قايين وهابيل ..بقلم: زياد هواش
تاريخ النشر : 2013-07-29
قايين وهابيل ..
ليس بالقتل وحده يحيى الإنسان .

لا أستند في ما أكتبه , على قصة قايين وهابيل القرآنية , من بعض قصص بني إسرائيل , أو من بعض قصص التوراة المقدسة يرويها القرآن الكريم , باعتبارها قصصا من تراث العبرانيين أو الموسويين أو الداووديين أو الأسباط , بل هي قصص إنسانية متشابهة , روتها الحضارات الإنسانية القائدة في بيئتها , بـ (تشابه بنية العقل الإنساني) في كل زمان ومكان , في رحلة بحثه (الفردية الخلاقة والجماعية الأخلاقية) , عن خالقه وتوحيده وتنزيهه , اكتمل في (اللغة العربية والقرآن الكريم) , (كتاب الله للناس جميعا , ولغة التوحيد) .

قصة قايين وهابيل في التراث البابلي , وقصة إيزيس وأوزيريس في التراث الفرعوني , شكلين أوليين من عبادتين بدائيتين , للذكر القائد (المجتمعات الرعوية ثم العسكريتارية) , والأم وابنها (المجتمعات الزراعية ثم المدنية التجارية) , في كل حضارة إرتقت , كقصة الطوفان العالمية , ونِسبت هكذا تراث إنساني توحيدي عقلاني متقدم , لشعب ومدينة ولغة وحضارة , هو بعض من أشكال (شعب الله المختار وفئته الناجية) , ولو على شكل هويات قومية أو عرقية أو جغرافية , هذا الشكل من قسر التاريخ , ليس أكثر من انغلاق وانعزال وغيتو ذكوري .

الحضارة السومرية والفارسية والآشورية , والحضارة الفرعونية , وحضارة بلاد اليمن , التي تقدمت بين متساوين إنسانيين أخلاقيين بُناة , بفلسفة التوحيد , وباللغتين العبرية أولا ثم العربية المتحدة معها في الجوهر , تلك الحضارة العظيمة , التي احتكت مع حضارة مصر في سيناء وعبر البحر الأحمر , ومع حضارات العراق في بلاد البحرين وجوارها , بنت سد مأرب وأقامت مجتمعا زراعيا مرويا , غاية في الإبداع الإنساني والتطور الخلاق , ترافق حتميا مع تطور لغوي وتكامل فلسفي توحيدي , سبقت فيه الجميع , بنتيجة ظروف البيئة المستقرة والامتداد التجاري .

أنا لا أسوق هنا لحضارة تتفوق على أخرى , ولا أقدم لغة على لغة , ولا أدعو لتفوق (شعب وليس عرق) على شعب , تلك هي القراءات الشيطانية , ولا حتى لدين توحيدي على أخر , ذلك هو الدخول في باب (الشرك بالله والتيه في توحيده وتنزيهه) , بل هي رؤية علمية لتاريخ البشرية المخلوقة من (مادة واحدة , بعقل واحد , وقلب واحد , ونعمة واحدة , وحواس متشابهة) , وذلك بغرض أخلاقي وحيد :
أن تراجع الناس هوياتها الصغيرة , وتخرج من ذلك (النادي الاستعماري والمحفل الوثني) .

من المؤسف بل من المُعيب والمشين فعلا , أن يدعي الكيان الصهيوني المُغتصب لأرض فلسطين , أنهم ورثة ذلك الشعب الإسرائيلي العظيم وتوحيده , وأن يدعي الكيان الوهابي المُغتصب لبلاد الحرمين , أنهم ورثة ذلك الشعب العربي العظيم ونبيه , وأن يدعي الكيان العثماني المُغتصب لأرض المسيحية التاريخية , أنهم ورثة أي حضارة أو حتى ثقافة على الإطلاق , أو أن يدعي أباء بل ورثة (جميع المُغتصبين) , الأمريكان المُغتصبين لأرض الهنود الحمر , أنهم ورثة روما والرومان ومجدهم العسكري المُنضبط , والديمقراطي العاقل , والقانوني الأخلاقي , والعُمراني الخالد .

تستند الكتب السماوية , على أساطير الشعوب , لتقدم منها العبرة , وتختصر هذه الأساطير الجميلة , كملحمة جلجامش , رحلة بحث العقل الإنساني المتوقد بفطرته , سعيا خلف تلك الأسئلة العظيمة .


زياد هواش

29/7/2013

..