الشاعر الميت بقلم : عبير أيمن أبودية
تاريخ النشر : 2013-11-04
الشاعر الميّت
شعر : عبير أيمن أبو دية

لا فائدة من الدموع
التي تذرفينها على صورِ
الشعراء الراحلين ..
الوقت تأخّر
و العتمة بدّلت لمعتها الغامضة
بسوادٍ لا آخر له
يستدرج سجون الشعراء
إلى عينكِ ..
عينكِ تفاحة حيرى
بين التذكّر و الضحك
داخلة في غور
ملأى بالرغبة و الزجاج
و ظلّ خفيف
و ممر يضفي
إلى دارٍ من ضوءٍ وحيدٍ متكوّم
يجلس قبالة سورة مريم ..

هل تشترين الكتب ؟
هل تشترين الصور ؟
و الأغاني ..؟
و قلبي ؟
أغلق النافذة كل ليل عليه
أعيد المشاهد التي حرّكتُها كما كانت
ألمّ الروائح و الألفاظ الممنوعة
و أصاب بزهرة ..
انا لا أمشي بقميص أبيض
ولا بنيّة بيضاء في الشارع الواضح
أحاول أن أؤدّي دور الغباش
حتى لو نال مني الغبار
و خال أنّي حجر
حتى لو نال مني القلق
و أنا أقول للشاعر الميت : حبيبي ..
و أغنّي له أغنية من غير قصد .

أعرف أنّكِ جافّة
مثل مرآة
لا نرى فيها قصيدة
ما فائدة القصائد إذا ما وجدنا الرغيف ؟
ما فائدة المرايا
والوجه فزّاعة من خشب و نار
و الوجه مطفأة للحروب
و لا قبلة بلّلت نقشاً هنا أو هناك ؟
لا وقت للمرايا
لا وقت للقصائد
حتى يسمح العمر بظلّ
نتبادل تحته الأحلام
و زهرتان
نفتح حقيبة السفر المؤجّلة دائماً
و نفكّر بطريقٍ جديد إلى البيت ..


كلّ الشعراء لا يحملون سلاحاً
كلهم ماتوا و هم يحملون شجرة
أو قمراً
أو عصفوراً في دمه
كلّ الشعراء الذين بكيت عليهم
فاضوا بحنينٍ لا يُطاق ..
شربوا كل محيطات الدنيا
كي لا يجرحوا ضحكة أمام طفل
أمسكوا يدهم بيدهم
لفّوا طوق حمامٍ حول أعناقهم
كانوا سكّة حديد
أو جبالاً لا يتذكّرها أحد
كلّهم
ارتدوا قميصاً أزرق
التقط لهم صديق ما صورة
كتبوا قصيدة أخيرة
غزلوا فأساً
حفروا قبراً
تفسّخت ذاكرتهم
و انطفوا ...