لغة الصمت
إن للصمت لغة لا يدركها ولا يفهمها إلا ذو عقل وبصيرة ثاقبة لبواطن وعواقب الأمور والأفعال .
فكثير منا من تحكم عليه ظروف عمله أو غير ذلك أن يتواجد في أماكن وأجواء غير مرغوب فيها ويجد نفسه مرغما علي سماع أو تسمع ما يعكر صفوه ويدمي أذنيه ويكون مضطرا بين خيارين إما أن يتكلم معبرا عن رأيه أو ليصمت منزويا ومتجنبا عن كل ذلك آثرا السلامة ومتجنبا لسلبيات هذه المواقف وعواقبها .
وقد قالوا في الأثر ( السكوت علامة الرضا ) ولكني أقول السكوت أحيانا علامة من علامات الرفض والمقاطعة خصوصا هذه الأيام .
وفي مصرنا المحروسة عافاها الله وأدمل جرحها ونتيجة لما تمر به من أحداث سياسيه فاقت كل تصور انعكست بالفعل سلبيات هذه المرحلة من حياتنا علي جميع أوجه حياتنا المجتمعية وانتشرت البطالة بين شبابنا بصوره مخيفه , وأصبح الكلام في السياسة هو اللغة السائدة في هذه الأيام وأصبح الجميع مع اختلاف طبقاتهم وثقافتهم محللين سياسيين من الدرجة الأولي لما يجري من أحداث .
والغريب أن كل من تتحدث معه يشعرك ويؤكد لك بل ويحاول الفرض عليك بأن رأيه هو الأدق وهو الصائب , وأصبحت الحقيقة في هذا البلد لها الف لون ولون . وأصبحنا تائهين لا نعرف من علي صواب ومن علي خطأ أو نصدق من ونكذب من .
وجرب معي أخي الكريم وتصفح أكثر من صحيفة وستجد الأخبار والأحداث لها أكثر من وجه وستنتهي من القراءة وأنت مذبذب الفكر لا تعرف للحقيقة سبيل .
ومنذ ساعات قبل كتابه هذه السطور كنت جالسا أتصفح حسابي عبر الفيس بوك وقرأت ما أزعجني وأحزنني , قرأت أخبارا عده لا أعلم مصدرها منها ما يشير إلي قتل أحد زعمائنا الوطنيين لا قدر الله , ومنها ما يشير إلي قيام قواتنا المسلحة بعمليات تصفيه جسديه لبعض عناصرها من معارضي الانقلاب , وأنا كلي ثقة بأنها محاولات مسمومة وعفنه من قبل بعض العناصر التي لا تراعي حرمه هذا البلد الآمن , فهل يعقل أن تقوم قواتنا المسلحة بتصفية أبنائها جسديا وقد قال عنهم رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه ( إذا أنعم الله عليكم بدخول مصر فاتخذوا منهم جندا كثيرا فهم خير أجناد الأرض ) .
وقرأت أخبارا كثيرة مزعجه لا داعي لسردها , وقلت لنفسي إن الصمت في هذه الحالة هو طوق النجاة , فلا تعليق ولا مشاركه لمثل هذا النوع من القذارة والفتن لعلي بذلك علي الأقل من جانبي أحجب خبرا وأمنع وصوله إلي من يصدقه عن جهل ويساعد في نشر البلبلة والتمزق في أوصال هذا البلد الآمن .
وتعالوا معي نصمت قليلا وننصت لصوت العقل ونعمل في هدوء وكفانا ثلاثة سنوات كاملة منذ بداية ثوره 25 يناير إلي الآن من التخبط والانفلات وتدمير ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وأن تكون بداية هذا العام بداية العمل الجاد والدءوب فمصر لا ترفع لها قامة إلا بسواعدنا ونحن نملك العقول والأيدي المهرة في كل المجالات , وحتى نعبر بمصر شط الأمان , ونقي أبنائنا شر التشرد والحرمان .
بقلم
يوسف القاضي
[email protected]
لغة الصمت بقلم:يوسف القاضي
تاريخ النشر : 2014-01-05