دراسة بحثية بعنوان سوق المال الإسرائيلي ومدى تأثره بأزمة الأسواق المالية العالمية إعداد حسن عطا الرضيع
تاريخ النشر : 2014-01-27
دراسة بحثية بعنوان
سوق المال الإسرائيلي ومدى تأثره بأزمة الأسواق المالية العالمية.
Israeli financial market and the extent of its effect with the crisis of the global financial markets.

إعداد / حسن عطا الرضيع

ملخص الدراسة:
مر الاقتصاد الإسرائيلي ومنذ النشأة عام (1948) بعدة مراحل كان أهمها مرحلة الإصلاح الاقتصادي عام (1985)، والتي أدت إلى تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي وزيادة دور القطاع الخاص وإلى انفتاح السوق المالي الإسرائيلي على الأسواق العالمية, وأصبح السوق الإسرائيلي له القدرة على التنافس في تلك الأسواق واستطاع الاستفادة من ثمار العولمة وتجنب الكثير من أضرارها.
تكمن أهمية الدراسة في ضرورة الاهتمام بالآثار الاقتصادية المترتبة على أزمة الأسواق المالية العالمية وعلاقتها بالناتج المحلي الإجمالي والميزان التجاري وميزان المدفوعات، وانعكاساتها الاجتماعية على البطالة والفقر، والفروق الشاسعة بين الأثرياء ومحدودي الدخل, وكذلك حاجة الاقتصاديات النامية للنهوض باقتصادها من خلال دراسة التجارب الاقتصادية الناجحة كالتجربة الإسرائيلية وتجارب دول جنوب شرق أسيا وغيرها.
وهدفت الدراسة إلى تحليل الأسباب التي كبحت جماح عدم تأثر سوق المال الإسرائيلي، وبالتالي الاقتصاد الإسرائيلي بالأزمة المالية رغم امتدادها لأرجاء المعمورة, وإلقاء الضوء على واقع الأزمات المالية من خلال معرفة أسباب حدوثها وطرق علاجها وأثارها الاقتصادية والاجتماعية, وكذلك معرفة العوامل التي أثرت على الاقتصاد الإسرائيلي.
وتطرقت الدراسة إلى تقديم عرض لبعض الأزمات المالية العالمية وخصوصاً أزمة الكساد العظيم (1929-1933)، وأزمة الاثنين الأسود عام (1987), وأزمة الأسواق الأسيوية عام (1997), والأزمة المالية العالمية عام (2008).
استخدم الباحث في التحليل المنهج الوصفي التحليلي, إذ يقوم على دراسة الظاهرة المعنية وتحليلها وقياس العوامل المؤثرة عليها.
توصلت الدراسة إلى أن تعافي الاقتصاد الإسرائيلي من هزات أسواق المال العالمية لا يعني بالضرورة أن سوق المال الإسرائيلي لن يتعرض في المستقبل لهزات عنيفة, وأيضاً في حال تقليص الدعم الأمريكي والمعونات المقدمة لإسرائيل من جهات متعددة، فإن الاقتصاد الإسرائيلي وأسواقها المالية ستكون عرضة للأزمات ولن تستطيع مواصلة النمو والتنمية الاقتصادية بالوتيرة الراهنة, وأيضاً عكست الأزمة المالية العالمية أثارها على الدول العربية وخاصة بلدان الخليج رغم عدم تطور أسواق هذه الدول، ويعود السبب في ذلك إلى هيمنة الأسواق المالية الأمريكية والأوروبية على نشاطات أسواق مال هذه البلدان وعدم استثمار الأموال الفائضة لديها في تنمية اقتصادياتها الوطنية.
أوصت الدراسة الدول العربية إلى اشتقاق الدروس من التجربة الإسرائيلية الناجحة في تشييد اقتصادي سوي وقادر على المنافسة, بل وحتى على مواجهة الأزمات العالمية الطاحنة رغم محدودية المساحة وتعداد السكان, واستغلال كافة الإمكانات والطاقات المتاحة للضغط على إسرائيل اقتصادياً وسياسياً كي تصل الأخيرة إلى قناعة حقيقية بأنه لا بديل عن السلام الشامل والعادل والمتوازن.

Study ABSTACT
Over the Israeli economy since the origination year (1948) in several stages, the most important stage of economic reform in (1985), which led to a reduced role of the state in economic activity and increasing the role of the private sector and to the opening up of the financial market of the Israeli on the global markets, and became the Israeli market has the ability to compete in those markets and could take advantage of the benefits of globalization and avoid a lot of harm..
The importance of the study in the need for attention to the economic effects arising from the crisis in global financial markets and their relation to GDP , trade balance and balance of payments , and its implications for social unemployment and poverty , and the vast disparities between wealthy and low-income people , as well as the need for developing economies to promote its economy by studying the experiences of successful economic Kaltejrebh Israeli The experiences of the countries of Southeast Asia and elsewhere.
The study aimed to analyze the reasons that subdued is not affected by the capital market of the Israeli , and therefore the Israeli economy by the financial crisis , despite its extension to the corners of the globe , and to shed light on the reality of financial crises by knowing the reasons for their occurrence and treatment methods and raised the economic and social development , as well as knowledge of the factors that affected the Israeli economy.
Turning the study to provide an overview of some of the global financial crisis and especially the crisis of the Great Depression (1929-1933), and the crisis in Black Monday (1987), and the crisis in Asian markets (1997), and the global financial crisis (2008).
The researcher used the descriptive analytical method of analysis, it is based on the study of the phenomenon in question, analyze and measure the factors influencing them.
The study found that the recovery of the Israeli economy from the shocks global financial markets does not necessarily mean that the capital market of the Israeli would not be subjected in the future to violent tremors , and also in the event of reduction of U.S. support and aid to Israel from multiple destinations , the Israeli economy and financial markets will be vulnerable to crises will not be able to continue growth and economic development at the pace of the current , and also reflected the global financial crisis raised by the Arab countries, especially the Gulf countries despite the lack of development of the markets of these countries , largely due to the dominance of U.S. financial markets and the European activities of capital markets of these countries and not to invest surplus funds have in the development of their national economies .
The study recommended the Arab countries to derive lessons from the Israeli experience successful in the construction of economic Sui and able to compete , and even on the face of global crises raging despite the limited space and population , and to exploit all the possibilities and energies available to pressure Israel economically and politically in order to reach the last to genuine conviction that there is no substitute for comprehensive and just peace and balanced.


مشكلة الدراسة:
على أثر اندلاع الأزمة المالية العالمية عام (2008) والتي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية بسبب أزمة الرهن العقاري، ثم انتقلت إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية والعالم بأسره، والتي تعد أشد الأزمات الاقتصادية وما زالت أثارها مستمرة حتى الآن، والتي خلّفت أثاراً اجتماعية خطيرة تتمثل في زيادة معدلات الفقر والبطالة وزيادة الفوارق الشاسعة في الدخول بين الأغنياء ومحدوي الدخل, وعلى الرغم من أن الأزمة هي أزمة مالية ضربت أسواق المال إلا أن تأثيرها كان كبيراً على كل القطاعات الاقتصادية من الاستهلاك الاستثمار، وأدت إلى تراجع نمو الناتج الإجمالي العالمي وانخفاض الإنتاج وتراجع الطلب الاستهلاكي وغيرها, وأثارت الكثير من المشاكل السياسية، والعديد من حركات الاحتجاج والتي تنادي بإصلاح النظام المالي بأكمله كحركة احتلوا وول ستريت.
ونظراً لارتباط سوق المال الإسرائيلي بأسواق المال العالمية، وذلك بسبب سيادة أجواء العولمة والانفتاح الاقتصادي, يكمن صياغة مشكلة الدراسة من خلال السؤال الرئيسي التالي:
• ما هي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء محدودية تأثر سوق المال الإسرائيلي بأزمة الأسواق المالية العالمية؟
ويتفرع من السؤال الرئيسي الأسئلة الفرعية التالية:
1- هل يعود الفضل للسياسات الاقتصادية الإسرائيلية للتقليل من آثار الأزمة إلى الحدود الدنيا؟
2- ماهي العلاقة ما بين السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي الإسرائيلي وبين تقليل أثار الأزمة المالية العالمية إلى الحدود الدنيا؟
3- ما هي العلاقة بين مرونة السوق الإسرائيلي وبين تدني تأثره بأزمة الأسواق العالمية, كذلك هل يلعب سعر الصرف المدار في إسرائيل دورا في تحسن الاقتصاد الإسرائيلي؟
4- ما هي العلاقة بين اتفاقات السلام العربية- الإسرائيلية وعدم تأثر إسرائيل بالأزمة المالية العالمية؟
5- هل يلعب رأس المال اليهودي دورا في خلق الأزمة وبالتالي يكون حذرا منها ومتحوطاً لها؟
6- هل لرأس المال اليهودي دوراً في تجنب السوق الإسرائيلي من الأزمات المالية العالمية؟
7- هل هناك تأثير لسوق المال الإسرائيلي على المتغيرات الكلية للاقتصاد الإسرائيلي؟
8- هل توجد علاقة ما بين اندلاع الأزمة المالية العالمية وما بين تشكل أقطاب وتكتلات اقتصادية جديدة في العالم؟

أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في ضرورة الاهتمام بالآثار الاقتصادية المترتبة على أزمة الأسواق المالية العالمية وعلاقتها بالناتج المحلي الإجمالي والميزان التجاري وميزان المدفوعات، وانعكاساتها الاجتماعية على البطالة والفقر والفروق الشاسعة بين الأثرياء ومحدودي الدخل.
ويمكن تحديد أهمية البحث من خلال النقاط التالية:
1- حاجة الاقتصاديات النامية بشكل عام, والاقتصاد الفلسطيني بشكل خاص للنهوض باقتصادياتها من خلال دراسة التجارب الاقتصادية الناجحة كالتجربة الإسرائيلية وتجربة دول جنوب شرق أسيا وغيرها.
2- مساهمة الأسواق المالية في تنمية الموارد الادخارية وتحويلها نحو فرص وقنوات الاستثمارات المتاحة من خلال تأمين السيولة وتجميع المدخرات, من خلال تشجيع صغار المدخرين ومحدودي الدخل للدخول بالنشاط الاقتصادي.
3- تكمن الأهمية لجهة أن الأزمة المالية الراهنة تتشابه في كثير من فصولها مع الأزمة العالمية الكبرى عام (1929)، حيث أنهما تسببتا في زعزعة الاستقرار في النظام الرأسمالي بكامله, وكان لها صفة دورية انطلاقاً من ارتباطها الوثيق بالأزمات الاقتصادية الدورية في النظام الرأسمالي، وأيضاً عمق هذه الأزمة واختلاف أمن ودرجة حدة الأزمة من بلد لآخر بشكل كبير.
4- تبرز أهمية الأسواق المالية من خلال التسريع بعملية التنمية وكونها مؤشراً للأحوال الاقتصادية في البلد, ومرآة عاكسة لما يحدث في الاقتصاد وقدرته على التجاوب بصورة مبكرة مع الدورات الاقتصادية.
5- حاجة المكتبة العربية لدراسات تتعلق بماهية الازمات المالية العالمية وأسبابها وجذورها وتأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي وكيفية الاستفادة منها, واشتقاق الدروس المستقبلية.

أهداف البحث:
يمكن إبراز الأهداف المرجوة من البحث من خلال النقاط التالية:
1- ضرورة معرفة العوامل التي أثرت على الاقتصاد الإسرائيلي منذ النشأة عام 1948 وحتى الآن.
2- تحليل الأسباب التي كبحت جماح محدودية تأثر سوق المال الإسرائيلي وبالتالي الاقتصاد الإسرائيلي بالأزمة رغم امتدادها لأرجاء المعمورة.
3- إلقاء الضوء علي واقع الأزمات المالية من خلال معرفة أسباب حدوثها وطرق علاجها وأثارها الاقتصادية والاجتماعية.
4- محاولة للتوصل لنتائج تتعلق بعمق هذه الأزمة وملازمتها لأسلوب الإنتاج الرأسمالي.
5- زيادة الإطلاع والمطالعة من خلال إتباع أدوات التحليل والبحث العلمي وقراءة المراجع المختلفة وإنجاز دراسة بحثية بأسلوب علمي معتمداً على المدارس والنظريات العلمية.
6- تقديم بعض التوصيات لمتخذ القرار والتي يتوقع منها أن تساهم في تحسين المستوى الاقتصادي وإمتصاص الأزمات الاقتصادية في المستقبل.
7- محاولة للتعرف على واقع الاقتصاد العالمي قبل وبعد الأزمة المالية والتكهن بمستقبل الاقتصاد العالمي وشكل النظام الاقتصادي البديل للنظام الحالي.

فرضيات الدراسة :
من خلال واقع مشكلة الدراسة والمتعلقة بمدى تأثر السوق المالي بأزمة الأسواق المالية العالمية وتساؤلاتها الفرعية ممكن صياغة عددا من الفرضيات ويمكن إيجازها كالتالي:
1) هناك تأثيرا محدودا للأزمة المالية العالمية(2008) على السوق المالي الإسرائيلي وكذلك الاقتصاد الإسرائيلي.
2) يوجد علاقة بين السياسات الاقتصادية المتبعة وبين محدودية تأثر السوق المالي الإسرائيلي بالأزمة المالية.
3) مرونة سوق العمل الإسرائيلي واتباع سعر الصرف المدار واستقرار قيمة الشيقل لها دورا كبيرا في تقليل تأثر السوق الاسرئيلي من الأزمة إلى الحدود الدنيا.
4) هناك علاقة بين اتفاقات السلام العربية- الإسرائيلية ومحدودية تأثر إسرائيل بالأزمة المالية العالمية.
5) هناك علاقة بين الأزمة المالية العالمية وبين تشكل أقطاب جديدة في العالم وتكتلات اقتصادية وخصوصا مجموعة البريكس الاقتصادية, والتي قد تؤدي مجددا لإنطلاق الحرب الباردة في العالم.

منهجية البحث:
استخدم الباحث في التحليل المنهج الوصفي التحليلي, حيث تم دراسة المراحل التي شهدها الاقتصاد الإسرائيلي لإظهار بعض الآثار الاقتصادية والاجتماعية للتحولات في الاقتصاد الإسرائيلي، وخصوصاً بعد التوجه نحو الخصخصة وتقليص دور الحكومة في النشاط الاقتصادي، وتم تعزيز ذلك بالجداول والرسوم البيانية, كما تم تحليل تأثير الأزمات المالية العالمية على السوق المالي الإسرائيلي والاقتصاد الإسرائيلي من خلال معرفة أسباب حدوث الأزمة وطرق علاجها والعمل على تخفيف أثارها والحد منها، والاستفادة قدر الإمكان من تلك الأزمات.
الدراسات السابقة :
أولا: الدراسات المحلية
1- دراسة محمد مقداد, 2009,"الأزمة المالية وأثارها على فلسطين"
هدفت الدراسة إلى التعرف على أثار الأزمة المالية العالمية 2008 على الاقتصاد الفلسطيني, وعلى أداء بعض النشاطات الانتاجية والاستثمارية ومدى تأثر المصارف وصناديق الاستثمار والتقاعد والتأمين بالأزمة, وتوصلت الدراسة إلى أن الأزمة المالية هي أزمة ليست قضيرة الأجل وليست عادية وإنما هي أزمة بنيوية وهيكلية في الإقتصاد الأمريكي وفي النظام الرأسمالي, واعتبرت الدراسة أن الخطط الاقتصادية المتبعة لن تؤدي إلى علاج المشكلة وهي بمثابة ضخ الدم للمريض المصاب بالنزيف دون التعرف على أسباب المرض, وأوصت الدراسة بضرورة الرقابة على المصارف وإعادة النظر بالنظام المالي العالمي.
ثانيا : الدراسات العربية
1- دراسة بوكساني رشيد,2006, "معوقات أسواق الأوراق المالية وسبل تفعيلها"
هدفت تلك الدراسة إلى محاولة البحث عن المراكز الدولية للأسواق المالية من أجل معرفة عوامل نجاحها, وبحثت للأليات التي من شأنها تطوير تلك الأسواق, وتطرقت الدراسة للأزمات المالية التي عصفت بالأسواق المالية العالمية وخصوصا أزمتي الأثنين الأسود 1987 والأزمة الأسيوية 1997 ومدى تأثيرها على أسواق المال العربية وكيفية التخفيف من أثارها والتقليل من حدتها, وتوصلت الدراسة لعدد من النتائج منها أن السوق المالي مرتبط بأسواق السلع والخدمات وأن هناك تأثر ملحوظ للأسواق المالية العربية بالأزمات المالية العالمية, وأوصت الدراسة بضرورة إتشاء سوق مالي عربي, وتكامل بين البورصات العربية بما يكفل انسياب الاستثمارات العربية فيما بينها, ويكفل تمويل خطط التنمية الاقتصادية المطروحة في العالم العربي .
2- دراسة سكينة حملاوي,2012," واقع التكتلات الاقتصادية الإقليمية الجديدة في ظل الأزمة المالية الراهنة: دراسة حالة الشراكة الأورومتوسطية_ حالة دول المغرب العربي".
هدفت تلك الدراسة إلى التعرف على شكل التكتلات الاقتصادية والإقليمية الجديدة والتحديات التي تواجهها في ظل اندلاع الأزمة المالية الاقتصادية الراهنة.
وتوصلت الدراسة إلى أن تشكل التكتلات الاقتصادية هي نتاج طبيعي للأزمات المالية والتي تهدف إلى التحوط لتقليل وتفتيت المخاطر التي تنجم عن الأزمات المالية, وأن ظاهرة التكتلات لا تقتصرفقط على الدول المتقدمة بل هي ظاهرة للدول المتقدمة والنامية على حد السواء وتشكل 75% من دول العالم.
وأوصت الدراسة دول المغرب العربي بضرورة إجراء تكامل فيما بينها وتشكيل تكتل إقتصادي إقليمي وتنويع صادراتها والتركيز على الاصلاحات الهيكلية باقتصادياتها تفاديا لأي أزمة مالية عالمية مستقبلية, وكذلك ضرورة وضع سياسات مشتركة تهدف لعلاج مشكلة الفقر والبطالة وتحسين شروط التبادل التجاري وأزمة الديون الخارجية ونقل للتكنولوجيا والرقابة على أسواق المال.
3- دراسة محمد حجاج,2012," أثر الأزمة المالية العالمية على أداء الأسواق المالية العربية: دراسة حالة سوق الدوحة للأوراق المالية للفترة (2007-2009)".
هدفت تلك الدراسة إلى الكشف عن أهم الأزمات المالية العالمية ودراسة تداعياتها والحلول المفترحة لعلاجها, وقياس أثر الأزمة المالية العالمية2008 على سوق الدوحة للأوراق المالية وأثره على القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد القطري.
وتوصلت الدراسة إلى أن الأزمة المالية إنعكست بأثارها على سوق الدوحة للأوراق المالية من خلال إنخفاض مؤشر السوق المرجح بالقيمة السوقية للأسعار القابلة للتداول, وأن أكبر المتضررين من الأزمة هما قطاعي المصارف والتأمين.
وأوصت الدراسة بوضع القيود اللأزمة للتدفقات الرأسمالية تماشيا مع أليات السوق, وتشديد العقوبات للحد من أنشطة المضاربين, وعدم السماح بإنشاء أسواق مالية موازية في الدول العربية تكون خارج سيطرة الأسواق المالية.
مقدمة:
تلعب الأسواق المالية دورا بارزا فى الحياة الاقتصادية, من خلال تأمين السيولة وتجميع المدخرات للمساهمة فى عمليات التنمية والاستثمار من خلال تشجيع صغار المدخرين ومحدودي الدخل للدخول فى النشاط الاقتصادي, حيث تعتبر الاسواق المالية اسواقا للتمويل, تتضمن عرض وطلب لرؤوس الأموال, ولقد ارتبط تطور الأسواق المالية بالتطور الاقتصادي والصناعي الذي مرت به معظم دول العالم, وتتفاوت الأهمية من دولة لأخرى حسب درجة التقدم الاقتصادي بها, ومع تطور الفكر الاقتصادي ازدادت الأهمية النسبية لقطاع الخدمات فى مساهمته بالناتج المحلى الاجمالي, وبالتالي فإن الاقتصاد العالمي اليوم هو اقتصاد اسواق مالية, لذلك فإن تعرضها للأزمات المالية تسبب أثار مأسوية للاقتصاد العالمي, لأن أزمة الاسواق المالية من أشد الأزمات الاقتصادية ؛ وهناك وجهات نظر مختلفة حول دور الاسواق المالية فى تسريع عجلة التنمية الاقتصادية, فهناك من يرى بأنها اقتصاد فقاعة لا تضيف شيئا للاقتصاد وتهدف فقط الى تحويل رأس المال الى رأس مال من أجل الربح (المال يلد مالا ), وفريق أخر يرى اهميتها الكبيرة فى تحقيق النمو الاقتصادي وجذب المدخرات من الافراد والمؤسسات والتوجه نحو مسارات وقنوات استثمارية مختلفة.
حاولت تلك الدراسة البحثية التطرق لماهية الأسواق المالية وتقسيماتها ووظائفها وأهميتها من الناحية الاقتصادية, وكذلك البحث في جذور الأزمات المالية العالمية من خلال التعرف على ماهية الأزمة وأسبابها ونتائجها والنظريات المفسرة لها وأثارها الاقتصادية, ومن ثم إيجاد الحلول المناسبة لها, والتطرق لأهم الأزمات العالمية التي عانى منها الاقتصاد العالمي وخصوصا أزمتي الكساد الكبير في 1929-1933)) والتي شكلت فشلا للنظرية الكلاسيكية القائمة على افتراضات الحرية الاقتصادية والملكية الفردية لوسائل الانتاج وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي, وكذلك الأزمة الأسيوية في العام (1997) والتي ضربت أسوا ق المال الأسيوية, وانتقلت الى الاسواق العالمية والأزمة المالية العالمية (2008), والتي انتقلت شرارتها من سوق العقار الأمريكي إلى أسواق المال العالمية ثم إلى أزمة اقتصادية طالت مختلف القطاعات الاقتصادية الإنتاجية وغير الإنتاجية, وهي لا تقل ضراوة عن أزمة الكساد الكبير, حيث تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي, وتراجع حجم الطلب العالمي, وانخفاض الاستثمارات, وإرتفاع معدلات البطالة, وزيادة العجز في موازين المدفوعات, وارتفاع الديون, وتخفيض التصنيف الإئتماني لبعض الدول, وما رافق ذلك من أثارا اجتماعية كارتفاع لمعدلات الفقر, وإتساع الفجوة بين الاغنياء والفقراء, واتساع حدة المناهضة للنظام المالي العالمي ,وتزايد الاحتجاجات والتي عرفت بحركة احتلواوول استريت والتي انطلقت في قرابة (200) مدينة صناعية في العالم والتي تنادي باصلاح النظام وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستويات المعيشة.




أولا : تعريف السوق المالي
تعددت تعاريف السوق المالي, ولكن معظمها يشير إلى الألية التي يتم من خلالها تداول السلع والخدمات بين البائعين والمشترين خلال فترة معينة وتوفر وسيلة اتصال مناسبة بين الطرفين بغض النظر عن وجود مكان جغرافي, وكان مفهوم السوق قديما يعرف بأنه المكان الذي يلتقي فيه البائعون والمشترون وتتبادل فيه السلع والخدمات, ومن ثم تتحدد فيه أثمانهما أي أن مفهوم السوق كان ماديا يشير إلى مكان محدد, أما الأن فإن السوق ياخد مفهوما معنويا إذ يشير إلى العلاقات التبادلية بين البائعين والمشترين نظرا لتلاقي إرادتهم ورغباتهم لتبادل السلع والخدمات المعينة, حيث لم تعد هناك أهمية للمكان, وأصبحت السوق تتحدد وفقا للسلعة التي تتداول فيها(1).
وللسوق المالي عدة تعريفات منها انه المكان الذي يتجمع فيه طلبات بيع وطلبات شراء الأدوات المالية والتي يؤدي إلى تنفيدها إلى تحريك عمليات التداول في الأسواق المالية(2).
ويعرف أيضا السوق المالي بأنه السوق الذي يتم فيه تداول الأوراق المالية بيعا وشراء إلى جانب الأدوات الاستثمارية طويلة الأجل(3).
أو هو المكان الذي يتم من خلاله تبادل الأوراق المالية بين أطراف التبادل من بائعين ومشترين(4)؛ أو هو ذلك الإطار الذي يجمع بائعي الأوراق المالية بمشتري تلك الأوراق بغض النظر عن الوسيلة التي يتحقق بها هذا الجمع أو المكان الذي يتم فيه, ولكن يشترط توفر قنوات اتصال فعالة بين المتعاملين في السوق، بحيث تجعل الأثمان السائدة في أي لحظة زمنية معينة بالنسبة لأي ورقة مالية متداولة, وتعتبر حلقة الوصل بين القطاعات المختلفة في الاقتصاد.
وهناك من يربط تطور السوق المالي بمراحل تطور النقود ويعتبرها نتاج التطور في النظام النقدي العالمي وبذلك فبعد قيام النقود بوظيفته خزينا للقيمة وتحويل النقود الى اصل قابل للعرض والطلب بعيدا عن مجرد القياس ( تحول النقود إلى أصل مالي نتيجة وظيقته مخزنا للثروة) لحاجة المعاملات ولدت الحاجة لظهور الأسواق المالية لتداول الادوات المالية والنقدية بيعا وشراءا (5).


(1) عبد الرحمن, بن عزوز, دور الوساطة المالية في تنشيط سوق الاوراق المالية حالة بورصة تونس,رسالة ماجستير غير منشورة,جامعة منتوري قسطنينية, الجزائر, 2012,ص1.
(2) صالحة هاني, شركات الوساطة وأثرها على تنمية سوق فلسطين للأوراق المالية, رسالة ماجستير غير منشورة, الجامعة الإسلامية, غزة, فلسطين, 2007, ص14.
(3) الشمري، ناظم وآخرون، أساسيات الاستثمار العيني والمالي، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 1999م، ص187.
(4) السمهوري، محمد، اقتصاديات النقود والبنوك، الطبعة الثانية، غزة، فلسطين، 2000م، ص71.
(5)الداغر,محمود, الأسواق المالية مؤسسات أوراق بورصات, ط1, دار الشروق للنشر والتوزيع,رام الله , فلسطين,2005,ص 20.

والتعريف الأكثر شمولية للسوق المالي بأنه الألية أو النظام الذي يتم بموجبه الجمع بين البائعين والمشترين لنوع معين من الأوراق أو لأصل مالي معين يتمكن بذلك المستثمرون من بيع وشراء عدد من الأسهم والسندات والأدوات الأخرى داخل السوق اما عن طريق السماسرة أو الشركات العاملة في هذا المجال خارج السوق نظرا للتطور الكبير في التكنولوجيا(1).
ويعرف أوليفر بيكون السوق المالي بانه السوق الأم للأسواق التي تتعامل في الأصول والأدوات المالية القصيرة والطويلة الأجل وتحقق مزايا لكل من وحدات الفائض ووحدات العجز(.(2
ثانيا : التطور التاريخي لنشأة الأسواق المالية
يعود تاريخ نشأة الأسواق المالية إلى عهد الرومان الذين كانوا أول من عرف الأسواق المالية في القرن الخامس قبل الميلاد(3)؛ حيث قامت الامبراطورية الرومانية بتجميع الأموال من المدخرين لبناء روما, فالمشاريع الضخمة ولدت الحاجة لتجميع أموال ضخمة فكانت فكرة اللجوء للأفراد بالمجتمع وتوزيع عبئ الاستثمار عليهم (4) ولكن السوق بشكله المنظم ظهر بعد قرون من انهيار الإمبراطورية الرومانية .وفي العصور الوسطى اعتبرت كل من بروج وأنفيرز وليون وأمستردام ولندن مراكز مالية مهمة. وظهر أول سوق للاوراق المالية بشكله المنظم عام (1611م) في أمستردام حيث تم لأول مرة إصدار أسهم تم تحديد سعرها وفقا لقانون العرض والطلب, وأصدرت من طرف الشركة الألمانية للهند الشرقية. وهناك من يرجع نشوء الأسواق المالية تاريخياً إلى فرنسا في القرن الثالث عشر الميلادي, حيث أوجد فيليب ملك فرنسا في ذلك الوقت مهمة سماسرة الصرف من أجل تنظيم هذه العملية, كما ظهر أول سوق للأوراق في فرنسا سنة (1724م)، وكان هذا السوق خاضع للقانون بصورة مباشرة, أما بورصة باريس فقد تأسست سنة (1808م).(5)
وتلاها سوق لندن للأوراق المالية عام (1711م) وأول بورصة ظهرت بالولايات المتحدة الأمريكية هي بورصة فيلادلفيا عام (1790م)(6). ثم تم بورصة نيويورك عام (1821م) في شارع وول استريت والتي تعتبر أكبر سوق للأوراق المالية في العالم (7)
(1) الزيادات,على, الخرابشة,فارس, أثر الأزمة المالية على الأسواق المالية العالمية: حالة تطبيقية على سوق الأوراق المالية الأردنية, دراسة منشورة, مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الاقتصادية والإدارية, المجلد الحادي والعشرون, العدد 1, يناير 2013, ص402.
(2) حجاج, محمد, أثر الأزمة المالية العالمية على أداء الأسواق المالية العربية: دراسة حالة سوق الدوحة للأوراق المالية للفترة 2007-2009, رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة قاصدي مرياح, ورقلة, الجزائر, 2012,ص 13.
(3) رشيد، بوكساني، معوقات أسواق المال العربية وسبل تفعيلها، أطروحة دكتوراة غير منشورة، جامعة الجزائر، الجزائر، 2004م، ص28.
(4) زيطاري,سامية, ديناميكية أسواق الأوراق المالية في البلدان الناشئة : حالة أسواق الأوراق المالية العربية, اطروحة دكتوراه غيرمنشورة, جامعة الجزائر, الجزائر,2004, ص12.
(5) فرح، غازي وآخرون، الأسواق المالية، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 2001م، ص19.
(6) زيطاري سامية, مرجع سبق ذكره, ص13.
(7) كويل برايان, التمويل المالي للأسهم, ترجمة خالد العامري, دار الفاروق للاستثمارات الثقافية, ط1, الجيزة, مصر, 2007, ص84.
وظهر السوق المالي في بريطانيا في القرن السابع عشر عندما قامت بريطانيا بتجميع الأموال عن طريق بيع الأسهم والسندات وتأسست بورصة لندن عام (1806م) (1).
وأول بورصة للبضائع أنشئت في باريس عام (1304م) على جسر الصداقة حيث كان يجرى تداول الكمبيالات والأذونات, وأول مبنى للبورصة كان في بلجيكا ونشأت بورصة هونغ كونغ عام(1891م).(2)
وتستند فكرة الأسواق المالية على نظرية "أدم سميث" التي تقوم على فكرة تقسيم العمل والتخصص, حيث تعتمد فكرة تقسيم العمل على كبر حجم السوق, ويعتمد كبر حجم السوق على حجم الإنتاج, ويترتب على ذلك إيجاد نوع من التخصص في الإنتاج تبعا للمزايا النسبية, وقد انعكست هذه العلاقة على التطورات المالية، وبصفة خاصة على الأوراق المالية، والتي مرت بعدة مراحل يمكن إيجازها كالتالي(3):
- المرحلة الأولى: تميزت هذه المرحلة بوجود عدد كبير من البنوك الخاصة ومحلات الصرافة وارتفاع نسبي في مستوى المعيشة، وإقبال الأفراد على استثمار مدخراتهم في مشاريع تجارية وزراعية وعقارية، مما أدى إلى اتساع المعاملات التجارية وبالتالي الاقتراض من البنوك، وكان للبنوك حرية كبيرة في الإقراض بسبب عدم وجود بنوك مركزية.
- المرحلة الثانية: تميزت بظهور البنوك المركزية والتي تسيطر على البنوك التجارية, وأصبحت القروض التي تقدمها البنوك محددة بالرغم من زيادة طلب الأفراد عليها، وذلك بسبب سياسات البنك المركزي.
- المرحلة الثالثة: تميزت تلك المرحلة بظهور البنوك المتخصصة في الإقراض المتوسط والطويل الأجل مثل البنوك الصناعية والزراعية وبنوك التنمية والاستثمارات.
- المرحلة الرابعة: تميزت بظهور الأسواق النقدية وهي التي تتعامل مع الأدوات قصيرة الأجل كشهادات الإيداع القابلة للتداول والأوراق التجارية, وفي هذا المرحلة ازداد التعامل بهذه الأدوات، وهذا يعتبر بداية اندماج السوق النقدي مع السوق المالي.
- المرحلة الخامسة: تميزت تلك المرحلة باندماج الأسواق النقدية مع الأسواق المالية, والأسواق المحلية مع الأسواق الدولية نتيجة تطور وسائل الاتصالات المختلفة وظهور البورصات المالية, وأصبحت الأسواق المالية تهتم ببيع وشراء الأوراق المالية طويلة كالأسهم بنوعيها ممتازة وعادية والسندات.

(1) فرح, غازي وأخرون, مرجع سبق ذكره, ص21.
(2) محمدعربي,خلف الله, دور سوق الخرطوم للأوراق المالية في النمو الاقتصادي, دراسة منشورة , مجلة جامعة بحث الرضا, السودان,2010, ص3
(3)خريوش، حسني وآخرون، الأسواق المالية مفاهيم وتطبيقات، جامعة العلوم التطبيقية، عمان، الأردن، 1998م، ص8.



ثالثا: أنواع الأسواق المالية
يمكن تقسيم الأسواق المالية إلى نوعين، وهما كالتالي:
1- أسواق رأس المال: وتتكون تلك الأسواق من مجموعة من المؤسسات ذات وظيفة أساسية تتخلص في نقل الأرصدة من المدخرين إلى قطاع الأعمال أو المستهلكين والحكومة أحياناً, وتشمل أسواق الأسهم والسندات والوسطاء الماليين مثل البنوك ومؤسسات الادخار, إذن هو السوق الذي يتعامل بالأدوات المالية طويلة الأجل كالأسهم بنوعيها والسندات، وتتقسم إلى أسواق فورية وأسواق مستقبلية( ).
2- أسواق النقد: وهي تلك الأسواق التي يتم من خلالها تداول مختلف الأدوات الاستثمارية قصيرة الأجل والتي أمدها سنة فأقل, وفي بعض الأحيان سنة ونصف فأقل تحقيقاً للعائد، وهو بذلك يعتمد على المبالغ الضخمة ذات الأحجام الكبيرة, وتتأثر هذه الأسواق بالسياسة النقدية المتبعة، وترتكز على عامل أساسي هو سعر الفائدة بناءً على العرض والطلب، وتمتاز هذه الأسواق بدرجة عالية من الأمان وبالمرونة العالية وانخفاض درجة المخاطرة وانخفاض التكاليف وسرعة التسييل, وهدفها الرئيسي هو تمويل المشاريع الإنتاجية ومدها بالقروض وأهم الأدوات الاستثمارية التي يتم تداولها في هذا السوق هي أذونات الخزينة والقبولات المصرفية وشهادات الايداع وغالبا لا يوجد لها مكانا محددا(2).
وظائف الأسواق المالية:
1- تتمثل الوظيفة الأساسية للسوق المالي في تيسير حصول وحدات العجز المالي على الأموال اللازمة لها من وحدات الفائض المالي بطريقة مباشرة وغير مباشرة(3).
2- تقديم المعلومات المالية اللازمة إلى الأفراد والمشاريع التي تتعلق بالأصول المالية المختلفة بالسوق المالي, بالإضافة إلى المعلومات المتعلقة بالوضع المالي للشركات، وبذلك تقلل تكلفة الحصول على تلك المعلومات من حيث الجهد والوقت والمخاطر(4)، بالإضافة إلى امتلاكها قدراً من الدقة المتعلقة بتوقعات الأرباح في المستقبل كونها مؤسسات مالية متخصصة(5).
3-تعتبر الأسواق المالية مؤشراً للأحوال الاقتصادية في البلد ومرآة عاكسة لما يحدث في الاقتصاد.


رابعا: ماهية الأزمات المالية العالمية وأسبابها
عانى الاقتصاد العالمي من العديد من الأزمات الاقتصادية منذ نهاية القرن السابع عشر وتراوحت تلك الأزمات ما بين ازمات مصرفية وأزمات عملة وديون خارجية وميزان مدفوعات وازمة الأسواق المالية وهي الأكثر خطورة والأكثر سرعة وتأثيرا على قطاعات الاقتصاد ككل وعليه فالازمة المالية ما زالت محل جدلا واسعا من قبل الاقتصاديين والذين حاولوا تفسير اسباب هذه الازمة وتداعياتها ونتائجها وكيفية الحد منها باتباع عدة اجراءات ووضع العديد من الخطط والتي تعتمد على ادوات السياسة الاقتصادية المالية والنقدية والتجارية وغيرها.
وتعددت تعريفات الأزمة المالية وأسبابها ويمكن تعريف الأزمة المالية بأنها
الانخفاض المفاجئ في أسعار نوع أو أكثر من الأصول, والأصول قد تكون رأس المال المادي الذي يستخدم في العملية الإنتاجية مثل الألات والمعدات والأبنية أو أصول مالية مثل حقوق ملكية لرأس المال أو المخزون السلعي مثل الأسهم وحسابات الإدخار أو أنها حقوق ملكية للأصول المالية تعرف بالمشتقات المالية ومنها العقود المستقبلية, فإذا إنهارت قيمة أصل ما فجأة فإن ذلك يعني إفلاس أو انهيار قيمة المؤسسات التي تملكها, فاذا حصل انهيار مفاجئ في سوق الأسهم أو في قيمة عملة دولة ما أو في سوق العقارات أو مجموعة من المؤسسات المالية فإن الأثر سيمتد بعد ذلك إلى باقي الاقتصاد
وللازمات المالية العالمية خصائصا أساسية ملازمة لها كحدوثها بشكل عنيف ومفاجئ والاهتمام بها من الجميع وسيادة أجواء من الخوف والذعر بين المتعاملين في الاسواق المالية (1)
وكذلك دور مؤسسات التصنيف الائتماني التي منحت الاوراق المالية درجات عالية على أساس أن هذه الاوراق قليلة المخاطر الائتمانية وفي هذا تضارب واضح في المصالح , اذ ان وكالات التصنيف تحصل على رسومها من المؤسسات المصدرة للاوراق المالية.(2)
وزيادة حجم القروض العقارية وسوء الادارة الاقتصادية وزيادة حجم النفقات الحكومية وانعدام الرقابة على الاسواق المالية وسيادة المضاربة والمقامرة والمعاملات الوهمية غيرالحقيقية وكذلك جدولة الديون بسعر فائدة أعلى والتوسع والافراط في تقديم تسهيلات ائتمانية وهذا التوسع في الاقراض كانت سببا في ارتفاع الاسعار وخصوصا اسعار العقارات والتي نجم عن اسعارها غير الحقيقية انفجار فقاعة العقار واندلاع الازمة المالية العالمية 2008 والتي اصبحت ازمة اقتصادية عالمية اثرت على كافة القطاعات الحقيقية وكان لها اثارا اقتصادية كارتفاع معدلات البطالة وتباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع حجم الطلب الكلي وتراجع الاستثمارات وزيادة العجز في موازين المدفوعات وافلاس عدة دول وتخفيض التصنيف الائتماني لدول اخرى وما رافق ذلك من تزايد حدة الفقر والتفاوت في الشرائح الاجتماعية اضافة الى اندلاع الاحتجاجات المطالبة باصلاح النظام المالي العالمي فيما عرف بحركو احتلوا وول استريت والتي انطلقت في 200 مدينة صناعية عبر العالم.
(1) كورتل, فريد, الازمة المالية العالمية وأثرها على الاقتصاديات العربية, جامعة سكيكدة, الجزائر,2010,ص2.
(2) موسى, عماد, ورقة بعنوان أثر الأزمة المالية العالمية على الدول العربية:قناة أسواق رأس المال, المؤتمر الدولي حول (القطاع الخاص في التنمية: تقييم واستشراف) المنعقد بالفترة من 23-25 مارس 2009, بيروت, الجمهورية اللبنانية,ص4.
كذلك فإن للتوريق دورا رئيسيا في اندلاع الازمات المالية العالمية من خلال مراحلها كسندات رهون عقارية بفوائد وبيعها بالاسواق المالية العالمية وبالتالي انتشارها الواسع ادى لسرعة انتقال الازمة من سوق العقار الى اسواق المال الاخرى ثم الى قطاعات الاقتصاد الحقيقي.
وتعددت تعريفات الأزمة المالية العالمية والتي تعبر عن اسهامات الفكرية مختلفة لعدد من الاقتصاديين وحاولت الأدبيات الاقتصادية تحليل ماهية الأزمات المالية العالمية وأسبابها وجذورها وتداعياتها وكيفية التخفيف من حدتها, فلا يوجد تعريف محدد للأزمة ومنها
_الأزمة المالية: بأنها حالة تمس أسواق البورصة وأسواق الإئتمان لبلد معين أو مجموعة من البلدان وتكمن خطورتها في أثارها على الاقتصاد مسببة بدورها أزمة اقتصادية ثم انكماش اقتصادي عادة ما يصاحبها انحصار القروض وأزمات السيولة والنقدية وانخفاض الاستثمار وحالة من الذعر والحذر في أسواق المال.(1)
_ الأزمة المالية :هي فترة زمنية تشهد انقلاباً حاداً في الاتجاه النزولي في مؤشرات الأسواق المالية.
_ الأزمة المالية :هي فترة تشهد اضطراباً حاداً ومفاجئاً في بعض التوازنات الاقتصادية يتبعه انهيار في عدد من المؤسسات المالية تمتد أثاره إلى القطاعات الأخرى.
_الأزمة المالية :هي فترة تشهد الانخفاض المفاجئ في أسعار نوع أو أكثر من الأصول، والأصول مالي أو أصول حقيقي، فإذا أنهارات قيمة أصول ما فجأة، فإن ذلك قد يعني إفلاس أو انهيار قيمة المؤسسات التي تمتلكها.
_ الأزمة المالية : هي عبارة عن خلل يؤثر تأثيرا ماديا على النظام بأكمله كما أنه يهدد الافتراضات, وتعرف أيضا بتوقف الحوادث المنتظمة والمتوقعة ومن الناحية الإدارية يقصد بها اضطراب في كيان المنظمة أو المؤسسة يؤدي إلى اختلال مجموعة من العلاقات المنظمة وبالتالي يفقد متخد القرار قدرته على السيطرة عليها او التعامل معها تعاملا سليم (2).
_الأزمة المالية : هي تلك التذبدبات التي تؤثر كليا أو جزئيا على مجمل المتغيرات المالية كحجم الإصدار وأسعار الأسهم والسندات واعتمادات الودائع المصرفية ومعدل الصرف, هذا يعني حدث مفاجئ غير متوقع له نتائج سلبية يرتبط بها حدوث خسائر في الموارد البشرية والأموال والثروات الخاصة بالنظام موضوع الازمة (3).
(1) الشيخ, الداوي, ورقة علمية بعنوان الأزمة المالية وانعكاساتها وحلولها, مؤثمر الأزمة المالية العالمية وكيفية علاجها من منظور النظام الاقتصادي الغربي والإسلامي, جامعة الجنان, طرابلس, لبنان, مارس, 2009,ص2.
(2) سهو محمد, نزهان, الأزمة المالية العالمية الراهنة: المفهوم والاسباب والتداعيات, مجلة الادارة والاقتصاد , العراق, العدد 83, 2010, ص254.
(3) كواش, خالد, كواش ,زاهية, ورقة علمية بعنوان الازمة المالية (2008) وعلاقتها بالاقتصاد الافتراضي, الملتقى العلمي الدولي الخامس حول الاقتصاد الافتراضي وانعكاساته على الاقتصاديات الدولية, الجزائر , بدون سنة نشر,ص2
مما سبق يمكن تعريف شامل للأزمة وهو الانخفاض المفاجئ في أسعار نوع أو أكثر من الأصول, والأصول قد تكون رأس المال المادي الذي يستخدم في العملية الإنتاجية مثل الألات والمعدات والأبنية أو أصول مالية مثل حقوق ملكية لرأس المال أو المخزون السلعي مثل الأسهم وحسابات الإدخار أو أنها حقوق ملكية للأصول المالية تعرف بالمشتقات المالية ومنها العقود المستقبلية, فإذا إنهارت قيمة أصل ما فجأة فإن ذلك يعني إفلاس أو انهيار قيمة المؤسسات التي تملكها, فاذا حصل انهيار مفاجئ في سوق الأسهم أو في قيمة عملة دولة ما أو في سوق العقارات أو مجموعة من المؤسسات المالية فإن الأثر سيمتد بعد ذلك إلى باقي الاقتصاد.(1)
ويعتمد تعريف الأزمة المالية على عدد من المعايير يمكن ايجازها كالتالي (2):
_ نوع ومضمون الأزمة :
هناك أزمات تقع في المجال الاقتصادي وتعرف الأزمة بالاقتصادية سواء حدثت في المجال المالي او النقدي وغيرها .
_ النظاق الجغرافي للأزمة :
استخدام هذا المعيار يؤدي إلى ما يعرف بالأزمات المحلية أو الأزمات الاقليمية أو الأزمات الدولية.
_ حجم الأزمة :
يستخدم معيار الحجم أو الضخامة في تصنيف الأزمات, فهناك أزمة صغير, وأزمة متوسطة, وأزمة كبيرة, ويعتمد معيار الحجم أو الضخامة عللا معاييرمادية كالخسائر أو الأضرار الناجمة عنها.
_المعيار الزمني لظهور وتأثير الأزمة:
يمكن التمييز بين نوعين من الأزمات وهي الأزمة الإنفجارية السريعة والتي تحدث وتختفي بسرعة, وبين الأزمة البطيئة الطويلة والتي تتطور بالتدريج ولا تختفي هذه الازمة بسرعة.
.
(1) سهو, محمد, نزهان, مرجع يبق ذكره, ص257.
(2) نفس المرجع السابق,ص252-255.


أنواع الأزمات المالية(1):
يتم تصنيف الأزمات المالية طبقاً للقطاع الذي بدأت منه إلى نوعين أساسيين، وهما:
أولاً/ الأزمة المصرفية
تظهر تلك الأزمات عندما يواجه بنك ما زيادة كبيرة ومفاجئة في طلب سحب الودائع من قبل المودعين واذا لم يستطيع البنك تغظية ومواجهة طلب سحب الودائع وحدثت أزمة سيولة لذى البنك وانتشرت الى بنوك أخرى تسمى هذه الحالة أزمة مصرفية, واذا حدث العكس أي رفض البنك تقديم قروض خوفا من عدم قدرتها على الوفاء بطلبات السحب رغم توفر ودائع لديه تحدث أزمة في الإقراض و تسمى أزمة إئتمان, وشهد الاقتصاد العالمي العديد من الازمات المصرفية منها انهيار بنك Gurney over end)) في بريطاينا و بنك الولايات المتحدة Bank of united states)) عام (1931) وبنك Bear stearns)), وتفسرها نظرية الفقاعة.
ثانياً/ أزمة العملة وأسعار الصرف
وتسمى هذه الأزمة أيضاً بأزمة ميزان المدفوعات, وتحدث عندما تتغير أسعار الصرف بصورة بالغة بشكل يؤثر على قدرة العملة على أداء مهمتها كوسيط للتبادل أو مخزن للقيمة, وتحدث هذه الأزمة عندما تقوم السلطات النقدية بخفض قيمة عملتها بسبب المضاربات و بالتالي تحدث أزمة قد تؤدي لانهيارهذه العملة, كما حدث عام (1997) بجنوب شرق أسيا عندما زاد المضاربات على عملة الباهت التايلندي, وتتفاوت أثار هذه الأزمة فقد يكون تأثيرها محدودا على القطاع غير المالي, وقد يلعب دورا أساسيا في تباطؤ النمو الاقتصادي وحدوث انكماش وبل وقد يصل في بعض الأحيان إلى درجة الكساد, وتفسرها نظريتي أثرالعدوى والفقاعة.
ثالثا : أزمات أسواق المال (حالة الفقاعات)
تحدث العديد من الأزمات في الأسواق المالية نتيجة لما يعرف اقتصاديا بظاهرة الفقاعة (bubble), وتتكون الفقاعة عندما يرتفع سعر الأصول بشكل يتجاوز قيمتها العادلة على نحو ارتفاع غير مبرر, وهو يحدث عندما يكون الهدف من شراء الأسهم هو تحقيق الربح الناجم عن ارتفاع سعره وليس قدرة الأصل على توليد الدخل,وفي هذه الحالة يصبح انهيار أسعار الأصول مسألة وقت عندما يكون هناك اتجاها قويا لبيع هذا الأصل قيبدأ سعره بالهبوط وعندها يبدأ حالات الذعر والخوف في الظهور فتنهار الأسعار ويمتد هذا الأثر نحو أسعار الأسهم الاخرى في نفس القطاع او القطاعات الأخرى, وتفسرها نظريتي الفقاعة والأحمق الأكبر(البقر).
رابعا /الأزمات التوأم
إذا كانت الأزمة في شكل انهيار أسعار وعوائد الأوراق المالية وافلاسات وفشل البنوك أو في شكل انهيار قيمة العملة فتسمى بالأزمات التوأم, وتفسرها نظريات الفقاعة وأثرالعدوى والأحمق الأكبر.
خامسا : النظريات المفسرة للأزمات المالية
وهناك العديد من النظريات المفسرة للأزمات المالية يمكن إيجازها كالتالي(2):
(1)نفس المرجع السابق , ص255-256.
(2)عبد القادر، السيد متولي، مرجع سبق ذكره، ص69.
1- نظرية انفجار الفقاعة: وتعرف بالفقاعة السعرية والفقاعة المالية أو فقاعة المضاربات، وتتكون الفقاعة عندما يرتفع سعر الأصل بشكل يتجاوز قيمته العادلة على نحو غير مبرر, وهذا يحدث ، ومن ثم تبدأ حالة الذعر في الظهور فتنهار الأسعار. ويمتد هذا الأثر نحو أسعار الأسهم الأخرى سواء في القطاع نفسه أم في القطاعات الأخرى, ويحدث الانهيار المفاجئ في أسعار الأصول المالية والمادية نتيجة انفجار الفقاعة، والناتجة عن بيع وشراء كميات ضخمة من نوع أو أكثر من الأصول والأسهم والعقارات بأسعار تفوق أسعارها الطبيعية، كما حدث في فقاعة العقارات الأمريكية.
2- نظرية مينسكي: وتدور هذه النظرية في تفسير الأزمات المالية في النظام الرأسمالي على أن الاقتصاد يمر بالدورات من الكساد ولغاية الرواج, وبعد مرور الاقتصاد بمرحلة الكساد تفضل الشركات تمويل أنشطتها بحرص وعدم تحمل مخاطر كبيرة, وهو ما يسمى بالتمويل المتحوط. أما في مرحلة النمو فتبدأ التوقعات المتفائلة بتحقيق الأرباح وتبدأ الشركات بالحصول على التمويل والتوسع في الاقتراض بافتراض القدرة المستقبلية على السداد, وتنتقل عدوى التفاؤل إلى السوق المالي, ويبدأ المقرضون في التوسع في إقراض الشركات دون تحوط كافي أو التحقق من قابلية استرداد القروض مجدداً, ومع حدوث أزمة مالية لدولة معينة يبدأ القطاع المالي بالإحساس بالخطر، وهذا يؤثر على قدرة الشركات على السداد, وتبدأ الأزمة المالية والتي تتحول إلى أزمة اقتصادية تؤدي لحدوث الكساد.
3- نظرية المباريات : تفترض هذه النظرية وجود علاقات موجبة بين القرارات التي يتخذها لاعبو الحلبة الاقتصادية (المضاربون والمستثمرون)، فقد يكون قرار المستثمر في كثير من الأحيان متأثراً بتوقع مستثمرين آخرين, يعني يكون قرار شراء الأصل بناءا على التوقع بأن قيمة الأصل ستزداد, بينما في أحيان أخرى يتخذ المستثمر القرار نظراً لتوقعه قيام المستثمرين الآخرين بأخذ القرار ذاته.
4- نظرية الأحمق الأكبر: تحدث نتيجة أفعال المضاربين بشراء أصول بأسعار أعلى من قيمتها الحقيقية لاعتقادهم بأنهم سوف يبيعوا تلك الأصول بأسعار مرتفعة لمضاربين آخرين (حمقى)، وتستمر الفقاعة طالما بقي حمقى عندهم الاستعداد لشراء الأصول بأسعارها العالية, وتتوقف الفقاعة عند آخر أحمق (الأحمق الأكبر) الذي لن يجد من يشتري منه الأصل بسعر مرتفع.
5- نظرية الجشع: طبقاً لهذه النظرية فإن المستثمرين سوف يميلون إلى استقراء العوائد الاستثنائية لطائفة معينة من الأصول, وهو الأمر الذي يجعلهم يستمرون في المزايدة على شراء الأصول الأكثر خطراً للحصول على أقصى عائد.
6- نظرية القطيع: تقوم هذه النظرية على ميل المستثمرين بالشراء والبيع في اتجاه السوق, ويلعب المستثمر المحلي والأجنبي دوراً هاماً في تفجير الأزمة المالية، وتشير الدراسات إلى أن المستثمر المحلي هو أول من يهرب عند حدوث الأزمة لأنه لديه معلومات أكبر من المستثمر الأجنبي, وفي الغالب فإن المستثمر الأجنبي يتبع المستثمر المحلي, أي أن المستثمرون الأجانب يكونون عرضة لسلوك القطيع أكثر من المستثمرين المحليين.
7- نظرية السيولة الزائدة: تلعب السيولة الزائدة الناتجة عن زيادة الدخول أو سهولة الائتمان من الأجهزة المالية إلى التشجيع على شراء الأصول عالية السعر, وهذا يعني أن تطارد كمية كبيرة من الأموال عدداً محدوداً من الأصول المالية.
8- نظرية أثر العدوى: أي انتقال الأزمات المالية والخاصة بأسعار العملة أو انهيار أسواق الأسهم وانتشارها في دول أخرى.

سادسا :الأسباب العامة للأزمات المالية العالمية
لا يوجد سببا محددا يمكن اعتباره مسببا للأزمات المالية العالمية وهناك عدد من الأسباب تتضافر معا في وقت واحد لإحداث الأزمات ويمكن إيجازها كالتالي :
_ عدم استقرار الاقتصاد الكلي:
ويعود ذلك إلى التقلبات في أسعار الفائدة العالمية كاحد أهم المصادر الخارجية المسببة لإندلاع الأزمات, والتقلبات في أسعار الصرف الحقيقية حيث تعتبر احد أهم الاضظرابات على مستوى الاقتصاد الكلي سواءا كان ذلك سببا مباشرا أو غير مباشر(1),ففى كثير من الأحيان تؤدي السياسات النقدية والمالية التوسعية إلى انتعاش النشاط الإقراضي بشكل خطير وإلى تراكم شديد للديون وإلى الاستثمار المفرط في مجال العقارات دافعة بذلك أسعار الأسهم والعقارات إلى الارتفاع الشديد, كذلك في حال اتباع السياسات المالية والنقدية الانكماشية والتي تستهدف كبح جماح التضخم وإختلال الميزان الخارجي وتصحيح أسعار الأصول قد تؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي وإلى صعوبة خدمة الديون وإلى إنخفاض قيمة الضمانات وإلى تزايد نسبة الديون المعدومة والتي تهدد البنوك بالإفلاس (2)



(1)عباد,جمعة, ورقة بعنوان الأزمةالمالية الاقتصادية العالمية وأثارها الحالية والمتوقعة على الجهاز المصرفي الأردني, مؤثمر الأزمة المالية العالمية وكيفية علاجها من منظور النظام الاقتصادي الغربي والإسلامي, جامعة الجنان, طرابلس, لبنان, مارس,2009, ص6.
(2) هناء, عفيف, علية, ضياف, ورقة بعنوان معالم الاقتصاد الافتراضي سبب الأزمة المالية, , الملتقى العلمي الدولي الخامس حول الاقتصاد الافتراضي وانعكاساته على الاقتصاديات الدولية, الجزائر , بدون سنة نشر,ص7.
.
_إضطرابات القطاع المالي وتشوهاته :
حيث التوسع في منح الإئتمان والتدفقات الكبيرة لرؤوس الأموال من الخارج وإنهيار أسواق الأوراق المالية الناجم عن إنتشار ظاهرة العولمة والإنفتاح الاقتصادي والتجاري والتحرر المالي غير الوقائي وغير الحذر تؤدي إلى إندلاع الأزمات المالية العالمية.
_مكونات رأس المال :
كان لمكونات رأس المال الأثر البالغ في إندلاع الأزمات المالية ومنها أزمة العملات كما حدث ذلك في أزمة جنوب شرق أسيا عام (1997م) وأزمة المكسيك عام (1994م) حيث ادى الاعتماد الشديد على القروض قصيرة الأجل المستخدم لتمويل العجز الجاري الضخم لإندلاع الأزمة الاقتصادية, وعليه فإن الاستثمار الأجنبي المباشر أكثر أمانا من الاقتراض الأجنبي قصيرة الاجل اما تضيفه من تزايد القدرة الانتاجية للاقتصاد المضيف.
_ اتباع أسعار الصرف الثابتة:
تعتبر أسعار الصرف الثابتة بيئة ملائمة للأزمات حيث تشجع على الاقتراض الاجنبي لسبب جاهل المقترضين لمخاطر سعر الصرف وسواءا تم الاقتراض الخارجي مباشرة بمعرفة المشروعات المحلية أو بطريقة غير مباشرة من خلال وساطة المؤسسات المالية المحلية, فإن تزايد القروض بالعملات الأجنبية يساهم في تعرض الاقتصاد لمخاطر الصدمات الداخلية والخارجية ومن ثم لمخاطر الازمات المالية.
_ العولمة المالية :
تشكل ظاهرة العولمة الاقتصادية من أهم التحولات والتطورات الاقتصادية على الصعيد العالمي في نهاية القرن العشرين, وهذا يعني بروز تقسيم عمل جديد للاقتصاد العالمي الذي يخضع للرقابة الثقليدية ولم يعد يؤمن بتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وخاصة فيما يتعلق بانتقال السلع والخدمات ورأس المال على الصعيد العالمي, واهمها العولمة المالية والتي تعرف بالاستثمار المالي وهي ظاهرة مرتبطة بالنمو والتطور الرأسمالي أو التراكم المضطرد في رأس المال وتعني زيادة حركية او حرية انتقال رؤوس الأموال وبدون قيود بين الدول أو على الصعيد العالمي(1).

(1) زعزوع, زينب, العولمة والأزمة المالية العالمية, جامعة مصر للعلوم الحديثة والأداب, مصر, 2010,ص4.

وتاريخيا وجدت العولمة المالية تطورها الفكري لاول مرة في كتابات عالم السوسيولوجي الكندي مارشال ماك لوهن الذي صور العلاقات في إطار مفهوم القرية الكونية.(1) وكذلك انتقال العالم من مرحلة القرية العالمية إلى مرحلة المدينة العالمية التي يقطن فيها الفقراء والأغنياء ويوجد فيها الاستقرار والاضطرابات والتنظيم والعشوائية.
ويعرف برهان غليون العولمة المالية : بأنها يمكن تلخيصها في كلمتين؛ كثافة انتقال المعلومات وسرعتها إلى درجة أصبحنا نشعر أننا نعيش في عالم واحد موحد.
والعولمة لغة هي مصدر للفعل "عولم"المشتق من كلمة عالم كما ان القولبة مصدر للفعل قولب, وكلمة عولمة في اللغة الأوروبية والانجيلزية معناها الكوكبة اي العملية التي تملك أليات التطبيق اي تحويل العالم إلى شكل موحد يلغي الحدود بين الدول والأمم بمعنى انها صياغة جديدة للعالم تلغي فيها ذاتية الشعوب(2), وهناك من يعرفها بان التوسع المتزايد في تدويل الإنتاج وتحول العالم بفعل التكنولوجيا ثورة المعلومات إلى سوق واحدة بلا قيود وبلا حدود ومرحلة تاريخية متقدمة من عالمية دائرة التبادل والتوزيع والسوق وعالمية الإنتاج(3).
ويرى الباحث أن هناك أسباب أساسية لإندلاع الازمات المالية العالمية ترتبط بالأساس بأسس النظام الاقتصادي الرأسمالي ويمكن أيجازها كالتالي:
-الملكية الخاصة لوسائل الانتاج:
والتي بسببها وجدت الفائدة ونظام القروض والتي فقد الجدوى الحقيقية منه والذي انحرف عن المسار الحقيقي له .
وفي هذا الصدد يقول سيد قطب في كتاب الفيلم الوثائقي, الغرب والنفق المظلم((4 (( البنوك يقرضون الصناعة والتجارة بالفائدة المحددة المضمونة ويجبرون الصناعة والتجارة ان تسير في طريق معين ليس هدفه الاول سد حاجات البشروالتي يسعد بها الجميع والتي تضمن عملا منتظما ورزق محددا وتأمينات اجتماعية وانما هدفه انتاج ما يحقق له أكبر قدرا من الربح ولو حطم الملايين وحرم الملايين وأفسد حياة الملايين وزرع الخوف والشك في حياة البشرية جمعاء)), وبتطور تلك القطاعات تطور القطاع المالي.


(1) الفتلاوي, كامل, مرزوق, عاطف, العولمة ومستقبل الصراع الاقتصادي, ط1, دار صفاء ,عمان, الأردن,2009,ص29.
(2) حسين, وداد, العولمة بين الماضي والحاضر, المكتبة المصرية للطباعة والنشروالتوزيع, مصر,2004,ص5.
(3) عبد الحميد, عبد المطلب, العولمة الاقتصادية : منظماتها –شركاتها-تداعياتها, الدار الجامعية, الاسكندرية, مصر, 2006, ص25.
(4) قطب, سيد, الفيلم الوثائقي الغرب والنفق المظلم, مؤسسة السحاب, https://www.youtube.com/watch?v=aRVMG1yrVhM, تاريخ الزيارة للموقع10-11-2013.
-انفصال راس المال المنتج المادي الحقيقي عن راس المال التجاري:
وهذا ادى الى اعتبارالنقود سلعة تباع وتشترى دون اي اضافة حقيقية في الاقتصاد فانتقل من معادلة نقود سلع نقود الى نقود نقود نقود وهذا يعرف بالاقتصاد الرمزي او الوهمي فاقتصاد العالم اليوم هو اقتصاد مالي غيرحقيقي يحرك الاقتصاد رموز ومؤشرات البورصات فعند النظر الى حجم الانتاج العالمي الحقيقي وحجم التوظيفات بالاسواق المالية نلاحظ الفرق فالناتج العالمي الاجمالي ( مجموع القيم النقدية لما ينتجه العالم من السلع والخدمات خلال فترة زمنية عادة تاخد سنة) هو (78) تريليون دولار لعام (2012) نجد ان ما يتم توظيفه في الاسواق يتعدا ال(700) تريليون دولار اي الانتاج الحقيقي يشكل فقط 10)%), ويصفها الدكتور سمير أمين بالاقتصاد غير المنتج حيث كمية هائلة ومتنامية من رأس المال موجودة في الأسواق لا تجد مكانا لها في المجال الإنتاجي(1), وهذا يعني الإنتقال من الاقتصاد الحقيقي إلى اقتصاد الفقاعة.
-اي نظام اقتصادي انما يقوم على ما لديه من موارد متاحة (2):
فالراسمالية قامت على مورد مهم وهو اتساع الاسواق واتساع الاسواق يعتمد على حجم الطلب الكلي وعليه ما دام النظام الحالي لم يستطيع تحفيز الطلب العالمي ولم يحقق الرفاهية وإسعاد البشرية ولم يتخلص من الازمات الدورية المستمرة فان امكانية استمراه ستكون محدودة والعالم مقبل على نظام اخر لا يخرج عن ثوب الراسمالية وانما نظام بديل اكثر عدالة واكثر انصافا للبشر
فقانون ساي للاسواق والمنافد نص على ان العرض الكلي يخلق طلبا كليا والدخل يؤول للانفاق وعليه فان المشكلة الراهنة لا تعبر عن نقص او عجز للسلع وانما يوجد فائض في الانتاج وتراجعا في الطلب وتراجع في قدرة الافراد على الإنفاق .
- تراجع دور الدولة الاقتصادي:
انتقال الدولة من الدولة المنتجة الى دولة الخدمات والتي تشكل عبئا على أفراد المجتمع, وإقتصار دورها على توفير الأمن والقضاء وتمويل نفقاتها عبر فرض الضرائب.
- الدورات الاقتصادية :
وفي هذا الصدد يرى الخبير الاقتصادي الروسي اندريه كوبياكوف والذي توقع حدوث الأزمة المالية والاقتصادية العالمية مبكرا, واستندت معظم تنبؤات الاقتصاديين إلى التصور الذي وضعه كوبياكوف حيث يرى بأن النظام الراسمالي يتأرجح بين الصعود والهبوط في كل مرحلة تدوم خمسين عاما ابتداءا من العام (1926م). ويتنبأ ببقاء النظام الحالي لغاية العام (2015م( ويعتقد أن الأزمة الاقتصادية الراهنة أخر أزمات الرأسمالية وأن العالم مقبل على نظام اقتصادي بديل غير معروف ملامحه وطبيعته وشكله ويعزو السبب الى اسباب منها نظام الفائدة والقروض والاقتصاد الافتراضي.(3).

(1) هناء, عفيف, علية, ضياف, مرجع سبق ذكره, ص8.
(2) خازين, ميخائيل, مقابلة تلفزنونية برنامج قراءاة بين السطور, روسيا اليوم, https://www.youtube.com/watch?v=G85g_SxW45g, تاريخ الزيارة للصفحة10-11-2013.
(3)سهو, محمد, نزهان, مرجع سبق ذكره, ص257

ويعزو الدكتور رمزي زكي سبب الازمة إلى اختلال في بنية وهيكل النظام الرأسمالي ويرى ( فكل أزمة تنفجر هي نقطة النهاية لدورة وضعت ونقطة البداية لدورة مقبلة وتصبح الأزمة أداة تصحيح تلقائية لمسار الدورة) ولأن التصحيح لا يحدث في البداية وغما يقع في النهاية فإنه يبدو مفاجئا ويحدث هزة عنيفة في الاقتصاد ويؤدي إلى واقع الأمر إلى تدمير كميات هائلة من الثروات والدخول1)). وهذا لايعني ان الرأسمالية غير قادرة على الاستمرار وكذلك ليس من مصلحة العالم انهيار الاقتصاد الامريكي او الراسمالية ولكن هناك تغير واضح بامكانية نشوء نظام جديد غير معروف المعالم حتى الأن وغالبا سيكون اكثر عدالة وانسجاما مع البشرية وقد لايخرج من ثوب الرأسمالية.
سابعا : أزمة الاسواق المالية العالمية
شهد الاقتصاد العالمي العديد من الأزمات المالية منذ عشرينات القرن الماضي, إذ اندلعت الأزمة العالمية في العام (1929) بانهيار وول ستريت وحدوث أزمة الكساد الكبير، وما حملته تلك الأزمة من أثار كبيرة على الاقتصاد العالمي، والتي جاءت جنياً لثمار الحرية الاقتصادية المطلقة, وأدت تلك الأزمة إلى إعادة النظر في أسس النظام الرأسمالي والمتعلقة بمبدأ الحرية الاقتصادية ودور الدولة في النشاط الاقتصادي, ويلاحظ أنه عند اندلاع الأزمات تسارع الحكومات إلى التدخل في النشاط الاقتصادي وتقوم بعملية الإنقاذ، كما حدت في الأزمة المالية العالمية عام (2008)، ويكون التدخل فقط لعلاج المشاكل وليس لإصلاح النظام نفسه.
ويمكن تقسيم الأزمات المالية التي تتعرض لها الأسواق المالية إلى ثلاثة أنواع وهي كالتالي(2): انهيار أسواق المال (يعني انهيار أسعار الأسهم والسندات في البورصات)، وانفجار فقاعة العقارات (انهيار أسعار المساكن بعد فترة ارتفاع غير طبيعية تؤدي إلى صعوبات مالية للشركات والبنوك المقرضة إلى هذا القطاع)، والأزمات المصرفية (أي تعرض البنوك لصعوبات مالية تهددها بالإفلاس نتيجة القروض المتعثرة).
وتؤدي تلك الأزمات إلى نتائج سلبية كثيرة تتمثل في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وفقدان التحويلات من الأسواق المالية العالمية، وتفشي ظاهرتي الفقر والبطالة، وعدم القدرة على تسديد الديون المستحقة(3).
(1) زعزوع, زينب, مرجع سبق ذكره, ص54.
(2)مسعود، سميح، الأزمة المالية العالمية نهاية الليبرالية المتوحشة، المركز الكندي للدراسات، عمان، الأردن، 2010م، ص117.
((3 حداد، منير، مجلة إيلاف، الموقع الالكتروني: www.elaph.com تاريخ الزيارة: 09/11/2013م
ونظرا لتعرض الاقتصاد العالمي لعشرات الأزمات المالية والاقتصادية وبسبب إختلاف أسبابها ومداها, فسيتم تحليل أهم الأزمات العالمية التي ضربت أسواق المال وتحديد أسبابها وتداعياتها وطرق علاجها والتركيز على أزمات الكساد العظيم (1929-1933م) وأزمة جنوب شرق أسيا (1997م) وأزمة ((2008 .
وخلال العقود الماضية حدثت العديد من الأزمات المالية ويمكن إيجازها البعض منها كالتالي(1):
_أزمة 1637 م:
وهي أولى الأزمات المالية العالمية الناتجة عن عمليات المضاربة, ونتيجة للمضاربة في اوروبا على السندات لأجل حدث انخفاض في الأسعار فجاة والتي إلى إفلاس المضاربين.
_ أزمة 1720م:
هي أزمة نشأت في أسواق الأسهم في فرنسا وإنجلترا حيث تعرضت أسهم الشركات التي تستغل موارد العالم الجديد للتراجع .
_الأزمة النقدية 1797م:
هي أول أزمة مالية ناتجة عن حالة الذعر الجماعي, حيث تعرض بنك إنجلترا في 26_02-1797 إنحصارا شديد في حجم الاحتياطي أدى ذلك إلى انتشار الذعر بين المواطنين والشركات الذين سارعوا إلى سحب مدخراتهم من البنوك والتسبب في إفلاس جماعي .
_إنهيار 1820م:
هي أول أزمة مالية بالولايات المتحدة الأمريكية نتجت عن صرف الاموال في حرب 1820م وسياسة التقشف التي فرضها البنك المركزي الأمريكي .
_ أزمة 1825م:
بعد المضاربة الشديدة على الاستثمارات المتواجدة بامريكا اللاتينية ( البنوك – التامينات-تسليح السفن- بناء القنوات), انحدرت قيم الأسهم انحدارا شديدا في بورصة لندن, فأفلست عدة بنوك وأكثر من 3300 مؤسسة,

(1) الشيخ, الداوي, مرجع سبق ذكره,ص4-8 .
وعالرغم من ان الأزمة تركزت في بريطانيا إلا تعتبر أولى الأزمات التي مست البورصة.
_ إنهيار 1836م:
شهدت إنجلترا انهيارا في البورصة بعد قرار الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون اشتراط بيع الأراضي مقابل معادن نفيسة, وهو ما شكل ضربة قاضية للمضاربة في سوق العقار الأمريكي وبما أن البنوك كانت تقترض من بريطنيا فقد تلقت بريطانيا الجزء الأصعب من الصدمة قبل أن تنتقل الأزمة إلى أمريكا عام1837م.
_أزمة 1837م:
ظهرت تلك الأزمة في 09-05-1837م, حيث دخلت بورصتي فينا والنمسا ما يسمى بفترة الكساد الكبير للاقتصاد العالمي بسبب المضاربات الضخمة التي لم تقابلها سوى ضمانات متدنية, بالإضافة إلى أنها لم تكن مغطاة بإنتاج اقتصادي حقيقي, مما سبب الى انهيارا كليا انتشر في ألمانيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
_ أزمة الكساد الكبير(1929-1933م) (1).
أدى انهيار بورصة وول ستريت في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أزمة الكساد الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية وإلى أزمة مالية عالمية أثرت خصوصاً على أوروبا, حيث أدى انهيار مؤشر "داو جونز" إلى انهيار السوق المالي الأمريكي، حيث انصهرت أمام أعين ملاك الأسهم ثرواتهم، وحسب وصف الاقتصادي الأمريكي هيلبرونر "ذابت الثروات أمام أعين السماسرة كما تذوب الحلوى الهشة"، ونتج عن ذلك تلاشي (40) بليون دولار, أي ما يعادل (55%) من الناتج المحلي الأمريكي الذي قدر عام (1929) بحوالي (87) بليون دولار، وبعد هذا الانهيار دخل الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ركود طويلة استمرت حتى العام (1940), وترتب عليه تراجع الناتج المحلي الإجمالي من (87) بليون دولار عام (1929) إلى (39) بليون دولار عام (1933), بالإضافة إلى ذلك ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى (25%), ويعود السبب في الأزمة هو التوسع الضخم في الإقراض بدون ضمانات كافية وإقبال غير محسوب المخاطر للمضاربة في البورصات سعيا للربح السريع وسلوك الفرد الأمريكي إزاء الانتعاش وبشكل جنوني وشراء كميات كبيرة من الأوراق المالية.




(1) عبد القادر، السيد متولي، مرجع سبق ذكره، ص321.


والجدول رقم (1) يوضح تطور أسعار الأسهم في الولايات المتحدة الأمريكية من الفترة1926 -1938
1926 1927 1928 1929 1930 1931 1932 1933 1934 1935 1936 1937 1938
يناير 102 106 137 193 149 103 54 46 84 81 114 148 100
فبراير 102 108 135 192 156 110 53 43 88 80 120 154 99
مارس 96 109 141 196 167 112 54 42 85 75 124 154 96
ابريل 93 110 150 193 171 100 42 49 88 79 124 144 86
مايو 93 113 155 193 160 81 38 65 80 86 118 138 86
يونيو 97 114 148 191 143 87 34 77 81 88 119 134 92
يوليو 100 117 148 203 140 90 36 84 80 92 128 142 106
اغسطس 103 112 153 210 139 89 52 79 77 95 131 144 103
سبتمبر 104 129 162 216 139 76 56 81 76 98 133 124 104
اكتوبر 102 128 166 194 118 65 48 76 76 100 141 105 114
نوفمبر 103 131 179 145 109 68 45 77 80 110 146 96 114
ديسمبر 105 136 178 147 102 54 45 79 80 110 144 95 112
ويظهر الشكل البياني التالي معدل الناتج المحلي الاجمالي الامريكي للفترة 1920-1940
http://www.borsaat.com/vb/t119448.html
ويمكن تلخيص خصائص الأزمة العالمية عام (1929) في النقاط التالية:
‌أ- تسببت في زعزعة الاستقرار في النظام الرأسمالي بكامله، وكان لها صفة دورية انطلاقاً من ارتباطها الوثيق بالأزمات الاقتصادية الدورية في النظام الرأسمالي.
‌ب- استمرار هذه الأزمة لفترة طويلة نسبياً حيث استغرقت أربع سنوات.
ج_عمق وحدة هذه الأزمة بشكل استثناني ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا انخفضت الودائع لذى البنوك بمقدار 33%, كما أفلس منذ بداية عام 1929 حتي منتصف 1933 أكثر من 10000 بنك أي حوالي 40% من اجمالي عدد البنوك الأمريكية.
د_الانخفاض الكبير من منتجات أسعار الفائدة.
ه_اختلاف أمن ودرجة حدة الأزمة من بلد لأخر بشكل كبير.
و- إنخفاض شديد في الاستهلاك وانخفاض شديد في الاستثمار من جانب القطاع الانتاجي.
ز- ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى ثلت قوة العمل الأمريكية سنة 1932, حيث ارتفعت معدلات البطالة من 3.2% للعام 1929 الى 24.9%للعام 1933.
خ- امتداد هذه الأزمة لخارج الولايات المتحدة الأمريكية لتضرب دول أوروبا الغربية والعالم بأسره وبهذه الأزمة فقدت النظرية الكلاسيكية جدواها ولتحل محلها النظرية العامة لكينز والتي دعت لزيادة تدخل الدولة بالنشاط الاقتصادي.
علاج الأزمة :
اعتمد الرئيس الأمريكي روزفلت على التدخل لزيادة الطلب الفعال وتوسيع الانفاق فى القطاع الحقيقي للاقتصاد عبر بناء أكبر شبكة من الطرق والسدود والموانئ ومشروعات الإسكان فى أمريكا وأكبر شبكات البنية الأساسية فى العالم, واتبع بذلك نظرية جون كيينز والمعروفة باسم النظرية العامة للنقود وأسعار الفائدة.
ومن نتائج الأزمة:
انهيار النظام المصرفي, وتهاوي نشاط البناء فى قطاع الإسكان بمقدار 95% , وفقدان 9 بلايين دولار من حسابات الادخار, وإفلاس 85 ألفا من المشروعات, وبلغ الهبوط فى حجم المرتبات 40% والأجور 60%, وارتفعت حجم البطالة فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1933 الى 25% , وبلغ الانهيار فى توسعات القطاع الخاص حوالي 94%(من 15 بليون الى 886 مليون).
_ أزمة 1974م:
وهي أزمة مصرفية أفلس من خلالها البنك الألماني هير ستات بسبب التفاوت في التوقيت بين ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية ولأول مرة يتم التعرف على مفهوم الخطر النظامي.
_أزمة 1979م:
نشأت الأزمة عندما قام البنك الفدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة تدريجيا, وكل يوم حسب الحاجة من أجل امتصاص التضخم وهي سياسة نقدية أثبت نجاها أنذاك.
_ أزمة الديون البنكية 1982م:
بعد إرتفاع أسعار النفط في العام 1973م, بعد ثورة النفط التي أعلنت عنها السعودية ودول الأوبك أرتفعت اسعار المحروقات, وعلى أثر هذا الارتفاع تراكمت ديون الدول النامية وبالاضافة إلى ذلك لم تستعمل تلك القروض في الإستثمار وإنما في تغطية العجز في موازين المدفوعات, وزاد من حدة الأزمة ارتفاع اسعار البترول عام 1978م, حيث أجبرت تلك الدول على الأستدانة بأسعار فائدة عالية وعلى المدى القصير مما أثقل كاهلها وجاءت أزمة المكسيك كأول رد فعل وسببت الديون المعلقة حالة من الذعر بالأسواق.
_أزمة 1985:
بسبب توقف نظام التشغيل ببنك نيويورك لمدة 28 ساعة توقفت عمليات السحب والدفع للقروض الحكومية مما استدعى التدخل المستعجل للبنك المركزي ب 20 مليار دولار وهي سابقة تاريخية.
_ أزمة الأثنين الأسود 1987م:
انتقل الهبوط الحاد في أسعار الأسهم في فرنسا ونيوزيلندا وأسبانيا إلى السوق الأمريكي, وبلغ الانخفاض في أسعار الأسهم (22.6%) بشكل عام, وهبطت أسعار الأسهم الأمريكية (26%)، ولقد بلغت خسائرها (800) مليار دولار(1), وتعد هذه الأزمة أشد وأعنف من الأزمة الاقتصادية الكبرى عام (1929) بسبب الخسائر الكبيرة في الثروات وزيادة العجز التجاري بشكل كبير
وبسبب انخفاض قيمة الدولار كسعر صرف, ارتفعت أسعار الفائدة المتعلقة بالمدى الطويل, ومع ذلك واصلت أسواق الأسهم بالنمو ولكن عند وصول أسعار الفائدة إلى 400 نقطة, جاء الانهيار مسجلا أكبر انهيار تاريخي في يوم واحد في بورصة الأسهم وتم علاجها بتدخل البنك المركزي.
(1) رشيد، بوكساني، مرجع سبق ذكره، ص181-184.



والجدول رقم (2) خسائر الثروات بالمليار دولار على أثر انهيار أسعار البورصات(1) .
الدولة خسائر الثروات الدولة خسائر الثروات
أمريكا 690 تيلاندا 1.7
اليابان 384.5 ايطاليا 19.2
بريطانيا 2.7 بلجيكا 51.7
استراليا 83.8 السويد 14.2
كندا 60.1 المكسيك 11.7
المانيا الغربية 55.9 سنغافورة 11
فرنسا 41.8 النرويج 5.2
هونغ كونغ 37.7 نيوزيلاندا 4.6
سويسرا 24.7 الدانمارك 2.1
هولندا 25.5 فلندا 1.7

نتائج أزمة الاثنين الأسود:
تعد هذه الأزمة أشد وأعنف من الأزمة الاقتصادية الكبرى عام 1929, ذلك لأنها تجاوزتها من خسائر الثروات الى ما يقارب الضعف بالإضافة عجز تجاري كبير .

_ أزمة 1990م:
هي أزمة في المحروقات بسبب إندلاع حرب الكويت والتي ادت إلى ارتفاع اسعار النفط وزيادة العجز في موازين المدفوعات لبعض الدول.
_ أزمة 1992م:
هي أزمة في النظام النقدي الأوروبي بسبب إعادة الهيكلة في فرنسا.
. (1) نفس المرجع السابق, ص184.
_ أزمة المكسيك 1994م:(1)
شهدت المكسيك في بداية التسعينات فترة تحرير شملت إزالة القيود على تدفقات رؤوس الأموال وكذلك خصخصة المؤسسات العامة ورفع القيود على التجارة الخارجية وإصلاح النظام المالي وتقديم إصلاحات أخرى في السياسة المالية, وبسبب ارتباط العملة المكسيكية بالدولار الأمريكي والذي شكل ضمانة وهمية شجعت المكسيك على الإستدانة الأجنبية مما سبب عجزا في ميزان المدفوعات وبسبب الاضطرابات في أسعار الصرف تعرضت المكسيك للأزمة والتي جاءت سبب ارتفاع أسعار الفائدة والدين العام قصير الأجل.
_أزمة الأسواق الأسيوية (1997م):
بدأت هذه الأزمة من تايلاند في يوليو سنة (1997) بتراجع قيمة عملتها المحلية "الباهت" على نحو كبير بسبب زيادة المضاربات عليه, وأدى ذلك إلى انتشار الهلع في الأسواق المالية، وامتد إلى الدول المجاورة وانهارت على أثره أسواق المال، وازدادت أسعار الفائدة, وخلال سنة تحولت الأزمة الأسيوية إلى أزمة مالية عالمية عكست آثارها على أسعار النفط فهبط سعر البرميل إلى (8) دولارات عند نهاية (1998), الأمر الذي أدى إلى حدوث أزمة وسط دول منظمة البلدان المصدرة للنفط (الأوبك), وعند حدوث الأزمة كان اقتصاد دول جنوب شرق أسيا في حالة نمو مستمر، لذلك أطلق عليها النمور الأسيوية بسبب سيادة نموذج تنموي بها منذ العام (1997), ولكن عادت تلك النمور إلى قطط بسبب الأزمة الآسيوية, وكان لتلك الدول أرصدة نقدية هائلة من العملات الأجنبية استخدمتها الحكومات لوقف تدهور العملة المحلية، واستخدمت الحكومات تلك الأرصدة من النقد الأجنبي في تقديم قروض للشركات التي عانت من أزمة السيولة وشراء حصص في أسواق الأسهم.
وترتب على الأزمة تراجعاً حاداً في أسعار صرف عملات الدول الأسيوية تجاه عملات الدول الرئيسية كالدولار مثلاً, ويعني ذلك أن تصبح صادرات دول الأزمة أكثر تنافساً, أي زادت المقدرة التنافسية للصادرات الأسيوية في السوق العالمي وخاصة في الدول المستوردة لهذه المنتجات الأسيوية, ومن ناحية أخرى ترتب على تراجع سعر الصرف أن تصبح الواردات السلعية من الخارج سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها أقل تنافساً في أسواق دول الأزمة, بمعنى يصعب على الدول الأخرى التي ارتفعت أسعار صرف عملتها بالنسبة للعملات الأسيوية أن تصدر إلى دول أسيا حيث تواجه صادراتها إلى هذه الدول منافسة شديدة, وأدت الأزمة إلى انخفاض الطلب العالمي على المواد الأولية ومن ثم تراجع أسعار المواد الأولية في السوق العالمي ولم يقتصر على النفط فقط بل امتد إلى السلع الأخرى الزراعية والصناعية والمعادن المختلفة, كل ذلك أدى إلى انخفاض الطلب على النفط الخام في دول الأزمة ما يزيد عن (500) ألف برميل يومياً.

(1) عبدالغني, حريري, أثر التحرر على اقتصاديات الدول العربية, رسالة ماجستير غيرمنشورة, جامعة حسيبة بن بو علي, الجزائر, 2007, ص94-95


وانخفض الرقم القياسي لأسعار المواد الأولية بنسبة (20.6%)، والمواد الأولية الصناعية بنسبة (23.5%)، وانخفض الرقم القياسي لأسعار المواد الأولية غير الغذائية بنسبة (20.9%), وتجدر الإشارة هنا أن هذا الانخفاض في أسعار المواد الأولية لا يرجع فقط إلى انخفاض الطلب نتيجة الانخفاض بالدخل وتباطؤ حركة النشاط الاقتصادي والإنتاج الصناعي، ولكنه يعود إلى وجود فائض في العرض, أي زيادة الطاقة الإنتاجية عن مستوى الطلب السائد( ).
وترتب على هذه الأزمة هجرة رؤوس الأموال إلى الدول الصناعية المتقدمة خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها واحة أمان للمستثمر, ولم تقتصر الهجرة على رؤوس الأموال من دول الأزمة، بل امتدت لتشمل العديد من الدول النامية في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وأدت إلى انخفاض أسعار الفائدة طويلة المدى على أدوات الدين العام للدول المتقدمة.
وكان تأثير سعر الصرف كبيراً على المتغيرات الاقتصادية الكلية لدول الأزمة, ففد انخفض الناتج المحلي الإجمالي، وانخفض مستوى الاستهلاك النهائي الخاص، وانخفض حجم الاستثمار الثابت الإجمالي الحقيقي وتراجعت القيم السوقية لأسهم الشركات المدرجة في أسواق الأسهم، وزادت المديونية الخارجية، وانخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
_ أزمة 1998م:
هي أطول أزمة اقتصادية في تاريخ روسيا والاتحاد السوفيتي وكانت سببا رئيسيا في تدهور النظام المالي العالمي .
أزمة 2000 :
تباطؤ عالمي وانخفاض كبير فى الطلب العالمي على التقنية والتكنولوجيا أدى لانخفاض أسهم الإنترنت والتكنولوجيا وتراجعت بنسبة 39.3% وانعكس ذلك على جميع الأسواق المالية, وبلغت خسائرها 93 مليار دولار .
_أزمة 2001 :
بسبب اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر على مركزي التجارة العالمية بنيويورك والتي تسببت بمقتل ثلاثة ألاف شخص , تراجع مؤشر السوق الأمريكى بانخفاض قدره 7.3% واستمر الانخفاض لمدة أسبوع, وحدث أيضا أزمة ركود فى المكسيك بسبب انتقال المستثمرين الاجانب منها الى الصين حيث الأجور أقل(1).
_أزمة 2002 :
أدى تزوير حسابات شركة الطاقة الأمريكية وشركة الاتصالات الأمريكية "ورلد كوم "
إلى تراجع أداء الأسواق المالية بشكل كبير وخصوصا بالدول الصناعية المتقدمة , فشهدت بورصة فرنكفورت تراجعا بنسبة 43.9% , وباريس بنسبة 33%, ولندن 24.8%
_أزمة 2003 :
انفجار فقاعة طوكيو مخلفة عقدا من الزمن من التباطؤ والتراجع بالأسعار والنمو البطئ, سارعت الحكومة اليابانية للتدخل على صعيد المصارف .
_أزمة 2004-2005:
وهي أزمة فقاعة العقارات حيث ارتفعت اسعار القطاع العقاري وبشكل جنوني, حيث بلغ سعر المتر المربع من الأراضي 5.1مليون دولار, وعندها لجأت المصارف إلى منح قروض عقارية عالية المخاطر.
_أزمة اليونان 2008 :
أزمة مالية تمتلث بزيادة العجز والديون والتعثر ,إذ وصلت الديون الى قرابة 830 مليار دولار أي ما يعادل 113% من ناتجها المحلي الإجمالي, ووصل العجز فى الموازنة الى مانسبته12.7 % من الناتج المحلى, وهي نسبة مرتفعة جدا حيث ان الاتحاد الأوروبي لا يسمح لأي دولة ان يتعدى العجز بها لنسبة تزيد عن 3% وكان لليونان حالة خاصة, وعندما ظهرت بوادر الأزمة سارعت دول الاتحاد وخصوصا ألمانيا وفرنسا بمطالبة حكومة اليونان بإتباع سياسة
اقتصادية تقشفية للحد من العجز ولتخفيف حدة الديون التي كانت سببا للأزمة, وذلك بسبب زيادة النفقات الحكومية واللجوء للمؤسسات الدولية .
وبعد عدة أسابيع من الأزمة اجتمعت الدول الأوروبية وخصصت تريليون دولار لتحقيق الاستقرار المالي فى اليونان وتفاديا لانتشار الأزمة لدول الاتحاد كإيطاليا وأسبانيا وغيرها بسبب الاندماج والعولمة المالية .

(1) بول بوركت, الصين والاشتراكية, ترجمة مازن الحسنيني, دار التنوير للترجمة والتنشر والتوزيع, رام الله , الطبعة الأولى,2005, ص71.

وكان من نتائج الأزمة هو تخفيض التصنيف الائتماني لليونان ثلاثة درجات من BBB+ الى BB+ , وهذا يعني أن الاستثمارات تعاني من مخاطرة مرتفعة والتعثر وعدم القدرة على السداد مما أثار موجة ذعر فى الأسواق المالية , وأعلنت الحكومة إجراءات تقشفية جديدة وخفضت المعاشات ورفعت سن التقاعد, ودمج وإلغاء عشرات الهيئات والمؤسسات الحكومية .(1)
_ الأزمة المالية العالمية 2007-2008:
في أوائل الثمانينات تم تحرير أسواق الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا، وذلك بإلغاء القواعد التنظيمية التي وضعت في الحقبة الكينزية، والتي تنص علي وضع حدود قصوى لقيمة القروض العقارية ولأسعار الفائدة وفترات السداد، وقواعد ملزمة لترشيد استخدام الائتمان في أسواق الرهن العقاري.
مع بداية العام (2000) توسع وبشكل ملحوظ تطبيق سياسة تحرير الأنظمة البنكية، وإتباع سياسة نقدية توسعية لزيادة وتيرة النشاط الاقتصادي، حيث تم خفض سعر الفائدة إلى مستويات متدنية وأدت إلى زيادة السيولة في الأسواق، وزيادة فترة السماح للقروض (ثلاثة أعوام) أدت إلى توسع المصارف التجارية في منح القروض العقارية وزيادة حدة المنافسة فيما بينها لاجتذاب المقترضين من خلال تسهيل وتبسيط إجراءات وشروط الحصول على القروض العقارية، مما أدى إلى توسع كبير في الائتمان العقاري وزيادة عدد المقترضين وظهور حركة كبيرة في سوق العقارات الأمريكية خلال الفترة (2001- 2007)، وكل هذا نتج عنه ارتفاع أسعار المنازل وظهور المضاربات في السوق، حيث بلغت قيمة القروض التي قدمتها البنوك والمؤسسات الكبرى الأمريكية للمؤسسات العقارية وشركات المقاولات في ثلاثة شهور عام (2005) ما يزيد عن تريليون دولار,


( 1) مسعود، سميح، الأزمة المالية العالمية نهاية الليبرالية المتوحشة، المركز الكندي للدراسات، عمان، الأردن، 2010م، ص117

مما أدى إلى زيادة قروض الرهن العقاري إلى نحو (10.5) تريليون دولار أي ما يعادل (71%) من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي في العام (2007)، وهكذا تراكمت قروض الرهن العقاري وبلغت مستويات غير مألوفة مع الازدهار المتواصل لسوق العقارات الأمريكية، حيث كانت البنوك والمؤسسات العقارية تقدم قروض بدون ضمانات كافية وبمخاطر كبيرة مقابل سعر فائدة أعلى مع التعويل، وبشكل أساسي على كون المنازل المرهونة لها دون الاهتمام بقدرة المقترضين على سداد أقساط القروض والفوائد1))

ويرى الباحث أن السبب الرئيسي لاندلاع الأزمة المالية العالمية هو انفجار فقاعة العقارات, حيث ارتفعت أسعار العقارات بشكل كبير لا يعبر عن قيمتها الحقيقية ولا على قدرتها على توليد الدخل, واستمرت تداعياتها من خلال نقص السيولة في سوق المعاملات ما بين البنوك, وانتشار حالات نقص السيولة بصورة أوسع نطاق هددت الأسواق, وتلك التطورات أدت إلى انهيار وإفلاس أكبر المؤسسات المختصة بإعادة تمويل التسليفات العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية, ومع استمرار التدهور في أوضاع سوق المساكن في الولايات المتحدة زادت حالات توقف المقترضين عن الدفع، وبلغ حجم القروض المتعثرة للأفراد فقط قرابة مائة مليار دولار, مما أدى إلى زيادة ظاهرة استيلاء المقرضين على العقارات وكثرت بذلك المواجهات ما بين المقترضين والبنوك, والذي زاد من صعوبة الأمور هو انخفاض أسعار المنازل وزيادة عدد المنازل المعروضة للبيع في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية العام (2007) بنسبة (75%) وبلغت (2.2) مليون منزل، وتزامن مع هذا ظهور ضعف كبير في مقدرة البنوك على تمويل الشركات والأفراد الأمر الذي أدى إلى توقف عمليات الإقراض العقاري، وظهور أزمة مالية في سوق العقارات وعملت على تهديد قطاع البنوك والأسواق المالية في العالم بأسره, واستمرت تداعيات الأزمة العالمية، وألقت بظلالها على أغلبية دول العالم وأفلست على أثرها مؤسسات مالية كبرى, حيث قدرت خسائر المصارف الأمريكية بنحو (2.7) تريليون دولار, كما فقدت الأسهم الأمريكية جراء الأزمة نحو (7) تريليون دولار من قيمتها وتراجعت القيمة السوقية لكل البورصات العالمية بمقدار (29) تريليون دولار. وتأثرت من الأزمة مختلف القطاعات الاقتصادية الحقيقية من خلال تأثيرها على مستوى التشغيل والإنتاج والأرباح والاستهلاك والاستثمار
((1 قنطقجي، سامر، ضوابط الاقتصاد الإسلامي في معالجة الأزمات المالية العالمية، الطبعة الأولى، شعاع للنشر والعلوم، حلب، سوريا، 2009م


وصاحب ذلك انخفاض حاد في أسعار النفط وانخفاض حاد في أسعار الأسهم في غالبية الأسواق المالية العالمية، وكذلك شح السيولة بالقطاع المالي, واستمر التباطؤ الاقتصادي في الدول المتقدمة مما أدى إلى انخفاض أسعار العقارات على المستوى الأمريكي والعالمي، وأدت تلك الأزمة إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل وانخفاض الطلب والعرض معاً.
ودخلت معظم اقتصاديات الدول الرأسمالية في فترة انكماش اقتصادي، وهذا أثر على معدلات النمو الاقتصادي، إذ سجل معدل النمو الحقيقي للاقتصاد العالمي خلال العام (2008)
نحو (3.2%) مقارنة مع (5.2%) في العام (2007) منخفضا بمقدار (2%), وفي المقابل تراجع معدل النمو الاقتصادي للدول الصناعية المتقدمة بنحو (0.9%) ليصل إلى (2.7%), وانخفض معدل النمو في الولايات المتحدة الأمريكية من (2%) عام (2007) إلى (1.1%) عام (2008)، وذلك بالرغم من تدخل البنك الاحتياطي الفدرالي من خلال الخفض المستمر لأسعار الفائدة, كما تقلص معدل النمو في منطقة اليورو من (2.7%) عام (2007) إلى (0.9%) عام (2008).
وصاحب انخفاض معدلات النمو في الدول الرأسمالية المتقدمة ارتفاع معدلات البطالة من (5.4%) في عام (2007) إلى (5.8%) في العام (2008), كما أدى في الوقت نفسه تباطؤ النشاط الاقتصادي في تلك الدول على نطاق واسع إلى انخفاض طلب تلك الدول على المواد الأولية والنفط, كما أدى الركود الذي بدأ يمس اقتصادياتها إلى انخفاض مستويات الاستهلاك، وانعكس هنا على أسعار النفط وانخفاض معدل نمو التجارة العالمية من السلع والخدمات ليبلغ (3.3%) في العام (2008) مقابل (7.2%) في العام (2007).
وأبرز تداعيات الأزمة المالية العالمية 2008 يكمن في النقاط التالية(1) :
_ إنكماش الناتج العالمي ب 1.7% في سنة 2009.
_دخول الدول المتقدمة في مرحلة الركود الاقتصادي, بانخفاض في معدل النمو ب 03%
_بقاء الدول النامية محققة لمعدل نمو إيجابي عند متوسط 2.1%
_ إنكماش في التجارة الدولية بنسبة 6.1% عام 2009, وانخفاض في أسعار البترول بمقدار 50%عن أسعار 2008 ليصل سعر البرميل الواحد 47 دولار أمريكي.
(1)كواش, خالد,كواش,زهية, ورقة بعنوان الأزمة المالية 2008 وعلاقتها بالاقتصاد الافتراضي, الملتقى العلمي الخامس بعنوان الاقتصاد الافتراضي وانعكاساتها على الاقتصاد, جامعة الجزائر, الجزائر,2009, ص5.
وعلى أثر هذه الأزمة سارعت الدول والحكومات إلى اقتراح عدداً من الحلول للخروج من الأزمة كان أهمها الخطة البريطانية، وخطة دول مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى، والخطة الأمريكية للإنقاذ، والحل العربي للأزمة(1)، وتعتمد تلك الخطط على ضخ المليارات من الدولارات لانقاد البنوك والمؤسسات المتعثرة وشراء الأصول الهالكة غير القادرة على الوفاء بالتزاماتها لإعادة الاستقرار لأسواق المال العالمية.
ويمكن الحديث عن تلك الخطط الاقتصادية لعلاج الأزمة المالية العالمية 2008 كالتالي:
1- الخطة البريطانية: اعتمدت تلك الخطة على ضخ المليارات من الجنيهات الإسترلينية، وتقدر بحوالي (470) مليار دولار من أموال الحكومة لإنقاذ أكبر البنوك المحلية، وتوفير (50) مليار دولار من أموال دافعي الضرائب لضخها بالبنوك، وعرض سيولة مالية قصيرة الأجل على البنوك،
وإتاحة رؤوس أموال جديدة لها، بالإضافة إلى توفير أرصدة كافية للنظام المصرفي من أجل مواصلة تقديم قروض متوسطة الأجل.
2- خطة دول مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى: اتفق وزراء مالية وحكام البنوك المركزية في دول مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى وهي (اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا) على خطة لإعادة الثقة في أسواق المال في العالم، وتتضمن النقاط التالية:
‌أ- اتخاذ إجراءات حاسمة واستعمال جميع الوسائل لدعم المؤسسات المالية الكبرى، وهي تلك المؤسسات التي يؤدي إفلاسها إلى حالات إفلاس أخرى والحيلولة دون إفلاسها، وذلك بتملك حصص من البنوك لإعادة الثقة في الأسواق المالية.
‌ب- اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لتحريك القروض والأسواق النقدية كي تتمكن المؤسسات المالية من الحصول على السيولة ورؤوس الأموال.
‌ج- استعادة ثقة المودعين من خلال تأمين ودائعهم عن طريق ضمانات قوية ومتماسكة من قبل السلطات العامة، وتمكين المصارف من جمع رؤوس الأموال الكافية من القطاعين العام والخاص، لتتمكن من مواصلة إقراض العائلات والشركات.
‌د- مواصلة التحرك من أجل إحلال الاستقرار في أسواق المال وإعادة تدفق الأموال لدعم النمو الاقتصادي العالمي.
3- الخطة الأمريكية للإنقاذ: سعت الإدارة الأمريكية لإنقاذ القطاع المصرفي من خلال قيام الدولة بشراء أصول هالكة بقيمة (700) مليار دولار مرتبطة بالرهون العقارية، بهدف تأمين حماية أفضل للمدخرات والأملاك العقارية التي تعود إلى دافعي الضرائب، وحماية الملكية، وتشجيع النمو الاقتصادي، وزيادة عائدات الاستثمارات إلى أقصى حد ممكن.

(1) قنطقجي، سامر, مرجع سبق ذكره, ص95.
وجاءت الخطة الأمريكية للانقاد والتي تضمنت أساسيات مهمة وهي ( الإقراض, والتاميم , والدمج) للبنوك والمؤسسات المتعثرة بهدف إنقاد هذه المؤسسات وإنقاد الاقتصاد والحيلولة دون انهيار القطاع المالي والمصرفي وبالتالي انهيار الاقتصاد الكلي, وهذه الخطط هي بهدف الحد من الأزمة وليس معالجة الأزمة وأسبابها من خلال البحث عن الحقيقة وراء هذه الإنهيارات وطريقة إدارة الاقتصاد والمنطلق الفكري الرأسمالي والذي يشكل المحور الأساسي في النشاط الاقتصادي القائم على فلسفة أن الدولة (تحكم ولا تملك ) أو على مبدأهم الشهير(دعه يعمل – دعه يمر) إضافة للاقتصاد الأمريكي القيادي للنظام الرأسمالي والقائم على مبدأ الخصخصة وحرية التجارة وتهميش دور الدولة الاقتصادي. (1).
ويرى الباحث أن تلك الحلول هي روشته ووصفة طبية مؤقتة لعلاج وإنقاذ البنوك والمؤسسات والطبقات الرأسمالية على حساب دافعي الضرائب من الفقراء ومحدودي الدخل الذين يتحملون القسط الأكبر من أعباء السياسات التقشفية المتمثلة بزيادة الضرائب وخفض النفقات الحكومية وخفض الإعانات، وعليه فإن الفقراء ومحدودي الدخل (دافعي الضرائب) يسددون فاتورة أخطاء السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي يرتكبها الرأسماليون التي تحدث نتيجة المضاربة والمقامرة في أسواق المال العالمية وخصوصا الأسواق المالية الأمريكية.
ويعزو الباحث بان ازمة 2008 هي امتداد اساسي لازمة العجز الامريكي عام 1971والتي تخلى الرئيس الامريكي نيكسون بموجبها عن وقف تعامل بلاده بقاعدة الذهب ورفض تغظية الدولار بالذهب وقال ((من قبل كان يأتينا شخص حاملاً 35 دولاراً، فنعطيه بدلاً منها أوقية من الذهب. كنَّا ملتزمين هذا؛ أمَّا الآن فلا"!))
_واتباع سياسة الاصدار الحر من الدولار دون اي تغظية من الذهب وكذلك اتبع سياسة المدرسة النقدية لميلتون فريدمان والتوسع الكبير في الاقراض والاعتماد على نظام القروض وإتباع سياسات نقدية توسعية أدت بالنهاية الى ازمة الركود التضخمي و خصوصا مع اطلاق الولايات المتحدة الامريكية لموجة من التكنولوجيا لتحسين مستواها الاقتصادي ونقل ازمتها للعالم عبر ابتكارها للادوات المالية كالمشتقات والتوريق والهندسة المالية والتي استطاعت امريكا من خلالها نقل ازمتها للخارج عبر المناداة بالحرية التامة وازالة القيود على انتقال العمالة ورؤوس الاموال(العولمة ) حيث بدا الحديث عن اقتصاد الدولار. والان العالم وقع في فخ الدولار والذي ما زال يتراجع بفعل الازمة الحقيقية التي يعانيها النظام الراسمالي القائم حيث تؤكد كل المؤشرات الاقتصادية بحدوث ازمة بنيوية في النظام يتمثل ذلك بارتفاع العجز في موزاين الدول وخصوصا المتقدمة (دول المركز او الشمال) .


(1) الخزرجي, ثريا, الأزمة المالية العالمية الراهنة وأثرها على الاقتصاديات العربية: التحديات وسبل المواجهة , كلية الادارة والاقتصاد, جامعة بغداد, العراق, ص297.
_وكذلك تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع الطلب الكلي الفعال بشقيه الاستهلاكي والاستثماري حيث تراجع الطلب الكلي الامريكي ب 3 تريليون دولار سنويا وهذا يعني ان دخول الامريكان تتساوى مع استهلاكهم اي الدخل يؤول للاستهلاك ((وعليه فان الميل الحدي للاستهلاك يقترب من الواحد صحيح وبهذا فالمجتمع الامريكي استهلاكي )) وعالرغم من انخفاض سعر الفائدة الى صفر بالمائة فلم يحفز اي استثمار ويعود ذلك لتراجع الطلب ولغرق الامريكان في الديون والقروض, فالفرد الامريكي ما زال يدفع ثمن وفاتورة الاخطاء القائمة .
_ وتراجع الاستثمارات وانخفاض التصنيف الائتماني لبعض الدول وافلاس أخرى . كذلك ارتفاع معدلات البطالة لمستويات كبيرة وما دام تزيد عن 5% في دول المركز فهذا يؤكد بانها ليست ازمة طارئة وانما هيكلية حيث فلسفة النظام الراسمالي تعتبر ان معدل البطالة ب 5% تكون طبيعية وسرعان ما تتلاشى مع ميكانيكة اليد الخفية (قوى العرض والطلب).
وعليه فان الاسباب الحقيقية للازمات الاقتصادية تعود لازمة العجز الامريكي 1971 ووقف التعامل بقاعدة الذهب والتوسع الكبير في اصدار الدولار وانتشار العولمة وخصوصا المالية .
ثامنا :التطور التاريخي للاقتصاد الإسرائيلي
يمكن تقسيم المراحل التي مر بها الاقتصاد الإسرائيلي منذ النشأة عام (1948) وحتى الآن إلى عدة مراحل تراوحت مابين التأسيس والتقشف، ومروراً بفترة النمو السريع وبأزمتي الركود الاقتصادي والتضخم المالي ووصولاً لمرحلة الإصلاح الاقتصادي في منتصف الثمانينات.
1- مرحلة التقشف والتأسيس (1948-1954):
خلال تلك الفترة أولت الحكومة الإسرائيلية اهتماما كبيرا بثلاثة قضايا رئيسية وهي كالتالي:
- القضية الأولى: تأسيس جيش عصري قادر على استخدام الأسلحة الحديثة.
- القضية الثانية: فتح أبواب الهجرة على مصراعيها، حيث شكلت هذه الهجرة عبئاً على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تتطلب تلك الزيادة في عدد السكان إلى توفير السكن والعمل والخدمات الصحية والاجتماعية( ).
- القضية الثالثة: إقامة مؤسسات الدولة الجديدة مثل مؤسسات الخدمات المالية والبنك المركزي ومؤسسات التأمين القومية والإذاعة, وقامت الحكومة بتأميم النشاطات الاقتصادية التي لها علاقة بالموارد الطبيعية واهتمت بالتنمية الزراعية لتخفيف الواردات من السلع الأساسية وتوفير فرص عمل للمهاجرين، وصاحب تلك النشاطات الكبيرة التي قامت بها الحكومة إلى زيادة حجم الطلب العام في الأسواق، وبالتالي ارتفاع الأسعار، وتفادياً للتضخم قامت الحكومة بإتباع سياسات تقشفية أدت إلى زيادة معدلات البطالة، وزيادة العجز في ميزان المدفوعات، وأدى سوء الوضع الاقتصادي إلى اندلاع عمليات احتجاجية كان شعارها الشائع (خبز- عمل)، والتي تنادي بتحسين ظروف السكن والغذاء، وتحسين الخدمات الطبية والتعليم ورفع الأجور(2)
2- مرحلة النمو السريع (1955-1972):
تميزت هذه المرحلة بزيادة معدلات الهجرة مما يعني زيادة في حجم اليد العاملة، والتي استفادت من الزيادة في رأس المال الناجم عن التعويضات الألمانية، والتي بدأت تتدفق على إسرائيل منذ العام (1952)، حيث التزمت ألمانيا الغربية بدفع تعويضات لحكومة إسرائيل كتكفير عن الجرائم التي ارتكبتها النازية بحق اليهود أبان حكم هتلر، وكما تلتزم أيضاً بدفع تعويضات شخصية لكل يهودي تضرر هو وأبناء عائلته من النازية، وبلغت تلك التعويضات حتى عام (1986) حوالي (8.25) مليار دولار هذه الزيادة في عنصري العمل ورأس المال أدت إلى ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ليصل إلى (17%) بينما كان (2%) في العام (1952), وأدت تلك التغيرات الكمية في الاقتصاد الإسرائيلي إلى تغيرات نوعية، حيث شهدت تلك الفترة تغييراً في البنية الاقتصادية من خلال ارتفاع الإنتاج الزراعي، ونمو الصناعات المحلية، وانخفاض معدلات البطالة والتضخم، وارتفاع مستوى المعيشة( ).
3- فترة التضخم والكساد (1973-1984):
بعد هزيمة إسرائيل في حرب عام (1973) دخل الاقتصاد الإسرائيلي في مرحلة الركود بسبب انخفاض معدلات الهجرة وزيادة معدلات الهجرة المعاكسة، والارتباك الذي حدث في عجلة الإنتاج بسبب الزيادة في النفقات العسكرية، وبسبب ثورة النفط التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع تكلفة استيراد النفط من (98) مليون دولار عام (1972) إلى (1.8) مليار دولار عام (1980), وتراجع معدل النمو الاقتصادي بشكل كبير ليصل إلى (3%) في المتوسط، وحدوث عجز تجاري بلغ (1.76) مليار دولار، وزيادة الديون الخارجية لتصل إلى (10) مليار دولار, وبناءً على تلك الأزمة فشلت في علاج تلك الأزمة، مما أدى إلى نجاح حزب الليكود والذي اتبع سياسة اقتصادية مغايرة للسياسات الاقتصادية السابقة تنادي بتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وزيادة دور القطاع الخاص، ولم تنجح السياسة الاقتصادية لحكومة "الليكود" في علاج التضخم المالي وعجز الموازنة، وذلك بسبب التوسع في الاستيطان في قطاع غزة والضفة الفلسطينية وخوض حرب لبنان (1982), مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم، وأوشك النظام المالي على الانهيار لولا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية، وتقديم منحة بقيمة (1.5) مليار دولار، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي.
4- مرحلة الإصلاح الاقتصادي (1985 حتى اليوم):
أدت الأزمة الاقتصادية في منتصف الثمانينات إلى تطور الرأسمالية في إسرائيل والتي قادت لتبني برنامج الإصلاح الاقتصادي عام (1985) والذي عرف ببرنامج التثبيت( ), فعلى الرغم من أن هذا البرنامج قد أنهى الأزمة الاقتصادية والتي استمرت عشر سنوات متتالية, إلا أنه كان بداية لتغييرات بنيوية وهيكلية في الاقتصاد الإسرائيلي, حيث حقق برنامج الإصلاح الاقتصادي نجاحاً كبيراً لمشكلة التضخم، فانخفض معدل التضخم إلى (18%)، بينما كان معدل ارتفاع الأسعار سنويا يبلغ (195%) في الفترة (1981-1985), كذلك انخفض العجز في ميزان الحكومة إلى أقل من (2%) بعد أن وصل إلى (12%) قبل تطبيق البرنامج، وهذا يعود إلى تقليص الحكومة لنفقاتها، وبفضل المساعدة الأمريكية الطارئة والتي بلغت (1.5) مليار دولار، وأيضا بفضل الانخفاض الكبير في أسعار النفط, وأدى انخفاض معدلات التضخم إلى زيادة الدخل الحقيقي للحكومة التي تجنيه من جباية الضرائب.
وشهد الاقتصاد الإسرائيلي نمواً مطرداً في عقد التسعينات بسبب عدة عوامل جديدة ومهمة تفاعلت معاً وشكّل بعضها زيادة جوهرية في حجم الموارد الاقتصادية المتاحة لإسرائيل بشقيها المادي والبشري, وشكّل بعضها الآخر تغييراً نوعياً في توجهات الاقتصاد سواء من ناحية البنية الداخلية أو من ناحية علاقاتها بالأسواق الإقليمية والعالمية.
ويمكن إرجاع أسباب النمو والتطور في الاقتصاد الإسرائيلي في عقد التسعينات إلى العوامل التالية:
1- الإصلاح الاقتصادي والعولمة:
اعتمدت إسرائيل أسلوب تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي سواء على الصعيد المباشر عن طريق بيع شركات القطاع العام للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، أو على الصعيد غير المباشر عن طريق تقليص القيود التي تحد حرية القطاع الخاص في مجالات الادخار والاستثمار وفى أنشطة التجارة الخارجية.
2- هجرة اليهود السوفييت:
شهدت فترة التسعينات تدفق موجة جديدة من الهجرة الجماعية إلى إسرائيل التي لم تشهد لها مثيل, وأحدثت تلك الهجرة زيادة ملحوظة في عدد السكان, وتضم تلك الهجرة مهاجرين من ذوي ثقافة ومهارات فنية متقدمة.
3- العملية السلمية في الشرق الأوسط:
استفاد الاقتصاد الإسرائيلي من أجواء السلام والتطبيع العربي لإسرائيل، والتي انطلقت من مؤتمر مدريد للسلام عام (1991), وتكرست بتوقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام (1993), واتفاق وادي عربة بين المملكة الأردنية الهاشمية وإسرائيل سنة (1994)، وساعدت تلك الاتفاقيات إسرائيل في فك عزلتها الإقليمية والعالمية من خلال التخلص من العقبات التي كانت تواجه إسرائيل وهي المقاطعة العربية، وعدم وجود علاقات دبلوماسية بينها وبين بعض دول أسيا وأفريقيا، وأجواء عدم الاستقرار السياسي التي كرسها الصراع العربي- الإسرائيلي بشكل جعل اقتصاد المنطقة والاقتصاد الإسرائيلي مكاناً غير ملائم للاستثمار الأجنبي. ومكنت العملية السلمية والإصلاح الاقتصادي والهجرة السوفيتية إسرائيل من تحقيق معدلات نمو عالية خلال الفترة (1990-1996) وتراجعت عام (1997) بسبب أزمة الأسواق الأسيوية.
وحقق الاقتصاد الإسرائيلي نمواً عالياً سنة (2000) في كل المجالات، ولكنه انخفض سنة (2001) بسبب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، حيث أثرت على الاقتصاد الإسرائيلي من خلال تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية، وتقلص النشاط السياحي، وتدني معدل الاستثمار في معظم القطاعات الاقتصادية.
ووصل حجم الاقتصاد الإسرائيلي سنة (2008) إلى مستوى عالٍ جداً، حيث وصل حجم الناتج المحلي الإجمالي (200) مليار دولار، وزاد متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عن (27,000) دولار، وهو مستوى أعلى من مستوى معيشة الفرد في إسبانيا واليونان والبرتغال( ).
4- التقدم العلمي في إسرائيل:
حققت إسرائيل إنجازات هائلة في مجالات التقدم العلمي والصناعي بشكل جعل منها مركزا لتصدير بعض المنتوجات الصناعية ذات التكنولوجيا العالية, وجعل من جامعاتها ومؤسسات البحث العلمي مركزا يتمتع بسمعة عالمية, ويمكن إرجاع تلك الإنجازات إلى أربعة عوامل وهي, النظام السياسي المبني على وجود استقلالية بين السلطات الثلاثة, ووجود إجماع قومي على فرض أولويات الاهتمام برعاية رأس المال البشري وتطويره, واستمرار تدفق المهاجرين وخصوصا الروس المتسمين بمستوى ثقافي مرتفع, والعلاقة الخاصة التي تربط إسرائيل بالولايات المتحدة الأمريكية وهذا بدوره ساهم بنقل التكنولوجيا الحديثة لإسرائيل.
5- صناعة التكنولوجيا العالية :
تعتبر الصناعات الإلكترونية والكهربائية من أهم الصناعات الإسرئيلية لما تحققه من ميزات اقتصادية كالقيمة المضافة العالية وارتفاع مساهمتها بالناتج المحلي الإجمالي, حيث نمت في الفترة (1998-2004) بمعدل 4% سنويا, وصدرت عام 2004 حوالي 85%من إنتاجها للولايات المتحدة الأمريكية وشرق أسيا و الدول الأوروبية, وأحرزت صناعة البرمجيات تقدما كبيرا في إسرائيل مكنها من تبوء مكانة قيادية في الأسواق العالمية, وبلغ عدد العاملين في هذا النشاط عام 2004 نحو57000 موظف, منهم 64% عالم ومهندس وتقني, ووصلت حصة إسرائيل للتكنولوجيا العالية عام 2006 في السوق الأمريكي والأسواق الأوروبية إلى 1.2% بعد أن كانت 0.6% في عام 1995.(1)
6- الصناعة الحربية:
مرت الصناعة الحربية الإسرائيلية بثلاثة مراحل وهي:
المرحلة الأولى: بدأت قبل إقامة الدولة, فبعد تأسيس الهاغاناة كمنظمة عسكرية يهودية في العشرينات, أنشئت شركة (تاعس) لصناعة السلاح, حيث قامت بصناعة الأسلحة الخفيفة وفحص بعض الأجهزة الحربية البسيطة.
المرحلة الثانية: بدأت بعد حرب 1967. فبعد توقف فرنسا توريد الأسلحة لإسرائيل كعقاب لها على بدء عدوانها على مصر, اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارا بالتوسع في الانتاج المحلي وتقليص الاعتماد على مصادر خارجية.
المرحلة الثالثة: بدأت بعد حرب 1973, حيث تم إعطاء الصناعة الحربية دورا هاما في مساهمتها في حجم الصادرات الإسرائيلية, وللولايات المتحدة الامريكية دورا كبيرا في القفزة النوعية للصناعات الحربية الإسرائيلية بسبب المساعدات الخارجية لإسرائيل وفتح السوق الأمريكي وأسواق حلف الناتو للسلاح الإسرائيلي.
وبلغ حجم الصادرات الحربية الإسرائيلية عام 2010 ما قيمته (3.5) مليار دولار .
7- توزيع الدخل القومي والفساد:
رافق التغير الكبير الذي حدث في الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة لانتقاله من نظام الديمقراطية الاشتراكية إلى النظام الرأسمالي, تغيرا مهما في توزيع الدخل لصالح الطبقات الرأسمالية على حساب الفقراء وذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة, وحققت الشرائح الغنية نموا مطردا ومتسارعا في دخلها يعود للأسباب التالية(1):
أولا: التغييرفي السياسة الضريبية والتي عملت على خفضنسبة الضرائب على أرباح الشركات والتي وصلت عام 2004 إلى 32% بعدما وصلت عام 1986إلى 61%.
ثانيا: الانحسار الكبير لنفود الهستدروت الاقتصادي والسياسي, وتراجع دورها وتأثيرها على التفاوض مع أرباب العمل من اجل رفع الأجور.
ثالثا: التقليص الكبير فيما يتعلق بمصاريف الحماية الاجتماعية وخصوصا تقديمات كبار السن والأطفال والعاطلين عن العمل والنساء المسؤولات عن عائلاتهن.
ونتيجة لتلك التغيرات, انخفض الوزن النسبي لدخل الفئات الفقيرة وإرتفع وزن دخل الفئات الغنية, ففي سنة
1990 كان دخل أغنى 10%من السكان يساوي 25% من الدخل القومي,وإرتفع سنة 2002 إلى 30%.
وكذلك أرتفع معامل جيني(لقياس درجة عدالة توزيع الدخل القومي, والذي يتراوح قيمته من الصفر ويعني المساواة المطلقة في توزيع الدخل وبين الواحد صحيح ويعني الظلم والإجحاف واللا مساواة), من0.49 سنة 1990 إلى 0.528 سنة 2002.
تاسعا: تأثير الأزمة المالية على سوق المال الإسرائيلي والاقتصاد الإسرائيلي:
شهد الاقتصاد الإسرائيلي تحولاً منذ الثمانينات نحو المشروع الخاص أو ما عرف بالخصخصة، وكل ما يعنيه هذا المعنى من إيجاد أدوات وإجراءات مالية لتحويل القطاع العام, ومنذ ذلك الحين وسوق المال الإسرائيلي يتحرر تدريجياً من سيطرة الدولة, حيث اعتمدت إسرائيل ومنذ تأسيسها عام (1948) على السيطرة الكاملة وشبه الكاملة على سوق المال والمؤسسات الادخارية ومؤسسات الاستثمار والإقراض، حيث كانت الدولة تسيطر سيطرة كاملة على عملية تراكم المدخرات وتوزيعها على قنوات الاستثمارات المتعددة، وكانت تحدد لمؤسسات الادخار القنوات التي تستطيع الاستثمار فيها، ونسبة ما يجب استثماره في سندات حكومية، هذا بالإضافة لمنع الحكومة لأفرادها بفتح محافظ استثمارية بدول أجنبية بالنقد الأجنبي*، وفرضت قيوداً على التعامل بالنقد الأجنبي، وذلك لاعتبارات تتبعها عادة الدول لإعطاء أهمية كبرى للقطاع العام لحل بعض المشاكل المتمثلة بالبطالة، وانخفاض مستويات المعيشة والفساد، وتدني الخدمات التعليمية والصحية، وانهيار البنية التحتية من طرق وشبكات وغيرها الكثير، وذلك بسبب مرحلة تأسيس الدولة.

(1) نفس المرجع السابق,ص571-577

وعند الحديث عن سو ق المال الإسرائيلي لابد من التطرق لمفهوم العولمة, حيث يأخذ مفهوم العولمة أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، وله دلالات متباينة ومتعددة وفقاً لاختلاف المدارس الفكرية والتوجهات السياسية.
ويمكن تعريف العولمة اقتصادياً بأنها اندماج الأسواق المحلية في الأسواق العالمية, وتعد هذه الظاهرة كظاهرة اقتصادية قد بدأت مع ولادة النظام الرأسمالي, وحققت تقدماً كبيراً في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وقد توقف تقدمها بسبب الحربين العالميتين وما نشأ عنهما من أوضاع اقتصادية وسياسية صعبة واستعادة العولمة زخمها الاقتصادي، وتسارعت بوتيرة كبيرة في العام (1990) بسبب ثورة تكنولوجيا الاتصالات والانخفاض الكبير في تكلفة المواصلات.
وعليه فإن اتجاه الأسعار والأجور في السوق المحلية لا تتحدد وفقاً لقوى العرض والطلب المحلية، وإنما وفقا لقوى العرض والطلب العالمية( ). وعليه تفقد الدولة حرية تحديد سعر الفائدة المحلي والذي يتم تحديده وفقاً للعرض والطلب في أسواق رأس المال العالمية, وكذلك تفقد الدولة القدرة على انتهاج سياسة نقدية مستقلة، لأن أي اختلاف بين سعر الفائدة المحلي ومستواه العالمي يقود إلى اهتزاز في سوق المال.
يرى بعض الاقتصاديين أن ظاهرة العولمة ظاهرة مستقلة عن أسباب الحربين العالميتين، وعن أسباب الركود الاقتصادي العالمي الهائل في الثلاثينيات من القرن الماضي, ويرى فريقاً آخر بأن العولمة نفسها من نتاج النظام الرأسمالي الذي يشكل بدوره الأرضية الاقتصادية والسياسية التي قادت إلى الحربين العالميتين والى الكساد العظيم (1929-1933).
ويتفق الباحث مع وجهة نظر الفريق الثاني ويرى أن سبب أزمة الكساد العظيم، وكذلك الأزمة المالية العالمية الراهنة هو بسبب العولمة وخصوصاً ما يسمى بالعولمة المالية واستحداث أدوات مالية جديدة كالتوريق، والعقود المستقبلية، والخيارات، وصناديق التحوط، والمشتقات المالية، والتي كانت سبباً في تضخيم الثروات وزيادة التداول، وإتمام الملايين من العمليات خلال فترة زمنية قصيرة، والهادفة فقط للربح، بل والربح السريع الوهمي وغير الحقيقي، بصرف النظر عن قدرتها الحقيقية على توليد الدخل.
ويمكن القول أن التغير في سوق المال الإسرائيلي بدأ نتيجة تطبيق خطة الإصلاح الاقتصادي عام (1985)، وعندها باشرت الخطة تطبيق سياسة جديدة تهدف إلى تقليص دور الدولة, وإعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر في عملية التراكم الرأسمالي بالتدريج, وتطور سوق المال الإسرائيلي ونما في التسعينات، وتكيف مع المستجدات العالمية، وقام بقطع خطوات واسعة على طريق الاندماج في الأسواق المالية العالمية.
وسارت عملية الخصخصة بشكل بطئ في بداية الأمر لعدم رغبة الحكومة الإسرائيلية، ولكنها زادت في بداية العام (2000)، وكانت لعملية الخصخصة آثاراً اجتماعية خطيرة تتمثل في زيادة الفقر والبطالة والتفاوت بين الطبقات، وأدت إلى حدوث بعض الاحتجاجات.
ويرى الباحث أن وبالرغم من محدودية تأثير الحركات الاحتجاجية المناهضة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها حكومات إسرائيل المتعاقبة إلا أن أهميتها تكمن في تزامنها مع بروز دور الحركات الاجتماعية المنتشرة على اتساع الكرة الأرضية والمناهضة للعولمة ورأس المال المالي، والتي اندلعت في المدن الأمريكية الكبرى ورفعت شعار احتلوا "وول ستريت" معلنة أنها تمثل (99%) من الشعب الأمريكي، وامتدت لتشمل (200) مدينة من كبرى المدن العالمية.
وأثارت الأزمة المالية العالمية العديد من التساؤلات عن مدى تأثر الاقتصاد الإسرائيلي وسوقه المالي بتلك الأزمة, حيث لازال الاقتصاد الإسرائيلي وخصوصاً القطاع المالي الإسرائيلي الذي يحظى باهتمام كبير على صعيد الاقتصاد العالمي, وعلى صعيد الاقتصاديين، وأثار سوق المال الإسرائيلي الكثير من التساؤلات حول أسباب عدم تأثره بالأزمات الاقتصادية العالمية وخصوصاً الأزمات المالية, وعلى الرغم من تعرض الاقتصاد العالمي للأزمة المالية عام (2008)، حيث يخرج الاقتصاد العالمي بخطوات خجولة من الركود, فإن إسرائيل قد استعادت زخمها الاقتصادي والذي ظهر أولاً من خلال سوقها المالي الذي حقق أداءً متميزاً فاق جميع بورصات الغرب خلال العام (2009)، ثم وجد له تعبيراً له في زيادة الصادرات، وتراجع نسبة البطالة وانتعاش الطلب الاستهلاكي( ).
فعلى الرغم من أن درجة اندماج السوق المالي في الأسواق العالمية أصبحت عالية جداً، حيث تعد إسرائيل ثاني أكبر بلد بعد كندا من حيث رؤوس الأموال المستثمرة في بورصة نيويورك( )، إلا أن خسارة الاقتصاد الإسرائيلي كانت ضئيلة جداً لا تذكر.
الجدول رقم (1):
تأثير الأزمة المالية العالمية في الاقتصاد الإسرائيلي بالنسب المئوية( )
البند 2001-2002 2008 2009
الناتج المحلي الإجمالي -0.4 4 0.7
نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي -2.5 2.2 -1.1
معدل البطالة 9.8 6.1 7.6
متوسط الناتج المحلي 1.3 1.8 -2.2
المصدر:Bank of Israel, Annual, 2009

- يتضح من الجدول أن خسارة الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل كانت في العام (2009) أقل بكثير من متوسط الخسارة العالمية، وأيضاً أقل مما خسرته بسبب الانتفاضة الفلسطينية.
- على الرغم من أن متوسط الناتج المحلي للعالم قد تراجع بمقدار (2.2%)، والذي تسبب بانخفاض مستويات النمو في الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض الطلب الاستهلاكي، وانخفاض الاستثمارات الحقيقية، وزيادة معدلات البطالة وغيرها, إلا أن خسارة الاقتصاد الإسرائيلية كانت محدودة، وعادت لمعدلاتها السابقة خلال أشهر بسيطة.
- ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في بقيمة (7) مليار دولار عام (2008)، وأصبح مرتفع نسبياً مقارنة بالدول الصناعية المتقدمة, حيث زاد عن (200) مليار دولار للعام (2010)، وبذلك تصبح إسرائيل من الدول مرتفعة الدخل، حيث يصل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي قرابة (28,000) دولار، بينما كان (22,000) دولار سنة (2006)، وهذا يعني أن متوسط الدخل ينمو بمعدل سنوي يصل إلى (2.7%).
- ارتفع حجم الصادرات الإسرائيلية سنة (2008) ليصل إلى (62.5) مليار دولار، وهو ما يشكل نسبة مرتفعة بالنسبة لنصيب الفرد من الصادرات، إذ يشكل نصيب الفرد الإسرائيلي من الصادرات قرابة (8500) دولار.
- أما فيما يتعلق بالبطالة فقد انخفضت نسبياً، وهذا دليل على مرونة سوق العمل الإسرائيلي, فعلى الرغم من عدم قدرة اقتصاديات الدول الصناعية على الخروج من أزمة البطالة، وانخفاض مستويات التشغيل والاختلالات في هياكلها الاقتصادية إلا أن إسرائيل خرجت من الأزمة وعادت الأجور ونسب التشغيل إلى السابق، هذا بالإضافة إلى العمالة الأجنبية، وعليه انخفضت البطالة لتصل (5%)، وازدادت الاستثمارات المالية، وانتعش الطلب المحلي الاستهلاكي والاستثماري على حد سواء.
- زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في سوق المال الإسرائيلي هو مؤشر على ثقة المستثمرين بأداء السوق الإسرائيلي، وبالقوانين المشجعة للاستثمار، وتشجيع الحكومة.

ويرى الباحث أن مجمل التغيرات الكلية في الاقتصاد الإسرائيلي تقدم مؤشرات ودلائل كافية على عدم تأثر السوق المالي الإسرائيلي من الأزمة المالية العالمية، وهذا واضح من خلال المؤشرات الوردية، وهي زيادة حجم الصادرات، وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض معدلات البطالة، وانتعاش الطلب الاستهلاكي، وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل.





عاشرا/ النتائج والتوصيات
النتائج :
يمكن إيجاز النتائج التي توصل إليها الباحث في النقاط التالية:
1- إن تعافي الاقتصاد الإسرائيلي من هزات أسواق المال العالمية لا يعني أن السوق المالي الإسرائيلي لن يتعرض في المستقبل لهزات عنيفة, ذلك كون الأخير مرتبط بالأسواق المالية المتقدمة وبمراكزه الرأسمالية رغم استقلاله النسبي عنها.
2- في حال تقليص الدعم الأمريكي والمعونات المقدمة لإسرائيل من جهات متعددة، فإن الاقتصاد الإسرائيلي وأسواقها المالية ستكون عرضة للأزمات المالية, ولن تستطيع مواصلة النمو والتنمية الاقتصادية وبالوتيرة الراهنة.
3- عكست الأزمة المالية العالمية أثارها على الدول العربية وخاصة بلدان الخليج رغم عدم تطور أسواق هذه الدول, ويعود السبب في ذلك إلى هيمنة الأسواق المالية الأمريكية والأوروبية على نشاطات أسواق مال هذه البلدان, وعدم استثمار الأموال الفائضة لديها في تنمية اقتصادياتها الوطنية.
4- كان للمساعدات والمنح الخارجية لإسرائيل الدور البارز في علاج الأزمات الاقتصادية المتمثلة بالعجز التجاري.
5- تمتاز إدارة سوق المال الإسرائيلي بالكفاءة والإدارة الجيدة، لذلك فهي محل ثقة لرجال الأعمال والاقتصاديين بالعالم.
6- استفاد سوق المال الإسرائيلي من الأزمات المالية من خلال جذب المستثمرين الأجانب واستثمارهم في السوق الإسرائيلي، وكذلك زيادة حجم الصادرات، وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض معدلات البطالة وزيادة الطلب الفعال.
7- اتجه العالم بعد الأزمة المالية العالمية عام (2008) نحو تشكيل أقطاب وتكتلات اقتصادية جديدة مثل مجموعة البريكس، والتي تضم خمس دول وهي الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا.
8- والتي تشكل نحو (40%) من إجمالي سكان العالم، وتشكل الصين والهند وروسيا من الدول العشرة اقتصاديا بالعالم من حيث إجمالي الناتج المحلي مع إمكانية اندلاع الحرب الباردة بعد عقدين من الهيمنة الاقتصادية والسياسية الأمريكية على العالم، والتي كانت سبباً في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
9- إنشاء مجموعة البريكس الاقتصادية ستؤدي إلى تراجع دور الاقتصاد الأمريكي مستقبلاً، وإلى تراجع التعامل بالدولار، وإحلال عملة اليوان الصينية كعملة عالمية بديلة عن الدولار، بسبب عدم استقرار صرف الدولار.
10- قدرة رأس المال الإسرائيلي على التعاطي مع الأزمات الاقتصادية ومعالجتها وإيجاد الحلول السوية للاقتصاد الإسرائيلي.
11- توجد علاقة بين عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط وبين حجم المساعدات والمنح الخارجية المقدمة لإسرائيل, حيث زادت تلك المساعدات أبان حرب حزيران عام (1967)، وحرب أكتوبر عام (1973)، وكذلك أبان توقيع جمهورية مصر العربية لاتفاقية كامب ديفيد سنة (1979)، وكذلك عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام (2000).
12- حققت البورصة الإسرائيلية سنة (2009) أداءً متميزاً فاق كل البورصات الغربية بعد أشهر بسيطة من تفجر الأزمة المالية دليل على قوة سوق المال الإسرائيلي وعلى تشجيع الحكومة للاستثمار الأجنبي.
13- استفاد الاقتصاد الإسرائيلي من العملية السلمية في الشرق الأوسط، وذلك من خلال زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وكذلك الاستفادة من القوى العاملة الرخيصة.
14- تركت الأزمات المالية العالمية أثارها الاقتصادية المتملثة بارتفاع معدلات البطالة وانخفاض حجم الطلب العالمي وتراجع النمو الاقتصادي وانخفاض الانتاج وما رافق ذلك من اثارا اجتماعية كارتفاع معدلات الفقر واتساع حدة التفاوت بين الشرائح الاجتماعية.
15- ادت الازمات المالية العالمية الى اعادة نظر الحكومات بدورها في النشاط الاقتصادي مما ساهم بزيادة دورها وتدخلها واعدادها لخطط الانقاد, والعودة مجددا لمبادئى كينز والمتعلقة بتحفيز الطلب الكلي الفعال بشقيه الاستهلاكي والاستثماري.
16- عكست الأزمة المالية العالمية أثارها على الدول العربية وخاصة بلدان الخليج رغم عدم تطور أسواق هذه الدول, ويعود السبب في ذلك إلى هيمنة الأسواق المالية الأمريكية والأوروبية على نشاطات أسواق مال هذه البلدان, وعدم استثمار الأموال الفائضة لديها في تنمية اقتصادياتها الوطنية..
17- إنشاء مجموعة البريكس الاقتصادية ستؤدي إلى تراجع دور الاقتصاد الأمريكي مستقبلاً، وإلى تراجع التعامل بالدولار، وإحلال عملة اليوان الصينية كعملة عالمية بديلة عن الدولار، بسبب عدم استقرار صرف الدولار.
18 – أدت الأزمة المالية العالمية إلى ازدياد حجم البطالة والفقر في كل دول العالم بما فيها البلدان الصناعية المتقدمة ، وذلك باعتمادها على تقليص تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية عن طريق عملية الخصخصة وتحرير كافة الخدمات المالية
19 _ اندلاع الازمات المالية العالمية يبرز مشكلة في اسلوب الانتاج الرأسمالي .
التوصيات :
توصل الباحث إلى العديد من التوصيات يمكن إيجازها كالتالي :
1- يتوجب على إسرائيل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية في إقامة سلام عادل ومتوازن مع الفلسطينيين والعرب كي تستطيع مواصلة الأداء الاقتصادي الكفؤ, حيث يلاحظ أن اتفاقات السلام مع بعض الدول العربية، ورغم أنها جزئية وغير عادلة قد قدمت لإسرائيل الفرص لفك عزلتها الإقليمية والدولية.
2- من مصلحة إسرائيل تقليص الفوارق المذهلة في الدخل بين مواطنيها الذين يتمتعون بجنسيتها, وينسحب هذا بشكل رئيسي على الأقلية القومية العربية التي لازال غالبيتها العظمى يعيش في أسفل السلم الاجتماعي في إسرائيل.
3- يستحسن لدول الجوار العربي بما فيهم الفلسطينيون اشتقاق الدروس من التجربة الإسرائيلية الناجحة في تشييد اقتصادي سوي وقوي قادر على المنافسة, بل وحتى على مواجهة الأزمات العالمية الطاحنة رغم محدودية المساحة وتعداد السكان.
4- يتوجب على الدول العربية خاصة صاحبة العلاقة وجهة الاختصاص في تجنيد كافة الإمكانات المتوفرة والطاقات المتاحة والكامنة لديها للضغط على إسرائيل اقتصادياً وسياسياً كي تصل الأخيرة إلى قناعة حقيقية بأنه لا بديل عن السلام الشامل والعادل والمتوازن.
5- يستحسن للدول العربية إعطاء قطاع التنمية الاقتصادية مزيداً من الاهتمام من خلال إقامة المشاريع التنموية التي تستطيع من خلالها مضاعفة الإنتاج والدخل وخفض معدلات البطالة.
6- يتوجب على الدول العربية ذات الفوائض المالية إلى ضرورة توجيه تلك الفوائض لاستثمارها في بلدانها بدلاً من توجيها نحو الأسواق المالية الغربية، وذلك لتفادي الأزمات المالية والاقتصادية المستوردة من الدول المتقدمة.
7- يستحسن للاقتصاديات إعطاء قطاع التنمية الاقتصادية مزيداً من الاهتمام من خلال إقامة المشاريع التنموية التي تستطيع من خلالها مضاعفة الإنتاج والدخل وخفض معدلات البطالة.
8- يستحسن تضافر الجهود عند تنفيد السياسات الاقتصادية المتملثة بالسياسات المالية والنقدية والتجارية بما يخدم الاقتصاد عبر التنسيق بين الحكومات والبنوك المركزية والقطاعات الانتاجية .
9- يجب الاهتمام اكثر بقطاعات الاقتصاد الحقيقي والذي يخلق ويضيف قيما حقيقية تزيد من القدرة الانتاجية وتوسع قاعدتها وتحد من مشكلة البطالة وتوفر دخولا جديدة.
10- فرض قيود واجراءات تشديدية لعمل الاسواق المالية عبر الزام المتعاملين بعدم المضاربة والمقامرة وتفاديها وتخفيف العمل بادوات التوريق والهندسة المالية.
11- ضرورة البحث عن نظام اقتصادي بديل عن النظام الحالي يكون اكثر ندية وسوية في العلاقات الاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية على حد السواء, نظاما قوامه العدالة الاجتماعية يستطيع استغلال كافة الموارد الاقتصادية المتاحة ويوفر الخيرات المادية ويسعد البشرية جمعاء.
12- ضرورة إتباع سياسات مالية ناجعة تستطيع تحفيز الطلب الكلي الفعال بشقيه الاستهلاكي والاستثماري.
13- إعادة النظر بعملة الدولار والبحث عن وسائل أخرى كحقوق السحب الخاصة وايجاد بديل عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .
14- ضرورة إيجاد حلول فورية وسريعة لأزمة المديونية الخارجية للدول النامية وعلاج مشكلة الفقر والبطالة المنتشرة وتخفيف حدة التفاوت بين الدول المتقدمة والنامية على حد السواء لتحفيز الطلب ولاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة .

قائمة المراجع

أولا : الكتب
(1) الشمري، ناظم وآخرون، أساسيات الاستثمار العيني والمالي، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 1999.
(2) السمهوري، محمد، اقتصاديات النقود والبنوك، الطبعة الثانية، غزة، فلسطين، 2000.
(3)الداغر,محمود, الأسواق المالية مؤسسات أوراق بورصات, ط1, دار الشروق للنشر والتوزيع,رام الله ,
(4) فرح، غازي وآخرون، الأسواق المالية، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 2001.
(5) كويل برايان, التمويل المالي للأسهم, ترجمة خالد العامري, دار الفاروق للاستثمارات الثقافية, ط1, الجيزة, مصر, 2007.
(6)خريوش، حسني وآخرون، الأسواق المالية مفاهيم وتطبيقات، جامعة العلوم التطبيقية، عمان، الأردن، 1998.
(7) العجلوني، محمد، والحلاق، سعيد، النقود والبنوك والمصارف المركزية، دار اليازوري للنشر، عمان، الأردن، 2010.
(8) عبد القادر، السيد متولي، الأسواق المالية والنقدية في عالم متغير، الطبعة الأولى، دار الفكر، عمان، الأردن، 2010.
(9) العجلوني، محمد، والحلاق، سعيد، النقود والبنوك والمصارف المركزية، دار اليازوري للنشر، عمان، الأردن، 2010.
(10) الفتلاوي, كامل, مرزوق, عاطف, العولمة ومستقبل الصراع الاقتصادي, ط1, دار صفاء ,عمان, الأردن,2009.
(11) حسين, وداد, العولمة بين الماضي والحاضر, المكتبة المصرية للطباعة والنشروالتوزيع, مصر,2004.
(12) عبد الحميد, عبد المطلب, العولمة الاقتصادية : منظماتها –شركاتها-تداعياتها, الدار الجامعية, الاسكندرية, مصر, 2006.
(13) مسعود، سميح، الأزمة المالية العالمية نهاية الليبرالية المتوحشة، المركز الكندي للدراسات، عمان، الأردن، 2010.
(14) بول بوركت, الصين والاشتراكية, ترجمة مازن الحسنيني, دار التنوير للترجمة والتنشر والتوزيع, رام الله , الطبعة الأولى,2005.
((15 قنطقجي، سامر، ضوابط الاقتصاد الإسلامي في معالجة الأزمات المالية العالمية، الطبعة الأولى، شعاع للنشر والعلوم، حلب، سوريا، 2009.
(16) جبور، سمير، مخططات إسرائيل في ضوء معاهدة الصلح المنفرد، الطبعة الأولى، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، لبنان، 1980.
(17) النقيب، فضل، اقتصاد إسرائيل على مشارف القرن الحادي والعشرين، الطبعة الأولى، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، لبنان، 2001.
(18) دليل إسرائيل للعام 2011، فضل النقيب، الطبعة الأولى، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، حزيران 2011.



ثانيا : رسائل الماجستير وإطروحات الدكتواره
_رسائل الماجستير:
(1)عبد الرحمن, بن عزوز, دور الوساطة المالية في تنشيط سوق الاوراق المالية حالة بورصة تونس,رسالة ماجستير غير منشورة,جامعة منتوري قسطنينية, الجزائر, 2012,ص1.
(2)صالحة هاني, شركات الوساطة وأثرها على تنمية سوق فلسطين للأوراق المالية, رسالة ماجستير غير منشورة, الجامعة الإسلامية, غزة, فلسطين, 2007.
(3) حجاج, محمد, أثر الأزمة المالية العالمية على أداء الأسواق المالية العربية: دراسة حالة سوق الدوحة للأوراق المالية للفترة 2007-2009, رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة قاصدي مرياح, ورقلة, الجزائر, 2012.
(4) عبدالغني, حريري, أثر التحرر على اقتصاديات الدول العربية, رسالة ماجستير غيرمنشورة, جامعة حسيبة بن بو علي, الجزائر, 2007.
(5)حملاوي, سكينة, واقع التكتلات الاقتصادية الإقليمية الجديدة في ظل الأـزمة المالية الراهنة: دراسة حالة الشراكة الأورومتوسطية_ حالة المغرب العربي, جامعة محمد خيصر, بسكرة, الجزائر,2012.
(6) حجاج,محمد, أثر الأزمة المالية العالمية على أداء الأسواق المالية العربية: دراسة حالة سوق الدوحة للأوراق المالية للفترة (2007-2009), جامعة قاصدي مرباح, ورقلة, الجزائر,2012.
_ رسائل الدكتواره:
(1) رشيد، بوكساني، معوقات أسواق المال العربية وسبل تفعيلها، أطروحة دكتوراة غير منشورة، جامعة الجزائر، الجزائر، 2004.
(2) زيطاري,سامية, ديناميكية أسواق الأوراق المالية في البلدان الناشئة : حالة أسواق الأوراق المالية العربية, اطروحة دكتوراه غيرمنشورة, جامعة الجزائر, الجزائر,2004.

ثالثا: الندوات والمؤتمرات العلمية
(1) الزيادات,على, الخرابشة,فارس, أثر الأزمة المالية على الأسواق المالية العالمية: حالة تطبيقية على سوق الأوراق المالية الأردنية, دراسة منشورة, مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الاقتصادية والإدارية, المجلد الحادي والعشرون, العدد 1, يناير 2013.
(2) محمدعربي,خلف الله, دور سوق الخرطوم للأوراق المالية في النمو الاقتصادي, دراسة منشورة , مجلة جامعة بحث الرضا, السودان,2010.
(3) الشيخ, الداوي, ورقة علمية بعنوان الأزمة المالية وانعكاساتها وحلولها, مؤثمر الأزمة المالية العالمية وكيفية علاجها من منظور النظام الاقتصادي الغربي والإسلامي, جامعة الجنان, طرابلس, لبنان, مارس, 2009,ص2.
((4 سهو محمد, نزهان, الأزمة المالية العالمية الراهنة: المفهوم والاسباب والتداعيات, مجلة الادارة والاقتصاد , العراق, العدد 83, 2010.
(5) كواش, خالد, كواش ,زهية, ورقة علمية بعنوان الازمة المالية (2008) وعلاقتها بالاقتصاد الافتراضي, الملتقى العلمي الدولي الخامس حول الاقتصاد الافتراضي وانعكاساته على الاقتصاديات الدولية, جامعة الجزائر, الجزائر , 2009.

(6)عباد,جمعة, ورقة بعنوان الأزمةالمالية الاقتصادية العالمية وأثارها الحالية والمتوقعة على الجهاز المصرفي الأردني, مؤثمر الأزمة المالية العالمية وكيفية علاجها من منظور النظام الاقتصادي الغربي والإسلامي, جامعة الجنان, طرابلس, لبنان, مارس,2009.
(7) هناء, عفيف, علية, ضياف, ورقة بعنوان معالم الاقتصاد الافتراضي سبب الأزمة المالية, , الملتقى العلمي الدولي الخامس حول الاقتصاد الافتراضي وانعكاساته على الاقتصاديات الدولية, الجزائر , بدون سنة نشر.
(8) موسى, عماد, ورقة بعنوان أثر الأزمة المالية العالمية على الدول العربية:قناة أسواق رأس المال, المؤتمر الدولي حول (القطاع الخاص في التنمية: تقييم واستشراف) المنعقد بالفترة من 23-25 مارس 2009, بيروت, الجمهورية اللبنانية.
(9) الكردوسي, عادل, ورقة بعنوان الأثار الاجتماعية للأزمة المالية العالمية,مجلة شؤون اجتماعية, العدد105,السنة27, 2010.
(10) الخزرجي, ثريا, الأزمة المالية العالمية الراهنة وأثرها على الاقتصاديات العربية: التحديات وسبل المواجهة , كلية الادارة والاقتصاد, جامعة بغداد, العراق.
(11) كورتل, فريد, الازمة المالية العالمية وأثرها على الاقتصاديات العربية, جامعة سكيكدة, الجزائر,2010.
(12) مقداد, محمد, الأزمة المالية وأثارها على فلسطين, دراسة منشورة, الجامعة الإسلامية , غزة, فلسطين,2009.

رابعا : المواقع الالكترونية
(1) حداد، منير، مجلة إيلاف، الموقع الالكتروني: www.elaph.com تاريخ الزيارة: 09/11/2013م
(2) الموقع الالكتروني: www.altawasul.com تاريخ الزيارة: 01/04/2013م.
(3) خازين, ميخائيل, مقابلة تلفزنونية برنامج قراءاة بين السطور, روسيا اليوم, https://www.youtube.com/watch?v=G85g_SxW45g, تاريخ الزيارة للصفحة10-11-2013
(4) قطب, سيد, الفيلم الوثائقي الغرب والنفق المظلم, مؤسسة السحاب, https://www.youtube.com/watch?v=aRVMG1yrVhM, تاريخ الزيارة للموقع10-11-2013.
(5) http://www.borsaat.com/vb/t119448.html.