاه آخر حكام الدولة الأيوبية .

 وبدأ الحكم في دولة المماليك بيد شجرة الدر بشكل مبدئي .

وبعد ذلك توالى الحكم المماليك البحرية .

وثم جاء من بعدهم المماليك البرجية ليستلموا زمام الأمور في الدولة المملوكية والتي تسمى دولة المماليك.

وبعد ذلك تم إستمرار دولة المماليك أكثر من قرنين ونصف وبعدها سقطت دولة المماليك وذلك بسبب هزيمة المماليك أمام العثمانين وكان ذلك من عام 690 – وحتى عام  699 هـ .

وكان عدد قادة وسلاطين المماليك البحرية الذين تولوا السلطة والحكم 27 سلطاناً .

وجاء من بعدهم -29- حاكماً وسلطاناً من سلاطين المماليك البرجية قاموا بتولي زمام الأمور في دولة المماليك .

وأول ما واجهته الدولة العثمانية هو دولة المماليك .

ووقعت بينهم حروب ومعارك كان على إثرها سقوط دولة المماليك وصعود الدولة العثمانية .

وبعد إنتهاء دولة المماليك كانت هناك آثار قوية معنوية ومادية في كثير من الدول والبقاع توضحت فيها جلياً معالم دولة المماليك وكان ذلك في إهتمام دولة المماليك بالأدب والفن والزخرفة والإهتمام بالعدل في القضاء ووكذلك إهتمام دولة المماليك بالآثار والصناعة والزراعة والتجارة وتطوير الأسلحة الحربية وغيرها .

 

 

كما كان هناك إهتمام كبير في دولة المماليك بالمساجد والمآذن والقصور حيث ظهرت عدة مدارس إسلامية وشرعية وترك المماليك مساجد كثيرة منها :-

مدرسة السلطان حسن، ومدرسة الناصر قلاوون، ومسجد المؤيد شيخ.

وكذلك إهتمت دولة المماليك بالقاهرة والإسكندرية لنشاهد قلعة قايتباى الشهيرة.

وقد عاصر المدرسة الفنية المملوكية مدرستان كبيرتان هما الطراز العثمانى الذى ظهر في آثار إستانبول الجميلة، والطراز الصفوى الذى نشاهد روائعه في مدينة أصفهان.

وأما فى مجال العلوم والمعارف فقد حفل العصر المملوكى بأكبر عدد من المؤرخين الكبار فلم يجتمع مثل هذا العدد من عمالقة التاريخ في أى عصر من العصور ومنهم:

 المؤرخ العظيم ابن خلكان والمفسر الكبير الإمام جلال الدين السيوطى والرحالة الشهير ابن بطوطة والطبيب ابن النفيس وغيرهم .
 

وفاة صلاح الدين الأيوبي والبدء في إنقضاء وإنتهاء عهد الدولة الأيوبية وظهور دولة المماليك :-

لقد كانت وفاة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي : في عام 589هـ, وكان موته مصيبة وكارثة على الأمة الإسلامية جمعاء .

لقد وقع نبأ صلاح الدين على المسلمين جميعًا وقع الصاعقة للصدمة الفادحة, والمصاب الجلل.

وهذا القاضي ابن شداد يصف لنا ذلك المشهد المريع إذ يقول:

«وكان يوم موته يومًا لم يصب الإسلام والمسلمون بمثله بعد فقد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وغشي القلعة والمُلك والدنيا وحشة لا يعلمها إلا الله تعالى, وبالله لقد كنت أسمع الناس أنهم يتمنون فدا من يعز عليهم بنفوسهم, وكنت أتوهم أن هذا ضرب من التجوز والتخرص إلى ذلك اليوم, فإني علمت من نفسي ومن غيري أنه لو قُبل الفداء لفدي بالأنفس»([1]).

لقد كان صلاح الدين -رحمه الله- قائدًا ربانيًا تربى في أجواء علمية رسخت في زمن نور الدين, واستمرت في عهده فأخرجت هذا الأنموذج الرفيع الذي أعاد الله به للأمة عزتها وقوتها.

ـ مات الناصر صلاح الدين في 27 صفر 589هـ وقد خلف وراءه دولة قوية ثابتة تشمل مصر والشام واليمن والحجاز وكلها على السنة وتتبع الخليفة العباسي وتدعو له على منابرها, وقد تقسمت هذه المملكة القوية بين إخوة صلاح الدين وأبنائه, وكان ذلك بداية الوهن, إذ لابد من قيادة واحدة يعلوها مجلس مشوري وحل وعقد بضمان سلامة القيادة, وإنما الخذلان والفشل قرينان للتفرق, وقد كان.

فقد تولى نور الدين الملقب بالأفضل حكم دمشق فساء التصرف وسبب كثيرًا من المشاكل للدولة الأيوبية, وتولى عثمان الملقب بالعزيز عماد الدين حكم مصر وتولى أخو صلاح الدين أبو بكر الملقب بالعادل حكم باقي الشام, واستقل ابن أخي صلاح الدين بحكم اليمن وأجزاء من الحجاز.

هذا التفرق جعل الباب مفتوحًا للصراعات والخلافات الداخلية على مناطق النفوذ, وانشغل المسلمون بأنفسهم عن العدو الحقيقي وهم الصليبيون, ووقعت عدة حروب بين الأفضل والعزيز انتهت بهزيمة الأفضل وعزله عن ولاية دمشق وأعطاها لعمه أبي بكر, وبعد ذلك بقليل توفي العزيز عماد الدين فتولى مكانه عمه أبو بكر, وهكذا عادت الدولة الأيوبية مرة أخرى للاتحاد تحت قيادة واحدة، وقد حاول الصليبيون أثناء ذلك القتال الداخلي الهجوم على الشام مرة أخرى فتصدى لهم أبو بكر الملقب بالعادل.

كان العادل أبو بكر الأيوبي قرينًا لأخيه صلاح الدين وشريكًا له في جهاده وكفاحه ضد الحملات الصليبية؛ لذلك فقد كان هو الآخر بطلاً شجاعًا قويًا صمد أمام محاولات الحملات الصليبية المتكررة على مصر الشام, حتى أنه مات رحمه الله أثناء حصار الصليبيين لدمياط سنة 615هـ وهو مرابط مجاهد في سبيل الله.


الملامح الرئيسية في شخصية صلاح الدين الأيوبي:

أولاً: تقريبه للعلماء وحبهم واحترامهم واستشارتهم وإعطاؤهم المكانة اللائقة بهم, وإحياء المدارس والعلم, وحضور السلطان مجالس العلم, بل إن السلطان صلاح الدين يذهب إلى الإسكندرية مصطحبًا معه ولديه علي وعثمان لحضور مجلس الحافظ السلفي, وترقى العالم كمال الدين الشهرزوري إلى مرتبة الوزارة, ومن مستشاري صلاح الدين العالم الواعظ ابن نجا الحنبلي, ووزيره القاضي الفاضل من أكابر الكتاب محبًا للعلم وأهله, ومنهم نجم الدين الخبوشاني, والفقيه الشافعي, وهو الذي شجع صلاح الدين على إنهاء الدولة العبيدية وقطع الخطبة لهم, وبنى له صلاح الدين مدرسة وفوض تدريسها إليه, ومن الفقهاء الأمراء الفقيه الهكاري: «وكان جنديًا شجاعًا كريمًا, تفقه على الشيخ أبي القاسم البرزي واتصل بالأمير أسد الدين شيركوه, وكان يخاطب صلاح الدين بما لا يقدر عليه غيره, توفي وصلاح الدين محاصر لعكا»([2]).

وكان إذا زاره عالم اهتم به جدًا, ولا يتركه حتى يزوده بالمال والأمتعة له ولجيرانه وأقربائه.

إن هذه الانتصارات العظيمة لا تكون إلا بوجود مثل هذا التلاحم والتعاطف بين الأمراء والعلماء, وقال القاضي ابن شداد: «وكان يجلس للعدل في كل يوم اثنين وخميس في مجلس عام يحضره الفقهاء والقضاة, وكان يفعل ذلك سفرًا وحضرًا»([3]). وكان آل المقدسي الذين سكنوا حي الصالحية في دمشق أبو عمر محمد ابن أحمد بن قدامة وأخوه وابن خالهم الحافظ عبد الغني والشيخ العماد, كانوا لا ينقطعون عن غزاة يخرج صلاح الدين فيها, وقد حضروا معه فتح القدس والسواحل وغيرها»([4]).

إن القادة الذين يحترمون العلماء والفقهاء في حقيقة عملهم هذا قد أخذوا بسنة من  سنن التمكين والنصر والغلبة على الأعداء.

 
إن الذين يهاجمون علماء الأمة ومفكريها وساستها ومربيها وفقهاءها ومحدثيها وأمرائها ومسؤوليها وروؤسائها إنما يخدمون بذلك المخططات الماسونية واليهودية والنصرانية سواء شعروا بذلك أم لا, والذين لا يزالون يطعنون في علماء الأمة بفعلهم هذا يكونون قد ابتعدوا عن منهج أهل السنة والجماعة الذي يقول: «وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر, وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل, ومن ذكرهم بسوء فهو على  غير السبيل»([5]).

ولقد رأيت أقوامًا يستهزئون بالعلماء والفقهاء والمحدثين والدعاة, بل بعضهم كفر بعض قادات الحركات الإسلامية بدون بينة, بل بجهل وعناد واستخفاف, وبعضهم يتلذذ بغيبة العلماء والطعن فيهم, وينشر ذلك على المنابر وفي الصحف, ولو أتيحت له الإذاعة لهذا الغرض لطار فرحًا, وما يدري المسكين أن لحوم العلماء مسمومة, وعادة الله في هتك منتقصيهم معلومة, وما يدري هذا المتعالم أن الاعتبار في الحكم على الأشخاص بكثرة الفضائل, قال ابن القيم -رحمه الله-: «ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعًا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكان, قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور, بل مأجور لاجتهاده, فلا يجوز أن يُتبع فيها, ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته في قلوب المسلمين»([6]).

إن تاريخ الأمة الإسلامية المجيد يبين لنا أهمية احترام العلماء والدعاة وتقديمهم في إعزاز هذا الدين. فعلى العاملين لإعادة ماضينا المجيد وعزنا التليد أن يعملوا على إعادة دور العلماء والفقهاء وإلزام الناس باحترامهم, ومنع العملاء المندسين في صفوفنا للطعن في علمائنا بالأقوال المزخرفة والأساليب الملتوية للضحك على شبابنا حتى لا يفلحوا في دنيا ولا في آخرة.


ثانيًا: ومن الملامح الواضحة في شخصية صلاح الدين شغفه بالجهاد, قال القاضي ابن شداد: «وكان -رحمه الله- شديد المواظبة على الجهاد, عظيم الاهتمام به, ولو حلف حالف أنه ما أنفق بعد خروجه إلى الجهاد دينارًا إلا في الجهاد, وفي الإرفاد لصدق, وبر في يمينه, ولقد كان الجهاد قد استولى على قلبه وسائر جوانحه استيلاء عظيمًا, بحيث ما كان له حديث إلا فيه, ولا نظر إلا في آلته, ولا اهتمام إلا برجاله, ولا ميل إلا إلى من يذكره, ويحث عليه, ولقد هجر في محبته «الجهاد» أهله وولده ووطنه وسكنه, وقنع بالدين بالسكون في ظل خيمة تهب بها الرياح يمنة ويسرة, وكان الرجل إذا أراد أن يتقرب إليه يحثه على الجهاد, وقد سرنا مع السلطان على الساحل نطلب عكا وكان الزمان شتاءً عظيمًا, والبحر هائجًا وموجه كالجبال, وكنت حديث عهد برؤية البحر فعظم عندي, واستخففت رأي من يركب البحر, بينما أنا في ذلك إذ التفت إليَّ وقال في نفسه: إنه متى يسر الله تعالى فتح بقية الساحل قسمت البلاد, وأوصيت وودعت وركبت هذا البحر إلى جزائرهم أتبعهم فيها حتى لا أبقى على وجه الأرض من يكفر بالله أو أموت, فعظم وقع هذا الكلام عندي وحكيت له ما خطر لي, فانظر إلى هذه الطوية ما أطهرها, وإلى هذه النفس ما أشجعها وأجسرها, اللهم إنك تعلم أنه بذل جهده في نصرة دينك رجاء رحمتك فارحمه, وأما صبره فلقد رأيته بمرج عكا وهو على غاية من مرض اعتراه بسبب كثرة دماميل كانت ظهرت عليه من وسطه إلى ركبته بحيث لا يستطيع الجلوس, وكان مع ذلك يركب من بكرة النهار إلى صلاة الظهر, وهو صابر على شدة الألم ويقول: «إذا ركبت يزول عني الألم حتى أنزل»([7]).

إن في زماننا هذا اندفاعًا عظيمًا نحو ساحات الوغى, والشاهد على ذلك ما حدث في كثير من الدول, وما نسمعه من تضحيات عظيمة في الأرض المحتلة, إلا أن في بعض بلاد المسلمين من أشرف على الإجتهاد أشخاص تنقصهم خبرات كثيرة من فهم لسننن الله في تغيير الشعوب والمجتمعات, والأهم من ذلك معرفتهم في دين الله ضعيفة, وخصوصًا في السياسة الشرعية وأحكام الدماء والأعراض والأنفس, والتدرج في تربية الشعوب حتى تتهيأ لتصبح مجاهدة, وشرعوا في إصدار الفتاوى والأحكام التي قرأوها من كتب تخدم غرضهم واهتموا بتربية الشباب عليها, وأقحموا أتباعهم في معارك خاسرة ضد حكوماتهم في صراع عنيف ينتهي بقتل بعضهم, وسجن آخرين منهم ومن غيرهم, وتشريد العوائل الأخيار
من المسلمين, وتسببوا في تعطيل مشاريع دعوية تربوية. وفعلهم هذا فيه تجاوز من عدة أمور:

أولاً: إن الجهاد حق الأمة وليس حق أفراد أو جماعات وتقرره الأمة بواسطة أهل الحل والعقد من الفقهاء والعلماء الذين تختارهم, ويسبق هذا مجهود تربوي وعلمي وفقهي في أوساط الشعب لتعريفهم بحقيقة دينهم, واستضافة البيان, ويكون تحت إشراف العلماء والفقهاء, فإن كان الشعب الذي نتكلم عنه لا يوجد فيه علماء وفقهاء فلابد من دفع مجموعة من أبنائه للتفرغ لطلب العلم وأخذه من أهله, ممن شهدت لهم الأمة أنهم أهل لذلك حتى يتهيأوا للإشراف على العمل الجليل, حتى تجد الأمة من ترجع إليه في مشاكلها العظيمة, ويأخذ بيدها نحو تحكيم شرع الله بسنة الله في التدرج, وخصوصًا في عصرنا هذا الذي تموج فيه الفتن.

فالأمور العظيمة كالجهاد في سبيل الله تعالى مردها إلى أهل العلم والبصيرة النافذة, قال تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً" [النساء:83]. لا إلى من قضى عمره في الهندسة المعمارية أو الصناعية أو الهندسية, أو قضى عمره في دراسات الجراحات الطبية أو غيرها من الفنون, ثم قرأ بعض الكتب فحفظها وفهمها على حسب فهمه المحدود, وشن حربًا على العلماء والفقهاء والحركات الإسلامية صاحبة الفهم الشامل, التي أشرف على تأسيسها وحركتها علماء ودعاة وفقهاء شهدت لهم الأمة بعلمهم وإخلاصهم وصدقهم, ولا الرجوع إلى من عاش في متابعة الجرائد والإذاعات وتتبع سقطات الدعاة, وتتلمذ على كتب حرب العصابات مثل ماوتسي تنج في الصين وجيفارا في أمريكا اللاتينية, والبعد عن قيادتنا العظيمة أمثال نور الدين وصلاح الدين, وقبل هؤلاء سيد المرسلين وأصحابه الميامين .

 قال الشيخ العلامة ابن سعدى -رحمه الله- في تفسيره للآية المذكورة: «هذا تأديب من الله لعباده على فعلهم غير اللائق, وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين, أو الخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر, بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم أهل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة الذين يعرفون الأمور, ويعرفون المصالح وضدها, فإن رأوا ما فيه مصلحة, أو فيه مصلحة ولكن مضرته أكبر من مصلحته لم يذيعوه, ولهذا قال: لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ" أي: يستخبرون بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.


ولهذا كان يخشى بعض العلماء من إحداث فتنة عظيمة داخل بلاد الشام ولذلك كان يمتنع عن الإفتاء بالجهاد في بلاد الشام نظراً لمعرفته ولتقديره بما سوف يحدث من فتن وبلايا عظيمة إثر إشعال نار الفتنة في بلاد الشام.

وفي هذا دليل لقاعدة مهمة وهي: إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يوكل إلى من هو أهل لذلك, ويُجعل إلى أهله, ولا يتقدم بين أيديهم فإنه أقرب للصواب, وأحرى للسلامة من الخطأ.

وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها, والأمر بالتأمل قبل الكلام, والنظر فيه هل هو مصلحة فيقدم عليه الإنسان أم لا فيحجم عنه»([8]).

إن قضايا الجهود والسياسة الشرعية ما كان يفتي فيها إلا العلماء الراسخون في المعرفة والعلم والفقه, والذين أصبحت لهم دراية بمقاصد الشريعة, والموازنة بين المصالح والمفاسد, والأدلة التفصيلية ولا يمكن لشباب في مقتبل العمر ضاعت أوقاتهم في القيل والقال, ولم يجلسوا في حلقات العلم ويأخذوه عن شيوخه أن يفتوا في أمور الجهاد التي تزهق فيها الأرواح, وتنفق فيها الأموال ويعتدى فيها على الأعراض.

بعد الدرس العميق لسيرة المصلح الجهادي صلاح الدين يتبين لنا أن الذين كانوا يفتون في زمانه هم العلماء الذين فهموا الشريعة ومقاصدها, واستوعبوا الموازنة بين المصالح والمفاسد, وواقعهم الذي عاشوا فيه, وتفننوا في معرفة المصالح والمفاسد.

وأنصح إخواني أبناء المسلمين أن لا ينغروا بما أوتي جدلاً باللسان ولم يُشهد له بأنه من أهل الفتوى, وأن لا يأخذ الإنسان دينه إلا ممن شهدت لهم الأمة بالعلم وعرفوا بالحرص عليه, وتعلموا على أيدي العلماء, وصبروا على أخذ العلم, لأن الدين وفهمه عظمك ولحمك ودمك, فانظر عمن تأخذ دينك فلا تأخذه من النكرات الذين أخذوا بعض ثقافاتهم من الصحف والأوراق واعتزوا بعقولهم وتفاخروا بنفوسهم.

إن العلم الشرعي علم يؤخذ بالتلقي فلا يجدي الأخذ من الكتب فقط, بل الاقتصار في التلقي على الأخذ من الكتب بلية من البلايا, وكذا اجتماع الشباب والطلبة على التدارس دون أخذ عن شيخ عالم عامل.

يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: «من تفقه من بطون الكتب ضيع الأحكام»([9]).

وكان بعض السلف يقولون: «من أعظم البلية تشييخ الصحيفة»([10]).

إن علماء الأمة على مر العصور والأزمان لا يرفعون فوق رؤوسهم الرايات, ولا يدعون إلى شعارات, ولا يطالبون الناس بالانتماء إليهم, إنما يطالبون الناس بالانتماء إلى سنة سيد المرسلين وإياك أخي أن تكون مثل الخوارج الذين تركوا أهل العلم والفضل من الصحابة, وتابعوا الذين لا يُجيدون إلا الخطابات الحماسية, وتأجيج العاطفة, فاحرص على الموثوق في دينه وعلمه .

«فإن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم»([11]).

إن جيل صلاح الدين قادة وجنودًا, جماعات وأفرادًا, فهموا معنى قيمة العلم وممن يؤخذ, وأعطوا الفتوى لأصحابها, وتسلم العلماء الربانيون سياسة الأمة فقطعوا بها المراحل, وتدافع الجميع نحو مرضاة الله؛ وزراء وقواد وسلاطين وعوام, فأصبح شغفهم بالعلم والعلماء واضحًا معلومًا, وحرصهم على الجهاد وتفجير طاقاته شيئًا ملموسًا من سيرتهم, إن الجهاد حق الأمة وليس حق الأفراد, وتقرره الأمة بالالتفاف حول أهل الحل والعقد الذين تقدمهم الأمة, وليس مجموعة من الأفراد يطعنون فيمن يخالفهم.

ثانيًا: من السمات الشخصية في صلاح الدين حرصه على العدل, وكان الأمراء والوزراء من قبل يتسلطون على الناس في أموالهم وأراضيهم, والملوك يسمحون لهم بذلك إرضاءً لهم وحتى تبقى طاعتهم.

ثالثًا: زهده في الدنيا ولذلك لم يخلف أموالاً ولا أملاكًا لجوده وكرمه وإحسانه إلى أمرائه وغيرهم, وحتى إلى أعدائه, وكان متقللاً في ملبسه, ومأكله, ومركبه, وكان لا يلبس إلا القطن والكتان والصوف.

رابعًا: كان مهتمًا بالعلوم في اللغة والأدب وأيام الناس, وكان يحفظ ديوان الحماسة لأبي تمام.

خامسًا: كان مواظبًا على الصلوات في أوقاتها في الجماعة, يقال: إنه لم تفته الجماعة في صلاة قبل وفاته بدهر طويل, حتى ولا في مرض موته, كان يدخل الإمام فيصلي به, وكان يتجشم القيام مع ضعفه.

سادسًا: كان رقيق القلب سريع الدمعة عند سماع القرآن الكريم, والحديث الشريف.

سابعًا: كان ضحوك الوجه كثير البشر, لا يتضجر من خير يفعله, شديد المصابرة على الخيرات والطاعات([12]).

 

فرحمة الله على أمثاله وأعلى ذكره في الصالحين.

 
رثاء لموت صلاح الدين :

من أروع المراثي في صلاح الدين الأيوبي رحمه الله :

قال العماد الأصبهاني رحمه الله: «دخلنا عليه ليلة الأحد للعيادة ومرضه في زيادة, وفي كل يوم تضعف القلوب وتتضاعف الكروب, ثم انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء, ومات بموته رجاء الرجال, وأظلم بغروب شمسه فضاء الإفضال ورثاه الشعراء»... إلى أن قال العماد الأصبهاني مرثيته المشهورة:

شمل  الهدى والملك عم شتاته

  والدهر ساء وأقلعت حسناته

بالله أين الناصر الملك الذي

  لله خالصة صفت نياته

أين الذي مذ لم يذل مخشية

  مرجوة رهباته وهباته

أين الذي كانت له طاعتنا

  مبذولة ولربه طاعاته

أين الذي ما زال سلطانًا لنا

  يُرجى نداه وتتقى سطواته

أين الذي شرف الزمان بفضله

  وسمت على الفضلاء تشريفاته

لا تحسبوا من مات شخصًا واحدًا

  قد غم كل العالمين مماته

ملك عن الإسلام كان محاميًا

  أبدًا لماذا أسلمته حُماته

قد أظلمت مذ غاب عنا دوره

  لما خلت من بدره داراته

دُفن السماح فليس تنشر بعدما

  أودى على يوم النشور رفاته

الدين بعد أبي المظفر يوسف

  محفوفة بوروده حافاته

من لليتامى والأرامل راحمُ

  متعطف مفضوضة صدقاته

لو كان في عصر النبي لأنزلت

  في ذكره من ذكره آياته

بكت الصوارم والصواهل إذ خلت

  من سلها وركوبها عزماته

يا وحشة الإسلام حين تمكنت

  من كل قلب مؤمن روعاته

يا داعيًا للدين حين تمكنت

  منه الذئاب وأسلمته رُعاته

ما كان ضرك لو أقمت مراعيًا

  دينًا تولى مذ رحلت ولاته

فارقت ملكًا غير باق مُتعبًا

  ووصلت ملكًا باقيًا راحاته ([13])

من للثغور وقد عداها حفظه

  من للجهاد ولم تعد عاداته

ماكان أسرع عصره لما انقضى

  فكأنما سنواته ساعاته

فعلى صلاح الدين يوسف دائما

  رضوان رب العالمين بل صلواته



 

فرحمة الله على صلاح الدين ومن قبله من السابقين ومن بعده من المسلمين الذين أخذوا بسنن التمكين.

 

قد يتساءل القارئ لماذا هذا الإطناب في سيرة صلاح الدين ؟

 

 وجوابي على ذلك أن الدولة العبيدية لها أسباب مباشرة في السقوط وأسباب غير مباشرة, وإن في رأيي أن من أهم الأسباب في زوال الدولة العُبيدية: جهود القائدين العظيمين نور الدين محمود, وصلاح الدين؛ ولذلك كان في سيرتهما العطرة خير كثير وقمت بإيضاح أهم أسباب النصر التي التزما بها وأخذا بها, وإظهار الجهود العلمية والتربوية والفقهية التي قام بها العلماء في عصرهما وعصر من سبقهما, ليصل القارئ الكريم إلى أن صلاح الدين ونور الدين لا يأتيان فجأة دون تمهيدات وإرهاصات وجهود تبذل من قبل أفراد الأمة وجماعاتها وعلمائها ودعاتها, وليعلم القارئ أن التغيير لا يحدث في الأمة إلا إذا سبقه حرص جماعي على الأخذ به, وعلى أهمية معرفة أسباب النصر وعوامل الهزيمة وأهمية مزج الإخلاص في النية بالصواب في التفكير والعمل, لا غنى لأحدهما عن الآخر.

وبهذا أكون قد انتهت الدولة الأيوبية ومات صلاح الدين الأيوبي .

 
الدولة الأيوبية على طريق التخبط وفي طريقها إلى الإنتهاء :

 
بعد وفاة العادل أبي بكر الأيوبي تفرقت المملكة بين أبنائه الثلاثة الكامل محمد على حكم مصر, والمعظم عيسى على دمشق وما هو لها, والأشرف موسى على باقي الشام, وبالتفرق يكون التخبط والاختلاف وتسلط العدو الخارجي, فلم يكد يتوفى العادل أبو بكر حتى انهال الصليبيون على الشام ومصر وخصوصًا مصر في ثلاثة حملات صليبية متتابعة جعلت الكامل محمد رغم بطولاته الكبيرة في حملة دمياط سنة 618هـ يتنازل طواعية عن بيت المقدس لملك ألمانيا فريدريك الثاني سنة 625هـ, فعُد ذلك من أشنع غلطات الأيوبيين على الإطلاق, وعلى الرغم من إنجازات الكامل الحضارية والعمرانية الواسعة إلا أن التاريخ نسي ذلك كله وحفظ له غلطته الشنيعة.

اختلف الأشرف موسى مع المعظم عيسى على حدود النفوذ في الشام والجزيرة ووقعت بينهما الكثير من المشاكل والاضطرابات كرست الفتنة وعمقت أسباب الخلاف ومهدت لمزيد من التخبط وفتحت طريق السقوط.

 
ولي بعد وفاة الكامل محمد أخوه الصالح أيوب وذلك سنة 637هـ, وكان من خيرة سلاطين بني أيوب, فدبر المملكة بمصر أحسن التدبير وأخمد الفتنة وبنى قلعة الروضة بجزيرة الروضة واسترد بيت المقدس سنة 642هـ وعسقلان سنة 645هـ ودمشق سنة 643هـ, ولاقى متاعب كثيرة من عمه الصالح إسماعيل الذي كان من أكبر أعدائه وتعاون مع الصليبيين عليه عدة مرات، وقد استعان الصالح أيوب بالقبائل الخوارزمية وانتصر على الصليبيين وعمه المتعاون معهم, وبالجملة أعاد الصالح أيوب للدولة هيبتها ورجعت إلى ما كانت عليه أيام جده العادل أبي بكر, وكان الصالح أيوب بمثابة الوهج الأخير قبل انطفاء السراج.

في آخر حياة الصالح أيوب هجمت الحملة الصليبية السابعة على مدينة دمياط يقودها لويس التاسع ملك فرنسا سنة 647هـ, فرابط الصالح أيوب بالمنصورة, وهناك أصيب بمرض شديد تفاقم عليه حتى مات رحمه الله في 15 شعبان 647هـ, أخفت جاريته أم خليل الملقبة بشجرة الدر خبر موته وأظهرت أنه مريض ومنعت الناس عن زيارته, وظلت توقع على المناشير والمراسيم حتى جمعت قادة الجيش وأمراء الدولة وأطلعتهم على الحقيقة واتفقت معهم على الإرسال لولده الكبير الأمير 'توران شاه' وكان بالشام وقتها, وكان جافيًا لأبيه, وأبوه ينقم عليه كثيرًا سوء فعاله, وكان غرضهم من استقدامه ضمان ولاء الجيش للبيت الأيوبي ولعدم اختلاف الأمراء فيما بينهم, وبالفعل جاء 'توران شاه' مسرعًا وقاد الجيوش المصرية وحقق انتصارًا هائلاً على الصليبيين, وقتل منهم ثلاثين ألفًا, وأسر ملكهم لويس التاسع وتم فداء الأسرى بمبلغ عشرة ملايين فرنك.

 

ثم لما حقق توران شاه انتصاره الباهر على الصليبيين استدار على زوجة أبيه وباقي قادة الجيش وكانوا جميعًا من المماليك البحرية الذين قد أكثر من شرائهم الصالح أيوب وترقوا في المناصب حتى صاروا من قادة الجيش, وكان 'توران شاة' ينقم على أبيه هذه السياسة ولعله هجَّره إلى الشام بسبب ذلك، وكان يكره هؤلاء بشدة وخطط للتخلص منهم وبدأ بإساءة معاملتهم خاصة كبار قادتهم, وشدد في محاسبة شجرة الدر عن أموال أبيه وذخائره، وهذه الأمور جعلت شجرة الدر تتآمر مع قادة المماليك على قتل توران شاه قبل أن يقتلهم هو, وبالفعل هجموا عليه في قصره في ليلة 28 محرم سنة 648هـ, واعتوروه بسيوفهم وتفرق دمه بينهم, ثم تنادوا فيما بينهم وملكوا عليهم الأمير عز الدين أيبك التركماني, وتلقب بالملك المعز وكان ذلك بداية دولة المماليك ونهاية دولة الأيوبيين.



التعريف بتاريخ دولة المماليك

 
المماليك هي سلسلة متكاملة وكبيرة من القادة والأمراء والعظماء والعساكر وأفراد الجيش الذين قاموا بتولي الحكم وشؤون الدولة والسياسة في كل من مصر والعراق والشام وذلك لفترة طويلة تصل إلى أكثر من قرنين ونصف .

حيث قاموا بتأسيس دولة المماليك من حدود الجزيرة العربية وحتى مصر والعراق وسوريا ، وإتخذت لها عاصمة عربية للإعتزاز بدولتهم وحكمهم حيث إستقروا في مصر وأسسوا لدولتهم العظمى والكبرى دولة وقوانين وحكومة وعاصمة عريقة وجعلوها في مدينة القاهرة .

وقد كان من أبرز قادة دولة المماليك الظاهر  عز الدين أيبك ، والظاهر بيبرس ، وقطز ، والأشرف صلاح ، والناصر محمد بن قولون  .

وقد كانت دولة المماليك هي آخر معاقل الصليبين في الشام ، وتم إستعادة بعض المدن في فلسطين مثل عكا وذلك بإحتلال عسكري رهيب وقوي قام به أحد السلاطين الشراكسة وتم إسترجاع الكثير من المناطق التي إحتلها التتار وكانت هذه الدولة – دولة المماليك – قد إتسعت إتساعاً كبيراً وكان هذا في القرن التاسع الهجري حيث وصلت إلى العراق والشام .



-        س / ما هو أصل المماليك ؟

-        ج / تعتبر منطقة آسيا الوسطى هي المنبع الحقيقي والأصلي لحكام وملاك وضباط ومؤسسي دولة المماليك .

إنطلقت بعد ذلك لتصبح دولة عريقة إسمها دولة المماليك وأصبحت القاهرة عاصمة لها .

لقد كان المماليك في حقيقة أمرهم عبيد وخدم وجنود وعساكر فقراء ومجندون يخدمون ويعملون لدى الدولة الأيوبية وكان الأمراء في عهد الدولة الأيوبية قد إستقدموا العديد من الأشخاص لخدمتهم وحمايتهم وتدريبهم وحراستهم والدفاع عنهم إلا أن هؤلاء الأفراد والعبيد والخدم استقووا وتعاونوا فيما بينهم لإحداث إنقلاب عظيم في التاريخ قاموا بعدها بتولي الدولة وإستلموا زمام الأمور والمناصب وتولوا الحكم وشكلوا لهم دولة خاصة بهم وأسموها دولة المماليك .

ولو تأمل القارئ للتاريخ والباحث في التاريخ لوجد أن دولة المماليك طال عمرها وإمتد ظلها وإستمرت ودامت فترة حكمها وذلك بسبب أصول دولة المماليك حيث أن أصلهم ينبع من قوة في الدين والعقيدة كما أنهم تلقوا دروساً كثيرة في التربية والإخلاص والقوة وكانت تتركز فترة تأديبهم وتربيتهم على القتال والعنف والشدة حتى خرجوا وكبروا وهم متمسكون بمبادئهم وعقيدتهم وقوانينهم ومعتقداتهم مما أدى ذلك إلى إستقرار دولتهم وثباتها.



-        س / ما هي أول أعمال وبطولات دولة المماليك ؟

-        ج / لقد قامت دولة المماليك في أول أمرهم وبادئ حكمهم بالحروب والقتالات العنيفة والقوية التي أوقفت النزوح للدول الأخرى حيث قاموا بالتصدي للمغوليين على بلاد الشام وسورية وفلسطين ولبنان ، وكانت لدولة المماليك بطولات عظيمة في تاريخ وذكرى موقعة عين جالوت حيث قاموا بالقضاء على الصليبيين في بلاد الشام وإستمرت محاربتهم للصليبيين أكثر من سبع سنوات وذلك من عام 1260م-1277م.

-        كما قامت دولة المماليك بالإهتمام بالقوة العسكرية وتطوير أنظمة الحماية والدفاع والأمن لديهم حيث طوروا أسلحتهم وقاموا بتحصين نفوسهم وجنودهم وحموا قوانينهم وقدموا الحماية لشعبهم .

-        بعد ذلك إهتمت دولة المماليك بالتجارة والزراعة والصناعة والتاريخ والأدب والفن وجعلوا مدينة القاهرة مركزاً مهماً لهم وجعلوها مدينة هامة للتجارة والسياحة وإهتموا بآثارها وشيدوا فيها القصور والدور وإهتموا بمعالم التاريخ والفن والأدب فيها .

لقد كان من الشجاعة لدى دولة المماليك الكثير الكثير ونادراً ما تجد مثله حيث قاموا بمواصلة الإستيلاء على المناطق المهمة والمواقع الإستراتيجية الدقيقة والحساسة البحرية والبرية حتى وصلوا إلى قبرص .

وبعد فترة مائتين عام تقريباً من وجود دولة المماليك على أرض مصر والشام والعراق قام الجنود العثمانيون وإستولت الدولة العثمانية على الحكم وتولت زمام الأمور حتى وصلت إلى مصر وكانت هذه نهاية دولة المماليك وذلك بسبب تقاعس الدولة عن تطوير أنظمة الحماية والدفاع لديهم مما كان لذلك أثر كبير على إنتهاء دولتهم وكان ذلك في عام 1517م.

 

-         الخلافات والمعارك الحاصلة والواقعة فيما بين دولة المماليك والعثمانيين :

-          

-   لقد حدثت معارك بين العثمانيين والمماليك على الحدود الشامية إلا أنها لم تحتدم إلى حد التهديد بحدوث حرب شاملة بينهما، وإن كانت قد أسهمت في أن يخيم شعور بعدم الثقة بينهما الأمر الذي أدى إلى تعثر مفاوضات الصلح سنة 1491م ومع أن السلطان المملوكي " قايتباي " قد ساورته مخاوف من احتمال قيام حرب واسعة بينه وبين العثمانيين سواء لإدراكه ما كان عليه العثمانيون من قوة أو لانشغال جزء هام من قواته في مواجهة البرتغاليين، إلا أن السلطان العثماني " بايزيد الثاني " قد بدّد له هذه المخاوف حيث قام بإرسال رسول من قبله إلى السلطان المملوكي سنة 1491م ومعه مفاتيح القلاع التي استولى عليها العثمانيون على الحدود وقد لقى هذا الأمر ترحيباً لدى السلطان المملوكي فقام بإطلاق سراح الأسرى العثمانيين، وأسهمت سياسة بايزيد السلمية في عقد صلح بين العثمانيين والمماليك في نفس السنة (1491م) وظل هذ الصلح سارياً حتى نهاية عهد السلطان بايزيد الثاني عام 1512م وأكد هذا الحدث على حرص السلطان بايزيد في سياسة السلام مع المسلمين([14]).

 

وبالرغم من ذلك فإن دولة المماليك ما زالت تتمتع بقوة وسلطة ونفوذ معنوي وذكرى تاريخية عريقة وذلك لما كانت تتمتع به من سلطة تشريعية وتنفيذية وقوة وسيطرة إضافة إلى حمايتهم للآثار الإسلامية وحفاظهم على المقدسات والشعائر الدينية وإهتمامهم بالدين الإسلامي .

 
- لقد كانت تسمية المماليك تشير إلى العبيد البيض الذين كانوا فرساناً وجنودا محاربين يؤسرون في الحروب يتم عرضهم على مندوبي الدول والحكومات في أماكن خاصة حيث يتم إفتداؤهم بمبالغ مالية تدفع للمسؤولين عنهم ، ويتم جلبهم إلى الدولة المعنية وهي هنا الدولة الأيوبية ومن قبلها الدولة العباسية ليتم تعليمهم وتدريبهم في مدارس عسكرية خاصة ليتخرجوا منها قادة وفرسانا وجنودا مؤهلين يرفدون الجيش ويمدوه بدماء وخبرات وقدرات جديدة تزيد في قوة الجيش ومنعة الدولة، وقد استولوا على الحكم في مصر في نهاية حكم الدولة الأيوبية بمصر وضعف وعدم أهلية ملوكها وسلاطينها.

- كما إستعان العباسيون بالمماليك ورحب المماليك بالخلفاء العباسيين وكان ذلك من أيام الخليفة المأمون وغيره .

- لقد عانى المماليك ظلماً كثيراً وواجهوا عبودية كبيرة حيث كان العديد من الدول والحكومات يبيعون المماليك والجنود والأسرى بعد أسرهم ويقومون ببيعهم والتفاوض بشأنهم وأول من ما ابتدأوا بهم هم الدولة الأيوبية إلا أن لهم الفضل في تعليمهم الدين الإسلامي رغم القهر الذي واجهوه وعانوا منه .


أسباب وآثار ونتائج الخلافات القائمة ما بين دولة المماليك والعثمانيين  :-

أولاً : اكتفى السطان العثماني بانتصاره في جالديران واضطر الى الرجوع الى بلاده وترك مطاردة الشاه اسماعيل لعدة أسباب:

1- حدوث نوع من التمرد بين صفوف ضباط الجيش العثماني على متابعة الحرب في فارس بعد أن حقق السلطان هدفه واضعف شوكة اسماعيل الصفوي.

2- خوف السلطان سليم من أن يقع جيشه في كمائن للصفويين إذا توغل في بلادهم.

3- رأى أن يهتم بالقضاء على المماليك لأن جهاز أمن الدولة العثمانية ضبط رسائل بين المماليك والصفويين تدل على وجود تعاون ضد الدولة العثمانية([15]).

 وكانت نتيجة الصراع بين العثمانيين والصفويين:

1- ضم شمالي العراق ، وديار بكر الى الدولة العثمانية.

2- أمن العثمانيون حدود دولتهم الشرقية.

3- سيطرة المذهب السني في آسيا الصغرى بعد أن قضى على اتباع وأعوان اسماعيل الصفوي ثم هزيمة الشيعة في جالديران وهذا أشعر الدولة بمسؤوليتها تجاه العالم الاسلامي ، وبخاصة بعد أن أعلن نفسه حامياً للمسلمين([16]).

4- شعور الدولة العثمانية بضرورة القضاء على القوة الثانية ألا وهي دولة المماليك([17]).

5- أثر الصدام المسلح بين الدولة العثمانية والصفويين على قيمة ايرادات جمارك الدولة العثمانية من الطرق القديمة في الأناضول. لقد هبطت الايرادات بعد سنة 918هـ/1512م نتيجة الحروب القائمة بين الصفويين والعثمانيين، إذ أقفلت معظم الطرق التجارية القديمة، كما سادها الاخطار ، وصار التبادل التجاري بين الاقاليم الايرانية والعثمانية محدوداً، إذ انخفض ايراد الدولة العثمانية من الحرير الفارسي([18]).

6- استفاد البرتغاليون من صراع الصفويين مع الدولة العثمانية وحاولوا أن يفرضوا على البحار الشرقية حصاراً عاماً على كل الطرق القديمة بين الشرق والغرب([19]).

7- دخل السرور على الأوروبين بسبب الحروب بين العثمانيين والصفويين وعمل الأوروبيون على الوقوف مع الشيعة الصفوية ضد الدولة العثمانية لإرباكها حتى لاتستطيع أن تستمر في زحفها على أوروبا([20]).


 

ثانياً: ضم دولة المماليك:

بعد أن تغلب السلطان سليم الأول على الصفويين في شمال وغربي ايران بدأ السلطان العثماني يستعد للقضاء على دولة المماليك ولقد ساهمت عدة أسباب في توجه العثمانيين لضم الشام ومصر منها:

1- موقف المماليك العدائي من الدولة العثمانية حيث قام السلطان قانصوه الغوري (907-922هـ/1501-1516م) سلطان الدولة المملوكية بالوقوف مع بعض الأمراء العثمانيين الفارين من وجه السلطان سليم وكان في مقدمتهم الأمير أحمد أخ السلطان سليم، وأرادت السلطات المملوكية أن تتخذ من وجود هؤلاء الأمراء لديها أداة لإثارة مزيد من المتاعب في وجه السلطان سليم، كما كان الموقف السلبي للدولة المملوكية في وقوفها المعنوي مع الشاه اسماعيل الصفوي فهي لم تلتزم الحيادة التامة بين العثمانيين والصفويين، وهي لم تتخذ موقفاً عدائياً صريحاً من السلطان سليم.

2- الخلاف على الحدود بين الدولتين في طرسوس في المنطقة الواقعة بين الطرف الجنوبي الشرقي لآسيا الصغرى وبين شمالي الشام. فقد تناثرت في هذه المنطقة إمارات وقبائل تأرجحت في ولائها بين الدولة العثمانية ودولة المماليك. وكان هذا التأرجح مبعث اضطراب في العلاقات بين الدولتين ومصدر نزاع مستمر. وأراد السلطان سليم الأول بادئ ذي بدء أن يحسم مسألة الحدود بالسيطرة التامة على منطقتها وسكانها.

3- تفشي ظلم الدولة المملوكية بين الناس ورغبة أهل الشام وعلماء مصر في التخلص من الدولة المملوكية والإنضمام الى الدولة العثمانية، فقد اجتمع العلماء والقضاة والأعيان والأشراف وأهل الرأي مع الشعب، وتباحثوا في حالهم، ثم قرروا أن يتولى قضاة المذاهب الأربعة والأشراف كتابة عريضة ، نيابة عن الجميع، يخاطبون فيها السلطان العثماني سليم الأول ويقولون أن الشعب السوري ضاق "بالظلم" المملوكي وإن حكام المماليك "يخالفون الشرع الشريف"، وإن السلطان إذا قرر الزحف على السلطنة المملوكية، فإن الشعب سيرحب به، وتعبيراً عن فرحته، سيخرج بجميع فئاته وطوائفه الى عينتاب
-البعيدة عن حلب- ولن يكتفوا بالترحيب به في بلادهم فقط، ويطلبون من سليم الأول أن يرسل لهم رسولاً من عنده، وزيراً ثقة، يقابلهم سراً ويعطيهم عهد الأمان، حتى تطمئن قلوب الناس([21]).

ولقد ذكر الدكتور محمد حرب أن هذه الوثيقة موجودة في الأرشيف العثماني في متحف طوب كابي في استانبول، رقم 11634 (26) وبين أن ترجمة الوثيقة من العثمانية الى العربية كما يلي : (يقدم جميع أهل حلب: علماء ووجهاء وأعيان وأشراف وأهالي، بدون استثناء طاعتهم وولاءهم -طواعية- لمولانا السلطان عزنصره -وبإذنهم جميعاً، كتبنا هذه الورقة لترسل الى الحضرة السلطانية العالية. إن جميع أهل حلب، وهم الموالون لكم، يطلبون من حضرة السلطان، عهد الأمان، وإذا تفضلتم بالتصريح فإننا نقبض على الشراكسة، ونسلمهم لكم، أو نطردهم، وجميع أهل حلب مستعدون لمقابلتكم واستقابلكم، بمجرد أن تضع أقدامكم في أرض عينتاب، خلصنّا أيها السلطان من يد الحكم الشركسي، احمنا أيضاً من يد الكفار، قبل حضور التركمان، وليعلم مولانا السلطان، إن الشريعة الاسلامية ، لاتأخذ مجراها هنا، وهي معطلة، إن المماليك إذا اعجبهم أي شيء ليس لهم، يستولون عليه، سواء كان هذا الشيء مالاً أو نساءً أو عيالاً ، فالرحمة لاتأخذهم بأحد، وكل منهم ظالم، وطلبوا منا رجلاً من ثلاثة بيوت، فلم نستجب لطلبهم، فأظهروا لنا العداء، وتحكموا فينا ، (ونريد) قبل أن يذهب التركمان أن يقدم علينا وزيراً من عندكم أيها السلطان صاحب الدولة، مفوض بمنح الأمان لنا ولأهلينا ولعيالنا، أرسلوا لنا رجلاً حائزاً على ثقتكم يأتي سراً ويلتقي بنا ويعطينا عهد الأمان، حتى تطمئن قلوب هؤلاء الفقراء وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين)([22]).

 

أما علماء وفقهاء مصر فقد ذكر عبدالله بن رضوان في كتابه: تاريخ مصر (مخطوط رقم 4971) بمكتبة بايزيد في استانبول ، إن علماء مصر (وهم نفس الشعب المصري وممثلوه) يلتقون سرّاً  بكل سفير عثماني يأتي الى مصر، ويقصون عليه (شكواهم الشريف) و (يستنهضون عدالة السلطان العثماني) لكي يأتي ويأخذ مصر).

لقد كان علماء مصر يراسلون السلطان سليم الأول لكي يقدم الى مصر على رأس جيشه ، ليستولي عليها، ويطرد منها الجراكسة (المماليك)([23]).

4- رأى علماء الدولة العثمانية بأن ضم مصر والشام يفيد الأمة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، فإن الخطر البرتغالي على البحر الأحمر والمناطق المقدسة الاسلامية وكذلك خطر فرسان القديس يوحنا في البحر المتوسط كان على رأس  الأسباب التي دعت السلطان العثماني لأن يتوجه نحو الشرق، فتحالف مع القوات المملوكية لهذا الغرض في البداية، ثم تحمل العبء الكامل في مقاومة هذه الأخطار بعد سقوط الحكم المملوكي([24]).

ونستدل على ذلك بما قاله السلطان سليم الأول العثماني لطومان باي آخر سلاطين المماليك بعد أن هزمه في معركة الريدانية (أنا ما جئت عليكم إلا بفتوى علماء الأعصار والأمصار ، وأنا كنت متوجهاً الى جهاد الرافضة (ويعني الصفويين) والفجار (ويعني بهم البرتغاليين وفرسان القديس يوحنا) ، فلما بغي أميركم الغوري وجاء بالعساكر الى حلب واتفق مع الرافضة واختار أن يمشي الى مملكتي التي هي مورث آبائي وأجدادي، فلما تحققت تركت الرافضة، ومشيت إليه)([25]).

 

أ- وقوع الصدام:

بعد التطورات التي حدثت بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية كان على السلطان المملوكي قانصوه الغوري أن يتخذ أحدى المواقف تجاه الحدث اما:

1- ان يأخذ جانب العثمانيين ضد الصفويين.

2- ان يأخذ جانب الصفويين ضد العثمانيين.

3- ان يقف على الحياد بين الطرفين.

وفضل الغوري ان يقف على الحياد في ظاهره إلا أن المخابرات العثمانية عثرت على خطاب تحالف سري يؤكد العلاقة الخفية بين المماليك والفرس والخطاب محفوظ في أرشيف متحف طوب قابو في إستانبول.

وكان السلطان سليم يريد الكرة على الشيعة الصفوية في بلاد فارس ومع توتر الأحداث رأي السلطان سليم تأمين ظهره وذلك بضم الدولة المملوكية الى أملاكه.

وألتقى الجمعان على مشارق حلب في مرج دابق عام 1517م وانتصر العثمانيون وقُتِلَ الغوري سلطان المماليك وأكرم العثمانيون الغوري بعد مماته وأقاموا عليه صلاة الجنازة ودفنوه في مشارف حلب ودخل سليم حلب ثم دمشق ودُعي له في الجوامع وسُكَتْ النقود باسمه سلطان وخليفة([26]) ومن الشام أرسل السلطان سليم الى زعيم المماليك في مصر طومان باي على أن يلتزم بالطاعة للدولة العثمانية وكان رد المماليك السخرية برسول السلطان ثم قتله.

وقرر السلطان سليم الحرب وتحرك نحو مصر وقطع صحراء فلسطين قاصداً مصر ونزلت الأمطار على أماكن سير الحملة مما يسرت على الجيش العثماني قطع الصحراء الناعمة الرمال بعد أن جعلتها الأمطار الغزيرة متماسكة يَسهل اجتيازها.

يروي المؤرخ سلاحثور صاحب مخطوطة فتح نامه ديار العرب -وكان مصاحباً لسليم- أن سليم الأول كان يبكي في مسجد الصخرة بالقدس بكاءً حاراً وصلى صلاة الحاجة داعياً الله أن يفتح عليه مصر([27]).

وحقق العثمانيون انتصاراً ساحقاً على المماليك في معركة غزة ثم معركة الريدانية.

وتعود الأسباب التي أدت الى هزيمة المماليك وانتهاء دولتهم وانتصار العثمانيين وعلو نجمهم الى:

1- التفوق العسكري لدى العثمانيين: فسلاح المدفعية المملوكي كان يعتمد على مدافع ضخمة ثابتة لاتتحرك، في حين كان سلاح المدفعية العثماني يعتمد على مدافع خفيفة يمكن تحركيها في كل الاتجاهات.

2- سلامة الخطط العسكرية العثمانية: فرغم قطع العثمانيين لمسافات طويلة في سرعة اضطروا إليها ومحاربتهم في ارض يسيطر عليها عدوهم ومباغتتهم للمماليك كل ذلك كان مما يدخل في عوامل النصر، ومن سلامة التخطيط أيضاً استدارة القوات العثمانية من خلف مدافع المماليك الثقيلة الحركة -إذا أريد تحريكها- ودخول هذه القوات العثمانية القاهرة عن طريق المقطم مما شل دور المدفعية المملوكية وأحدث بالتالي الاضطراب في صفوف الجيش المملوكي لتدافعهم بلا انتظام خلف العثمانيين.

3- معنويات الجيش العثماني العالية وتربيته الجهادية الرفيعة واقتناعه بأن حربه عادلة بعكس القوات المملوكية التي فقدت تلك الصفات.

5-     حرص الدولة العثمانية على الالتزام بالشرع في جميع نواحي حياتها واهتمامها البالغ بالعدل بين رعايا الدولة، بعكس الدولة المملوكية التي انحرفت عن الشريعة الغراء ومارست الظلم على رعاياها([28]).

 

5- قناعة مجموعة قيادية من أمراء المماليك بالإنضمام لجيش السلطان سليم وكانوا مستعدين للتعاون مع الدولة العثمانية وتحمل مسؤولية الحكم تحت إطار الحكم العثماني ومن أمثال هؤلاء: فاير بك الذي اسند إليه سليم الأول حكم مصر، وجان بردي الغزالي الذي تولى حكم دمشق([29]).

لقد تلقى المماليك الهزيمة في سنة 1516/ 1517م وهم في شيخوخة دولتهم ومن آخر صفحة من صفحات تاريخهم كقوة اسلامية كبرى سواء في الشرق الأوسط أو في العالم، فقد كانوا فقدوا حيويتهم وقدرتهم على تجديد شبابهم ، فكان أن زالت دولتهم، وذهبت البلاد التي كانت حكمهم للنفوذ العثماني([30]).


وقد نقل الدكتور علي حسون عن الجبرتي من كتابة تاريخ عجائب الآثار في التراجم والآخبار في المجلد الأول وصفاً لفترة حكم العثمانيين في مصر إبان عهد سلاطينهم العظماء أقتطف بعضاً منها:

( ...وعادت مصر الى النيابة كما كانت في صدر الاسلام ولما خلص له (أي السلطان سليم) أمر مصر، عفا عمن بقي من الجراكسة وأبنائهم ولم يتعرض لأوقاف السلاطين المصرية بل قرر مرتبات الأوقاف والخيرات والعلوفات وغلال الحرمين والأنبار ورتب للأيتام والمشايخ والمتقاعدين ومصارف القلاع والمرابطين وأبطل المظالم والمكوث والمغارم ولما توفي تولى ابنه الغازي السلطان سليمان عليه الرحمة والرضوان فأسس القواعد وأتم المقاصد ونظم المماليك وانار الحوالك ورفع منار الدين وأخمد نيران الكافرين.. لم تزل البلاد منتظمة في سلكهم ومنقادة تحت حكمهم .. وكانوا في صدر دولتهم من خير من تقلد أمور الأمة بعد الخلفاء المهديين وأشد من ذبَّ عن الدين وأعظم من جاهد في المشركين فلذلك أتسعت ممالكه بما فتحه الله على أيديهم وأيدي نوابهم .. هذا مع عدم إغفالهم الأمر وحفظ النواحي والثغور وإقامة الشعائر الاسلامية والسنن المحمدية وتعظيم العلماء وأهل الدين وخدمة الحرمين الشريفين)([31]).


ب- مسألة انتقال الخلافة:

إن مسألة انتقال الخلافة الى آل عثمان ترتبط بالفتح العثماني لمصر وقد قيل أن آخر الخلفاء العباسيين في القاهرة قد تنازل لسليم عن الخلافة، فالمؤرخ ابن إياس المعاصر لضم العثمانيين لمصر لم يتطرق إليها، كما أن الرسائل التي أرسلها السلطان سليم الى أبنه سليمان لم ترد فيها أية إشارة لتنازل الخليفة عن لقبه للسلطان، كما أن المصادر المعاصرة لاتشير الى مسألة نقل الخلافة الى آل عثمان الذين لاينتسبون الى الرسول.

إن الواقع التاريخي يقول بأن السلطان سليم الأول أطلق على نفسه لقب "خليفة الله في طول الأرض وعرضها" منذ عام 1514م (920هـ) أي قبل فتحه للشام ومصر وإعلان الحجاز خضوعه لآل عثمان.

فالسلطان سليم وأجداده كانوا قد كسبوا مكانة عظيمة تلائم استعمال لقب الخلافة في الوقت الذي كان فيه مركز الخليفة في القاهرة لايعتد به. كما أن فتوح سليم اكسبته قوة ونفوذاً معنوياً ومادياً وخصوصاً بعد دخول الحرمين الشريفين تحت سلطانه وأصبح السلطان العثماني مقصداً للمستضعفين المسلمين الذين يتطلعون الى مساعدته بعد أن هاجم البرتغاليين المواني الاسلامية في آسيا وإفريقيا. ملخص المبحث أن السلطان سليم لم يكن مهتماً بلقب الخلافة، وكذلك سلاطين آل عثمان من بعده وأن الاهتمام بهذا اللقب قد عاد بعد ضعف الدولة العثمانية([32]).


ج- اسباب انهيار الدولة المملوكية:

هناك مجموعة من العوامل تجمعت وساعدت في وضع نهاية لدولة المماليك أهمها:

1- عدم تطوير المماليك، اسلحتهم وفنونهم القتالية، فبينما كان المماليك يعتمدون على نظام الفروسية الذي كان سائداً في العصور الوسطى كان العثمانيون يعتمدون على استخدام الاسلحة النارية وبخاصة المدفعية.

2- كثرة الفتن والقلاقل والاضطرابات بين المماليك حول ولاية الحكم مما أدى الى عدم استقرار الحكم في أحرج الأوقات.

3- كره الرعايا للسلاطين المماليك الذين كانوا يشكلون طبقة استقراطية مترفعة منعزلة عن الشعوب.

4- وقوع بعض الانشقاقات بين صفوف المماليك، كما فعل والي حلب "خاير بك وجانبرد الغزالي" مما أدى الى سرعة انهيار الدولة المملوكية.

5- سوء الأحوال الاقتصادية، وبخاصة عندما تغيرت طرق التجارة المارة بمصر واكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح .

6-     العامل الجامع للأسباب السابقة ضعف التزام المماليك بمنهج الله ويقابله قوة تمسك العثمانيين بشرع الله([33]).

د- خضوع الحجاز للعثمانيين:

كانت الحجاز تابعة للمماليك وعندما علم شريف مكة بمقتل السلطان الغوري ونائبه طومان باي بادر شريف مكة "بركات بن محمد " الى تقديم السمع والطاعة الى السلطان سليم الأول وسلمه مفاتيح الكعبة وبعض الآثار فأقر السلطان سليم شريف الحجاز بركات باعتباره أميراً على مكة والحجاز، ومنحه صلاحيات واسعة([34]).

وبذلك أصبح السلطان سليم خادماً للحرمين الشريفين وأصبحت مكانته أقوى أمام الشعوب الاسلامية وبخاصة أن الدولة أوقفت أوقافاً كثيرة على الاماكن المقدسة، وكانت ايراداتها تصب في خزانة مستقلة بالقصر السلطاني وقد أدى ضم الحجاز الى العثمانيين الى بسط السيادة العثمانية في البحر الأحمر مما أدى الى دفع الخطر البرتغالي عن الحجاز والبحر الأحمر واستمر هذا حتى نهاية القرن الثامن عشر([35]).

هـــ - اليمن:

بعد انهزام المماليك قدّم حاكم اليمن المملوكي الجركسي (اسكندر) وفداً الى السلطان سليم ليقدم فروض الولاء والطاعة له فوافق السلطان العثماني على إبقائه في منصبه وكانت اليمن تشكل بعداً استراتيجياً وتعتبر مفتاح البحر الأحمر وفي سلامتها سلامة للأماكن المقدسة في الحجاز وكانت السيطرة العثمانية في بداية الأمر ضعيفة، بسبب الصراعات الداخلية بين القادة والمماليك الى جانب نفوذ الأمامة الزيدية بين قبائل الجبال، هذا فضلاً عن الخطر البرتغالي الذي كان يهدد السواحل اليمنية وهذا دفع السلطان الى ارسال قوة بحرية إلا أنها فشلت بسبب النزاع الذي دب بين قائدها "حسين الرومي" متصرف جدة و"الريس سلمان" احد قادة البحر العثمانيين([36]).

ثم ارسل السلطان سليمان حملة "سليمان باشا ارناؤطي" سنة 945هـ/1538م وقد ضمت الحملة 74 سفينة و 20.000 شخص وكان هدف الحملة احتلال اليمن وبخاصة عدن ثم اغلاق مضيق باب المندب أمام السفن البرتغالية ودخل العثمانيون عدن عام 946هـ/1539م، وتعز عام 952هـ/1545م وسقطت صنعاء في قبضتهم عام 954هـ/1547م وتحرك "سلمان باشا" باسطوله ليستولي على بعض الموانئ العربية في حضرموت ومنها "الشحر ، والمكلا" واجتاح ساحل الحبشة، وسواكن ومصوع على الجانب الغربي من البحر الأحمر 964هـ/1557م.

وقد ظلت اليمن في فترة خضوعها للحكم العثماني (1538-1635م) تنازعها قوى العثمانيين والأئمة الزيدية، فالعثمانيون لم يستطيعوا أن يضمنوا سيطرة حقيقية على البلاد نتيجة لحركة المقاومة التي تواجههم([37]).

وقد ظلت اليمن في فترة هيمنة الدولة العثمانية عليها (1538-1635م) تتنازعها قوى العثمانيين والأئمة الزيدية، فالعثمانيون لم يستطعوا أن يسيطروا كلياً على البلاد بسبب تمرد بعض القبائل([38]).

واستفاد العثمانيون من وجدوهم في اليمن فقاموا بحملات بحرية الى الخليج بقصد تخليصه من الضغط البرتغالي([39]).


ثالثاً: الصراع العثماني البرتغالي:

قامت دولة البرتغال في عام 1514م بتحريك حملة على المغرب الأقصى يتزعمها الامير هنري الملاح واستطاعت تلك الحملة أن تحتل ميناء سبتة المغربي، وكان ذلك بداية لسلسلة من الاعمال العدوانية المتتالية([40]) ثم واصلت البرتغال حملاتها على الشمال الأفريقي حتى تمكنت من الاستيلاء على اصيل، والعرائش ثم طنجة في عام 1471 للميلاد([41]). وواصلت بعد ذلك أطماعها في مراكز هامة جداً مثل ميناء "أسفى وأغادير، وأزمورة، وماسة"([42]).

وأما عن توجه البرتغال الى المحيط الأطلسي ومحاولتهم الإلتفاف حول العالم الاسلامي فقد كان العمل مدفوعاً بالدرجة الاولى بدوافع صليبية شرسة ضد المسلمين ، حيث اعتبرت البرتغال انها نصيرة المسيحية وراعيتها ضد المسلمين ، حيث اعتبرت قتال المسلمين ضرورة ماسة وصارمة ورأت الاسلام هو العدو اللدود الذي لابد من قتاله في كل مكان([43]).

 
وكان الأمير هنري الملاح شديد التعصب للنصرانية عظيم الحقد على المسلمين وقد تحصل هذا الأمير من البابا نيقولا الخامس حقاً في جميع كشوفه حتى بلاد الهند، حيث قال : (إن سرورنا العظيم إذ نعلم أن ولدنا هنري أمير البرتغال، إذ يترسم خُطى والده العظيم الملك يوحنا، وإذ تلهمه الغيرة التي تملك الأنفس كجندي باسل من جنود المسيح، قد دفع باسم الله الى آقاصي البلاد وأبعادها عن مجال علمنا كما أدخل بين أحضان الكاثوليكية الغادرين من أعداء الله وأعداء المسيح مثل العرب والكفرة...) ([44]).

وقال البوكيرك في خطابه الذي ألقاه على جنده بعد وصوله الى "ملقا" مانصه: (إن ابعاد العرب عن تجارة الأفاوية هي الوسيلة التي يرجو بها البرتغاليون إضعاف قوة الاسلام).

وفي نفس الخطبة قال :(الخدمة الجليلة التي سنقدمها لله بطردنا العرب من هذه البلاد وبإطفاءنا شعلة شيعة محمد بحيث لا يندفع لها هنا بعد ذلك لهيب وذلك لأني على يقين أننا لو انتزعنا تجارة "ملقا" هذه من أيديهم (يقصد المسلمين) لاصبحت كل من القاهرة ومكة أثراً بعد عين ولامتنعت عن البندقية كل تجارة التوابل مالم يذهب تجارها الى البرتغال لشرائها من هناك)([45]).

وقال في يومياته: (كان هدفنا الوصول الى الأماكن المقدسة للمسلمين واقتحام المسجد النبوي وأخذ رفاة النبي محمد r رهينة لنساوم عليها العرب من اجل استرداد القدس([46]).

 
وقال ملك البرتغال عمانويل الأول معلناً أهداف الحملات البرتغالية: إن الغرض من اكتشاف الطريق البحري الى الهند هو نشر النصرانية والحصول على ثروات الشرق([47]).

وهكذا يظهر للباحث المنصف أن الدافع الديني للكشوف البرتغالية كان من أهم العوامل التي دفعت البرتغال لارتياد البحار والإلتفاف حول العالم الاسلامي، فصدرت المراسيم والأوامر، ورسم الصليب والمدفع كشعار للحملات، وكان القصد من ذلك أن على المسلمين اعتناق المسيحية وإلا عليهم مواجهة المدفع.

وكان الدافع الاقتصادي في الدرجة الثانية كعامل مؤثر في سير الكشوف الجغرافية البرتغالية، فقد سهل اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح في عام 904هـ/1497م بواسطة فاسكو دي جاما مهمة وصول منتجات الشرق الاقصى للأسواق الأوروبية دون الحاجة الى مرورها عن طريق مصر، ولهذا ساعد تحويل الخط التجاري عن مناطق العبور العربية والاسلامية -ساعد- على تحقيق الهدف الديني وذلك لما للمجال الاقتصادي من اثر فعال في إضعاف القوة الاسلامية التي كان لها ابلغ الأثر في زعزعة أوروبا خلال عدة قرون، فضلاً عن الركود الاقتصادي الذي مُنيت به الدولة المملوكية بسبب هذا التحول المفاجئ([48]).

ومما يجدر ذكره أن البرتغاليين استعانوا في حملاتهم باليهود الذين استخدموا كجواسيس ، وقد ساعدهم في ذلك معرفتهم باللغة العربية، وعلى سبيل المثال فقد ارسل ملك البرتغال يوحنا الثاني خادمه الخاص ومعه رفيق آخر يهودي الى مصر والهند والحبشة وكان من نتائج رحلتها تقديمها تقرير يتضمن بعض الخرائط العربية عن المحيط الهندي([49]).

 

وذكر ابن اياس إنه في زمن الشريف بركات أمير مكة تسلل ثلاثة أشخاص الى مكة وكانوا يحومون حول المسجد الحرام وعليهم لباس عثماني ويتحدثون العربية والتركية، فأمر بالقبض عليهم وبالكشف على اجسامهم اتضح أنهم مسيحيون لأنهم كانوا بغير ختان، وبعد التحقيق معهم ظهر أنهم جواسيس، ارسلوا للعمل كأدلاء للجيش البرتغالي الصليبي عند دخوله لمكة، وتم بعد ذلك إرسالهم الى السلطان قانصوه الغوري([50]).

ولتحقيق الأهداف البرتغالية رأى رواد الكشوف وساستهم ضرورة التحكم في مضيقي "هرمز" و "باب المندب" لكي يحكم أعداء الاسلام غزوهم للعالم الاسلامي من الخلف ودق عصب الإقتصاد في المناطق العربية والاسلامية ثم بالتالي نشر المسيحية في كل موقع يصلون إليه([51]).

ونجح البرتغاليون في خططهم وتمكنوا من السيطرة على معابر التجارة في الساحل الأفريقي والخليج العربي وبحر العرب، وقاموا بمنع وصول المنتجات الشرقية الى أوروبا عن طريقها، وقد ساعدهم في تحقيق ذلك عدم وجود منافس بحري لهم، مما سهل لهم السيطرة على المراكز الهامة بيسر وسهولة، ثم لم يتورع البرتغاليون بعد ذلك عن استخدام العنف فشهدت المناطق التي وصلوا إليها واحتلوها الكثير من المجازر وإشعال النيران والتدمير، والاعتداء على حرمات الناس ومنع المسلمين من الذهاب الى الحج وهدم المساجد عليهم([52]).

 
أما عن موقف المسلمين من هذا الغزو الغاشم فقد كان المماليك آنذاك في موقف لايحسدون عليه حيث اصابهم الوهن الاقتصادي والسياسي وانشغل السلاطين بمشاكلهم الداخلية ومجابهة الدولة العثمانية وقمع نشاط الفرسان الإسبارتية في شرق البحر الأبيض المتوسط([53]) ولهذا واجه السكان في الساحل الأفريقي والخليج واليمن مصيرهم بأنفسهم، فهاجموا الحاميات البرتغالية في كل مكان، في شرق أفريقيا وفي مسقط والبحرين وقريات وعدن ، ولكن دون جدوى لاختلاف ميزان القوى([54]).

ثم ان المماليك شعروا بالمسؤولية على الرغم من المشاكل التي كانت تعيشها دولتهم ، وبذلوا مافي استطاعتهم للحد من وصول البرتغاليين الى الأماكن المقدسة، فقام السلطان قانصوه الغوري بإرسال حملة بحرية مكونة من ثلاثة عشرة سفينة عليه ألف وخمسائة رجل بقيادة حسين الكردي الذي وصل الى جزيرة "ديو" ثم "شول" وألتقى مع الأسطول البرتغالي بقيادة "الونز دي الميدا" وذلك في عام 914هـ/1508م فكان النصر حليفه([55])، ثم ان البرتغال عززوا قواتهم وأعادوا الكرة مرة أخرى مما أدى الى هزيمة الاسطول الاسلامي سنة 915هـ/1509م في معركة "ديو" المشهورة في التاريخ([56]).


أما عن الدولة العثمانية فكانت في البداية بعيدة عن ساحة المعركة ويفصل بينها وبين البرتغال دولة المماليك والدولة الصفوية ومع ذلك لبى السلطان بايزيد الثاني طلب السلطان الغوري مساعدته ضد البرتغال ، فأرسل في شهر شوال سنة 916هـ/ 1511م عدة سفن محملة بالمكاحل والأسهم وأربعين قنطاراً من البارود وغير ذلك من المستلزمات العسكرية والأموال اللازمة([57]).

ولكن هذه المساعدة لم يكتب لها الوصول سالمة بسبب تعرضها لقرصنة فرسان القديس يوحنا([58]).

وبعد أن ضم العثمانيون بلاد مصر والشام ودخلت البلاد العربية تحت نطاق الحكم العثماني ، واجهت الدولة العثمانية البرتغاليين بشجاعة نادرة، فتمكنت من استرداد بعض الموانئ الاسلامية في البحر الأحمر مثل: مصوع وزيلع، كما تمكنت من إرسال قوة بحرية بقيادة مير علي بك الى الساحل الأفريقي فتم تحرير مقديشو وممبسة ومُنيت الجيوش البرتغالية بخسائر عظيمة([59]).

وفي عهد السلطان سليمان القانوني 927-974هـ/1520-1566م تمكنت الدولة العثمانية من إبعاد البرتغاليين عن البحر الأحمر ومهاجمتهم في المراكز التي استقروا بها في الخليج العربي.

لقد ادرك السلطان سليمان أن مسؤولية الدفاع عن الأماكن المقدسة هي مسؤولية الدولة العثمانية، فبادر بعقد اتفاق مع حاكمي "قاليقوط" و"كامباي" وهما الحاكمان الهنديان اللذان تأثرا من الغزو البرتغالي وكان ذلك الاتفاق ينص على العمل المشترك ضد البرتغال، ثم أعقب ذلك الإتفاق إصداره مرسوماً الى سليمان باشا الخادم والي مصر هذا نصه: (عليك يابيك البكوات بمصر سليمان باشا، أن تقوم فور تسلمك أوامرنا هذه ، بتجهيز حقيبتك وحاجتك، وإعداد العدة بالسويس للجهاد في سبيل الله، حتى إذا تهيأ لك إعداد أسطول وتزويده بالعتاد والميرة والذخيرة وجمع جيش كافٍ، فعليك أن تخرج الى الهند وتستولي وتحافظ على تلك الأجزاء، فإنك اذا قطعت الطريق وحاصرت السبل المؤدية الى مكة المكرمة تجنبت سوء ما فعل البرتغاليون وأزلت رايتهم من البحر)([60]).

وقام سليمان الخادم بتنفيذ أوامر السلطان العثماني ، ووصل بعد سبعة أيام الى جدة ثم اتجه الى كمران وبعد ذلك سيطر على عدن وعيّن عليها أحد ضباطه وزودها بحامية بلغ عدد جنودها ستمائة جندي ، ثم واصل سيره الى الهند، وعند وصوله الى ديو لم يتمكن من الإستيلاء عليها وانسحب عائداً بعد ان فقد حوالي اربعمائة من رجاله، وحاول مرة اخرى الاستيلاء على الأمامية حتى استسلمت إحداها وتم أسر ثمانيين برتغالياً ، ولولا الإمدادات الجديدة للجيش البرتغالي لاستسلمت جميع القلاع، وتمّ طرد البرتغاليين من الهند ولخضعت قلعة ديو للعثمانيين خضوعاً تاماً([61]).

وهكذا تمكن العثمانيون من صد البرتغال وإيقافهم بعيداً عن المماليك الاسلامية والحد من نشاطهم ، وهكذا نجحت الدولة العثمانية في تأمين البحر الأحمر وحماية الأماكن المقدسة من التوسع البرتغالي المبني على أهداف استعمارية وغايات دنيئة ومحاولات للتأثير على الاسلام والمسلمين بطرق مختلفة.

إن النجاح الذي حققته الدولة العثمانية في درء الخطر البرتغالي على العالم الاسلامي يستحق كل تقدير وثناء، فدولة المماليك المتهالكة كانت على وشك الانهيار، ولم تكن على مستوى من القوة يكفل لها الوقوف أمام الغزو البرتغالي فتحملت الدولة العثمانية أعباء الدفاع عن حقوق المسلمين وممتلكاتهم، ونجحت أيما نجاح في الحد من مطامع الغزاة ووصولهم الى الأماكن المقدسة كما كانوا يرغبون([62]).

أما عن الدولة الصفوية فقد تخلت عن مساعدة سكان المناطق التي وصل إليها الغزو البرتغالي، فتركت مدن الخليج العربي تواجه مصيرها بنفسها، وزادت على ذلك أن سارت الدولة الصفوية في فلك الأعداء ولبت رغباتهم خاصة وأنها على عداء وخلاف مذهبي مع المماليك والدولة العثمانية ولذلك نجد البوكيرك القائد البرتغالي يستغل هذا الموقف ويرسل في عام 915هـ/1509م مبعوثه "روى جومير" ومعه رسالة ذكر فيها: (اني أقدّر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، واعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو أن تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو في القطيف أو في البصرة ، وسيجدني الشاة بجانبه على امتداد الساحل الفارسي ، وسأنفذ له كل مايريد"([63]).

 
وقد صادف هذا العرض أو هذا الموقف الفترة التي كانت القوات العثمانية تتوجه فيها لمجابهة الصفويين على الحدود، حيث كانت بعد ذلك معركة جالديران سنة 920هـ/1514م التي انهزم فيها الفرس هزيمة ساحقة أمام الجيش العثماني، مما جعلهم - أي الفرس- أكثر استعداداً للتحالف مع البرتغاليين ضد العثمانيين، فكانت فرصة البرتغال التي لاتعوض لاسيما وأنهم يدركون مدى الخطر الذي يُهددهم ويقلق أمنهم من قبل الدولة العثمانية ، فاستغلوا احتلالهم لهرمز عام 921هـ/1515م وارتبطوا بعد ذلك مباشرة مع الصفويين بمعاهدة كان من أهم بنودها؛ تقديم البرتغال أسطولها لمساعدة الشاة في حملته على البحرين والقطيف مقابل اعتراف الشاة بالحماية البرتغالية على هرمز، وتوحيد القوتين وفي حالة المواجهة مع الدولة العثمانية عدوهما المشترك([64]).

ويظهر أن البرتغال رأوا في تحالفهم مع الصفويين وسيلة تحقق عدم الوفاق بين الدول الاسلامية التي فيما لو اتحدت ضدها لما تمكنت من السيطرة على مقدرات الشعوب في مناطق الخليج والبحر الأحمر وعدن وغير ذلك من الاماكن التي خضعت للسيطرة البرتغالية؛ ومن جهة اخرى فإن التحالف الصفوي البرتغالي والوضع السياسي والاقتصادي المتدهور لدى دولة المماليك، كل ذلك جعل الدولة العثمانية تتحمل المسؤولية كاملة في الدفاع عن الأماكن الاسلامية في كل موقع حاول البرتغاليون الوصول إليه والسيطرة عليه([65]).


لقد كان من نتائج الصراع العثماني البرتغالي:

 

1- احتفظ العثمانيون بالاماكن المقدسة وطريق الحج.

2- حماية الحدود البرية من هجمات البرتغاليين طيلة القرن السادس عشر.

3- استمرار الطرق التجارية التي تربط الهند واندونيسيا بالشرق الادنى عبر الخليج العربي والبحر الأحمر.

4- استمرار عمليات تبادل البضائع الهندية مع تجار أوروبا في أسواق حلب، والقاهرة واسطنبول ففي سنة 1554م اشترى البندقيون وحدهم ستة آلاف قنطار من التوابل وفي الوقت نفسه كانت تصل الى ميناء جدة عشرين سفينة محملة بالبضائع الهندية (توابل ، أصباغ، أنسجة)([66]).


أسباب هزيمة دولة المماليك :

 وتعود الأسباب التي أدت الى هزيمة المماليك وانتهاء دولتهم وانتصار العثمانيين وعلو نجمهم الى:

1- التفوق العسكري لدى العثمانيين: فسلاح المدفعية المملوكي كان يعتمد على مدافع ضخمة ثابتة لاتتحرك، في حين كان سلاح المدفعية العثماني يعتمد على مدافع خفيفة يمكن تحركيها في كل الاتجاهات.

2- سلامة الخطط العسكرية العثمانية: فرغم قطع العثمانيين لمسافات طويلة في سرعة اضطروا إليها ومحاربتهم في ارض يسيطر عليها عدوهم ومباغتتهم للمماليك كل ذلك كان مما يدخل في عوامل النصر، ومن سلامة التخطيط أيضاً استدارة القوات العثمانية من خلف مدافع المماليك الثقيلة الحركة -إذا أريد تحريكها- ودخول هذه القوات العثمانية القاهرة عن طريق المقطم مما شل دور المدفعية المملوكية وأحدث بالتالي الاضطراب في صفوف الجيش المملوكي لتدافعهم بلا انتظام خلف العثمانيين.

3- معنويات الجيش العثماني العالية وتربيته الجهادية الرفيعة واقتناعه بأن حربه عادلة بعكس القوات المملوكية التي فقدت تلك الصفات.

4- حرص الدولة العثمانية على الالتزام بالشرع في جميع نواحي حياتها واهتمامها البالغ بالعدل بين رعايا الدولة، بعكس الدولة المملوكية التي انحرفت عن الشريعة الغراء ومارست الظلم على رعاياها([67]).

5- قناعة مجموعة قيادية من أمراء المماليك بالإنضمام لجيش السلطان سليم وكانوا مستعدين للتعاون مع الدولة العثمانية وتحمل مسؤولية الحكم تحت إطار الحكم العثماني ومن أمثال هؤلاء: فاير بك الذي اسند إليه سليم الأول حكم مصر، وجان بردي الغزالي الذي تولى حكم دمشق([68]).

لقد تلقى المماليك الهزيمة في سنة 1516/ 1517م وهم في شيخوخة دولتهم ومن آخر صفحة من صفحات تاريخهم كقوة اسلامية كبرى سواء في الشرق الأوسط أو في العالم، فقد كانوا فقدوا حيويتهم وقدرتهم على تجديد شبابهم ، فكان أن زالت دولتهم، وذهبت البلاد التي كانت حكمهم للنفوذ العثماني([69]).

وقد نقل الدكتور علي حسون عن الجبرتي من كتابة تاريخ عجائب الآثار في التراجم والآخبار في المجلد الأول وصفاً لفترة حكم العثمانيين في مصر إبان عهد سلاطينهم العظماء أقتطف بعضاً منها:

( ...وعادت مصر الى النيابة كما كانت في صدر الاسلام ولما خلص له (أي السلطان سليم) أمر مصر، عفا عمن بقي من الجراكسة وأبنائهم ولم يتعرض لأوقاف السلاطين المصرية بل قرر مرتبات الأوقاف والخيرات والعلوفات وغلال الحرمين والأنبار ورتب للأيتام والمشايخ والمتقاعدين ومصارف القلاع والمرابطين وأبطل المظالم والمكوث والمغارم ولما توفي تولى ابنه الغازي السلطان سليمان عليه الرحمة والرضوان فأسس القواعد وأتم المقاصد ونظم المماليك وانار الحوالك ورفع منار الدين وأخمد نيران الكافرين.. لم تزل البلاد منتظمة في سلكهم ومنقادة تحت حكمهم .. وكانوا في صدر دولتهم من خير من تقلد أمور الأمة بعد الخلفاء المهديين وأشد من ذبَّ عن الدين وأعظم من جاهد في المشركين فلذلك أتسعت ممالكه بما فتحه الله على أيديهم وأيدي نوابهم .. هذا مع عدم إغفالهم الأمر وحفظ النواحي والثغور وإقامة الشعائر الاسلامية والسنن المحمدية وتعظيم العلماء وأهل الدين وخدمة الحرمين الشريفين)([70]).

 
أسباب انتهاء وإنهيار الدولة المملوكية:

هناك مجموعة من العوامل تجمعت وساعدت في وضع نهاية لدولة المماليك أهمها:

1- عدم تطوير المماليك، اسلحتهم وفنونهم القتالية، فبينما كان المماليك يعتمدون على نظام الفروسية الذي كان سائداً في العصور الوسطى كان العثمانيون يعتمدون على استخدام الاسلحة النارية وبخاصة المدفعية.

2- كثرة الفتن والقلاقل والاضطرابات بين المماليك حول ولاية الحكم مما أدى الى عدم استقرار الحكم في أحرج الأوقات.

3- كره الرعايا للسلاطين المماليك الذين كانوا يشكلون طبقة استقراطية مترفعة منعزلة عن الشعوب.

4- وقوع بعض الانشقاقات بين صفوف المماليك، كما فعل والي حلب "خاير بك وجانبرد الغزالي" مما أدى الى سرعة انهيار الدولة المملوكية.

5- سوء الأحوال الاقتصادية، وبخاصة عندما تغيرت طرق التجارة المارة بمصر واكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح .

6- العامل الجامع للأسباب السابقة ضعف التزام المماليك بمنهج الله ويقابله قوة تمسك العثمانيين بشرع الله([71]).

 

أقسام المماليك :


مماليك الدولة الإخشيدية والفاطمية:-

عندما قامت الدولة الإخشيدية  وذلك نسبة إلى : محمد بن طغج الإخشيدي أتى بعدد من المماليك التركمان من الديلم وكان عددهم كبير يصل إلى أكثر من  400 ألف وكان منهم حرسه الشخصي والذين يقدّر عددهم بثمانية آلاف مملوك وجندي وحارس .

لقد إحتاج الفاطميون إلى جيش كبير يساعدهم على الحروب ويعينهم على التوسع في الشرق وكان جيشهم مؤلف من المغاربة وأدخلوا عليه عناصر وجنود من الترك وذلك لدخولهم لمصر ولذلك قام السلطان الصالح نجم الدين أيوب بشراء المماليك وإستعان بهم ضد منافسيه وأسكنهم معه في جزيرة الروضة وبالتالي أسسوا أول قسم من أقسام المماليك وهم المماليك البحرية .

وبالفعل فقد تم الخوض في الحرب وتم غدخال المماليك في الحروب وكان المماليك في تلك الأثناء عساكر وجنود اشداء ومعظم المماليك إلتحقوا بالأنظمة العسكرية وكذلك سعوا إلى الخدمة العسكرية بكل شدة .

وبعد ذلك فقد تم تأسيس مماليك خاصين بالسلطان والقائد والملك الصالح نجم الدين الأيوبي حيث أصبحت السلطة بيدهم وكانوا يشترون المماليك لتدريبهم على الخوض في الحروب مع الصليبيين وعمل للمماليك سكن خاص وأنظمة خاصة بهم عسكرية وتدريبية . 

 
كيفية معيشة وتربية المماليك :[72]

كان بعض السلاطين والأمراء في الدولة الأيوبية لايشترون المماليك كرقيق أو كخدام ولايتعاملون معهم كعبيد و إنما يقومون بتربيتهم وتدريبهم وذلك للإعتماد عليهم في وقت الحرب والقتال .

ويشرح المقريزي كيف كان يتربى المملوك الصغير الذي يُشترى وهو مازال في طفلاً فيقول :

يشترونه ومن ثم يعلمونه اللغة العربية والقرآن الكريم والفقه وآداب التعاليم الإسلامي والقضاء الشرعي ويقومون بضربهم إذا قصروا أو إنقطعوا أو تكاسلوا عن الصلاة أو إذا إرتكبوا خطأً من الأخطاء .

لهذه التربية المتميزة كان أطفال المماليك ينشأون عادة وهم يعظمون أمر الدين الإسلامي جداً، وتتكون لديهم خلفية واسعة جداً عن الفقه الإسلامي، وتظل مكانة العلم والعلماء عالية جداً عند المماليك طيلة حياتهم، وهذا ما يفسر النهضة العلمية الراقية التي حدثت في زمان المماليك، وكيف كانوا يقدرون العلماء حتى ولو خالفوهم في الرأي ولذلك ظهر في زمان دولة المماليك الكثير من علماء المسلمين الأفذاذ من أمثال العز بن عبد السلام والنووي وابن تيمية وابن القيم الجوزية وابن حجر العسقلاني وابن كثير والمقريزي وابن جماعة وابن قدامة المقدسي رحمهم الله جميعاً، وظهر وترعرع أيضاً في عهدهم ودولتهم أعداد هائلة من العلماء يصعب عدهم.

ثم إذا وصل المملوك بعد ذلك إلى سن البلوغ جاء معلمو الفروسية ومدربو القتال فيعلمونهم فنون الحرب والقتال وركوب الخيل والرمي بالسهام والضرب بالسيوف، حتى يصلوا إلى مستويات عالية جداً في المهارة القتالية، والقوة البدنية، والقدرة على تحمل المشاق والصعاب.

ثم يتدربون بعد ذلك على أمور القيادة والإدارة ووضع الخطط الحربية، وحل المشكلات العسكرية، والتصرف في الأمور الصعبة، فينشأ المملوك وهو متفوق تماماً في المجال العسكري والإداري، وذلك بالإضافة إلى حمية دينية كبيرة، وغيرة إسلامية واضحة وهذا كله - بلا شك - كان يثبت أقدام المماليك تماماً في أرض القتال.

وكل ما سبق يشير إلى دور من أعظم أدوار المربين والآباء والدعاة، وهو الاهتمام الدقيق بالنشء الصغير، فهو عادة ما يكون سهل التشكيل، ليس في عقله أفكار منحرفة، ولا عقائد فاسدة، كما أنه يتمتع بالحمية والقوة والنشاط، وكل ذلك يؤهله لتأدية الواجبات الصعبة والمهام الضخمة على أفضل ما يكون الأداء .

وفي كل هذه المراحل من التربية كان السيد الذي افتداهم يتابع كل هذه الخطوات بدقة، بل أحياناً كان السلطان الصالح أيوب يطمئن بنفسه على طعامهم وشرابهم وراحتهم، وكان كثيراً ما يجلس للأكل معهم، ويكثر من التبسط إليهم، وكان المماليك يحبونه حباً كبيراً حقيقياً، ويدينون له بالولاء التام.

وهكذا دائماً إذا كان القائد يخالط شعبه، ويشعر بهم، ويفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، ويتألم لألمهم، فإنهم -ولاشك- يحبونه ويعظمونه، ولا شك أيضاً أنهم يثقون به، وإذا أمرهم بجهاد استجابوا سريعاً، وإذا كلفهم أمراً تسابقوا لتنفيذه، وبذلوا أرواحهم لتحقيقه أما إذا كان القائد في حالة انفصال عن شعبه، وكان يعيش حياته المترفة بعيداً عن رعيته يتمتع بكل ملذات الحياة وهم في كدحهم يعانون ويتألمون، فإنهم لا يشعرون ناحيته بأي انتماء بل إنهم قد يفقدون الانتماء إلى أوطانهم نفسها ويصبح الإصلاح والبناء في هذه الحالة ضرباً من المستحيل .

وكان المملوك إذا أظهر نبوغاً عسكرياً ودينياً فإنه يترقى في المناصب من رتبة إلى رتبة، فيصبح هو قائداً لغيره من المماليك، ثم إذا نبغ أكثر أعطي بعض الإقطاعات في الدولة فيمتلكها، فتدر عليه أرباحاً وفيرة، وقد يُعطى إقطاعات كبيرة، بل قد يصل إلى درجة أمير، وهم أمراء الأقاليم المختلفة، وأمراء الفرق في الجيش وهكذا .

وكان المماليك في الاسم ينتسبون عادة إلى السيد الذي افتداهم بماله فالمماليك الذين افتداهم الملك الصالح يعرفون بالصالحية، والذين افتداهم الملك الكامل يعرفون بالكاملية وهكذا .

وقد زاد عدد المماليك الصالحية، وقوي نفوذهم وشأنهم في عهد الملك الصالح أيوب، حتى بنى لنفسه قصراً على النيل، وبنى للمماليك قلعة إلى جواره تماماً.. وكان القصر والقلعة في منطقة الروضة بالقاهرة، وكان النيل يعرف بالبحر، ولذلك اشتهرت تسمية المماليك الصالحية  بالمماليك البحرية لأنهم يسكنون بجوار البحر.

وهكذا وطّد الملك الصالح أيوب ملكه بالاستعانة بالمماليك الذين وصلوا إلى أرقى المناصب في جيشه وفي دولته، وتولى قيادة الجيش في عهده أحد المماليك البارزين اسمه : فارس الدين أقطاي - وكان الذي يليه في الدرجة هو ركن الدين بيبرس، فهما بذلك من المماليك البحرية .

 

تفصيل عام شامل عن المماليك :

 
إن فكرة الإستعانة بالمماليك جاءت من أيام العباسيين حيث إستخدم وإستقدم العباسيون عدداً منهم وكان ذلك على أيام الخليفة المأمون حيث إستعانوا بالتركمان وإستخدموهم في الجيش .

وكذلك فعل الأيوبيون حيث إشتروا وربوا وإستخدموا المماليك وبعد ذلك إختلف الأيوبيون فيما بينهم وقامت حروب ببعضهم البعض وتمكن بعد ذلك المماليك من الإستيلاء على السلطة .

 
قيام دولة المماليك :

تعتبر فترة حكم المماليك من الفترات التاريخية المجهولة عند كثير من المسلمين، وذلك قد يكون راجعاً لعدة عوامل لعل من أهمها :-

- أن الأمة الإسلامية في ذلك الوقت كانت قد تفرقت تفرقاً كبيراً، حتى كثرت الإمارات والدويلات، وصغر حجمها إلى الدرجة التي كانت فيها بعض الإمارات لا تتعدى مدينة واحدة فقط وبالتالي فدراسة هذه الفترة تحتاج إلى مجهود ضخم لمتابعة الأحوال في العديد من الأقطار الإسلامية.

- من العوامل التي أدت إلى جهل المسلمين بهذه الفترة أيضاً:

- كثرة الولاة والسلاطين في دولة المماليك ذاتها.

 ويكفي أن نشير إلى أن دولة المماليك الأولى - والمعروفة باسم دولة المماليك البحرية - حكمت حوالي 144 سنة، وفي خلال هذه الفترة حكم 29 سلطاناً.

.. وذلك يعني أن متوسط حكم السلطان لم يكن يتعدى خمس سنوات.

وإن كان بعضهم قد حكم فترات طويلة، فإن الكثير منهم قد حكم عاماً أو عامين فقط!

و كانت القوة والسلاح غالبا هي وسيلة التغيير الرئيسية للسلاطين في دولة المماليك البحرية هذه، حيث سارت البلاد على القاعدة التي وضعها أحد سلاطين الدولة الأيوبية (الذين سبقوا المماليك مباشرة) وهو السلطان العادل الأيوبي والتي تقول : الحكم لمن غلب .

- ولعل من أهم أسباب أيضاً في عدم معرفة كثيرين بدولة المماليك هو تزوير التاريخ الإسلامي. والذي تولى كبره المسلمين المفتونين بهم والذين شوهوا تاريخ المماليك لإنجازاتهم المشرّفة.

لقد كان للمماليك جهاد طويل على مدى تاريخهم ضد القوة الصليبية .

 وهكذا ظلت دولة المماليك تحمل راية الإسلام قرنين ونصف حتى سقوط دولة المماليك وإستلام الخلافة العثمانية ..


تأسيس الدولة المملوكية

 سلاطين وقادة المماليك البرجية :-[73]

 

 إسم الحاكم أو السلطان :  سنوات وفترة الحكم
الظاهر سيف الدين برقوق  1382-1399 
الناصر فرج بن مرقوق  1399-1405 
المنصور عبد العزيز بن برقوق  1405-1405 
الناصر فرج بن مرقوق  1405-1412 
المستعين بالله أبو الفضل العباسي  1412-1412 
المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي  1412-1421 
المظفر أحمد بن الشيخ  1421-1421 
الظاهر سيف الدين ططر  1421-1421 
الصالح ناصر الدين محمد بن ططر  1421-1422 
الأشرف سيف الدين برسباي  1422-1438 
العزيز جمال الدين يوسف بن برسباي  1438-1438 
الظاهر سيف الدين جمقمق  1438-1453 
المنصور فخر الدين عثمان بن جقمق  1453-1453 
 الأشرف سيف الدين إينال العلائي  1453-1460 
المؤيد شهاب الدين أحمد بن إينال  1460-1460 
الظاهر سيف الدين خشقدم  1460-1467 
الظاهر سيف الدين بلباي المؤيدي  1467-1468 
الظاهر تمر بغا الرومي  1468-1468 
الأشرف سيف الدين قيتاباي  1468-1496 
الناصر محمد بن قايتاباي  1496-1497 
الظاهر قانصوه  1497-1497 
الناصر محمد بن قايتاباي  1497-1498 
الظاهر قانصوه الأشرفي  1498-1500 
الأشرف جنبلاط  1500-1501 
العادل طومان باي  1501-1501 
الأشرف قانصوه الغوري  1501-1516 


 
نظام دولة المماليك :

بدأ النظام في دولة المماليك بالملكة شجر الدر وقد كان هذا أمراً عجيباً وهو تولي ملكة أو إمرأة أو أميرة أو أنثى نظام الحكم في الدول وخاصة لدى الأيوبيين ودولة المماليك والعثمانيين .

ولذلك كان عجباً عن دولة المماليك تولي الحكم إمرأة فقاموا بتشكيل حكم آخر ليد المماليك لديهم والسلاطين لديهم في دولة المماليك .
وكان نظام الحكم في دولة المماليك يعتمد على رأس الدولة ووضع سياسة لدولة المماليك ومن بعدها يتبعه الجنود والعساكر والشعوب والمجتمعات .

وكان يعتمد نظام حكم دولة المماليك على التوريث كما يتم الإعتماد على أن الحكم للأقوى .

وقام حكام دولة المماليك بإعتماد الشريعة الإسلامية كمنهج وقانون لها وتشريع سماوي خاص لها ولجنودها ولشعبها ومجتمعها .

ووضعوا قوانين جديدة تعتمد على الشريعة الإسلامية كما قاموا بتطوير أنظمة الحكم الإداري لديهم واسسوا شبكة بريد ومواصلات خاصة بهم تمتد من مصر وتصل حتى الشام وبغداد .
وإهتموا بإعمار المساجد الإسلامية وتأسيس مدارس شرعية تقوم على تعليم الناس الكبار والصغار والأطفال والشيوخ والنساء الفقه وتعاليم وأحكام الشريعة الإسلامية .

لقد كانت هناك خلافات قوية فيما بين المماليك أنفسهم وكان أقوى مملوك واقوى سلطان مملوكي هو من يثأر على غيره ويجهز على من قبله ليستولي على نظام الحكم في بعض الأحيان .

وأحياناً أخرى يقوم المماليك بالإتفاق على التعاون لتولي وتنصيب بعض المماليك والأشخاص المسؤولين عن دولة المماليك .

ويقوم السلاطين والأمراء في دولة المماليك بالجلوس للناس كل شهر مرة ليستمعوا لهم ويحكموا بينهم .

وكان الملك والسلطان المملوكي يجمع في يده القوة والسلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية مما أضعف دور العدل وأقل من تحقيق المساواة وخفض من مستوى الدقة والعدل والنظام في دولتهم .

وكان للسلطان المملوكي ولقائد المماليك كاتب خاص به وسكرتير خاص ومسؤول عن عمله وكاتب ديوان وقاضي يستعين به الحاكم والسلطان في دولة المماليك كما كان لكل سلطان في دولة المماليك حرس خاص وقائد خاص لهذا الحرس ومجموعة أخرى تخدمه وتقوم على تلبية طلباته وتقوم بتنفيذ أوامره . 

وكان لدولة المماليك ديوان ومكتب خاص ومسؤول عن الرسائل والعلاقات الخارجية مع الدول الأخرى ويسمى هذا ديوان القلم – ويطلق على من يتولى مسؤولية هذا المنصب – أمير القلم – أو الكاتب .

وكان لكل نوع من أنواع الرسائل أسلوب خاص بها وكلمات وأشكال ورسومات خفية خاصة حتى يتم التعرف على صحة ودقة هذه الرسائل عن غيرها وبالتالي يتم معرفة الرسائل المزورة عن غيرها .

وكان لدولة المماليك مبنى وجهاز خاص للحرس الخاص لدولة المماليك والمسؤولين حراسة السلطان ، كما كان هناك مبنى خاص ونظام خاص للجيش وللحرس والعسكر ويشرف على هذا النظام ثلاث أشخاص مسؤولين أحدهما مهمته تولي حكم الأمور فيما بين العسكر وتولي وإدارة شؤون الضباط والعسكر والجنود بينما يقوم الآخر بتولي قيادة حراسة السلطان ويقوم الثالث بتولي وإدارة مخزن السلاح ويكون مسؤولاً عن التطوير في أنظمة السلاح لدى دولة المماليك ويسمى هذا الشخص المسؤول عن مخازن السلاح وتطويرها وإتمام صفقات البيع والتجارة لتطوير الأسلحة لديهم – الأستادار ، بينما يسمى المسؤول عن رئاسة الحرس وإدارة القصر الأمير الأكبر – ويسمى من يتولى شؤون الضباط والجنود والعساكر – أتابك العسكر .

وكان السلاطين في دولة المماليك والضباط والمسؤولين يهتمون بشراء ولباس الذهب والحرير والفضة ويقومون بالتجارة فيها والتباهي والتفاخر بها .

وفي زمن دولة المماليك كانت مصر مقسمة إلى أكثر من عشرين قسم وكان كل قسم يتولاه مسؤول أو سلطان .

وكان السلطان الأكبر والوالي الأعظم لدولة المماليك كاملة يتولى حكم جميع السلاطين الآخرين وكان يقوم بتولي أكبر مدينة متواجدة في المنطقة وكان السلطان الأعظم والوالي الأكبر يتولى شؤون القاهرة والذي بعده يتولى شؤون الإسكندرية وهكذا .

وكانت فترة الحكم قوية في دولة المماليك وذلك مابين الفترة من عام 1385م- وحتى عام – 1517م حيث كان تجمع سلاطين دولة المماليك وكانت دولتهم تعتمد على القوة والغلبة للأقوى . [74]


المماليك في بغداد :

دخلت المماليك إلى بغداد لأول مرة في عهد العثمانيين ولكنهم جلسوا فترة بسيطة ومتقطعة وكان ذلك مابعد عام 1720-1740 م وبعد ذلك جاءوا مرة أخرى في بداية 1830م .

وكانت أصول المماليك الذين دخلوا بغداد من ضباط مماليك جاءوا من أصول جورجية وشاركوا في إخماد الثورات والخلافات العربية والقبلية  وبعدها نحجوا لفترة بسيطة ومتقطعة لمرتين في الإستقلال شيئاً ما حتى نجح العثمانيون في فرض سيطرتهم على الأوضاع المنطقة بشكل كامل .


المماليك في الهند :

أول ما قاموا بإعماره المماليك في الهند هو مسجد منار قطب ودخل وغنتشر المماليك في الهند وكان ذلك من عام 1206 - وحتى – عام - 1290 م   - وكان المماليك في الهند يتكلمون بالأوردو ويعتمدون على اللغة الأوردية – وكان مؤسس دولة المماليك في الهند مرسل ومسؤول ومخول من قبل الوالي الأكبر والسلطان الأعظم المملوكي في مصر والمسؤول عن تولي القاهرة أيضاً حيث تم إسناد الحكم لدولة المماليك في الهند لقطب الدين تركي أيبك .

وكان من صفات مؤسس دولة المماليك في الهند قطب الدين تركي أيبك حب القيادة والتمسك بالإسلام وكراهية الظلم ولذلك أول ما قام به هو تأسيس مسجد جميل وفاخر ورائع وكان طول منارته 250 قدم ومازال يعرف إلى يومنا هذا بإسم مسجد جامع قطب منار .

بعد ذلك تم التوسع في دولة المماليك حتى وصلوا إلى مدينة لاهور في باكستان ووصلوا إلى مختلف بلاد الهند وإنتشروا وإشتهروا بعد ذلك بذهابهم وتجارتهم ووصولهم إلى أطراف من البحر الأحمر وسلطنة عمان والجزيرة والحجاز ونجد وغيرها ومنذ تلك الأيام بدأ التعاون الحقيقي والدخول الفعلي للمماليك إلى بلاد السند والهند ولاهور وباكستان ووصلوا إلى أطراف المملكة العربية وكثير من مناطق شبه الجزيرة العربية والبحر الأحمر .

 

أسماء السلاطين المماليك في الهند :-[75]

 

 -  قطب الدين أيبك . (1206 - 1210)

       آرام شاه بن قطب الدين أيبك .(1210 - 1211)

        شمس الدين التتمش .(1211 - 1236)

    جلالة الدين رضية الدين بكوم بنت التتمش .        (1236 - 1240)

     معز الدين بهرام شاه بن التتمش .(1240 - 1242)

   علاء الدين مسعود شاه بن ركن الدين .     (1242 - 1246)

   ناصر الدين محمود شاه بن ناصر الدين محمد بن التمش .(1246 - 1266)

  غياث الدين بلبن آلغ خان .(1266 - 1287)

  معز الدين كيقباد بن بغرا خان بن بلبن .(1287 - 1290)

 

قائمة بالكلمات والمصطلحات المستخدمة في عصر وعهد دولة المماليك

خزندار – حارس الدار .

خانه – بيت .

ماسك : دار .

أجناد : جنود للحراسة

أمير : قائد الجنود والعساكر.

أمير آخور : المسؤول عن إصطبلات الخيول والجمال .

أمير خمسة : أمير تحت أمره وفي خدمته خمسة جنود .

أمير عشرة : أمير تحت أمره وفي خدمته عشرة جنود .

أمير طبلخانه : أمير تحت أمره وفي خدمته أكثر من أربعين جندياً .

أمير مئين : أمير تحت أمره وفي خدمته أكثر من مائة جندي .

أمير مجلس : سكرتير السلطان الأكبر لدولة المماليك .

أمير علم : أمير يشرف على الطبلخانه .

أمير سلاح : المسؤول عن مخازن الأسلحة .

أمير شكار : المشرف على الصقور والطيور الخاصة بالمماليك .

أمير العربان : رئيس القبائل من أصول عربية جاءت إلى مصر وإستقرت فيها . 

أتابك : أمير الجيش وقائد عام الحراسة للماليك .

أستادار : وهو المشرف على حراسة قصور السلطان المملوكي .

استدار الصحبة : المسؤول عن الولائم والافراح وإقامة الغداء والعزائم لأصحاب السلطان المملوكي .

أهوار : مخازن للقمح والشعير والأغذية لاتفتح إلا في حال الحاجة .

سكرجه : مقبلات الطعام – الموالح – الحوامض – السلطات .

الصاحب : صاحب السلطان خاصة .

إقطاع : دخل الأمير والمملوك .

أعلام : مفردها علم وهي الأعلام الشهير والرايات التي يكتب عليها .

الكافل : لقب لنائب السلطان المملوكي .

بنكام الرمل : الساعة الرملية .

البيمارستان : المستشفى .

بيت المال : الخزانة العامة .

تجار الكارمية : تجار البهارات من الهند .

التخت : عرش السلطان .

جامكيه : أجر المملوك .

جاشنكير : فاحص الطعام الذي يقدم للسلطان .

جاويش : منصب في الجيش – حارس في الجيش – خادم في الجيش.

حراقة : نوع من السفن الحربية الخفيفة .

خان : مخزن أو دكان أو محل للبيع والتجارة .

خادم الحرمين الشريفين : لقب من ألقاب السلطان أو الوالي الأكبر.

خزندار : أو خازندار : وهو المسؤول على خزائن الأموال للسلطان .

 

 

خاصكية : وهم الحرس الشخصي للسلطان المملوكي .

خند : زوجة السلطان المملوكي .

خشداشية : مماليك من نفس قبيلة وعائلة السلطان المملوكي .

خواجا : السيد والتاجر الكبير .

الغاشية : سرج من أديم مطرزة بالذهب .

الملاذى : لقب الوزير . 

رأس البلغاء : لقب كاتب سر السلطان المملوكي .

رأس نوبة : المشرف على المماليك السلاطنية .

 رختوان : خادم مكلف بحفظ الأثاث والإهتمام بقصر السلطان .

ركاب دار : حامل سرج الأديم – الغاشية – وقت الإحتفالات .

زردخاناه : بيت لحفظ الدروع .

دبندار : ضارب الطبول والذي يقرع الجرس وينبه .

الدهليز : مكان تحت الأرض يستخدمونه لقيادة الجيش .

دوادار : المكلف بالرد على الرسائل نيابة عن السلطان .

الأمير الأمري : نائب السلطان المملوكي وبشرط أن يكون في مصر.

كوسات : صحون كبيرة من النحاس كانوا يدقونها كالأجراس للتنبيه .

كوسي : ضارب الكوسات .

مماليك كتابية : مماليك تحت التدريب والتربية والتعليم .

مماليك سلطانية : وهم أكثر المماليك قرابة وصداقة .

المقصورة : مكان السلطان للصلاة .

مدورة : خيمة .

مرقدار : خادم المطابخ السلطانية .

مهمندار : مستقبل الضيوف القادمين إلى السلطان المملوكي .

مهمتار : مشرف على بيوت السلطان المملوكي .

نائب الوجه القبلي : أعلى من نائب الوجه البحري .

نائب الوجه البحري : وهو ضابط برتبة مقدم مقره دمنهور .

السناجق : رايات وأعلام صفراء وخضراء متوسطة الحجم .

شاد الدواوين : مساعد الوزير في جمع الأموال .

شاد العمائر : المسؤول عن إعمار وترتيب القصور السلطانية .

قلعة الجبل : المقطم – يسكنون بها –

قرانصة : مماليك تحولوا لخدمة سلطان آخر .

طباق : محل إقامة المماليك بقلعة الجبل بالمقطم .

الطشت خاناه : الحمام والمغسلة ومكان التنظيف والغسيل .

 
أسماء السلاطين في دولة المماليك :[76]

 

الاسم فترة حكمه
عصمة الدين أم خليل شجرة الدر الأرمينية 1250-1250
المعز عز الدين أيبك  1250-1257
المنصور نور الدين علي بن أيبك   1257-1259
المظفر سيف الدين قطز الخوارزمي 1259-1260
الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري 1260-1277
  السعيد ناصر الدين محمد بركة بن الظاهر ركن الدين بيبرس 1277-1279
العادل بدر الدين سلامش بن الظاهر بيبرس 1279-1279
المنصور سيف الدين قلاوون 1279-1290
الأشرف صلاح الدين خليل 1290-1293
الناصر محمد بن قلاوون 1293-1294
العادل زين الدين كتبغا 1294-1296
المنصور حسام الدين لاجين 1296-1299
الناصر محمد بن قلاوون 1298-1308
المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير 1308-1309
الناصر محمد بن قلاوون 1309-1340
 المنصور سيف الدين أبو بكر بن محمد بن قلاوون 1340-1341
الأشرف علاء الدين كجك بن الناصر محمد 1341-1342
الناصر شهاب الدين أحمد بن الناصر محمد 1342-1342
الصالح عماد الدين إسماعيل بن الناصر محمد 1342-1345
سيف الدين شعبان بن الناصر محمد 1345-1346
المظفر زين الدين حاجي بن الناصر محمد 1346-1347
الناصر بدر الدين أبو المعالي الحسن بن الناصر محمد 1347-1351
الصالح صلاح الدين صالح بن الناصر محمد 1351-1354
الناصر بدر الدين أبو المعالي الحسن بن الناصر محمد 1354-1361
المنصور صلاح الدين محمد بن حاجي بن قلاوون 1361-1363
الأشرف زين الدين شعبان بن حسن بن محمد بن قلاوون 1363-1376
المنصور علاء الدين علي بن شعبان 1376-1381
الصالح زين الدين حاجي 1381-1382


 
الفصل الثاني :

 
معالم تاريخ دولة المماليك



أعياد دولة المماليك

 

إحتفالات دولة المماليك


 

الفصل الثاني :

معالم تاريخ دولة المماليك :

أعياد دولة المماليك :

إحتفالات وعادات دولة المماليك :

 

عيد الوفاء للنيل :-

يقوم المماليك بالإحتفال بالنيل كل عام مرة ويقومون بالإهتمام بالنيل والمحافظة عليه والمشي حوله وإشعال الشموع حول النيل ليلاً وذلك كرمز من رموز دولة المماليك ودليل على الإهتمام بموارد الدولة المائية .

  عيد الشهيد :- يقوم المماليك بالإحتفال بذكرى عيد الشهيد وذلك في المكان المعروف حالياً بـ : شبرا ويعتبر عيد الشهيد رمز للوفاء للصمود وللشهداء ولإحياء ذكراهم .   عيد النيروز :- يقوم المماليك بالإحتفال بعيد النيروز حيث كان هذا العيد متوارث من أيام الفراعنه ويقومون بالإحتفال ليلاً حول النيل ويتم الإحتفال بهذا العيد في أول يوم من بدء تاريخ السنة الجديدة .
 

وسائل الترفيه والفن في دولة المماليك : لقد كان هناك وسائل عديد وأساليب متنوعة للفن والترفيه والأدب في دولة المماليك ومنها :- -        الإجتماع في المقاهي للتحدث والشعر . -        الزيارة لأحد الأعيان ومشائخ العلم والدين وكتاب الشعر والإستماع له . -        المبارزة في الإجتماعات والإحتفالات بالقصائد الشعرية . -        إقامة حفلات أسبوعية وشهرية في أحد الأماكن للإجتماع للإستماع للأدب والفن والشعر والقصص . -        تأسيس وإنشاء وإيجاد أماكن خاصة للفن والإجتماعات الأدبية وذلك بهدف تبادل القصص وتجاذب الشعر وتبادل الفنون والأدب . -        إيجاد أماكن خاصة بالمنتزهات العائلية . -        تأسيس دار خاصة بالفنون والأدب . -        الإهتمام بأماكن خاصة للتنزه والفسح والخروج في الحدائق والجلوس بين الأشجار . -        إيجاد أماكن خاصة للتسلية والترفيه الخاص بالأطفال والعائلات والأسر والنساء . -        تأسيس دور وأماكن خاصة لحدائق اللعب والمنتزهات العائلية. -        الإهتمام بالأدب والفنون الشعبية والقصص وإيجاد وتأسيس دور خاصة لها . -        إقامة وتاسيس مكتبة خاصة بالفن والأدب والثقافة والشعر . -        الإهتمام بالإجتماع كل شهر مرة عند أحد الفنانين والشعراء والأدباء والقيام بتبادل القصص والأشعار معهم وتدوين القصص والابيات والفنون والإهتمام بها . -        الإهتمام بإنشاء مدارس ومجالس خاصة لتعليم اللغة العربية والأدب والشعر . -        الإهتمام بالعمارة والزخرفة الرائعة المملوكية . -        الإهتمام بتشييد المساجد والقصور ذات الطابع الزخرفي المملوكي . -        إفتتاح وتأسيس جامع ومدرسة السلطان حسن وهي مدرسة كبيرة تحتوي على العديد من القوانين والأنظمة المملوكية .   الكتب والكتاب والمؤرخين والعلماء الذين كتبوا في عهد دولة المماليك :- -        تقي الدين المقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك . -        ابن تغري : النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة . -        ابن إياس : بدائع الزهور في وقائع الدهور . -        محيي الدين بن عبد الطاهر : الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر. -        بيبرس الدوادار : زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة . -        ابن أيبك الدواداري : كنز الدرر وجامع الغرر . -        أبو الفداء : المختصر في أخبار البشر . -        بدر الدين العيني : عقائد الجمان في تاريخ أهل الزمان . -        أبو العباس القلقشندي : صبح الأعشى في صناعة الإنشا . -        جلال الدين السيوطي : حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة . -        شمس الدين السخاوي : التبر المسبوك في ذيل السلوك . -        ابن واصل : مفرج الكروب . -        إسماعيل ابن عمر بن كثير : البداية والنهاية .  
 

أسماء وعناوين الكتب التاريخية بالتفصيل التي تكلمت عن تاريخ دولة المماليك : إبن إياس :  بدائع الزهور في وقائع الدهور (5 أجزاء)، تحقيق محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.

ابن أيبك الدواداري : كنز الدرر وجامع الغرر، مصادر تأريخ مصر الإسلامية            (9 اجزاء)،المعهد الألمانى للآثار الإسلامية، القاهرة 1971.

ابن بطوطه : رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، دار الكتب العلمية، بيروت 1992.

ابن تغري : النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة (16 جزء)، دار الكتب و الوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، القاهرة 2005

ابن كثير : البداية والنهاية (14 جزء)، تحقيق سهيل زكار، دار صادر، بيروت 2005

بدر الدين العيني : عقائد الجمان في تاريخ أهل الزمان، تحقيق د. محمد محمد أمين، مركز تحقيق التراث،الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1987.

بيبرس الدوادار : زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة، جمعية المستشرقين الألمانية، الشركة المتحدة للتوزيع، بيروت 1998.

جاستون ڤييث :  القاهرة مدينة الفن و التجارة، عين للدراسات والبحوث الانسانية و الاجتماعية، القاهرة2008

جمال الدين الشيال : (أستاذ التاريخ الإسلامي): تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1966.

جمال الغيطاني : سيرة الظاهر بيبرس، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1996.

جمال الغيطانى: تجليات مصرية.. مآذن القاهرة،المصرى اليوم، مؤسسة المصرى اليوم للصحافة والنشر، عدد 1917، 12 سبتمبر 2009.

حمدى السعداوي : المماليك، المركز العربى للنشر، معروف أخوان للنشر والتوزيع، الأسكندرية.

حسين فوزي : سندباد مصرى، جولات فى رحاب التاريخ، دار المعارف، القاهرة 1990

لطفى أحمد نصار: وسائل الترفيه في عصر سلاطين المماليك، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1999.


محيي الدين بن عبد الظاهر :-  الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، تحقيق ونشر عبد العزيز الخويطر 1976.

محيى الدين بن عبد الظاهر:  تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور، تحقيق د. مراد كامل، الشركة العربية للطباعة والنشر، القاهرة 1961.

المقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك (9أجزاء)، دار الكتب، القاهرة 1996.

المقريزى: المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط والآثار (4 أجزاء)، مطبعة الأدب، القاهرة 1968.

شفيق مهدى (دكتور): مماليك مصر والشام، الدار العربية للموسوعات، بيروت 2008.

عز الدين بن شداد :- تاريخ الملك الظاهر، دار نشر فرانز شتاينر، فيسبادن 1983.

قاسم عبده قاسم (دكتور): عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسى والاجتماعى، عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2007.

القلقشندي : صبح الأعشى في صناعة الإنشا (15 جزء)، دار الفكر، بيروت.


 
دور المماليك المصرية في المعارك الحربية :[77]

 

المماليك في مصر :-

بدأ ظهور المماليك القوي على مسرح العالم الإسلامي في مصر في عصر الملك الصالح نجم الدين أيوب؛ ففي سنة ٦٤٧هـ/ ١٢٤٩م تواترت الأنباء عن قرب قدوم حملة جديدة تحت راية الصليب ضد مصر بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا بهدف احتلال مصر. وبسرعة عاد الملك الصالح نجم الدين أيوب من الشام إلى مصر لكي ينظم وسائل الدفاع .

وفي العشرين من شهر صفر سنة ٦٤٧هـ/ ٤ يونيو ١٢٤٩م نزل الصليبيون قبالة دمياط، وأمامهم لويس التاسع يخوض المياه الضحلة، وهو يرفع سيفه ودرعه فوق رأسه. وانسحب الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ قائد المدافعين عن المدينة بسرعة بعد أن ظن أن سلطانه المريض قد مات، وفي أعقابه فرَّ الجنود، وفي أعقاب الجنود والفرسان فرَّ السكان المذعورون، وهكذا سقطت دمياط دون قتال .

دور مهم للمماليك في معركة المنصورة :

وفي ليلة النصف من شعبان سنة 647هـ وفي خضم هذه الأحداث توفي السلطان الصالح نجم الدين أيوب في يوم الاثنين ١٤ من شعبان سنة ٦٤٧هـ/ ٢٠ نوفمبر ١٢٤٩م، وأخفت زوجته شجرة الدر نبأ وفاته لكي لا تتأثر معنويات الجيش، وأرسلت في استدعاء ابنه توران شاه من إمارته على حدود العراق .

واشتدت المقاومة المصرية ضد القوات الصليبية، وبعد عدة تطورات كانت القوات الصليبية تتقدم نحو مدينة المنصورة في سرعة، ولكن الأمير بيبرس البندقداري كان قد نظَّم الدفاع عن المدينة بشكل جيد، وانقشع غبار المعركة عن عدد كبير من قتلى الصليبيين بينهم عدد كبير من النبلاء، ولم ينجح في الهرب سوى عدد قليل من الفرسان هربوا على أقدامهم تجاه النيل ليلقوا حتفهم غرقًا في مياهه، أمّا الجيش الصليبي الرئيسي بقيادة لويس التاسع فكان لا يزال في الطريق دون أن يعلم بما جرى على الطليعة الصليبية التي اقتحمت المنصورة في ٤ من ذي القعدة ٦٤٧هـ/ فبراير ١٢٥٠م .

وفي المحرم من سنة ٦٤٨هـ/ ١٢٥٠م دارت معركة رهيبة قرب فارسكور قضت على الجيش الصليبي، وتم أسر لويس التاسع نفسه في قرية منية عبد الله شمالي المنصورة، ثم نقل إلى دار ابن لقمان القاضي بالمنصورة؛ حيث بقي سجينًا فترة من الزمان حتى أُفرِجَ عنه لقاء فدية كبيرة، ومقابل الجلاء عن دمياط .

وبعد ذلك تم انتهاء حكم الأيوبيين في مصر وكان ذلك بعد عهد الصالح أيوب، تولَّى ابنه توران شاه الذي لم يكن على قدر المسئولية؛ فانشغل باللهو بعد انتصاره على الصليبيين، وأساء معاملة قادة الجيش من المماليك، وكذلك أساء إلى زوجة أبيه شجرة الدر؛ فتآمرت هذه مع فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس وقلاوون الصالحي وأيبك التركماني وهم من المماليك الصالحية البحرية على قتل "توران شاه"، وبالفعل تمت الجريمة في يوم 27 محرم سنة 648هـ، أي بعد سبعين يومًا فقط من قدومه من حصن كيفا واعتلائه عرش مصر..! وكأنه لم يقطع كل هذه المسافات لكي "يحكم" بل لكي "يُدفن" .

وهكذا بمقتل "توران شاه" انتهى حكم الأيوبيين تمامًا في مصر، وبذلك أغلقت صفحة مهمة من صفحات التاريخ الإسلامي .

لقد حدث فراغ سياسي كبير بقتل توران شاه، فليس هناك أيوبي في مصر مؤهل لقيادة الدولة، ومن ناحية أخرى فإن الأيوبيين في الشام مازالوا يطمعون في مصر، وحتمًا سيجهزون أنفسهم للقدوم إليها لضمها إلى الشام.. ولا شك أيضًا أن المماليك كانوا يدركون أن الأيوبيين سيحرصون على الثأر منهم، كما أنهم كانوا يدركون أن قيمتهم في الجيش المصري كبيرة جدًّا، وأن القوة الفعلية في مصر ليست لأيوبي أو لغيره إنما هي لهم، وأنهم قد ظُلِموا بعد موقعة المنصورة وفارسكور، لأنهم كانوا السبب في الانتصار ومع ذلك هُمِّش دورهم .

كل هذا الخلفيات جعلت المماليك -ولأول مرة في تاريخ مصر- يفكرون في أن يمسكوا هم بمقاليد الأمور مباشرة!.. وما دام "الحكم لمن غلب"، وهم القادرون على أن يغلبوا، فلماذا لا يكون الحكم لهم ؟

لكن صعود المماليك مباشرة إلى الحكم سيكون مستهجنًا في مصر، فالناس لا تنسى أن المماليك -في الأساس- عبيد، يباعون ويشترون، وشرط الحرية من الشروط الأساسية للحاكم المسلم.. وحتى لو أُعتِقوا فإن تقبُّل الناس لهم باعتبارهم (حُكَّامًا) سيكون صعبًا.. وحتى لو كثرت في أيديهم الأموال، وتعددت الكفاءات، وحكموا الأقاليم والإقطاعات، فهم في النهاية مماليك.. وصعودهم إلى الحكم يحتاج إلى حُجَّة مقنعة للشعب الذي لم يألفهم في كراسي السلاطين .

كل هذا دفع المماليك البحرية الصالحية إلى أن يرغبوا بعد مقتل توران شاه في "فترة انتقالية" تمهد الطريق لحكم المماليك الأقوياء، وفي ذات الوقت لا تقلب عليهم الدنيا في مصر أو في العالم الإسلامي .

كانت هذه هي حسابات المماليك الصالحية البحرية.. فماذا كانت حسابات شجرة الدر ؟!


الحملات الصليبية المتكررة ومعركة المنصورة :[78]

 

الحملة الصليبية الخامسة :

بعد ذلك أصبحت مصر هدفاً للحملات الصليبية وكان ذلك في عام- 589هـ- 1193 م ، وحيث حصل بعد ذلك معارك وعمليات التحرير في عهد صلاح الدين الأيوبي وبعد ذلك جاءت حملة صليبية خامسة قدمت من غرب أوروبا بقيادة حنا برين وإستولت على دمياط عام 615 هـ وبعد ذلك بعام تم إخراجهم مرة أخرى .

بعد ذلك حصلت الحملة السادسة للصليبين وهي ماتسمى بـ :-

 

الحملة الصليبية السادسة :


جاءت بعدها موقعة غزة – حطين الثانية :


حيث عاود الصليبيُّون الكَرَّةَ بعد ثلاثين عامًا تقريبًا وهو ما يعرف بالحملة الصليبية السادسة التي قادها فردريك الثاني إمبراطور ألمانيا وإيطاليا عام 626 هـ  .

 

 وقد استطاع فريدريك الثاني أن يسيطر على بيت المقدس بعد أن أهداها له الملك الكامل بموجب اتفاقية ثنائية بينهما، فسُلِّمت بيت المقدس بدون حرب مَعَ أن الْملك النَّاصِر صلَاح الدين بذل النَّفس والنفيس فِي استخلاصها مِنْهُم سنة 583هـ، ولكن الله قيَّض للأمة الملك الصالح نجم الدين أيوب من إسترداد بيت المقدس في معركة تعرف بموقعة غزة وحطين الثانية وكان ذلك عام – 642 هـ .

 

وأعقب ذلك نجاحُ السلطان في توحيد مصر والشام، فأصبحتَا تشكِّلان جبهةً واحدة قوية في مواجهة الصليبيِّين .


الحملة الصليبية السابعة :-[79]


ونتيجة لهذه التطورات استنفرتِ الصليبية جهودَها، ودعا البابا أنوسنت الرابع إلى حملةٍ جديدة على الشرق الإسلامي، وحاول عقدَ اتفاقيات مع المغول؛ ليهاجموا المسلمين في نفْس الوقت مِن ناحية الشرق، فيُصحبوا بين فكَّي الأسد المغولي الصليبي، وأرسل مِن أجل ذلك بعثتَين إلى بلادِ المغول .

ولم يستجبْ للبابا من ملوك أوربا سوى لويس التاسع ملك فرنسا، الذي كان موصوفًا بشدَّة التدين والحماس للفِكر الصليبي، وبعَث بدوره سفارةً إلى المغول ليحرَّضَهم ضدَّ المسلمين .

وكان مِن نتيجة هذه المؤامرات والمخطَّطات أنْ بدأ المغول في الزحف على شرق العالَم الإسلامي في نفْس الوقت الذي تحرَّكتْ فيه الحملة الصليبية السابعة نحوَ مصر بقيادة لويس التاسِع نفْسه، وكانتْ أكثرَ تنظيمًا، وأوفر عُدَّةً وعتادًا من سابقتها .

ووصلتِ الحملة إلى شواطئ مصر في ظروف حَرِجة والسلطان يُعاني مِن مرض السلِّ الذي اشتدَّ به، حتى أصبح ملازمًا لفراشه، ومع ذلك لم يستسلمْ للمرَض، بل رجَع مسرعًا من دمشق إلى مصر، فأقام بعض التَّحصينات في الصالحيَّة ودمياط وشحنهما بالجند، وعسْكر هو عندَ أشموم طناح القريبة مِن دمياط .

ونزلتِ الحملة الصليبيَّة في جزيرة قبرص أولاً؛ لتعيدَ التعبئة وتتلقَّى المساعِدات، ثم اتَّجهتْ إلى دمياط سنة 647هـ، فاستولتْ عليها وعلى ما فيها مِن عتاد وأقوات بكلِّ سهولة بعدَ أن آثَر أميرُها المملوكي الرَّحيلَ عنها، فغضِب السلطان ووبَّخ المماليك قائلاً لهم: " ما قدرتم تقفون ساعة بين يدي الفرنج ؟!


 

معركة المنصورة :[80]


توهَّم الصليبيُّون بعدَ استيلائهم على دمياط أنَّهم في نزهة، وأنَّ الأمر سيكون بمِثل هذه السُّهولة، فتقدَّموا ووجَدوا مقاومةً من الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ عندَ بحر أشمون، فاستشهد هذا الأميرُ ونجَح الصليبيُّون في التقدُّم نحو المنصورة  ووجدوها ساكتةً صامتةً، فحسِبوها خالية، فدخلوها وانتشَروا في حواريها وأزقَّتها، وعندئذٍ فُوجِئوا بجندِ المماليك ينقضُّون عليهم كالوحوش الكاسِرة، فوقَع أكثرُهم بيْن قتيل وأسير، وفرَّ الباقون عائدين نحوَ دمياط .

ولم يترُكْهم المماليك يعودون بسلام، بل طاردوهم مطاردةَ الأسود للخنازير - كما يقول ابنُ أيبك في "كنز الدرر" - وألحقوا بهم هزيمةً أكبر ، ووقَع مَلكُهم لويس نفْسه أسيرًا، فسِيق مكبَّلاً إلى المنصورة، وحبس في دار القاضي فخر الدين إبراهيم بن لقمان، في الثاني من المحرَّم سنة 648هـ/ 6 أبريل 1250م .

وعقب ذلك جرتِ المفاوضات مع الصليبيِّين على أن يُجلوا عن دمياط، ويتعهَّدوا بعدم غزو سواحلِ الإسلام مرَّةً أخرى، ويدفعوا فديةً كبيرة مقدارها ثمانمائة ألف دينار، يدفع نصفها عاجلاً ونصفها الآخر آجلاً، مقابل أن يُطلق المسلمون سراحَ ملكهم، وجميع أَسْراهم منذ عهد الملك العادل، وأن تستمرَّ الهدنة أو الصُّلح بيْن الطَّرَفين عشر سَنوات، وكانتْ مدَّة بقاء دمياط في أيديهم هذه المرَّة أحدَ عشرَ شهرًا وتسعة أيَّام .

وقد ضرَب الفرنسيُّون بهذه الاتِّفاقية عُرضَ الحائط، وعزَّ على لويس التاسع أن يعودَ إلى بلادِه ملطَّخًا بعار الهزيمة والأسْر، فانضمَّ إلى الصليبيِّين الموجودين في سواحل الشام، وقد صفوهم، واستغلَّ الخلاف الواقِع بيْن المماليك في مصر وأُمراء الشام، وبقِي هناك أربع سنوات .


سيف الدين قطز :

من هو سيف الدين قطز؟

سيف الدين قطز هو واحد من أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين.. اسمه الأصلي محمود بن ممدود وهو من بيت مسلم ملكي.. وهو ابن أخت جلال الدين الخوارزمي.. ملك الخوارزميين المشهور، والذي قاوم التتار فترة وانتصر عليهم ثم هُزِمَ منهم، وفرَّ إلى الهند، وعند فراره إلى الهند أمسك التتار بأسرته فقتلوا بعضهم واسترَقّوا بعضهم .

وكان محمود بن ممدود أحد أولئك الذين استرقَّهم التتار، وأطلقوا عليه اسمًا مغوليًّا هو قطز، وهي كلمة تعني الكلب الشرس، ويبدو أنه كانت تبدو عليه من صغره علامات القوة والبأس، ثم باعه التتار في أسواق الرقيق في دمشق واشتراه أحد الأيوبيين، وجاء به إلى مصر، ثم انتقل من سيد إلى غيره حتى وصل في النهاية إلى الملك المعز عز الدين أيبك ليصبح أكبر قواده كما رأينا .

نشأة سيف الدين قطز :

وقطز رحمه الله كبقية المماليك نشأ على التربية الدينية، والحمية الإسلامية، وتدرب منذ صغره على فنون الفروسية وأساليب القتال، وأنواع الإدارة، وطرق القيادة.. فنشأ شابًّا فتيًّا أبيًّا محبًّا للدين معظمًا له قويًا جلدًا صبورًا.. فإذا أضفت إلى ذلك كونه ولد في بيت ملكي، وكانت طفولته طفولة الأمراء وهذا أعطاه ثقة كبيرة بنفسه، فإذا أضفت إلى ذلك أن أسرته هلكت تحت أقدام التتار وهذا -بلا شك- جعله يفقه جيدًا مأساة التتار .

وليس من رأى كمن سمع.. كل هذه العوامل صنعت رجلاً ذا طراز خاص جدًا، يستهين بالشدائد، ولا يرهب أعداءه مهما كثرت أعدادهم أو تفوقت قوتهم

التربية الإسلامية العسكرية، والتربية على الثقة بالله، والثقة بالدين، والثقة بالنفس كانت لها أثر كبير في حياة قطز رحمه الله .

 
قطز في الحكم :-

وجد قطز أن السلطان الطفل مشغول باللهو عن أمور الحكم، وأن بعض أمراء المماليك يستغلون ذلك في التدخل في أمور الحكم، وجاء ذلك مع قدوم رسل التتار يهددون مصر بالاجتياح؛ فقام بعزله بعد موافقة العلماء، وأعلن نفسه سلطانًا على مصر .

بدأ قطز حكمه بمواجهة معضلة خطيرة، وهي صد التتار المتوحشين القادمين لغزو مصر بعدما أسقطوا الخلافة الإسلامية، ودمَّروا بغداد، واجتاحوا الشام .

لم يكن قطز يستطيع صدَّ التتار بجيشٍ متشعب الولاءات بين الأمراء الذين يبحثون عن مصالحهم، ولا بشعب لاهٍ عن الجهاد وتبعاته؛ لذا بدأ بتنفيذ خطة محكمة سدَّد الله فيها خطاه؛ إذ بدأ بحشد جهود العلماء المخلصين من أجل بث روح الجهاد في نفوس الشعب، واضطلع سلطان العلماء العز بن عبد السلام بعِظم هذه المهمة، ومعه عدد من العلماء الأجِلاّء الذين تحفظ لهم الأمة مكانتهم .

ولم يكن للشعب أن يتبع خطوات العلماء ما لم يكن الحاكم نفسه يفعل ذلك، وقد كان قطز نِعْم الحاكم الذي يوقر العلماء، ويطيعهم؛ لذا لمّا أراد فرض ضريبة على الشعب لتجهيز الجيش، وأفتى العز بن عبد السلام بعدم الجواز إلا بعد أن يُخرِج الأمراء ما عندهم من أموالهم وأموال نسائهم وجواريهم؛ كان قطز أول مَن نفَّذ تلك الفتوى على نفسه، ثم طبقها على بقية الأمراء بالقوة .

ولكن.. لا بد للجيش من أمراء أكْفاء يقودون الجنود وهم مقتنعون بالهدف والغاية؛ لذا عمل قطز على تجميع الصفوف وتوحيدها، كما أخذ يُحمِّس الأمراء للجهاد في سبيل الله .


قطز والثأر من التتار :

تراصَّ الجميع خلف قطز: شعبًا وأمراءً وعلماءً؛ فبدأ التجهيز العسكري للمعركة، وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 658هـ، وبشروق الشمس أضاءت الدنيا على فجرٍ جديد انبثق من سهل عين جالوت؛ إذ التقى الجيشان: المسلم والتتري، وقاتل قطز رحمه الله قتالاً عجيبًا.

وبعد توكلٍ على الله ، وخطة ذكية من قطز أثبت بها تفوقه على خصمه كتبغا قائد جيش التتار ونائب هولاكو كتب الله النصر للمسلمين، وبدأت الكفة -بفضل الله- تميل من جديد لصالح المسلمين، وارتد الضغط على جيش التتار، وأطبق المسلمون الدائرة تدريجيًّا على التتار، وكان يومًا على الكافرين عسيرًا.. وقُتِل كتبغا بيدي أحد قادة المسلمين .

 ووصل التتار الفارُّون إلى بيسان (حوالي عشرين كيلو مترًا إلى الشمال الشرقي من عين جالوت)، ووجد التتار أن المسلمين جادّون في طلبهم، فلم يجدوا إلا أن يصطفوا من جديد، لتدور موقعة أخرى عند بيسان أجمع المؤرخون على أنها أصعب من الأولى، وقاتل التتار قتالاً رهيبًا، ودافعوا عن حياتهم بكل قوة، وبدءوا يضغطون على المسلمين، وكادوا أن يقلبوا الأمور لمصلحتهم، وابتلي المؤمنون، وزُلزلوا زلزالًا شديدًا، وكانت هذه اللحظات من أحرج اللحظات في حياة القوات الإسلامية، ورأى قطز -رحمه الله- كل ذلك.. فانطلق يحفز الناس، ويدعوهم للثبات، ثم أطلق صيحته الخالدة: واإسلاماه، واإسلاماه، واإسلاماه .[81]

قالها ثلاث مرات، ثم قال في تضرع: "يا الله!! انصر عبدك قطز على التتار.

ما إن انتهى من دعائه وطلبه -رحمه الله- إلا وخارت قوى التتار تمامًا

وقضى المسلمون تمامًا على أسطورة الجيش الذي لا يقهر .

قال الله تعالى : وما النصر إلا من عند الله – سورة آل عمران – 126

 
دولة المماليك وحكم الظاهر بيبرس

 
  عصرا الدولة المملوكية :

العصر الأول: المماليك البحرية 648- 792هـ

العصر الثاني: المماليك الجراكسة أو البرجية 792- 923هـ

عصر المماليك البحرية 648- 792هـ

المماليك البحرية: هم مماليك السلطان الصالح نجم الدين أيوب الذين كثر عددهم، وزادت تعدياتهم فضج منهم السكان فبنى لهم قلعة في جزيرة الروضة عام 638هـ، فعُرِفُوا بالمماليك البحرية

حكم هؤلاء المماليك البحرية مصر مدة أربع وأربعين ومائة سنة (648- 792هـ)، بدأت بحكم عز الدين أيبك. وقد تمثل هذا الحكم في أسرتين فقط، وهما أسرة الظاهر بيبرس البندقداري، وقد دام حكمها مدة عشرين سنة 658- 678هـ

أمّا الأسرة الثانية فهي أسرة المنصور قلاوون، وقد استمر أمرها أربع عشرة ومائة سنة (678 - 792هـ) وحكم هو وأولاده وأحفاده، لم يتخللها سوى خمس سنوات خرج أمر مصر من أيديهم، إذ تسلم العادل كتبغا والمنصور لاجين والمظفر بيبرس الجاشنكير وقد قُتِلَ ثلاثتهم، حكم الأوليان منهم مدة أربع سنوات (694 - 698هـ) وحكم الثالث ما يقرب من سنة 708- 709هـ

 

عصر المماليك الجراكسة أو البرجية 792- 923هـ :-

موطن الجراكسة هو الأرض المشرفة على البحر الأسود من جهة الشمال الشرقي، وتشكل أرضهم الجزء الشمالي الغربي من بلاد القفقاس الممتدة بين بحري الأسود والخزر، والتي كانت تعرف يومذاك باسم بلاد القفجاق، وغدت تلك الجهات آنذاك مسرحًا للصراع بين مغول فارس أو الدولة الإيلخانية، ومغول القفجاق أو الأسرة الذهبية، وهذا الصراع جعل أعدادًا من أبناء الجراكسة تدخل سوق النخاسة، وتنتقل إلى مصر فاشترى السلطان المنصور قلاوون أعدادًا منهم ليتخلص من صراع المماليك البحرية، وليضمن الحفاظ على السلطنة له ولأبنائه من بعده، وقد أطلق على هؤلاء المماليك الجدد المماليك الجراكسة نسبة إلى أصولهم التي ينتمون إليها، كما أطلق عليهم اسم المماليك البرجية نسبة إلى القلعة التي وضعوا فيها .

لقد حكم المماليك الجراكسة مصر والشام والحجاز مدة تزيد على إحدى وثلاثين ومائة سنة (792- 923هـ) وتعاقب في هذه المدة أكثر من سبعة وعشرين سلطانًا، لم تزد مدة الحكم على خمسة عشر عامًا، إلا لأربعة منهم وهم: الأشرف قايتباي، وقد حكم 29 سنة (872- 901هـ)، والأشرف قانصوه الغوري وقد حكم 17 سنة (906- 922هـ)، والأشرف برسباي وحكم 16 سنة (825- 841هـ)، والظاهر جقمق وحكم 15 سنة (842- 857هـ).

وهناك ست سلاطين حكموا عدة سنوات أو أكثر من سنة وهم: الظاهر برقوق وحكم تسع سنوات (792- 801هـ) وهي المرة الثانية بعد خلع المنصور حاجي، وابنه الناصر فرج وقد حكم مرتين في كل مرة سبع سنوات (801- 808هـ) (808 - 815هـ)، والمؤيد وحكم تسع سنوات (815- 824هـ)، والأشرف إينال وحكم سبع سنوات (857- 865هـ)، والظاهر خشقدم وحكم سبع سنوات أيضًا (865- 872هـ).

أما السلاطين الخمسة عشرة الباقون فكانت مدة حكم الواحد أقل من سنة بل إن بعضهم لم تزد مدة حكمه على الليلة الواحدة إذ أن خير بك قد تسلم السلطنة مساءً وخُلِعَ صباحًا وذلك عام 872هـ .

وقد برز في العصر المملوكي كثير من سلاطين المماليك كان لهم دور كبير في تغيير كثير من صفحات التاريخ، كما تركوا بصمات واضحة في التاريخ الإسلامي نذكر منهم الظاهر بيبرس :

الظاهر بيبرس

 

اتصف بيبرس بالحزم ، والبأس الشديد، وعلو الهمة، وبعد النظر، وحسن التدبير، واجتمعت فيه صفات العدل والفروسية والإقدام، فلم يكد يستقر في الحكم حتى اتخذ عدة إجراءات تهدف إلى تثبيت أقدامه في الحكم منها: التقرب من الخاصة والعامة؛ بتخفيف الضرائب عن السكان، كما عفا عن السجناء السياسيين، وأفرج عنهم، كما عمل على الانفتاح على العالم الإسلامي لكسب ود زعمائه.

 

وقام كذلك بالقضاء على الحركات المناهضة لحكمه، وأعاد الأمن والسكينة إلى البلاد وإضافةً إلى ذلك، أعاد إحياء الخلافة العباسية .

 
وعندما توطدت دعائم سلطة المماليك، وقويت شوكتهم، نتيجة الإجراءات التي اتخذها "بيبرس"، رأى هذا السلطان ضرورة متابعة سياسة صلاح الدين الأيوبي وخلفائه في طرد الصليبيين، وإجلائهم عن البلاد الإسلامية، ولم يكن ذلك بالأمر السهل، فقد كان لزامًا عليه أن يجابه ما تبقى من الإمارات الصليبية وهي أنطاكية، وطرابلس، والجزء الباقي من مملكة بيت المقدس، وحتى يحقق هدفه اتبع إستراتيجية عسكرية قائمة على ضرب هذه الإمارات الواحدة تلو الأخرى، ولم تنقضِ سنة من السنوات العشر الواقعة بين عامي ( 659- 669هـ/ 1261- 1271م) دون أن يوجه إليهم حملة صغيرة أو كبيرة، وكان ينتصر عليهم في كل مرة .


تُتَّهم الدولة المملوكية كثيرًا بالضعف الحضاري، والهزال العلمي الفكري، ولكن التاريخ الصحيح يُكذِّب ذلك؛ فقد كان لفنون الحضارة مكان عزيز عند المماليك؛ فمن ذلك جهودهم التي قاموا بها في المجالات التالية :-[82]

تطوير الجهاز الإداري :

حرص سلاطين المماليك على تطوير الجهازين الإداري والعسكري، فاستحدث الظاهر بيبرس بعض الوظائف الإدارية لأن الوظائف التي عرفها المماليك وأخذوها عن الأيوبيين أصبحت لا تفي بحاجة الدولة الآخذة في التطور والتوسع فأنشأ وظائف جديدة لم تكن معروفة في مصر من قبل يشغلها أمراء يعينهم السلطان من بين الأشخاص الذين يثق بهم .

تعديل نظام القضاء

كان يتولى منصب القضاء في عهد الأيوبيين في القاهرة وسائر أعمال الديار المصرية، قاض واحد على المذهب الشافعي وله حق تعيين نواب عنه في الأقاليم، وأحيانًا كان يعين قاض للقاهرة والوجه البحري. وظل الوضع على ذلك حتى عام(660هـ/ 1262م). وما زال السلطان يطور النظام القضائي حتى ثبته وجعله مبدأ رسميًّا في (شهر ذي الحجة عام 663هـ/ شهر تشرين الأول عام 1265م)، فعين أربعة قضاة يمثلون المذاهب الأربعة وسمح لهم أن يعينوا نوابًا عنهم في الديار المصرية. فكان القاضي ابن بنت الأعز يمثل المذهب الشافعي، والقاضي صدر الدين سليمان يمثل المذهب الحنفي، والقاضي شرف الدين عمر السبكي يمثل المذهب المالكي، والقاضي شمس الدين القدسي يمثل قضاء الحنابلة، وفعل مثل ذلك في دمشق .

وسن بيبرس عدة تشريعات لتهذيب أخلاق المصريين لعل أهمها الأمر الذي أصدره في عام (664هـ/ 1266م) ومنع بموجبه بيع الخمور، وأقفل الحانات في مصر وبلاد الشام، ونفى كثيرًا من المفسدين .

المنشآت العمرانية :-

من أهم منشآته العمرانية :-

- - جدد بناء الحرم النبوي

- - جدد بناء قبة الصخرة في القدس، بعد أن تداعت أركانها

- - أعاد الضياع الخاصة بوقف الخليل في فلسطين، بعد أن دخلت في الإقطاع، ووقف عليه قرية اسمها بإذنا .

- - بنى المدرسة الظاهرية بين القصرين، وعين فيها كبار الأساتذة كان من بينهم مدرس الحنفية الصاحب مجد الدين بن العديم، ومدرس الشافعية الشيخ تقي الدين بن رزين، وولى الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي مشيخة الحديث، والشيخ كمال الدين الحلبي مشيخة القرَّاء .

- - بنى مسجده المعروف باسمه في ميدان الأزهر في القاهرة

- بنى مشهد النصر في عين جالوت تخليدًا لذكرى الانتصار على المغول-

- جدد أسوار الإسكندرية

- - أعاد بناء القلاع التي هدمها المغول في بلاد الشام مثل قلعة دمشق، قلعة السلط – الصلت ، قلعة عجلون وغيرها .


 
الحضارة في عصر المماليك :

لقد ظهر في العصر المملوكي كثير من المنشآت الدينية من مساجد وتكايا ومدارس وأربطة وحلقات العلم، تقوم على تدريس العلوم الدينية، وتقديم الخدمات لطلبة العلم، هذا إضافة إلى الكتب الدينية التي صدرت آنذاك .

وزخر العصر المملوكي بعدد كبير من مشاهير العلماء الذين أثروا الحركة العلمية نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الإمام النووي، والعز بن عبد السلام، وابن تيمية، وابن قيم الجوزية، والمزي، وابن حجر العسقلاني، والذهبي، وابن جماعة، وابن كثير، والمقريزي، وابن تغري بردي، والقلقشندي، وابن قدامة المقدسي، والمزي الفلكي المتوفَّى عام 750هـ .(1)

العمارة والفنون :-

يعتبر عصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون (698- 708ه-/1299- 1308م) من أزهى عصور الدولة المملوكية فقد أكثر من العمائر، ومن أهم منشآته في مدينة القاهرة الميدان العظيم، والقصر الأبلق بالقلعة، والإيوان ومسجد القلعة، والميدان الناصري، وبستان باب اللوق، وقناطر السباع .

ومن بين الأعمال العظيمة التي أنجزت في عصر الناصر محمد حفر قناة من الإسكندرية إلى فوة، وبذلك أعاد وصل الإسكندرية بالنيل .

وبلغ اهتمام الناصر بالعمارة أن أفرد لها ديوانًا، وبلغ مصروفها كل يوم اثني عشر ألف درهم . (2)

وكان السلطان قايتباي (873- 902هـ / 1468- 1496م) محبًّا للعمارة، فقد بنى ورمم كثيرًا من المساجد والقلاع والحصون والمدارس والزوايا، ولا يضارع عصره في المباني وفرة وجمالاً سوى عصر الناصر محمد بن قلاوون .

أمّا مدينة الإسكندرية فقد حظيت بعناية السلطان قايتباي، فقد أنشأ بها قلعة أطلق عليها اسم البرج، وتعتبر أكبر آثاره الحربية .

أما الفنون في عصر المماليك فنجد أنها وصلت حدَّ الروعة والإتقان والرقي، ويشهد على ازدهار فن النحت على الخشب في العصر المملوكي، أن الفنانين استطاعوا أن يبدعوا في زخرفة الحشوات بالرسوم الدقيقة .

كذلك ازدهرت في عصر المماليك صناعة الشبكيات من الخشب المخروط، المعروفة باسم المشربيات . (3)

 

[1] محمود شاكر: موسوعة التاريخ الإسلامي، العهد المملوكي 7/15-17.

[2] المقريزي: الخطط 2/70.

[3] د. محمود محمد الحريري: مصر في العصور الوسطى ص287، 288

 

 
الفصل الثالث : صراعات وحروب دولة المماليك  

 
أولاً: مواجهة التتار :

كان تيمور لنك ملك التتار قد اتخذَ من مسقطِ رأسه سمرقند عاصمةً له، واتجه إلى التوسُّعِ شرقًا وغربًا يحمل معه الدَّمار والقتل والدِّماء، فاستولى على بلادِ ما وراء النَّهر وخراسان وطبرستان، وخرَّبَ مدينةَ الرها في سنة (789هـ/ 1387م)، واستولى على بغداد سنة (795هـ/ 1393م) فأكثرَ فيها القتل  .

ولم يجد حكَّامُ هذه المناطقِ مَنْ يلوذون به سوى المماليك ، فلجأ إليهم أحمد بن أويس سلطان بغداد فأحسنَ إليه السلطان برقوق وأكرمَه، وكان أحمد بن أويس من أصلٍ مغولي ثم استعرب أجدادُه، وآل إليهم حكمُ العراق، ثُمَّ فرَّ أمام جيوش تيمور لنك .

ووصل تيمور لنك إلى مشارفِ الشام، وطمع في الاستيلاء عليها، وأرسل كتابًا شديدَ اللهجةِ يحملُ كثيرًا من التهديد إلى السلطان برقوق، فقتل السُّلطانُ رسلَه واستعدَّ لحربِه، ولكن تيمور لنك شغل عنه بحروبِه في الجبهاتِ الأخرى وبخاصةٍ الهند .

وأمدَّ السُّلطانُ برقوق بن أويس بالجند والعتاد حتَّى مكَّنه من استردادِ ملكه بعد عامين سنة (797هـ)، وجعله نائبًا عنه، وبذلك أصبحتْ بغدادُ من الناحية السياسية تابعةً لمصر وخاضعة لسلطة المماليك .

 
أزعجت هذه الأنباءُ تيمور لنك فأسرعَ بالعودةِ من الهند، وفي هذه الأثناءِ تُوفي السُّلطانُ برقوق وتولَّى ابنُه فرج، وأرسل تيمور إنذارًا للمماليك بتسليمِ حلب، فقاوموه ولكنَّه هزمهم سنة (802هـ/ 1400م)، واقتحم حلبَ فخرَّبَها، وفزعت لذلك دمشق والقاهرة، وفرَّ كثيرٌ من النَّاس منهما خوفًا وهلعًا، ثم ازدادتْ الأمورُ سوءًا بدخول تيمور لنك دمشقَ ونهب أموالها ونقل عمَّالها وصنَّاعها المهرة إلى بلادِه سمرقند .

وأمام هذه الهزائمِ اضطرَّ السُّلطانُ الصغير فرج بن برقوق إلى قبولِ الصُّلح، ثم ما لبث تيمور أنْ تُوفي سنة (807هـ/ 1405م)، وتنازع أبناؤُه وكفى اللهُ المؤمنين قتالَهم .


ثانيًا: فتح جزيرة قبرص:


كانت قبرص بحكمِ موقعها القريب من بلاد الشام إحدى قواعدِ الصليبيين ومراكزِ إمدادهم الهامَّة، فلمَّا تمكَّن المسلمون من تطهيرِ بلاد الشام من الصليبيين أصبحت قبرص منطلقًا لعملياتِ القرصنةِ والتخريب ضدَّ بلاد المسلمين هي وجزيرة رودس مركز طائفة الإسبتارية، وأصبحتْ تجارةُ المسلمين مهددةً، ومعنى هذا انهيار اقتصادِ المسلمين وافتقارهم وضعفهم، مما يسمحُ للصليبيين بالتفوقِ عليهم ومعاودة غزو أراضيهم .

ولذلك عزم السلطان الأشرف برسباي (825 – 841هـ) على غزوِ جزيرة قبرص، ووجَّه إليها ثلاثَ حملاتٍ بحرية قوية في سنوات (827هـ، 828هـ، 829)، وكانت أُولاها غارات استطلاعية استكشافية، نجحتْ في إلحاقِ الهزيمة بالقبارصة، وأحرقتْ ما في سواحلِهم من سفنِ القراصنة، وعادتْ بالنَّصرِ والغنائم، وكانت الحملةُ الثانية أكثرَ قوة، فقد توغَّلتْ داخلَ قبرص، واستولتْ على بعضِ قِلاعها وأسرت كثيرًا من جنودِها، وكانت الثالثةُ أقوى الحملاتِ وأعظمها فقد استولى المسلمون على ميناءِ ليماسول، وهزموا جموعَ القبارصة وأسروا ملكَهم "جانوس" وفتحوا عاصمتَها نيقوسيا .

وعاد جندُ الله بالأسرى والملك الذَّليل، وعمتِ الأفراحُ والزينات أنحاءَ القاهرة، وأصبحتْ قبرص ولايةً مملوكية، وقَبِلَ السُّلطان برسباي الإفراجَ عن جانوس وإعادته إلى مملكتِه بشرطِ أن يكونَ تابعًا له ويحكم باسمه، وأن يلتزمَ بدفعِ الجزية، وتحقَّقَ بذلك الأمنُ والهدوء للسَّواحلِ الشَّامية والمصرية، ولتجارةِ المسلمين في البحر المتوسط إلى حدٍّ كبير .


ثالثًا: غزو ردوس:


وبقيت رودس شوكةً في جنب المسلمين تؤدِّي دورَها العدواني ضدَّ الموانئ والسُّفنِ الإسلامية، حتَّى تولَّى السلطان جقمق (842 – 857هـ)، فاحتذى ما فعلَه برسباي في قبرص، فأرسلَ ثلاثَ حملاتٍ إلى رودس في سنوات (844هـ، 847هـ ).

وكانتُ الحملةُ الأولى استكشافية محدودة القوة؛ خرجت من ميناء دمياط دون أنْ تحقِّقَ عنصرَ المفاجأة فاستعدَّ لها فرسانُ رودس الإسبتارية بأساطيلِهم، ووقع قتالٌ شديد على سواحلِ ردوس أبلى فيه المماليك بلاءً حسنًا، وقتلوا وغنموا وسبوا وقُتِل منهم اثنا عشر رجلاً وعادوا إلى دمياط .


وكانت الحملة الثانية بقيادةِ الأمير إينال العلائي أكثر نجاحًا، فتمكَّنتْ من تدميرِ بعض القِلاع والحصون، واضطرت إلى العودةِ قبل أن تدهمَها عواصفُ الشِّتاء، وقال المشاركون فيها: لو كنَّا جمعًا لأخذنا رودس .


كان هذا القولُ حافزًا للسلطان جقمق، فاستكثرَ من السُّفنِ والجند، وأعدَّ كثيرًا من المراكب في دار الصناعة في بولاق، وخرج الجيشُ المملوكي ومعه كثيرٌ من المتطوِّعةِ وحاصروا جزيرةَ رودس، ولكنَّها صمدتْ بقوةٍ بفضل استعدادِ أهلِها وما تلقَّوْه من مساعداتٍ وإمدادات من الدول الصليبية، أنَّ رودس غير قبرص، فاكتفوا بفرضِ الصُّلح عليهم .


رابعًا: الكشوف الجغرافية والصراع مع البرتغاليين:-

اتخذت الحروب الصليبية بعد فشلها في دول المشرق العربي شكلاً جديداً وهو حركة الكشوف الجغرافية .

والتي كان زعمائها البرتغاليين .

وكان هدفهم هو تدمير قوة المسلمين .

وقد اتخذت هذه الفتوحاتُ شكلاً عدوانيًّا، واتَّسمتْ بالقرصنةِ والاعتداء على السفن التجارية وأهالي البلاد السَّاحلية الآمنين، وكان بابا الفاتيكان يدعو إلى هذا الاتجاه ويباركُه ويشجِّعُ أصحابَه، ويصدر قراراتِ الحرمان ضدَّ كلِّ مَن يتعاونُ مع المسلمين تجاريًّا واقتصاديًّا، ونسيت أوربا أنَّ ما وصلت إليه من يقظةٍ علمية وحضارية كان بسبب المسلمين في المشرقِ وجزر البحر المتوسط والأندلس وجنوبي إيطاليا وصقلية، ورأت أن تردَّ لهم الجميلَ عدوانًا وبغيًا .

وقام البرتغاليون بجهودٍ كبيرة في مجال هذه الكشوف، حتَّى نجح بحَّارُهم الشهير فاسكو دي جاما في اكتشافِ الطَّريقِ الجديدة التي تمرُّ حولَ إفريقيا، مرورًا برأس الرجاءِ الصالح (كيب تاون أي مدينة الرأس) حتَّى تصل إلى بلاد الهند وجنوب شرقي آسيا، دون أن تمرَّ ببلادِ المسلمين، وذلك في سنة 903هـ/ 1497م

ويقولُ الأستاذ محمود شاكر موضِّحًا هدفَ تلك الكشوف: "تدَّعِي أوربا أنَّ الحافز لها في هذه الاكتشافاتِ هو تجارةُ التوابل والحصول على المال، لكنَّ هذا الادعاء لا يستندُ إلى حقيقةٍ علمية، ولا يقبلُه تحليلٌ صحيح، إنَّ حقيقةَ الدوافع التي تكمنُ وراء ذلك إنَّما كانت هي الحروب الصليبية التي كانت ولا تزالُ يحملُ التاريخُ صورًا منها .

 
 وكان البرتغاليون يسعون إلى تطويقِ المسلمين منذ عهدِ ملكِهم "حنا" الأول الذي احتلَّ "سبته" على السَّاحلِ المغربي، ووصلَ رجالُه إلى سواحلِ إفريقية الغربية وبلغ أحدُهم وهو "بارثلمي دياز" الطرفَ الجنوبي من القارة، وأسماه: رأس العواصف، ولكن ملكَ البرتغال أسماه رأس الرجاء الصالح تعبيرًا عن أملِه في تطويقِ المسلمين .

وصبغ البرتغاليون كشوفَهم بالصبغةِ الاستعمارية الصليبية، فوضعوا نُصبَ أعينِهم السيطرةَ على كلِّ المواني والبلاد التي يتاجرُ معها المسلمون، والعمل على نشرِ المسيحية بين سكَّانِها، والإفادة من كلِّ خلافٍ يقع بين القوى الإسلامية.

ودسَّ البرتغاليون أعدادًا من اليهودِ فتظاهروا بالإسلام وأتقنوا اللغة العربية، واندسُّوا بين المسلمين وسرقوا أسرارَهم وعلومَهم، وأمدُّوا بها البرتغاليين، ومنها خرائط البحارِ والطُّرقِ التجارية، وعرفوا أسرارَ "منطقة السكون الاستوائية"، وهي سكون الرِّياح تمامًا عند خطِّ الاستواءِ وتوقف السُّفنِ الشراعية عن الحركة، وعلموا من المسلمينَ أنَّه لا يمكنُ التحركُ شمالاً إلا في الربيعِ وجنوبًا إلا في الخريفِ، وكانت هذه المعلوماتُ النادرة معروفةً لدى دولة المماليك في مصر.

وأرسل ملك البرتغال حملتَه البحرية المكوَّنة من ثلاثِ سفنٍ بقيادة فاسكو دي جاما فاستكملتِ اكتشافَ هذا الطريق، ووصل إلى الهندِ فلم يرحب به أمير كلكتا، فأعدَّ حملةً جديدة وعاد ليضربَ مدينتَه بالقنابل، وفي طريقِ عودتِه صادفَ سفينةً للحجَّاجِ متجهةً من الهندِ إلى مكَّةَ المكرمة، فأغرقَها في خليج عمان وقبض على ركَّابِها، وكانوا حوالي مائة فعذَّبَهم ثم أعدمهم جميعًا، ودمَّرَ ثلاثةَ مساجد وجدها في مدينة كلو في شرقي إفريقيا، وأعلنَ البرتغاليون أنَّهم سيدمِّرون الأماكنَ المقدَّسةَ في مكةَ والمدينة، ويزيلون معالِمَ الإسلام! وكان هذا أحد الدَّوافعِ التي جعلتِ العثمانيين يتجهون إلى الشَّرقِ الإسلامي لحمايةِ هذه المقدسات .

واحتلَّ البرتغاليون كلكتا سنة (906هـ/ 1500م) بعد استكمالِ اكتشافهم لطريقِ رأس الرجاء بثلاث سنوات، ثم احتلُّوا بعضَ الموانئ العربيةِ؛ مثل عدن وجزيرة هرمز، كما احتلوا ميناءَ مصرع على المدخلِ الإفريقي للبحر الأحمر، وبذلك تحكَّموا في مضيقي هرمز وباب المندب، ومنعوا سفنَ المسلمين وتجارتِهم من المرور.

وتفاقم خطرُ البرتغاليين في البحارِ الإسلامية، حتَّى قيَّضَ اللهُ لهم القوةَ الإسلامية الفتية؛ الممثَّلة في العثمانيين لتردَّهم على أعقابِهم وتحمي ديارَ الإسلام من كيدِهم .

 

خامسًا: المماليك والعثمانيون :


وفي الوقتِ الذي آذنتْ فيه شمسُ المماليك بالغروب، وترنَّحتْ دولتُهم نحو السُّقوط، ارتفع نجمٌ آخرُ في سماء المنطقة، وظهرتْ دولةٌ إسلامية فتية هي دولة الأتراك العثمانيين، واستطاعت أن تثبِّتَ أقدامَها في آسيا الصغرى، وتتجاوزَ البسفور فتُسقِط عاصمةَ الرُّومِ المنيعة المتأبية على الفاتحين المسلمين عبر القرونِ الماضية، وتفرض سلطانَها على كثيرٍ من بلاد أوروبا الشَّرقية، وامتدَّتْ جيوشُها حتَّى حاصرتْ أسوارَ فيينا عاصمة النِّمسا، وكانت هذه الفتوحاتُ تضفي على الدولة العثمانية طابعَ الجهاد، وتتعاطفُ معها قلوبُ المسلمين باعتبارِها حاملة لواءِ الجهادِ ضدَّ الغربِ الصَّليبي .

وفجأة غير السلطان العثماني سليم وجهته وفتوحاته من الغرب إلى الشرق وإختار أولاً السيطرة على بلاد المسلمين حيث تمكن من السيطرة على الإثناعشرية في إيران ووضع حد للدولة الصفوية وأتباعهم في إيران والعراق وكان ذلك في موقعة جالديرات عام 1514م  .

ونتج عن هذه الموقعةِ استيلاءُ العثمانيين على الجزيرةِ الفراتية والموصلِ وديار بكر، فأصبحوا وجهًا لوجهٍ أمام دولة المماليك، وقد استاء المماليكُ لذلك لشعورِهم بأنَّ هناك قوةً جديدة تنافسُهم في منطقةِ الشَّرقِ الإسلامي، وتحاولُ أن تقدم عليهم بعد أن كانت محصورة في الأناضول .

وكان من مصلحةِ المماليك حفظُ التوازن بين الصفويين والعثمانيين؛ حتَّى يتخوفَ كلٌّ منهما من الآخر، وينشغلَ بأمره فلا يفكرُ في غزوِ ديارِهم، وقد ذكر ابنُ إياس أنَّ السُّلطان الغوري عندما علمَ بالصِّراعِ بين العثمانيين والصفويين خرج إلى حلب ليطلعَ على جليةِ الأمر وقال: "حتَّى نرى ما يكون من أمرِ الصفوي وابن عثمان، فإنَّ من ينتصرُ منهما على غريمِه لا بدَّ أن يزحفَ على بلادِنا .

واستاء المماليكُ أكثر عندما قضى السُّلطانُ سليم العثماني سنة (921هـ/ 1515م) على إمارةِ الدلغادر التركمانية الحليفةِ لهم على أطرافِ آسيا الصغرى، واتجه السُّلطانُ الغوري إلى تقويةِ عَلاقاتِه بالصفويين، وعقد حلفًا مع الشاه إسماعيل الصفوي، وآوى إليه الأمير قاسم بن أحمد العثماني بعد أن قُتِلَ أبوه على يدِ عمِّه السُّلطان سليم.

وتزايد خطرُ العثمانيين نتيجة الحشود الضخمةِ التي عبَّأها السُّلطان سليم على حدودِ دولة المماليك، زاعمًا أنه يستعدُّ لقتالِ الصفويين، ولم يكن المماليكُ على مستوى الحدثِ الجلل، فقد كثر الصِّراعُ بينهم، وثارَ المماليك الجلبان ضدَّ السُّلطانِ قانصوة الغوري لتأخر نفقاتِهم، مما آثار حنقَ السُّلطان، وجعله يهدِّدُ المماليكَ باعتزالِ السلطنة، وأخيرًا التفتت كلمتهم على الاجتماع لمواجهةِ العدوِّ المشترك .

وكان أميرُ حلب خاير بك متصلاً سرًّا بالعثمانيين ومتواطئًا معهم، فأرسلَ يثبِّطُ من عزيمةِ السُّلطانِ الغوري، ويقول له أنَّه تأكَّدَ أنَّ حشودَ العثمانيين موجهةٌ إلى الصفويين، وعليه ألا يخشى جانبَهم، وكانت الأحوالُ الاقتصادية ببلاد الشَّامِ سيئةً، ولا تحتملُ المزيدَ إذا قَدِمَ السُّلطان الغوري بجيشِه الجرَّار ليرابطَ فيها، وأعقب ذلك رسالةٌ ودِّية من السُّلطانِ سليم العثماني يقولُ فيها للسلطانِ الغوري: أنت والدي وأسالك الدُّعاء، وكلُّ ما يريدُه السُّلطانُ أو يراه فعلناه .

ولم تنطلِ هذه الحيلُ على السُّلطان الغوري المحنَّكِ، فواصل استعداداتِه حتى تصله باقي الإمدادات، وكتب إلى السُّلطانِ الغوري كلامًا معسولاً، وطلب منه يمده بالسُّكَّرِ والحلوى ففعل .

وبعد ذلك حصل نزاع فيما بينهم وكان النصر للعثمانيين .

 
الفصل الرابع :أسباب وعوامل سقوط دولة المماليك :  

ترجع أسباب سقوط الدولة المملوكية إلى عدة عوامل ومنها :-

العوامل الداخلية :

- تراجع زعامة المماليك في العالم الإسلامي

على أثر نجاح المماليك في صد غزوات المغول وجحافل تيمورلنك وطرد الصليبيين من بلاد الشام، ادعى حكام مصر لأنفسهم دور الريادة في العالم الإسلامي، واعتبروا دولتهم مركز الإسلام ودار الخلافة، وحملوا لقب (حماة الإسلام والمسلمين)، وسادت أوساطهم نزعة التفرد الديني والسياسي .

ووفقًا لمفاهيم العصر كانت الزعامة معقودة للحاكم المسلم الأقوى، أي للسلطان القادر على حماية الإسلام والمسلمين .

إلا أن الوضع المميز الذي تمتع به سلاطين المماليك، تبدل في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، ومطلع القرن السادس عشر، فقد ظهر عجز المماليك عن مواجهة أوروبا المتوثبة، وأضحى زعيم المسلمين غير قادر على حماية الإسلام والمسلمين، وبرز السؤال من جديد: من الذي ينبغي أن يتزعم المسلمين ويقودهم؟

الانحلال الاجتماعي :-

ظلَّ المماليك على مدى ثلاثة قرون يعتبرون دولتهم طرازًا نموذجيًّا للمجتمع المسلم العادل المحافظ على مبادئ الشرع، والواقع أن هذا المجتمع رفض كل البدع، وساده التقوى، وانتشر الإيمان الحقيقي بين فئاته، كما احتضن الخلفاء العباسيين، إضافةً إلى علماء الدين الذين كان لهم الرأي الصائب والكلمة المسموعة .



وتغير واقع الحال مع مرور الزمن، وأضحى الأمر بعيدًا كل البعد عن الصورة التي رسمناها، إذ إن معظم المسلمين بدءوا منذ أواخر القرن الخامس عشر الميلادي يشعرون بتراجع دولة المماليك على الصعيد الاجتماعي، وجاهروا أن مصر أضحت بلدًا لا يطبق بعض مبادئ الشريعة الإسلامية .

انعزال المماليك عن المجتمع :-

كوَّن المماليك مجتمعًا مغلقًا خاصًّا بهم، فلم يختلطوا بالرعية، بل ظلوا بمعزل عنهم مترفعين عليهم، محتفظين بجنسهم وعاداتهم، وكان التحدث باللغة التركية شرطًا أساسيًّا في الانتساب إلى الطبقة الحاكمة، فالمماليك كانوا يتحدثون بهذه اللغة في مجتمعاتهم واجتماعاتهم، وانحصر زواجهم إمّا من نساء تركيات جيء بهن خصيصى لهذه الغاية، أو من بنات الأمراء، ولم يتزوجوا من بنات مصر إلا في القليل النادر، لكن زواجهم هذا لم يغير عادة العزلة فيهم، ولم يدعهم إلى الاختلاط بغيرهم؛ مما أوجد فجوة بين الحكام والمحكومين .

فساد النظام الإداري :-

كان التنظيم الإداري والعسكري في بداية العصر المملوكي نظامًا فعالاً وصارمًا، فعندما يعتلي سدة الحكم سلاطين أقوياء، يضبطون الأمور بحزم وحكمة.

لكن هذا التنظيم بدأ يفقد فعاليته تدريجيًّا، إذ إن الصلاحيات الواسعة التي منحها السلاطين للأمراء ضمانًا لولائهم قد أساءوا استعمالها، وأن السلاطين أنفسهم لم يقيدوا تلك الصلاحيات؛ مما أفسح بالمجال أمام الطامحين للخروج على الطاعة، وقد أدى التهاون في ضبط هذا التنظيم الذي حمل في طياته بذور الفساد، أن نمت هذه البذور وتفتحت؛ ففسخت أواصره وأفقدته تماسكه، خاصة في ظل حكم السلاطين الصغار والضعفاء، عندئذٍ يبرز الأمير القوي الذي يعزل السلطان ويجلس مكانه .

 

فساد النظام الإقطاعي :-

لقد قدم الفلاح في العصر المملوكي الكثير من الضرائب النقدية والعينية، وكانت طريقة تحصيلها تتسم في الغالب بالعنف، وقد عانى إلى جانبها من التزامات متنوعة، وقيود مفروضة عليه ألزمته قسرًا الفلاحة في الإقطاعية، فأضحى عبدًا لصاحبها لا يستطيع الهرب منها والتخلص من ظلم المقطِع وقسوته، وليس له من خيراتها إلا القليل .

أمَّا الأمراء فقد أحجموا عن الاهتمام بإقطاعاتهم طالما أنها غير وراثية، وازداد اعتمادهم على الرواتب النقدية والعينية، كما تراجع بناء الجسور والأقنية، وأُهمِلَ ترميم ما هو قائم منها، فتدهور الإنتاج الزراعي، وازداد عجز الدولة عن سد النفقات العسكرية، فاضطر السلطان إلى فرض مزيد من الضرائب بشكل تعسفي، فنتج عن ذلك انطلاق المقاومة الشعبية بكل أشكالها .

كذلك من أسباب سقوط وإنتهاء دولة المماليك العوامل التالية :-

التدهور الاقتصادي .

انحلال النظام الداخلي .

إهمال الأسس التي قامت عليها تربية المماليك .

بذخ السلاطين وترفهم .

كثرة المصادرات .

كثرة فرض الضرائب .


النتائج العلمية لهذا الكتاب والخلاصة العامة لهذا البحث التاريخي

 

تعرض تاريخ دولة المماليك  لحملات التشويه والتزوير والتشكيك من قبل اليهود والنصارى والصليبيين.

     سار بعض مؤرخو الفرس والرومان والعرب والأتراك في ركب الاتجاه المعادي لفترة تاريخ المماليك وعهد دولة المماليك  .

           
     اعتمد المؤرخون الذين عملوا على تشويه الدولة المملوكية على تزوير الحقائق، والكذب والبهتان والتشكيك والدس ولقد غلبت على تلك الكتب والدراسات طابع الحقد الأعمى، والدوافع المنحرفة ، بعيدة كل البعد عن الموضوعية.

 
     قام مجموعة من علماء التاريخ المملوكي من أبناء الأمة بالردود على تلك الاتهامات والدفاع عنهم ومن أهم وأبرز تلك الكتابات مايلي :-

 
إبن إياس :  بدائع الزهور في وقائع الدهور (5 أجزاء)، تحقيق محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.

ابن أيبك الدواداري : كنز الدرر وجامع الغرر، مصادر تأريخ مصر الإسلامية            (9 اجزاء)،المعهد الألمانى للآثار الإسلامية، القاهرة 1971.

ابن بطوطه : رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، دار الكتب العلمية، بيروت 1992.

ابن تغري : النجوم الزاهرة في ملوك مصر و القاهرة (16 جزء)، دار الكتب و الوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، القاهرة 2005

ابن كثير : البداية والنهاية (14 جزء)، تحقيق سهيل زكار، دار صادر، بيروت 2005

بدر الدين العيني : عقائد الجمان في تاريخ أهل الزمان، تحقيق د. محمد محمد أمين، مركز تحقيق التراث،الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1987.

بيبرس الدوادار : زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة، جمعية المستشرقين الألمانية، الشركة المتحدة للتوزيع، بيروت 1998.

جاستون ڤييث :  القاهرة مدينة الفن و التجارة، عين للدراسات والبحوث الانسانية و الاجتماعية، القاهرة2008

جمال الدين الشيال : (أستاذ التاريخ الإسلامي): تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1966.

جمال الغيطاني : سيرة الظاهر بيبرس، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1996.

جمال الغيطانى: تجليات مصرية.. مآذن القاهرة،المصرى اليوم، مؤسسة المصرى اليوم للصحافة والنشر، عدد 1917، 12 سبتمبر 2009.

حمدى السعداوي : المماليك، المركز العربى للنشر، معروف أخوان للنشر والتوزيع، الأسكندرية.

حسين فوزي : سندباد مصرى، جولات فى رحاب التاريخ، دار المعارف، القاهرة 1990

لطفى أحمد نصار: وسائل الترفيه في عصر سلاطين المماليك، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1999.

 

محيي الدين بن عبد الظاهر :-  الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، تحقيق ونشر عبد العزيز الخويطر 1976.

محيى الدين بن عبد الظاهر:  تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور، تحقيق د. مراد كامل، الشركة العربية للطباعة والنشر، القاهرة 1961.

المقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك (9أجزاء)، دار الكتب، القاهرة 1996.

المقريزى: المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط والآثار (4 أجزاء)، مطبعة الأدب، القاهرة 1968.

شفيق مهدى (دكتور): مماليك مصر والشام، الدار العربية للموسوعات، بيروت 2008.

عز الدين بن شداد :- تاريخ الملك الظاهر، دار نشر فرانز شتاينر، فيسبادن 1983.

قاسم عبده قاسم (دكتور): عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسى والاجتماعى، عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2007.

القلقشندي : صبح الأعشى في صناعة الإنشا (15 جزء)، دار الفكر، بيروت.

 

وترجع أصول المماليك إلى أن أصل المماليك، عبارة عن تجمعات مختلفة من أماكن كثيرة ، فهم من جنسيات متعددة ومن مناطق إسلامية مختلفة منها بلاد التركستان، وشبه جزيرة القرم، وبلاد القوقاز، وآسيا الصغرى، وبلاد ما وراء النهر.

 ونظراً لتعدد أنواع المماليك فإنهم قد إنقسموا إلى قسمين:

القسم الأول: المماليك البحرية: وهم الذين جلبهم الملك الصالح نجم الدين وبنى لهم قلعة بجزيرة الروضة وإختار منهم فرقة للأسطول سميت الفرقة البحرية ولذلك سموا المماليك البحرية .

 أما القسم الثانى: المماليك البرجية:  وهم شراكسة اشتراهم السلطان قلاوون لتدعيم حكمه، وتم له ما أراد إلى أن استولوا هم على الحكم من أحفاده الذين جاءوا بعده.

وسموا المماليك البرجية لأن السلطان قلاوون أسكنهم في أبراج .

وفي عام – 648 هـ - سقطت دولة الأيوبيين لتحل محلها دولة المماليك .

وكان ذلك عندما تآمرت شجرة الدر مع المماليك على قتل توران شاه آخر حكام الدولة الأيوبية .

 وبدأ الحكم في دولة المماليك بيد شجرة الدر بشكل مبدئي .

وبعد ذلك توالى الحكم المماليك البحرية .

وثم جاء من بعدهم المماليك البرجية ليستلموا زمام الأمور في الدولة المملوكية والتي تسمى دولة المماليك.

وبعد ذلك تم إستمرار دولة المماليك أكثر من قرنين ونصف وبعدها سقطت دولة المماليك وذلك بسبب هزيمة المماليك أمام العثمانين وكان ذلك من عام 690 – وحتى عام  699 هـ .

وكان عدد قادة وسلاطين المماليك البحرية الذين تولوا السلطة والحكم 27 سلطاناً .

وجاء من بعدهم -29- حاكماً وسلطاناً من سلاطين المماليك البرجية قاموا بتولي زمام الأمور في دولة المماليك .

وأول ما واجهته الدولة العثمانية هو دولة المماليك .

ووقعت بينهم حروب ومعارك كان على إثرها سقوط دولة المماليك وصعود الدولة العثمانية .

وبعد إنتهاء دولة المماليك كانت هناك آثار قوية معنوية ومادية في كثير من الدول والبقاع توضحت فيها جلياً معالم دولة المماليك وكان ذلك في إهتمام دولة المماليك بالأدب والفن والزخرفة والإهتمام بالعدل في القضاء ووكذلك إهتمام دولة المماليك بالآثار والصناعة والزراعة والتجارة وتطوير الأسلحة الحربية وغيرها .

 

 

كما كان هناك إهتمام كبير في دولة المماليك بالمساجد والمآذن والقصور حيث ظهرت عدة مدارس إسلامية وشرعية وترك المماليك مساجد كثيرة منها :-

مدرسة السلطان حسن، ومدرسة الناصر قلاوون، ومسجد المؤيد شيخ.

وكذلك إهتمت دولة المماليك بالقاهرة والإسكندرية لنشاهد قلعة قايتباى الشهيرة.

وقد عاصر المدرسة الفنية المملوكية مدرستان كبيرتان هما الطراز العثمانى الذى ظهر في آثار إستانبول الجميلة، والطراز الصفوى الذى نشاهد روائعه في مدينة أصفهان.

وأما فى مجال العلوم والمعارف فقد حفل العصر المملوكى بأكبر عدد من المؤرخين الكبار فلم يجتمع مثل هذا العدد من عمالقة التاريخ في أى عصر من العصور ومنهم:

 المؤرخ العظيم ابن خلكان والمفسر الكبير الإمام جلال الدين السيوطى والرحالة الشهير ابن بطوطة والطبيب ابن النفيس وغيرهم .

     واجهت الدولة المملوكية الدولة العثمانية وقام العثمانيون بالتغلب والسيطرة على دولة المماليك وبعدها صعد العثمانيون إلى الحكم وتولوا القضاء والسياسة والإدارة والريادة في العالم وتغلبوا على دولة المماليك .

 

     حرص العثمانيون على تحكيم شرع الله وظهرت آثاره الدنيوية والأخروية على المجتمع العثماني منها؛ الاستخلاف والتمكين ، الأمن والاستقرار ، النصر والفتح، العز والشرف، انتشار الفضائل وانزواء الرذائل وغير ذلك من الآثار.

     من أهم الصفات القيادية في شخصية محمد الفاتح، الحزم والشجاعة والذكاء، العزيمة والاصرار، العدالة ، عدم الاغترار بقوة النفس وكثرة الجند وسعة السلطان، الأخلاص، العلم.

     من أعمال محمد الفاتح الحضارية؛ بناءه للمدارس والمعاهد، والعلماء والشعراء والأدباء والترجمة، والعمران والبناء والمستشفيات واهتمامه بالتجارة والصناعة، والتنظيمات الإدارية ، والجيش والبحرية والعدل.

            ترك محمد الفاتح وصية عبرت اصدق التعبير عن منهجه في الحياة، وقيمه ومبادئه التي آمن بها.

     يعتبر الشيخان محمد بن حمزة المشهور بـ (آق شمس الدين) ، وأحمد الكوراني من الشيوخ الذين كان لهم أثر على محمد الفاتح.

     بعد وفاة السلطان محمد الفاتح تولى ابنه بايزيد الثاني (886هـ) وكان سلطاناً وديعاً ، نشأ محباً للأدب ، متفقهاً في علوم الشريعة الاسلامية شغوفاً بعلم الفلك.

     دخل بايزيد الثاني في صراع مع أخيه جم، واشتبك مع المماليلك في معارك على الحدود الشامية، وحاول أن يساعد مسلمي الأندلس في محنتهم الشديدة.

     تولى الحكم السلطان سليم الأول بعد بايزيد الثاني، وكان يحب الأدب والشعر الفارسي والتاريخ ورغم قسوته فإنه كان يميل الى صحبة رجال العلم وكان يصطحب المؤرخين والشعراء الى ميدان القتال ليسجلوا تطورات المعارك وينشدوا القصائد التي تحكي امجاد الماضي.

     كان للسلطان سليم الأول الفضل بعد الله في إضعاف النفوذ الشيعي في العراق وبلاد فارس وحقق على الصفويين الشيعة الروافض انتصاراً عظيماً في معركة جالديران.

     كانت نتيجة الصراع بين الدولة العثمانية والصفوية؛ ضم شمال العراق، وديار بكر الى الدولة العثمانية ، أمّن العثمانيون حدود دولتهم الشرقية ، سيطرة المذهب السني في آسيا الصغرى بعد أن قضى على اتباع وأعوان اسماعيل الصفوي.

     استفاد البرتغاليون من صراع الصفويين مع الدولة العثمانية وحاولوا أن يفرضوا على البحار الشرقية حصاراً عاماً على كل الطرق القديمة بين الشرق والغرب.

     دخل السرور على الأوروبيين بسبب الحروب بين العثمانيين والصفويين وعمل الأوروبيون على الوقوف مع الشيعة الصفوية ضد الدولة العثمانية لإرباكها حتى لاتستطيع أن تستمر في زحفها على أوروبا.

     استطاع العثمانيون أن يحققوا انتصاراً ساحقاً على المماليك في معركة غزة ثم معركة الريدانية وازاحوا دولة المماليك بعد ذلك من الوجود.

     بعد مقتل السلطان الغوري ونائبه طومان باي بادر شريف مكة (بركات بن محمد) الى تقديم السمع والطاعة الى السلطان سليم الأول وسلمه مفاتيح الكعبة وبذلك أصبح السلطان سليم خادماً للحرمين الشريفين.

     دخلت اليمن تحت النفوذ العثماني بعد سقوط دولة المماليك وكانت تمثل بعداً استراتيجياً وتعتبر مفتاح البحر الأحمر وفي سلامتها سلامة للأماكن المقدسة في الحجاز، واستفاد العثمانيون من وجودهم في اليمن فقاموا بحملات بحرية الى الخليج بقصد تخليصه من الضغط البرتغالي.

     بعد أن ضم العثمانيون بلاد مصر والشام ودخلت البلاد العربية تحت نطاق الحكم العثماني، واجهت الدولة العثمانية البرتغاليين بشجاعة نادرة، فتمكنت من استرداد بعض الموانئ الاسلامية في البحر الأحمر مثل : مصوع وزيلع، كما تمكنت من إرسال قوة بحرية بقيادة مير علي بك الى الساحل الأفريقي فتم تحرير مقديشو وممبسة ومنيت الجيوش البرتغالية بخسائر عظيمة.

     في عهد السلطان سليمان القانوني (927-974هـ) تمكنت الدولة العثمانية من ابعاد البرتغاليين عن البحر الأحمر ومهاجمتهم في المراكز التي استقروا بها في الخليج العربي.

     تمكن العثمانيون من صد البرتغال وإيقافهم بعيداً عن المماليك الاسلامية والحد من نشاطهم ونجحت الدولة العثمانية في تأمين البحر الأحمر وحماية الأماكن المقدسة من التوسع البرتغالي المبني على اهداف استعمارية وغايات دنيئة ومحاولات للتأثير على الاسلام والمسلمين بطرق مختلفة.

     كانت نتيجة الصراع العثماني البرتغالي؛ أن احتفظ العثمانيون بالاماكن المقدسة وطريق الحج، وحماية الحدود البرية من هجمات البرتغاليين طيلة القرن السادس عشر، واستمرار الطرق التجارية التي تربط الهند واندونيسيا بالشرق الادنى عبر الخليج العربي والبحر الأحمر.

     فتحت رودس في زمن السلطان سليمان القانوني واستطاع سليمان القانوني أن يحاصر فينا، ودخل في سياسة التقارب مع فرنسا.

     اهتمت الدولة العثمانية بالشمال الأفريقي ووقفت مع حركة الجهاد البحري وقدمت لهم كافة المساعدات المادية والمعنوية .

            دخلت الجزائر تحت نفوذ الدولة العثمانية منذ زمن السلطان سليم الأول وظهر في ساحة الجهاد في الشمال الأفريقي قائدان عظيمان هما الأخوان عروج، وخير الدين بربروسا.

     نجح خير الدين في وضع دعامات قوية لدولة فتية في الجزائر وكانت المساعدات العثمانية تصله بإستمرار من السلطان سليمان القانوني واستطاع خير الدين أن يوجه ضرباته القوية للسواحل الاسبانية وكانت جهوده مثمرة في إنقاذ آلاف المسلمين من اسبانيا .

     كان للوجود العثماني في الجزائر أثر على موقف الملك البرتغالي في المغرب إذ تراجع عن القيام بعمليات عسكرية فيه.

     بعد ان أصبح خير الدين بربروسا قائداً للاسطول العثماني اهتم بالحوض الشرقي للبحر المتوسط وتولى حكم الجزائر القائد حسن آغا الطوشي الذي انهمك في توطيد الأمن ، ووضع الأسس للإدارة المستقرة وحاول جمع أطراف البلاد حول السلطة المركزية الجزائرية.

     استطاع حسن آغا الطوشي أن يهزم الجيوش الصليبية بقيادة شارل الخامس على أراضي الجزائر وكانت لتلك الهزيمة أثرها على الامبراطورية الاسبانية ، وعلى ملكها شارلكان وعلى مستوى الأحداث العالمية.

            نزلت أنباء هزيمة شارلكان نزول الصاعقة على أوروبا وتطورت الأحداث بسرعة على المستوى الأوروبي.

            لم يعد شارل الخامس قادراً على التفكير في حملة أخرى ضد الجزائر وطغى شبح خير الدين وحسن آغا على العامة والخاصة .

     ظهر في الشمال الأفريقي قادة عظام ساهموا في حركة الجهاد ضد الاسبان والنصارى في البحر المتوسط من أشهرهم؛ حسن خير الدين بربروسا، وصالح رايس، وقلج علي.

     حاولت الدولة العثمانية أن تكون علاقات استراتيجية مع الدولة السعدية إلا أنها فشلت في بعض الأحيان وخصوصاً في زمن السلطان محمد الشيخ السعدي ومحمد المتوكل .

     إن من الأعمال العظيمة التي قامت بها الدولة السعدية في زمن السلطان عبدالملك انتصارهم الرائع والعظيم على نصارى البرتغال في معركة الملوك الثلاثة، والتي تسمى في كتب التاريخ معركة القصر الكبير، أو معركة وادي المخازن.

     كان انتصار المغاربة في معركة وادي المخازن بسبب عدة أمور منها؛ القيادة الحكيمة التي تمثلت في قيادة السلطان عبدالملك وأخيه ابي العباس، والتفاف الشعب المغربي حول قيادته، ورغبة المسلمين في الذود عن دينهم وعقيدتهم وأعراضهم ، والعمل على تضميد الجراح بسبب سقوط غرناطة، وضياع الأندلس، واشتراك خبراء من العثمانيين تميزوا بالمهارة في الرمي بالمدفعية مما جعل المدفعية المغربية تتفوق على المدفعية المغربية النصرانية.

            تولى حكم الدولة السعدية السلطان أحمد المنصور بعد استشهاد أخية عبدالملك في معركة وادي المخازن.

     بوفاة قلج علي في الجزائر نظم البيلربك الذي جعل من حكام الجزائر ملوكاً والسعي السلطة والنفوذ واستعيض عنه بنظام الباشوية مثلها في ذلك تونس وطرابلس.

            لم تستطع الدولة العثمانية أن تضم المغرب الأقصى بسبب، ظهور الجزائر في محاولاتهم لضم المغرب الأقصى.

     كان العثمانيون لديهم رغبة جامحة في استرداد الأندلس إلا أنهم لم يحققوا هدفهم المنشود، بسبب موقف الدولة السعدية من جهة، وتصرف بعض الانكشاريين من جهة أخرى، وجبهات المشرق من جهة ثالثة.

     اتفق المؤرخون على أن عظمة الدولة العثمانية قد انتهت بوفاة السلطان العثماني سليمان القانوني عام (974هـ) وكانت مقدمات ضعف الدولة قد اتضحت في عهد السلطان سليمان.

     تولى الحكم بعد سليمان القانوني سليم الثاني الذي لم يكن مؤهلاً لحفظ فتوحات والده السلطان سليمان ولولا وجود الوزير الفذ والمجاهد الكبير والسياسي القدير محمد باشا الصقللي لانهارت الدولة. وكان ذلك من فضل الله على الأمة.

     انهزم العثمانيون في معركة ليبانتوا عام 979هـ/1571م وكانت النتيجة لتلك المعركة مخيبة لآمال العثمانيين، فقد زال خطر السيادة العثمانية في البحر المتوسط وكان ذلك الإنكسار نقطة تحول نحو توقف عصر الإزدهار لقوة الدولة البحرية.

             

     لقد انتشر الظلم والجور في عهد دولة المماليك كما إنتشر الفساد والظلم في الفترة الخيرة كذلك في الدولة العثمانية، والظلم كالمرض في الإنسان يعجل بموته بعد أن يقضى المدة المقدرة له وهو مريض، وبانتهاء هذه المدة يحين أجل موته، فكذلك الظلم في الأمة والدولة يعجل في هلاكها بما يحدثه فيها من آثار مدمرة تؤدي إلى هلاكها واضمحلالها خلال مدة معينة يعلمها الله هي الأجل المقدر لها ولذلك زالت الدولة العثمانية من الوجود، وكذلك مما يعجل بزوال الدول انغماسها في الشهوات والترف وشدة الاختلاف والتفرق.


 
أسباب هزيمة دولة المماليك :

 وتعود الأسباب التي أدت الى هزيمة المماليك وانتهاء دولتهم وانتصار العثمانيين وعلو نجمهم الى:

1- التفوق العسكري لدى العثمانيين: فسلاح المدفعية المملوكي كان يعتمد على مدافع ضخمة ثابتة لاتتحرك، في حين كان سلاح المدفعية العثماني يعتمد على مدافع خفيفة يمكن تحركيها في كل الاتجاهات.

2- سلامة الخطط العسكرية العثمانية: فرغم قطع العثمانيين لمسافات طويلة في سرعة اضطروا إليها ومحاربتهم في ارض يسيطر عليها عدوهم ومباغتتهم للمماليك كل ذلك كان مما يدخل في عوامل النصر، ومن سلامة التخطيط أيضاً استدارة القوات العثمانية من خلف مدافع المماليك الثقيلة الحركة -إذا أريد تحريكها- ودخول هذه القوات العثمانية القاهرة عن طريق المقطم مما شل دور المدفعية المملوكية وأحدث بالتالي الاضطراب في صفوف الجيش المملوكي لتدافعهم بلا انتظام خلف العثمانيين.

3- معنويات الجيش العثماني العالية وتربيته الجهادية الرفيعة واقتناعه بأن حربه عادلة بعكس القوات المملوكية التي فقدت تلك الصفات.

4- حرص الدولة العثمانية على الالتزام بالشرع في جميع نواحي حياتها واهتمامها البالغ بالعدل بين رعايا الدولة، بعكس الدولة المملوكية التي انحرفت عن الشريعة الغراء ومارست الظلم على رعاياها([83]).



5- قناعة مجموعة قيادية من أمراء المماليك بالإنضمام لجيش السلطان سليم وكانوا مستعدين للتعاون مع الدولة العثمانية وتحمل مسؤولية الحكم تحت إطار الحكم العثماني ومن أمثال هؤلاء: فاير بك الذي اسند إليه سليم الأول حكم مصر، وجان بردي الغزالي الذي تولى حكم دمشق([84]).

لقد تلقى المماليك الهزيمة في سنة 1516/ 1517م وهم في شيخوخة دولتهم ومن آخر صفحة من صفحات تاريخهم كقوة اسلامية كبرى سواء في الشرق الأوسط أو في العالم، فقد كانوا فقدوا حيويتهم وقدرتهم على تجديد شبابهم ، فكان أن زالت دولتهم، وذهبت البلاد التي كانت حكمهم للنفوذ العثماني([85]).

وقد نقل الدكتور علي حسون عن الجبرتي من كتابة تاريخ عجائب الآثار في التراجم والآخبار في المجلد الأول وصفاً لفترة حكم العثمانيين في مصر إبان عهد سلاطينهم العظماء أقتطف بعضاً منها:

( ...وعادت مصر الى النيابة كما كانت في صدر الاسلام ولما خلص له (أي السلطان سليم) أمر مصر، عفا عمن بقي من الجراكسة وأبنائهم ولم يتعرض لأوقاف السلاطين المصرية بل قرر مرتبات الأوقاف والخيرات والعلوفات وغلال الحرمين والأنبار ورتب للأيتام والمشايخ والمتقاعدين ومصارف القلاع والمرابطين وأبطل المظالم والمكوث والمغارم ولما توفي تولى ابنه الغازي السلطان سليمان عليه الرحمة والرضوان فأسس القواعد وأتم المقاصد ونظم المماليك وانار الحوالك ورفع منار الدين وأخمد نيران الكافرين.. لم تزل البلاد منتظمة في سلكهم ومنقادة تحت حكمهم .. وكانوا في صدر دولتهم من خير من تقلد أمور الأمة بعد الخلفاء المهديين وأشد من ذبَّ عن الدين وأعظم من جاهد في المشركين فلذلك أتسعت ممالكه بما فتحه الله على أيديهم وأيدي نوابهم .. هذا مع عدم إغفالهم الأمر وحفظ النواحي والثغور وإقامة الشعائر الاسلامية والسنن المحمدية وتعظيم العلماء وأهل الدين وخدمة الحرمين الشريفين)([86]).

 

أسباب انتهاء وإنهيار الدولة المملوكية:

هناك مجموعة من العوامل تجمعت وساعدت في وضع نهاية لدولة المماليك أهمها:

1- عدم تطوير المماليك، اسلحتهم وفنونهم القتالية، فبينما كان المماليك يعتمدون على نظام الفروسية الذي كان سائداً في العصور الوسطى كان العثمانيون يعتمدون على استخدام الاسلحة النارية وبخاصة المدفعية.

2- كثرة الفتن والقلاقل والاضطرابات بين المماليك حول ولاية الحكم مما أدى الى عدم استقرار الحكم في أحرج الأوقات.

3- كره الرعايا للسلاطين المماليك الذين كانوا يشكلون طبقة استقراطية مترفعة منعزلة عن الشعوب.

4- وقوع بعض الانشقاقات بين صفوف المماليك، كما فعل والي حلب "خاير بك وجانبرد الغزالي" مما أدى الى سرعة انهيار الدولة المملوكية.

5- سوء الأحوال الاقتصادية، وبخاصة عندما تغيرت طرق التجارة المارة بمصر واكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح .

6- العامل الجامع للأسباب السابقة ضعف التزام المماليك بمنهج الله ويقابله قوة تمسك العثمانيين بشرع الله([87]).

 

     لقد ترتب عن ابتعاد الأمة عن شرع ربها آثار خطيرة، كالضعف السياسي، والحربي، والاقتصادي، والعلمي، والأخلاقي، والاجتماعي وفقدت الأمة قدرتها على المقاومة، والقضاء على أعدائها، فاستعمرت، وغزيت فكرياً، نتيجة لفقدها لشروط التمكين وابتعادها عن أسبابه المادية والمعنوية وجهلها بسنن الله في نهوض الأمم وسقوطها.

قال تعالى: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون }( سورة الأعراف، الآية: 196 )

إنتهى الكتاب ،،، والله الموفق .

وأخيراً أسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يتقبل هذا الجهد قبولاً حسناً وأن يبارك فيه وأن يجعله من أعمالي الصالحة التي أتقرب بها إليه .

{ ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم }.



المصادر والمراجع

(أ)

   أخبار الأمراء والملوك السلجوقية، د.محمد نور الدين .

أيعيد التاريخ نفسه، محمد العبده ، المنتدى الاسلامي ، طبعة 1411هـ.

إعلام الموقعين عن رب العالمين ، الإمام ابن القيم ، مراجعة وتعليق طه عبدالرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت - لبنان.

أوروبا في العصور الوسطى، سعيد عاشور، الطبعة السادسة، مكتبة الأنجلو المصرية 1975م.

اقتصاديات الحرب في الاسلام، د. غازي التمام، مكتبة الرشد الرياض، الطبعة الأولى 1411هـ/1991م.

أطوار العلاقات المغربية العثمانية، ابراهيم شحاتة، منشأة المعارف، الاسكندرية ، الطبعة الأولى 1980م.

امام التوحيد محمد عبدالوهاب، أحمد القطان، مكتبة السندس الكويت، الطبعة الثانية 1409هـ، 1988م.

استمرارية الدعوة، محمد السيد الوكيل، دار المجتمع المدينة، السعودية، الطبعة الأولى 1414هـ، 1994م.

أضواء البيان في أيضاح القرآن بالقرآن، لمحمد الأمين الشنقيطي، مطبعة المدني عام 1384- الطبعة الأولى.

اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لإبن تيمية، تحقيق محمد حامد الفقي الطبعة الثانية عام 1369هـ مطبعة السنة المحمدية.

ابن باديس حياته وآثاره: د. عمار الطالبي، دار الغرب الإسلامي، بيروت الطبعة الثانية 1403هـ - 1983م.

(ب)

البداية والنهاية، أبو الفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي، دار الريان، الطبعة الأولى، 1408هـ - 1988م.

البطولة والفداء عند الصوفية، أسعد الخطيب، دار الفكر، سورية - دمشق.

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، لمحمد بن علي الشوكاني، دار المعرفة، بيروت.

بدر التمام في اختصار الاعتصام، اختصره أبي عبدالفتاح محمد السعيد الجزائري، دار الحنان الإسلامية، الطبعة الأولى 1411هـ، 1991م، الإمارات العربية المتحدة.

بدائع الزهور في وقائع الدهور، محمد بن أحمد ابن اياس، القاهرة مطابع الشعب، 1960.

بداية الحكم المغربي من السودان الغربي، محمد الغربي، الدار الوطنية للتوزيع والنشر، طبعة عام 1982م.

البرق اليماني في الفتح العثماني، دار اليمامة، الرياض، قطب الدين محمد بن أحمد المكي، الطبعة الأولى 1387هـ - 1967م.

البلاد العربية والدولة العثمانية، ساطع الحصري، بيروت 1960م.

(ت)

تاريخ الترك في آسيا الوسطى، بارتولد ترجمة أحمد السعيد القاهرة، مطبعة الأنجلو المصرية 1378هـ/1958م.

تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، دمشق، دار الفكر 1399هـ/1979م.

تاريخ الدولة العلية العثمانية، محمد فريد بك، تحقيق الدكتور احسان حقي، دار النفائس، الطبعة السادسة، 1408هـ - 1988م.

تاريخ الإسلام، شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية، 1411هـ - 1991م.

تاريخ دولة آل سلجوق، لمحمد الاصبهاني، القاهرة، دار الآفاق الجديدة، بيروت الطبعة الثانية 1978م.

تاريخ سلاطين آل عثمان، تحقيق بسام الجابي، تأليف يوسف آصاف، دار البصائر، الطبعة الثالثة 1405هـ - 1985م.

تاريخ العرب الحديث، رأفت الشيخ، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والإجتماعية.

تاريخ العرب الحديث، تأليف د. جميل بيفون، د. شحادة الناظور، الاستاذ عكاشة، الطبعة الأولى 1412هـ/ 1992م، دار الأمل للنشر والتوزيع.

التقليد والتبعية وأثرها في كيان الأمة الإسلامية، ناصر العقل، دار المسلم، الطبعة الثانية 1414هـ.

تاريخ الدولة العثمانية، د. علي حسون، المكتب الإسلامي الطبعة الثالثة 1415هـ 1994م.

التاريخ العثماني في شعر أحمد شوقي بقلم محمد زاهد عبدالفتاح أبو غدة، دار الرائد كندا، الطبعة الأولى 1417هـ/1996م.

تاريخ سلاطين آل عثمان، للقرماني، الطبعة الأولى 1405هـ/1985م، دار البصائر دمشق سوريا.

تاريخ المشرق العربي، عمر عبدالعزيز عمر، دار المعرفة الجامعية، اسكندرية.

تجربة محمد علي الكبير، دروس في التغيير والنهوض، منير شفيق، دار الفلاح للنشر، بيروت لبنان، الطبعة الأولى بيروت 1997م - 1418هـ.

التراجع الحضاري في العالم الإسلامي د. علي عبدالحليم، دار الوفاء، الطبعة، 1414هـ/ 1994م.

تفسير المنار، محمد رشيد رضا، دار المعرفة، الطبعة الثانية، بيروت.

تفسير القرآن العظيم، ابن كثير أبو الفداء أسماعيل، تحقيق: عبدالعزيز غنيم، وحمد أحمد عاشور، ومحمد ابراهيم البناء، مطبعة الشعب القاهرة - مصر.

تفسير الطبري المسمى جامع البيان عن تأويل القرآن، لابن جرير  الطبري، دار الفكر، بيروت - لبنان، 1405هـ.

تفسير السعدي، المسمى تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي، المؤسسة السعدية بالرياض 1977م.

تركيا والسياسة العربية: أمين شاكر وسعيد العريان ومحمد عطا.

تفسير القرطبي، لأبي عبدالله القرطبي.

تفسير النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل للإمام أبي البركات عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي.

تاريخ الدولة العثمانية، يلماز أوزنتونا، ترجمه إلى العربية عدنان محمود سلمان، د. محمود الأنصاري، المجلد الأول. منشورات مؤسسة فيصل للتمويل تركيا استانبول 1988م.

تطبيق الشريعة الإسلامية، د. عبدالله الطريقي، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1415هـ/1995م.

التيارات السياسية في الخليج العربي، صلاح العقاد، القاهرة، المطبعة الفنية الحديثة، 1974م.

تاريخ الجزائر الحديث، محمد خير فارس، دار الشروق الطبعة الثانية، 1979م.

الأتراك العثمانيون في افريقيا، عزيز سامح، دار النهضة العربية، ترجمة محمود عامر، الطبعة الأولى 1409هـ/ 1989م.

تاريخ الجزائر العام، عبدالرحمن الجيلالي، دار الثقافة بيروت، الطبعة الرابعة، 1980م.

تاريخ افريقيا الشمالية، شارل اندري جوليان، الدار التونسية للنشر، تونس 1978م، تعريب محمد مزالي.

تاريخ المغرب، لمحمد عبود، دار الطباعة المغربية الطبعة الثانية.

تاريخ الفكر المصري الحديث - لويس عوض، ط1 القاهرة سنة 1979م.

التيارات السياسية الاجتماعية بين المجددين والمحافظين د. زكريا سليمان موسى، دراسة فكر الشيخ محمد عبده، القاهرة سنة 1983م.

تاريخ الاحساء السياسي، د. محمد عرابي، منشورات ذات السلاسل الكويت، 1400هـ/1980م.

التحفة الحليمية في تاريخ الدولة العلية، إبراهيم حلمي بك.

الاتجاهات الوطنية، لمحمد حسين، بيروت، 1972م.

التصوف في مصر إبان العصر العثماني د. توفيق الطويل. مطبعة الاعتماد بمصر ط 1365هـ / 1946م.

(ج)

جوانب مضيئة في تاريخ العثمانيين، زيادة أبو غنيمة، دار الفرقان، الطبعة الأولى 1403هـ/ 1983م.

جمال الدين الأفغاني المصلح المفترى عليه، د. محسن عبدالحميد، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1403هـ/1983م.

جهود العثمانيين لإنقاذ الأندلس في مطلع العصر الحديث، د. نبيل عبدالحي رضوان، مكتبة الطالب الجامعي، الطبعة الأولى 1408هـ/1988م.

الجبرتي والفرنسيس، د. صلاح العقاد، ندوة الجبرتي القاهرة 1976م.

(ح)

حاضر العالم الإسلامي، د. جميل عبدالله محمد المصري، جامعة المدينة المنورة.

حروب البلقان والحركة العربية في المشرق العربي العثماني د. عايض بن خزّام الروقي، 1416هـ/1996م.

حروب محمد علي في الشام وأثرها في شبه الجزيرة العربية، د. عايض بن خزَّام الروقي، 1414هـ، مركز بحوث الدراسات الإسلامية، مكة المكرمة.

حركة الجامعة الإسلامية، أحمد فهد بركات، مكتبة المنار، الأردن الطبعة الأولى 1984م/1404هـ.

الحكم والتحاكم في خطاب الوحي، عبدالعزيز مصطفى كامل، دار طيبة، الطبعة الأولى 1415هـ/1995م.

الحكومة الإسلامية للمودودي، ترجمة أحمد إدريس، نشر المختار الإسلامي، للطباعة والنشر القاهرة، الطبعة الأولى 1397هـ/1977م.

الحسبة في العصر المملوكي د. حيد الصافح، دار الاعلام الدولي، الطبعة الأولى 1414هـ/ 1993م، القاهرة.

حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر واسبانيا، احمد توفيق مدني الطبعة الثانية، 1984م.

حقائق الأخبار عن دول البحار، اسماعيل سرهنك، المطبعة الاميرية، ببولاق، مصر الطبعة الأولى 1312هـ.

الحروب الصليبية في المشرق والمغرب، محمد العمروسي دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1982م.

حقيقة الماسونية لمحمد الزعبي، دار العربية، بيروت 1974م.

الحركة الإسلامية الحديثة في تركيا د. أحمد النعيمي، دار البشير، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 1413هـ/1993م.

حركة الإصلاح في عصر السلطان محمود الثاني، د. البحراوي، دار التراث، القاهرة الطبعة الأولى 1398هـ/1978م.

(خ)

خراسان، محمود شاكر، الطبعة الأولى، بيروت، المكتب الإسلامي، 1398هـ/1978م.

خير الدين بربوس، بسام العسلي، دار النفائس الطبعة الثالثة: 1406هـ/1986م.

الخلافة والملك للمودودي، تعريب أحمد إدريس، دار القلم، الطبعة الأولى سنة 1398هـ/1978م.

خليفة من خياط تاريخه، تحقيق د. أكرم ضياء العمري، الطبعة الثانية دار القلم بيروت ومؤسسة الرسالة 1397هـ/1977م.

خلاصة تاريخ الأندلس، دار مكتبة الحياة، بيروت، شكيب أرسلان.

خطط الشام، محمد كرد علي، دار العلم للملايين، بيروت، 1390هـ.

(د)

الدولة العثمانية والشرق العربي، محمد انيس، القاهرة، مكتبة الأنجول المصرية.

دور الكنيسة في هدم الدولة العثمانية، تأليف ثريا شاهين، ترجمة الدكتور محمد حرب، دار المنارة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1418هـ/1997م.

دعوة جمال الدين الأفغاني في ميزان الإسلام، مصطفى فوزي عبداللطيف غزال، دار طيبة، الطبعة الأولى 1403هـ/1983م.

الدولة العثمانية، دولة إسلامية مفترى عليها، د. عبدالعزيز الشناوي، مكتبة الانجلو المصرية، مطابع جامعة القاهرة عام 1980م.

الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي الحديث، د. اسماعيل مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى 1416هـ/1996م.

الدولة العثمانية قراءة جديدة لعوامل الانحطاط، قيس جواد العزاوي، مركز دراسات الإسلام والعالم، الطبعة الأولى 1414هـ/1994م.

الدولة العثمانية، أخطاء يجب أن تصحح في التاريخ، د. جمال عبدالهادي، د. وفاء محمد رفعت جمعة، علي أحمد لبن، دار الوفاء، الطبعة الأولى، 1414هـ/1994م.

دراسات متميزة في العلاقات بين الشرق والغرب على مر العصور، يوسف الثقفي، دار الثقة، الطبعة الثانية، 1411هـ.

دراسات في التاريخ المصري، أحمد سيد د. أ-ج، والسيد رجب حراز، القاهرة، دار النهضة، 1976م.

الدولة السعودية الأولى، عبدالرحيم عبدالرحمن.

دولة الموحدين، علي محمد الصلابي، دار البيارق عمان-الأردن، 1998م، الطبعة الأولى.

(ر)

الرسالة الخالدة، عبدالرحمن عزام، القاهرة 1946م.

رسائل البنا، حسن البنا، دار الأندلس.

رياضة الإسماع في أحكام الذكر والسماع، محمد أبو الهدى الصيادي، مطبعة التمدن بمصر 1903م.

(ز)

زاد المعاد في هدى خير العباد، لابن القيم الجوزية.

(س)

السلوك، أحمد بن علي المقريزي، الطبعة الثانية، القاهرة 1376هـ/1956م.

السلاطين في المشرق العربي، د. عصام محمد شبارو، طبعة 1994م، دار النهضة العربية، بيروت-لبنان.

سير أعلام النبلاء، الذهبي، مؤسسة الرسالة، الطبعة السابعة، 1410هـ/1990م.

السلطان عبدالحميد الثاني، د. محمد حرب، دار القلم دمشق، الطبعة الأولى، 1410هـ/1990م.

الإسلام في آسيا منذ الغزو المغولي د. محمد نصر مهنَّا، الطبعة الأولى، 1990/1991، المكتب الجامعي الحديث، طبعة أولى، 1990م.

السلطان محمد الفاتح، فاتح القسطنطينية وقاهر الروم، عبدالسلام عبدالعزيز فهمي، دار القلم، دمشق، الطبعة الرابعة، 1407هـ/1987م.

السلاطين العثمانيون، كتاب مصور، طبع في تونس.

الإسلام وأوضاعنا القانونية، عبدالقادر عودة، الناشر المختار الإسلامي، القاهرة، الطبعة الخامسة سنة 1397هـ.

سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث، تحقيق، عزت عبيد الدعاس، حمص الناشر: محمد السيد.

سنن الترمذي، لأبي عيسى الترمذي، تحقيق أحمد شاكر مصطفى الحلبي، القاهرة.

الإسلام في مواجهة التحديات: أبو الأعلى المودودي، الطبعة الأولى عام 1391هـ، دار القلم.

سد باب الاجتهاد وماترتب عليه، عبدالكريم الخطيب، دار الأصالة الطبعة الأولى، 1405هـ/1984م.

السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد، عبدالكريم زيدان.

(ش)

الشعوب الإسلامية، الأتراك العثمانيون، الفرس، مسلمو الهند، د. عبدالعزيز سليمان نوار، دار النهضة العربية، طبعة 1411هـ/1991م.

شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد الحنبلي دار الآفاق الجديدة بيروت.

الشرق الإسلامي في العصر الحديث، حسن مؤنس مطبعة حجازي القاهرة الطبعة الثانية، 1938م.

الشوقيات، ديوان أحمد شوقي، دار العودة، بيروت 1986م.

(ص)

صحوة الرجل المريض، د. موفق بني مرجه، دار البيارق، الطبعة الثامنة، 1417هـ/1996.

صحيح البخاري، للإمام محمد بن إسماعيل.

صحيح مسلم، للإمام أبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، دار الحديث، القاهرة، الطبعة الأولى 1412هـ/1991م.

صراع المسلمين مع البرتغال في البحر الأحمر، غسان علي الرمال، جدة، دار العلم، 1406هـ.

الصراع الفكري بين أجيال العصور الوسطى والعصر الحديث كما صوره الجبرتي، د. أحمد العدوي، أبحاث ندوة الجبرتي، القاهرة، سنة 1976م.

(ط)

طبقات الشافعية الكبرى، لتاج الدين أبي نصر عبدالوهاب بن علي بن عبدالكافي السبكي، تحقيق عبدالفتاح محمد، محمود محمد الطناحي، دار احياء الكتب العربية.

(ع)

العثمانيون في التاريخ والحضارة، د. محمد حرب، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى 1409هـ/1989م.

العالم العربي في التاريخ الحديث، د. اسماعيل أحمد ياغي، مكتبة العبيكان، 1418هـ/1997م.

العلمانية نشأتها وتطورها وآثارُها في الحياة الإسلامية المعاصرة، سفر عبدالرحمن الحوالي، طبعة 1408هـ/1987م.

العثمانيون والروس، د. علي حسون، المكتب الإسلامي الطبعة الأولى، 1402هـ/1982م.

العبر وديوان المبتدأ والخبر، عبدالرحمن ابن خلدون.

علاقات بين الشرق والغرب بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر، المكتبة العصرية، صيدا-لبنان، ط 1969م. عبدالقادراحمد اليوسف.

علاقة ساحل عمان ببريطانيا، دراسة وثائقية، عبدالعزيز عبدالغني ابراهيم، الرياض، مطبوعات دار الملك عبدالعزيز، 1402هـ/1982م.

عجائب الآثار في الترجم والأخبار، دار فارس- بيروت لعبدالرحمن الجبرتي.

عقيدة ختم النبوة المحمدية، د. أحمد سعدان حمدان، دار طيبة، الرياض، الطبعة الأولى، 1405هـ/1985م.

عقيدة ختم النبوة بالنبوة المحمدية، د. عثمان عبدالمنعم، مكتبة الأزهر 1978م.

(ف)

فتوح البلدان، احمد يحيى البلاذري.

الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبدالعزيز العمري، دار اشبيلية، الرياض، الطبعة الأولى، 1418هـ/1997م.

الأفعى اليهودية في معاقل الإسلام، عبدالله التل، المكتب الإسلامي.

في أصول التاريخ العثماني، أحمد عبدالرحيم مصطفى، دار الشروق، الطبعة الثانية، 1986م/1406هـ.

في ضلال القرآن الكريم، سيد قطب، دار الشروق.

الفوائد لابن القيم.

فتح القسطنطينية وسير السلطان محمد الفاتح ومحمد مصطفى.

فتح القسطنطينية وسيرة السلطان محمد الفاتح، محمد صفوت، منشورات الفاخرية، الرياض ودار الكتاب العربي، بيروت بدون تاريخ.

فقه التمكين في القرآن الكريم، لعلي محمد الصلاّبي، رسالة دكتوراه لم تطبع بعد.

فقه التمكين عند دولة المرابطين، علي محمد الصلاّبي، دار البيارق عمان، بيروت، طبعة أولى 1998م.

فتح العثمانيين عدن وانتقال التوازن الدولي من البر إلى البحر، محمد عبداللطيف البحراوي، دار التراث، القاهرة، الطبعة الأولى، 1979م.

فلسفة التاريخ العثماني، محمد جميل بيهم، أسباب انحطاط الامبراطورية العثمانية وزوالها - شركة فرج الله للمطبوعات، بيروت، 1954م.

(ق)

قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين، د. زكريا سليمان بيومي، الطبعة الأولى، 1411هـ/1991م، عالم المعرفة.

قيام الدولة العثمانية، د. عبداللطيف عبدالله دهيش، الطبعة الثانية، 1416هـ/1995م، مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة، مكة المكرمة.

(ك)

الكامل في التاريخ، علي بن محمد بن أبي الكرم بن عبدالكريم، القاهرة.

الكشوف الجغرافية البرتغالية والاسبانية، مقالة في كتاب الصراع بين العرب والاستعمار، شوقي عبدالله الجمل، القاهرة، 1415هـ/1995م.

(ل)

ليبيا بين الماضي والحاضر، حسن سليمان محمود، مؤسسة سجل العرب، القاهرة، 1962م.

ليبيا منذ الفتح العثماني، اتوري، روسي، تعريب خليفة التليسي، دار الثقافة، الطبعة الأولى 1974م.

(م)

معركة نهاوند، شوقي أبو خليل.

مرآة الزمان لسبط بن الجوزي.

الموسوعة العامة لتاريخ المغرب والأندلس، نجيب زبيب، دار الأمير، الطبعة الأولى، 1415هـ/1995م.

مذكرات السلطان عبدالحميد، تقديم د. محمد حرب، دار القلم، الطبعة الثالثة، 1412هـ/1991م.

موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية د. حسان علي حلاق، دار الجامعة، الطبعة الثالثة، 1986م.

موقف اوربا من الدولة العثمانية، د. يوسف علي الثقفي، الطبعة الأولى، 1417هـ.

المختار المصون من أعلام القرون، محمد بن حسن بن عقيل موسى دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع جدة، الطبعة الأولى، 1415هـ/1995م.

المسألة الشرقية، دراسة وثائقية عن الخلافة العثمانية، محمود ثابت الشاذلي، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى 1409هـ/1989م.

محمد الفاتح، د. سالم الرشيدي، الارشاد، جدة، الطبعة الثالثة 1989م/1410هـ.

معجم المؤلفين، تراجم مصنفي الكتب العربية، تأليف عمر رضا كحالة، احياء التراث العربي.

المشرق العربي والمغرب العربي د. عبدالعزيز قائد المسعودي، جامعة صنعاء، دار الكتب الثقافية، صنعاء، الطبعة الأولى 1993م.

مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبدالرحمن القاسم.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خالد السبت، المنتدى الإسلامي.

معارج القبول شرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد، تأليف الشيخ الحافظ أحمد حكمي رحمه الله، تعليق عمر محمود، دار ابن القيم للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1410هـ/1990م.

مسند الإمام أحمد، المكتب الإسلامي، بيروت، 1405هـ/1985م.

المجتمع المدني في عهد النبوة " الجهاد ضد المشركين، الطبعة الأولى 1404هـ.

مواقف حاسمة، محمد عبدالله عنان.

منهج الرسول في غرس الروح الجهادية في نفوس أصحابه، د. السيد محمد السيد نوح، الطبعة الأولى 1411هـ/1990م، نشرته جامعة الإمارات العربية.

المغرب العربي في بداية العصور الحديثة، صلاح العقاد، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة الطبعة الثالثة، 1969م.

المغرب العربي الكبير، شوقي عطا الله الجمل، طبعة أولى، 1977م، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة.

المجتمع الإسلامي المعاصر، محمد المبارك، دار الفكر بيروت، ط 1390هـ/1971م.

مشكلات الجيل في ضوء الإسلام، محمد المجذوب ط 1390هـ.

المغرب في عهد الدولة السعدية، عبدالكريم كريم، شركة الطبع والنشر، الدار البيضاء، المغرب، 1977م.

المغرب العربي الكبير، جلال يحيى.

محنة المورسيكوس في اسبانيا، لمحمد قشتيلو، مطبعة الشويخ، تطوان، 1980م.

الموسوعة الميسرة في الأديان، لندوة الشباب العالمي، جدة.

المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية، عبدالله بن حمد الشبانة، دار طيبة، الطبعة الثالثة، 1417هـ/1997م.

مصر في مطلع القرن التاسع عشر، د. محمد فؤادي شكري، القاهرة سنة 1958م.

الماسونية وموقف الإسلام منها، د. حمود أحمد الرحيلي، دار العاصمة. السعودية، طبعة أولى 1415هـ.

من أخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي، محمد أديب غالب، دار اليمامة السعودية ط1 سنة 1975م.

المعالم الرئيسية للأسس التاريخية والفكرية لحزب السلامة، محمد عبدالحميد حرب، ندوة اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر البحرين.

مفاهيم يجب أن تصحح، لمحمد قطب، دار الشروق، القاهرة، الطبعة السابعة، 1412هـ/1992م.

المجتمع الاسلامي المعاصر، محمد المبارك، دار الفكر ، بيروت ط 1390هـ/ 1971م.

مشكلات الجيل في ضوء الاسلام ، محمد المجذوب ط 1390هـ.

(ن)

الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارهما في حياة الأمة، تأليف علي بن نجيب الزهراني، دار طيبة مكة، دار آل عمّار الشارقة، الطبعة الثانية،1418هـ/1998م.

النظام السياسي في الإسلام د. محمد ابو فارس، دار الفرقان، عمان، الأردن، الطبعة الثانية 1407هـ/1986م.

النجوم الزاهرة، لجمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تعزي الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1391هـ/1971م.

النفوذ البرتغالي في الخليج العربي، نوال صيرفي، الرياض مطبوعات دار الملك عبدالعزيز، 1403هـ/1983م.

نشوة المدام في العودة إلى مدينة السلام: أبو الثناء الآلوسي. مطبعة ولاية بغداد، 1293هـ.

(و)

واقعنا المعاصر، محمد قطب، الطبعة الثانية، 1408هـ/1988م. مؤسسة المدينة المنورة.

الولاء والبراء في الإسلام، محمد سعيد القحطاني، دار طيبة، مكة الرياض، الطبعة السادسة، 1413هـ.

وادي المخازن، شوقي ابو خليل.

وحي القلم، مصطفى صادق الرفاعي، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية.

والدي السلطان عبدالحميد، مذكرات الأميرة عائشة، دار البشير، الطبعة الأولى، 1411هـ/1991م.

(ي)

اليهودية والماسونية، عبدالرحمن الدوسري، دار السنة، الطبعة الأولى، 1414هـ/1994م، السعودية.

اليهود والدولة العثمانية، د. أحمد نوري النعيمي، مؤسسة الرسالة دار البشير، الطبعة الأولى 1417هـ/1997م.

يهود الدونمة، دراسة في الأصول والعقائد والمواقف د. أحمد نوري النعيمي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1415هـ/1995م.


فهرس الكتاب

 

- الاهداء........................................................ 2

- المقدمة........................................................ 3

- الهدف من إعداد وتأليف الكتاب ............................. 6

- أقسام الكتاب .................................................7

- الفصل الأول : تفصيل تاريخي لدولة المماليك ..................... 8

- أسباب نشوء دولة المماليك ..................................... 9

- وفاة صلاح الدين الأيوبي والبدء في إنتهاء الدولة الأيوبية .......... 12

- رثاء في موت صلاح الدين الأيوبي وإنتهاء الدولة الأيوبية ........... 21

- التعريف بتاريخ دولة المماليك ......................................25

- ماهو أصل المماليك .............................................26

- ماهي أول أعمال دولة المماليك ................................... 27

- الخلافات والمعارك الحاصلة بين المماليك والعثمانيين ................. 28

- أسباب وآثار ونتائج الخلافات القائمة بين المماليك والعثمانيين ........... 30

- ضم دولة المماليك ...............................................32

- أسباب هزيمة المماليك ................................................36

- أسباب إنهيار دولة المماليك ............................................40

- أقسام المماليك ..........................................................56

- كيفية معيشة وتربية المماليك ............................................57

- قيام دولة المماليك ...................................................... 61

- سلاطين وقادة دولة المماليك .............................................63

- نظام دولة المماليك ....................................................65

- المماليك في الهند ....................................................... 69

- الفصل الثاني : معالم تاريخية للدولة المملوكية ............................77

- أسماء الكتاب وعناوين الكتب الخاصة بدولة المماليك .....................80

- المماليك في مصر ......................................................84

- الحملات الصليبية ........................................................87

- معركة المنصورة .........................................................91

- حياة وموت سيف الدين قطز ............................................. 93

- حكم الظاهر بيبرس ....................................................97

- الحضارة في عصر المماليك ...........................................102

- الفصل الثالث : صراعات وحروب دولة المماليك ........................ 104

- المماليك والعثمانيين ..................................................110

- الفصل الرابع : أسباب وعوامل سقوط وإنتهاء دولة المماليك ................112

- النتائج العلمية للكتاب والخلاصة العامة ................................. 115

- المصادر العلمية والمراجع ..............................................128

- الفهرس ................................................................140

 


([1]) انظر: النجوم الزاهرة (ج6/52).

([2]) وفيات الأعيان (ج3/497).

([3]) أيعيد التاريخ نفسه؟ ص (94).

([4]) انظر: البداية والنهاية (ج31/39).

([5]) شرح الطحاوية (ج2/740).

([6]) أعلام الموقعين (ج3/283).

([7]) الروضتين (ج2/222،221).

([8]) تفسير السعدي (ج2/55،54).

([9]) ابن جماعة, تذكرة السامع ص (87).

([10]) المصدر السابق ص (87).

([11]) مقدمة صحيح مسلم (ج1/14).

([12]) انظر: ابن كثير, البداية والنهاية (ج12/7،6).

([13]) النجوم الزاهرة (ج6/61،60).

([14]) انظر: قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين، ص66.

([15]) الشعوب الاسلامية ، ص225.

([16]) انظر: تاريخ الدولة العثمانية ، د. علي حسوان ، ص56،57.

([17]) انظر: تاريخ العرب مجموعة من العلماء، ص3.

([18]) انظر: جهود العثمانيين لاسترداد الأندلس، ص437.

([19]) المصدر السابق نفسه ، ص438.

([20]) انظر: القوة العثمانية بين البر والبحر ، د. نبيل رضوان ، ص111.

([21]) انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة، د. محمد حرب ، ص170.

([22]) انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة ، ص170،171.

([23]) انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة ، ص169.

([24]) انظر: قراءة جديدة في التاريخ العثماني، ص70.

([25]) انظر: قراءة جديدة في التاريخ العثماني ، ص71.

([26]) انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة ، ص29.

([27]) انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة، ص30.

([28]) انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة، 31.

([29]) انظر: الشعوب الاسلامية ، د. عبدالعزيز نوار، ص93.

([30]) المصدر السابق نفسه، ص92.

([31]) انظر: تاريخ الدولة العثمانية ، ص63.

([32]) انظر: الدولة العثمانية في التاريخ الاسلامي الحديث، ص61،62.

([33]) انظر: تاريخ العرب الحديث، مجموعة من العلماء ، ص40.

([34]) المصدر السابق نفسه، ص40.

([35]) انظر: تاريخ العرب الحديث، ص41.

([36]) نفس المصدر السابق ، ص41.

([37]) انظر: تاريخ العرب ، مجموعة من الاساتذة، ص41.

([38]) المصدر السابق نفسه، ص42.

([39]) المصدر السابق نفسه، ص42.

([40]) التاريخ الأوروبي الحديث في عصر النهضة الى مؤتمر فينا ، د. عبدالعزيز نوار، ص48.

([41]) انظر: الكشوف الجغرافية، شوقي عبدالله ، ص99،100.

([42]) المصدر السابق نفسه، ص99،100.

([43]) انظر: آسيا الوسطى الغربية، بانيكار ، ص24،25.

([44]) دراسات متميزة في العلاقات بين الشرق والغرب، يوسف الثقفي، ص58.

([45]) انظر: دراسات متميزة، ص59.

([46]) انظر: الدولة العثمانية دولة اسلامية مفترى عليها (2/698).

([47]) انظر: موقف أوروبا من الدولة العثمانية، د.يوسف الثقفي، ص37.

([48]) دراسات متميزة ، ص60،61.

([49])انظر: أوروبا في مطلع العصور الحديثة للشناوي، (1/123).

([50]) انظر: بدائع الزهور في وقائع الدهور (4/191).

([51]) انظر: موقف أوروبا من الدولة العثمانية، ص38.

([52]) انظر: علاقة ساحل عمان ببريطانيا، عبدالعزيز عبدالحي ، ص19.

([53]) انظر: دراسات في التاريخ المصري، أحمد سيد دراج ، ص114.

([54]) انظر: موقف أوروبا من الدولة العثمانية، ص38.

([55]) انظر: بدائع الزهور في وقائع الدهور (4/142).

([56]) انظر: النفوذ البرتغالي في الخليج العربي، نوال صيرفي، ص106.

([57]) انظر: المماليك الفرنج، أحمد سيد دراج، ص115.

([58]) انظر: تاريخ كشف أفريقيا واستعمارها، شوقي الجمل، ص172.

([59]) انظر: موقف أوروبا من الدولة العثمانية، ص39.

([60]) انظر: موقف اوروبا من الدولة العثمانية، ص40.

([61]) انظر: صراع المسلمين مع البرتغاليين في البحر الأحمر ، غسان الرمال، ص226.

([62]) انظر: موقف أوروبا من الدولة العثمانية، ص40.

([63]) التيارات السياسية في الخليج العربي ، صلاح العقاد، ص17.

([64]) التيارات السياسية في الخليج العربي، ص98.

([65]) انظر: موقف أوروبا من الدولة العثمانية، ص41.

([66]) انظر: تاريخ العرب الحديث ، مجموعة من العلماء ، ص45،46.

([67]) انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة، 31.

([68]) انظر: الشعوب الاسلامية ، د. عبدالعزيز نوار، ص93.

([69]) المصدر السابق نفسه، ص92.

([70]) انظر: تاريخ الدولة العثمانية ، ص63.

([71]) انظر: تاريخ العرب الحديث، مجموعة من العلماء ، ص40.

[72] - جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي) : تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1966.المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك, دار الكتب, القاهرة 1996.قاسم عبده قاسم (دكتور) : عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسي والاجتماعي، عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2007. الدكتور راغب السرجاني : دروس حروب التتار

[73]  - جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي) : تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1966.المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك, دار الكتب, القاهرة 1996.قاسم عبده قاسم (دكتور) : عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسي والاجتماعي، عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2007.الدكتور راغب السرجاني : دروس حروب التتار.  

[74] - جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي) : تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1966.المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك, دار الكتب, القاهرة 1996.قاسم عبده قاسم (دكتور) : عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسي والاجتماعي، عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2007.الدكتور راغب السرجاني : دروس حروب التتار.  

[75] - جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي) : تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1966.المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك, دار الكتب, القاهرة 1996.قاسم عبده قاسم (دكتور) : عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسي والاجتماعي، عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2007.الدكتور راغب السرجاني : دروس حروب التتار.  

[76] جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي) : تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1966.المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك, دار الكتب, القاهرة 1996.قاسم عبده قاسم (دكتور) : عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسي والاجتماعي، عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2007.الدكتور راغب السرجاني : دروس حروب التتار.  

[77] - ابن منظور: لسان العرب 10/493

- د. طقوش: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام .

- د. راغب السرجاني: قصة التتار  .

- قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية  .

[78]  - ابن منظور: لسان العرب 10/493

- د. طقوش: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام .

- د. راغب السرجاني: قصة التتار  .

- قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية  .

[79]  - ابن منظور: لسان العرب 10/493

- د. طقوش: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام .

- د. راغب السرجاني: قصة التتار  .

- قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية  .

[80]  - ابن منظور: لسان العرب 10/493

- د. طقوش: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام .

- د. راغب السرجاني: قصة التتار  .

- قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية  .

[81]  - ابن منظور: لسان العرب 10/493

- د. طقوش: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام .

- د. راغب السرجاني: قصة التتار  .

- قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية  .

- محمود شاكر: موسوعة التاريخ الإسلامي، العهد المملوكي 7 / 30- 60

[82] [82]  - ابن منظور: لسان العرب 10/493

- د. طقوش: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام .

- د. راغب السرجاني: قصة التتار  .

- قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية  .

- محمود شاكر: موسوعة التاريخ الإسلامي، العهد المملوكي 7 / 30- 60

([83]) انظر: العثمانيون في التاريخ والحضارة، 31.

([84]) انظر: الشعوب الاسلامية ، د. عبدالعزيز نوار، ص93.

([85]) المصدر السابق نفسه، ص92.

([86]) انظر: تاريخ الدولة العثمانية ، ص63.

([87]) انظر: تاريخ العرب الحديث، مجموعة من العلماء ، ص40.