تأثير العقل الباطن على الإنسان بقلم:ايمي الاشقر
تاريخ النشر : 2014-01-03
تأثير العقل الباطن على الإنسان


تحليل ودراسة / إيـــــمى الإشـــــقر

المقدمة :

إن للعقل الباطن دور قوى وفعال وبدرجة كبيرة جدا على شخصية الفرد وقدرته على التعامل مع نفسه وحياته ومستقبله وقرارته وعلاقته بالأخرين , ان للعقل الباطن دور قوى جدا فى تحديد درجة إتزان الشخصيه نفسيا وعصبيا وفكريا ايضا فى تحديد ان كان الشخص يحمل شخصية سويه ام لا , فعندما يكون العقل الباطن مشحون بأفكار سلبيه ومعتقدات خاطئه وتجارب سابقة سيئه يكون له تأثيركبير جدا فى علاقته بالأخرين وقدرته على اقامة علاقات إجتماعيه فى إطار الاسرة والمجتمع المحيط او الميل الى العزله والمعاناه من الرهبه الإجتماعيه , وفيم يلى تحليل لشخصية قمت بدراستها على مدار ثلاثة سنوات متتاليه وكان العقل الباطن لديها يلعب دور اساسى فى كل افعالها وردود افعالها وقرارتها ومشاكلها النفسيه والاجتماعيه مع نفسها ومع الاخرين .

الأعراض التى تعانى منها عينة البحث وتحليلها :

الصراع النفسى : كانت عينة البحث ( النوع ذكر – العمر 34 عام ) تعانى من صراع نفسى حاد يحيا بداخلها بين أرائها ووجهات نظرها المبنيه على اساس علمى وثقافى والأراء ووجهات النظر الخاصه بالأسرة التى لا اساس لها الا معتقدات خاصه قائمه على اساس سلبى جاهل , فكانت تعانى من اقتناعها بكل مايدور بعقلها وعدم قدرتها على تنفيذ تلك الاراء واضطرارها الى الانسياق خلف أراء ووجهات نظر الاسرة رغم اقتناعها الشديد ان افكار اسرتها خاطئه وليست على درجة الصواب التى تجعلها تتجاهل افكارها وتنفذ افكار اسرتها ولكن .. السبب وراء هذا الصراع النفسى هو العقل الباطن حيث قامت الاسرة ( الام – الاب ) بشحن العقل الباطن لتلك الشخصيه منذ الصغر بانها فاشله وكل افكارها خاطئه وهم فقط على صواب دائما وان تجاهلت ارائهم ووجهات نظرهم ونفذت وجهات نظرها هى سوف تفشل والنتيجه لن تكون مرضيه ابدا بالإضافه الى ان الذى لا ينفذ وجهات نظر( الاب والام ) يغضب عليه الله ويخسر الدنيا بوقوعه فى الفشل والاخره بدخوله النار وبالطبع من منطلق الخوف من الفشل وغضب الله وهو الخوف المخزن بالعقل الباطن منذ الطفوله تقرر تجاهل وجهات نظرها والانسياق الاعمى خلف الاسرة .

الوسواس القهرى : كانت عينة البحث تعانى من وسواس قهرى دائم وشك متواصل وسيئة الظن بشكل دائم فى كل من حولها , وكانت تحلل كل شىء باسلوب مبالغ فيه وتنسج قصه من خيالها من لا شىء مثل التركيز فى نظرات العين فى اى موقف عادى جدا ومعناه , تحليل كلمة بسيطه وغير مقصوده ووضع احتمالات لسبب قول تلك الكلمة والمعنى المقصود خلفها وبسبب هذا الوسواس دمر علاقته بشريكة حياته فكان دائم الشك فيها وفى سلوكياتها وفى حبها واخلاصها له كما حاول تدميرثقتها بنفسها واعطائها إيحاء انها مريضة نفسيه وتحتاج الى العلاج والتعامل معها على اساس اشياء ليس لها علاقه فى الواقع اطلاقا فكانت تعانى فى علاقتها به انه دائما يهينها بلا سبب ويشك فيها بلا اى سبب ويبنى قرارات بخصوص علاقتهما معا بلا اى اساس فكانت تشعر بالظلم الدائم لانه يتعامل معها على انها انسانه سيئه وشخصيه مخيفه وفى نفس الوقت هى لم يحدث منها اى شىء يستدعى كل هذا وانها تنوى الغاء شخصيته وتفرض هى شخصيتها على الاسره فيما بعد ... السبب فى هذا الوسواس هو ان اسرته شحنت عقله الباطن منذ الطفوله بان اسرته هى فقط التى تستحق الثقه لانهم ملائكه وطيبين اما اى شخص خارج نطاق الاسره فهو ربما يكون شيطان والسبب الاساسى وراء فشل علاقته بشريكة حياته وسوء تعامله معها كانت اسرته مسؤله بشكل كامل فكانت دائما تزرع الشك والافكارالسلبيه فى عقله من ناحية شريكة حياته وتفرض اشياء سوف تحدث فى المستقبل منها وعلى هذا الاساس نصحوه بان يدمر ثقتها بنفسها حتى لاتكون هى الطرف الاقوى فى العلاقه وبالفعل العلاقه بينهم انتهت والسبب الاساسى هو الوسواس الذى زرعته اسرته فى عقله بالإضافه الى عدم ثقته باللاخرين والمخزنه بالعقل الباطن منذ الطفوله والتى اصبحت تلك الافكار والشحنات السلبيه التى ليس لها وجود سوى عقله الباطن فقط اساس للشك فى الاخرين وعدم الثقه بهم .

الشعور بالضعف : ان تلك العينة كانت دائمة الشعور بالضعف من داخلها وتعانى من محاولة استضعاف الاخرين لها الذى لا وجود له على ارض الواقع وكانت تحلل اى موقف عادى جدا وطبيعى من الاخرين انه احساس منهم بضئالتها ومحاولة لاستضعافها والتقليل من قيمتها لم تكن تستطيع التعامل مع المواقف بمرونه وسياسه وبعقل كبير راجح يعى معنى كل شىء وعلى دراية بعقول البشر وتركيبة شخصيتهم ... السبب هو البرمجة العصبيه من اسرته لعقله انه شخص ضعيف وغلبان واى شخص ممكن يستهزء به ويسخر منه بالاضافه الى ان اسرته كانت دائمة السخريه منه امام افرادها وامام الاخرين مما جعل عقله الباطن مبرمج على انه ضعيف ومحل للسخريه واستهزاء الاخرين وهكذا يراه الاخرين لذلك كان يميل الى استخدام الاساليب العنيفه والألفاظ البذيئه فى الحديث والهمجيه وقلة الذوق فى التعامل مع الاخرين وكثير من السلوكيات السبيله ليوارى ضعفه خلف الهمجيه وسوء الادب وقلة الذوق على اعتقاد ان بهذه الطريقه سوف يراه الاخرين انسان قوى وعلى هذا الاساس إن احساسه بالضغف احساس مخزن فى عقله الباطن منذ الطفوله بواسطة اسرته وحقنها له بطريقة الإيحاء وسلوكياته وتصرفاته السلبيه هى مجرد اسلوب للدفاع عن النفس من شىء ليس له وجود الا فى عقله الباطن.

الخوف الوهمى من الفشل : ان تلك العينه رغم ثقافتها ورغم وضوح الصواب ( والذى يتمثل فى وجهات نظرها ) وتجلى الخطأ ( الذى يتمثل فى وجهات نظر الاسره وخاصه الاب ) امامها الا انها كانت تعانى من العجز التام عن القدرة على اتخاذ قرار وتهيب قوى جدا من الاقدام على فعل شىء ما رغم اقتناعها التام به وقلة الحماس فى التقدم نحو شىء معين ترغب فيه والخوف الدائم من الفشل كان هو السبب وراء تلك الاعراض والتراجع وعدم القدرة على التقدم نحو الامام ورغم ان تلك العينه لم يكن لها تجارب سابقه انتهت بالفشل الا انها تعانى من الخوف الحاد من الفشل والشىء العجيب انها كانت تترك الصواب وتنفذ الخطأ لان هذا الرأى الخطأ هو رأى اسرته التى يقع تحت تأثيرها .... السبب وراء هذا الخوف الوهمى هو اسرته التى كان هدفها الاساسى ان تجعله تحت سيطرتها الى الابد فعملت على برمجته برمجه عصبيه بانه اذا فعل اى شىء نابع من صميم عقله سوف يفشل واذا فعل اى شىء اسرته غير راضيه عنه سوف يفشل واذا لم ينفذ رأى اسرته سوف يفشل وان الصواب دائما والذى نتيجته النجاح دائما هو الرأى الذى تراه اسرته صواب بالإضافه الى انه تربى على انعدام الثقه بالنفس والتابعيه العقليه والفكريه والثقه التامه بالاسره وعقلها فقط وان الاب هو العقل المفكر ولذلك على تلك الشخصيه الثقه العمياء والانسياق الاعمى خلف رب الاسره وهنا سيكون النجاح اما العكس فهو نهايته الفشل وايضا تعرضه للتوبيخ والاستهزاء والسخريه من اسرته عند فعل اى خطأ جعله يفضل الانسياق الاعمى خلف اسرته حتى لو كانت خاطئه افضل من ان ينساق خلف عقله وتكون النهايه الفشل وايضا تحميله مسؤلية الفشل وتعرضه للتوبيخ والاستهزاء منهم , اى ان السبب يكمن وراء شحنات سلبيه مخزنه فى العقل الباطن وليس اسباب واقعيه جعلته يخشى الفشل .

الرهبة الإجتماعيه : عينة البحث هذه لم يكن لها اصدقاء , اصحاب او حتى اشخاص مقربين لها ومحل ثقه فى وسط الدراسة والعمل فيما بعد تتحدث معهم او تخرج للتنزه معهم فى اوقات الفراغ كانت علاقتها تنحصر داخل إطار الاسرة فقط تتحدث معهم وتتشاور ويجب ان يكونوا على علم بكل مايدور داخل عقلها او ما تتعرض له من مشاكل بخصوص العلاقه بالاخرين خارج حدود المنزل بهدف توفير الحمايه لها من الاخرين , فكانت تلك العينه تعانى من الرهبه الاجتماعيه والخوف وعدم الثقه بالاخرين والابتعاد عن تكوين علاقات بالاخرين لدرجة الميل الى العزله والحرص على عدم وصول اى شخص لدرجة انه يصبح صديق او صاحب ملازم بعض الاوقات ولكن العلاقات بالاخرين تنحصر فى حدود علاقات اسرته فلا مانع ان يتقرب من جماعه او اسره لها علاقه بوالده او بوالدته او باحد اشقاؤه ... السبب هو الخوف الوهمى الذى شحنته به اسرته من خلال الايحاء النفسى السلبى له منذ الطفوله وهى ان الاسره فقط هى التى تستحق الحب والثقه واى شخص اخر غير موثوق فيه والتقرب فقط يكون لافراد الاسره اما اى شخص اخر لايستحق وليس جدير بالتقرب منه وان القرب من الاسره هو الامان والبعد هو جحيم وشىء مرعب جدا لان هم فقط مصدر الامان له هم غطاؤه الذى يستره ويوارى عيوبه وحل لاى مشكله تواجهه اى ان الامان والثقه والراحه لن يجدها الا فى نطاق اسرته فقط اى ان الرهبه الاجتماعيه تعود لاسباب تكمن فى عقله الباطن مخزنه منذ الطفوله من خلال الشحنات السلبيه من اسرته التى هى هدفها الاساسى السيطره عليه بكل قوة وجعله بين اصابع يدها مدى الحياة .

الذكريات السلبية الحادة : الذكريات السلبية القاسية المخزنه فى العقل الباطن ولم يعد لها اى وجود الا به كانت سبب فى الانفعالات المبالغ فيها , ردود الافعال العنيفه جدا على افعال بسيطه جدا , ولان عينة البحث كان عقلها الباطن مكتظ بالذكريات السلبيه الحادة المتعلقه بكونها مصدر للأستهزاء والسخريه وشىء ضئيل وغير سوى بل مريض نفسى وهذا المرض النفسى الذى كان مصدر للمعايره والسخريه من الاخرين جعل عينة البحث صاحبة ردود افعال عنيفه جدا مقابل افعال بسيطه للغاية مما كان هذا الشىء يثير دهشة الاخرين واصابتهم بالذهول ... السبب ان عينة البحث كانت تتعرض للاستهزاء والسخريه بالفاظ مستفزه مثيره للغضب الشديد فى محيط الاسره مثل ..
( عبيط – اهبل – فاشل – متخلف عقليا ) وكانت هذه الالفاظ تقال لعينة البحث امام الاخرين مما كان يثير غضبها بدرجة عاليه جدا ولان هذا الغضب مازال مخزن فى العقل الباطن لذلك عند تعرض الشخصيه لموقف يوحى لها بالاستهزاء حتى لو كان من منطلق التهريج او لا يمت للاستهزاء بصله تنفعل انفعال قوى جدا وعنيف ليس له علاقه بالموقف ولكنه نابع من تلك الذكريات المخزنه فى العقل الباطن ويعكس مدى حدتها وقوتها .

الخلاصة : ان العقل الباطن بما يحتويه ومخزن به كان يلعب دور البطل فى حياة عينة البحث وعلاقتها بنفسها وبالاخرين وسبب اساسى للفشل فى إقامة علاقات سويه على المستوى الشخصى والإجتماعى .

الوصايا : على الشخص ان يجعل عقله يخضع فقط تحت تاثير العقل والمنطق والواقع والخبرات السابقه الإيجابيه ويتجاهل الخبرات السلبيه والشحنات السلبيه المخزنه بعقله الباطن حتى لا يجعل الماضى بسلبياته يدمر المستقبل ويحاول التشاور والاستفاده من اصحاب العقل والمنطق السليم واصحاب الخبرات السابقه الايجابيه والا يترك عقله فى يد شخص اخر يفكر له فربما يكون صاحب عقل غير سوى
ويكون تابعيته وانسياقه خلف هذا الشخص سبب فشله فى الحياة بكل جوانبها وعلى الشخص الا يكون سلبى يستسلم لهواجس عقله الباطن ويترك نفسه فريسه له بل بالعزيمه وقوة الإرادة يمكن التغلب على اى قوة اخرى حتى لو كانت قوة خفيه تكمن بداخل الانسان .

إيـــــمى الإشـــــقر