قرار الغاء خانة الديانة من الهوية الفلسطينية .. قرار مائي بقلم : برهان دويكات
تاريخ النشر : 2014-02-16
قرار الغاء خانة الديانة من الهوية الفلسطينية ..... قرار مائي

بقلم : برهان دويكات
قبل ايام خرج علينا الاعلام الفلسطيني ينشر خبرا حول عزم الرئيس محمود عباس شطب خانة الديانة من الهوية الفلسطينية وبالرغم من ان الاعلام الفلسطيني ظهر وكأنه يزف الينا هذا الخبر زفا إلا انني تلقيته وشريحة كبيرة من ابناء شعبي بالإحباط ، هناك تساؤلات كثيرة تتصارع في ذهني وربما في ذهن كل فلسطيني او مهتم بالشأن الفلسطيني على الاقل : ما سر هذا التوقيت المفاجئ ؟ ماذا تعني تلك الخانة ؟ هل كانت هذه الخانة بحد ذاتها مشكلة تبحث عن حل ؟ وبالتالي هل الغائها يقدم حلا لمشكلة اتعقد انها واهية ؟ سأحاول في هذه المقالة المختصرة ان اجيب وباختصار حول هذه التساؤلات لعلي اقدم للقارئ بعض الاجابات عن بعض ما يدور في خاطره .
بالنسبة للتوقيت لن اخوض كثيرا فهناك من سارع ودافع عن وجهة نظر مفادها التوقيت وعلاقته بالأوضاع الراهنة التي يعيشها شعبنا في ظل التراجع الكبير على المستوى الاقتصادي والسياسي محاولين اظهار الحقيقة التي تثبت ان هذه المسالة موجودة على الاجندة الفلسطينية منذ منتصف التسعينات ، المشكلة حقا بالتوقيت فان كان ذلك كذلك فلماذا لم يقر مثل هذا القرار في حينها ؟ لسنا بهذه الدرجة من الغباء لنصدق ان عامل التوقيت لم يكن يلعب الدور الابرز في مثل هكذا قرارات تبعث على البكاء تارة وعلى الضحك تارة اخرى ، لا شك عندي ان عامل التوقيت لعب دورا بارزا في مثل هكذا قرار فالسلطة الوطنية والتي وصلت الى طريق مسدود على البعدين السياسي والاقتصادي تحاول من خلال هكذا قرارات استعطاف منظمات حقوق الانسان الدولية وإرسال رسالة الى العالم الاصم مفادها ان السلطة الفلسطينية تسعى بكل جهدها الى تكريس الديمقراطية والظهور امام العالم وكأنها نظام ديمقراطي وتتجاهل ان هذا العالم المنافق لا يريد لها ان تصبح نظاما سياسيا في يوم من الايام ، فليت السلطة الفلسطينية تعي تماما ان العالم بشرقه وغربه اراد لها ان تكون فقط ادارة حكم ذاتي لا اكثر وعندها نبدأ بداية جديدة تليق بنا كفلسطينيين .
اما عن ماذا تعني تلك الخانة فبكل وضوح ان هذه الخانة وضعت للتوضيح ولتسيير الامور الحياتية وخاصة معاملات الزواج والطلاق والميلاد والموت وغيرها ليس اكثر ووجود كلمة المسيحية او الاسلام في تلك الخانة لا تقلل من شان حامل هذه الهوية ولا تبعث عنده أي نوع من العنصرية وقد دأبنا على مدى السنوات الماضية مسلمين ومسيحيين وسامريين على التعود على هكذا كلمات دون الالتفات الى أي مقاصد غير التي تم ذكرها ، اذن الخانة وما تحويها من كلمات لم تعتبر مشكلة بل على العكس تماما سهلت علينا الحياة اليومية بكل ما تستلزمها من معاملات وإجراءات قانونية وعليه فإنها لم تكن مشكلة تبحث عن حلا طوال تلك السنوات العجاف من عمر قضيتنا المغتالة .
ان هذه الخانة وما تحويه من كلمات لم تكن مشكلة وبالتالي لا داعي لخلق مشكلة وهمية والتذرع ان هذا القرار جاء كحل لتلك المشكلة ، ثم دعوني اسال من يدافع عن هكذا قرار هل سجلت دوائرنا الحكومية ذات يوم أي مشكلة جراء وجود هذه الخانة ؟ ام هل شهدت محاكمنا أي قضية من قبل أي مواطن سواء كان مسلم ام مسيحي ام سامري على أي دائرة حكومية او وطنية جراء هذه الخانة ؟ .
يبقى هناك تساؤل ربما يستلزم التوضيح حول علاقة هذا القرار بمفهوم المواطنة ، ان مفهوم المواطنة بأبسط معانية " المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الجنس او المعتقد او العرق " ، وعليه فان هذا المفهوم يتجلى بأحلى معانيه بين ابناء شعبنا الفلسطيني ولن اكون مبالغا ان قلت ان شعبنا يعتبر من اكثر الشعوب على العالم الذي يقر مفهوم المواطنة نظريا وسلوكيا وبالتالي ان مثل هذا القرار لن يقدم أي شيء لهذا المفهوم بل على العكس تماما ستشهد السنوات القريبة القادمة بروز مشاكل اجتماعية تترتب على تطبيق هذا القرار .
سيدي الرئيس لقد كان من الاجدر لو انك خرجت علينا بقرار الغاء كل الكلمات العبرية التي لا زالت تتربع على هويتنا والتي تعمل على تذكيرنا بان الاحتلال لا زال باسط ذراعيه على كافة مجالات حياتنا ، او ليتك كنت قد اتخذت قرارا حاسما في مسالة سياسية او اقتصادية او اجتماعية ومع ذلك يبقى لدي الاحساس الشيطاني بان هذا القرار هو قرار اقتصادي بحت أي ان الزامكم للمواطنين في الايام القادمة بضرورة تجديد بطاقات هوياتهم وما سيجره مثل هذا الالزام من ايرادات حكومية تدخل في ميزانية السلطة هو احساس قيد المراقبة والدراسة ، لعل هكذا قرارات سياسية او وطنية او سميها ما شئت اعتبرها ذات خصائص فضفاضة تذكرني بخصائص الماء التي درسناها ايام المدارس حيث يمكنني القول ان هناك قرارات سياسية لا لون ولا طعم ولا رائحة لها وهي تلك القرارات التي اسميها بالقرارات المائية .