التقويمان الشرقي والغربي بقلم مخلص محجوب الحاج حسن
تاريخ النشر : 2014-01-12
التقويمان الشرقي والغربي
بقلم مخلص محجوب الحاج حسن
عضو لجنة البحث والتوثيق بمكتبة بلدية جنين العامة
تعريف التقويم
هو مجموعة قواعد علمية فلكية للتوفيق بين السنة المدنية والاستوائية وتقسيم الأزمنة وتحديد الأوقات نتيجة لتعاقب الأمم السالفة والحضارات القديمة في حسبان حركة الشمس والقمر لتنظيم شؤون المعيشة وميادين الحياة كالأعمال والعبادات والأعياد والعطل والإجازات والمواثيق والمعاملات والعلاقات والحروب والإتصال والترحال والأرصاد واكتشاف المعمورة وجَوْب البحار وارتياد الفضاء آخذين بعين الإعتبار ما تتعرض له النظريات والقوانين والمعلومات والأرقام من تغيّر جرّاء تسارع التقدم العلمي والتكنولوجي.
واشتهرت عدة تقاويم سادت وبادت ولكن ظلت شهرة التعامل وسمة الإنتشار للتقويم الشمسي ومنه التقويم اليولياني نسبة للإمبراطور يوليوس قيصر منذ سنة 46 ق.م، والتقويم الغربي الجريجوري الحديث نسبة للبابا جريجوريوس الثالث عشر منذ سنة 1582م
وأما التقويم القمري فهو الهجري العربي الإسلامي وفقاً لقرار مجلس شورى كبار الصحابة وعلى رأسهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في يوم الأربعاء العشرين من جمادى الآخرة سنة 17هـ أي بعد سبعة عشر عاماً من الهجرة النبوية الشريفة محتسَـباً بدايته بأثر رجعي استهلالاً بشهر محرم الحرام منصرف الناس من الحج الواقع في يوم الجمعة الموافق 16 تموز سنة 622ميلادية، علماً بأن الهجرة وقعت في يوم الإثنين 12 ربيع الأول وفق20/9/622ميلادية في 23 من شهر توت عام 239قبطي في 11من شهر تشري عام4383 عبري.
التقويم اليولياني الشرقي القديم
بدأ تطبيق التقويم اليولياني في عهد الإمبراطورالروماني يوليوس قيصر سنة 46 ق. م ليحل بديلاً من التقويم الروماني القديم السائدً منذ تأسيس روما سنة 743 ق.م ، وظل التقويم اليولياني معمولاً به في عهد الإمبراطورالبيزنطي قسطنطين الأول وتبنّي النصرانية ديناً رسمياً، واستمرّ ذلك التقويم سائداً رغم انفصال الكنيسين : بيزنطية وروما عام 1054م في عهد بطريرك القسطنطينية ميخائيل كبورولاروس (1043-1059م) و حتى إعلان التقويم الغربي الجديد سنة 1582م.
وحسب التقويم اليولياني القديم فإن طول السنة الشمسية فيه =365،25 يوماً، وكان أول شهور السنة آذار(مارس)وأقصرها هو شباط (فبراير) = 28 يوماً يضاف إليه يوماً واحداً عبارة عن جمع كسور الأرباع الأربعة كل أربع سنوات فيصبح شباط (29) يوما بما يعرف بالسنة الكبيسة (366يوماً) التي تقبل القسمة على (4)، وشهر يوليو- تموز نسبة ليوليوس قيصر وأغسطس - آب نسبة لأُغتافيوس قيصر، وهذا التقويم تتبعه الكنيسة الشرقية الأرثوذوكسية التي تعتمد اللغة الإغريقية اليونانية.
التقويم الجريجوري الغربي الحديث
قام البابا الكاثوليكي أل 225 جريجوريوس الثالث عشر(1572-1585م) في سنة 1582م بحركة اصلاح التقويم بأسلوب جديد مستعيناً بمجموعة علماء ومستفيداً من دراسات سابقة للعلامة والمؤرخ جريجوريوس نكفور المتوفى عام 1359م ومشروع العالم الفلكي كريستوفر فورس كلافيوس الذي ارتأى عدم الدقة بالتقويم اليولياني بمقدار =(11) دقيقة + (14) ثانية ، أي أنه أطول من التقويم الجديد الذي تبلغ طول السنة فيه = 365يوماً + (5ساعات و 48 دقيقة و46 ثانية) و بعملية طرح المعادلتيْن في التقويمين تتجمّع الفرقية المتراكمةً بأثر ٍرجعي ٍمنذ انعقاد مؤتمر نيقيا المسكوني – المجمع الديني الأول عام 325م زمن البابا سلفستروس الأول وحتى بداية تطبيق التقويم الجديد عام 1582م لتصبح (10) عشرة أيام كاملة والتي عـُرفت بالأيام الضائعة، فقرر البابا المذكور حذف كامل الفرقية بتقفيزه حسبان التاريخ من يوم الخميس 4/10- تشرين أول/ 1582م إلى يوم الجمعة 15/ 10- تشرين أول بنفس السنة 1582م الموافق يوم الجمعة 15 رمضان عام 990هـ .
ويشار بأنّ القديسة الإسبانية ماريا تريزا توفيت في يوم الخميس 4/10/1582م وقيل إنها دفنت في 15منه لكنها حقيقةً دفنت في يوم الجمعة التالي بالضبط، فمثلاً كان الإعتدال الربيعي يقع في 11/آذار بدلاً من وقوعه حالياً في 21منه ، وهذا يعنى أنّ الفرق البدائي بين التقويمين أولياً كان (10) يوماً ثم آل إلى التزايد بعد ذلك فصار الفرق حاليا ً(13) يوماً بسبب تخسير أو خسران ثلاثة أيام في نهايات شهر شباط (الأقصر) في السنوات ذات رؤوس القرون المئوية الثلاثة وهي 1700م و1800م و1900م والتي أُحْـتسب فيها شباط (28) يوماً فقط أي غير كبيس رغم أنها تقبل القسمة على أربع، ولكنها وفق نظام الإصلاح الحديث لا تقبل القسمة على ( 400-أربعمئة كاملة) بدون باقٍ ، وذلك يعني أن تنظيم ضبط الفرق بين الحسابين يتأتـّى بالتقويم الجديد بتخسيره شهر شباط يومه الأخير التاسع والعشرين ليكون فقط (28) يوماً في تلك السنوات ذات الرؤوس المئوية الثلاثة التي تبتدئ يمينها بصفرْين ولا تقسم على( أربعمئة / 400) بدون باقٍ، بينما عاد شباط ليكتمل فالتحق به اليوم التاسع والعشرون(29) في العام الميلادي( 2000م) حفاظاً على تنظيم انضباط الفرقية باعتبارها سنة كبيسة وفق القاعدة كونها تبتدئ من على يمينها ب صفريْن فتقسم على (400 / أربعمئة) بدون باقٍ، كما سبق وحدث ذلك مع شباط عام ( 1600م ) فكان (29) يوماً، ومثله سيكون إن شاء الله شباط عام (2400م) ، أي أن تراجعاً منتظماً ومستمراً يستلزم الحساب الشرقي عن الغربي، فمثلاً يوم الأحد الواقع في 5 /1 / من كانون ثاني عام 2014 بالغربي الميلادي يوافق يوم 23 /12/ من كانون أول عام 2013 بالشرقي الميلادي بالفارق المبيّن وهو(13) ، وهنا ندرك الخلاف بين الحسابين الشرقي والغربي في المناسبات وأهمها عيد الميلاد المجيد للسيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ورأس السنة الجديدة وغيرها، بينما لا تنطبق المقولة على عام (2100م) المقبل لأنها لا تقبل القسمة على (400) بدون باقٍ شأنها مثل السنوات (1700و1800و1900) السالفة لأن شباطها في عام 2100م بناءً عليه سيكون(28 ) يوماً فقط، وبذا ستصبح الفرقية المتزايدة (13+ 1= 14) أربعة عشر يوماً في نهاية هذا القرن مستهل القرن الثاني والعشرين ( 2100م )، مع الأخذ بالحسبان إلى أن الفرق بين السنة الجريجورية هي الأخرى تزيد ب(26) ثانية عن السنة الشمسية إضافة إلى الفرق الخفيف المستديم والملازم تكنولوجياً وتقنياً والذي لا يتسع المجال لتناوله ، وهذا التقويم تتبعه الكنيسة الغربية الكاثوليكية والأنجليكانية البروتوستانتية والتي تعتمد اللغة اللاتينية .
ومع ذلك فالتوافق حاصلٌ بصدد تسمية وترتيب وتعداد الشهور رغم الفرقية بين التقويمين أو الحسابين، وختاماً قال عز وجل: (فالق الإصباح، وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حســباناً، ذلك تقدير العزيز العليم). آية(96) سورة الأنعام، وقال تعالى:(هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدّره منازل لتعلموا عدد السنينَ والحسابَ، ما خلق الله ذلك إلا بالحقّ، ُيفصّل الآيات لقومٍ يعلمون). آية (5) سورة يونس.
نشرت في جريدة القدس يوم الأحد بتاريخ 1212014م؛ صفحة 20