رحلة مع التفكير .. بقلم: عصــام الكحلوت
تاريخ النشر : 2013-06-11
رحلة مع التفكير...
بقلم: عصــام الكحلوت

لم تعد لرؤوس الأموال والموارد المادية المجردة تلك السطوه في صناعة القيم العصرية للأفراد والمجتمعات ، بل صار العقل البشري هو الفاعل الرئيس فيها ، مشكلا من خلال ما يحويه من معارف وقدرات ومهارات ،سبيلا صائبًا للإدارة الحكيمة للمواقف في مختلف جوانب الحياة ، ولم يعد ثمة مجالا للشك في أن تعظيم تلك القدرات لا يتحقق إلا من خلال تنظيم وتطوير ما يمتلكه الإنسان من خبرات وإلمام بطرق وأنماط ومهارت إدارة ذلك المحتوى الهائل الأمر الذي يتحدد تحققه في الاستثمار الجيد لما يستقبله العقل البشري من خبرات يكتسبها خلال تعاطيه مع المواقف المختلفة كنوع من المكتسب العقلي عرضًا كان ذلك الاكتساب أم قصدًا .
لذلك كان موضوع التفكير ومهاراته وأنماطه وكيفية تطويره وتطبيقه في جميع المستويات الفردية والمجتمعية ، من الأمور الهامة جدا ، والمؤثرة في المجتمعات لأنها تؤثر مباشرةً في فعالية الأشخاص الممثلين للمجتمع والصانعين لموقعه ، لذلك وجب على الانسان أن يبحث عن تأطير نمط التفكير في عقله كنوع من احداث حالة من التحكم بالتفكير المقصود ومن هذا المنطلق يتوجب على الجميع البحث في كيفية تطوير وتنمية التفكير ، وإدارته بالكيفية المثلى لتعظيم فعاليته وتجاوز العقبات التي تعترض عمليات التفكير بمختلف صورها ، وحيث أن التفكير عبارة عن سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ تنتج عند التعرض لمثير يتم استقباله عن طريق واحدة ، أو أكثر من الحواس الخمس ، وحيث أنه مفهوم مجرد ينطوي على نشاطات غير مرئية وغير ملموسة ، أم مرئية كان لا بد من التعرف أولًا على ماهية التفكير وأنماطه وطرق تعلمه وتطويره .
ما هو التفكير ؟؟ وما هي مهارته ؟؟ وهل للتفكير نمط واحد أم أنماط عدة ؟؟؟
قدم العديد من المعنيين بالتفكير ودراسة العقل البشري وتنمية القدرات العقلية تعريفات عدة ،خاصة بمفهوم التفكير ، من هذه التعريفات :
يقدم التفكير على أنه عبارة عن عملية عقلية يستطيع الشخص عن طريقها عمل شيء ذي معنى من خلال الخبرة التي يمر بها ، ويعرف أيضا على أنه عمليات النشاط العقلي التي يقوم بها الفرد من أجل الحصول على حلول دائمة أو مؤقتة لمشكلة ما، وأنه عملية مستمرة في الذهن لا تتوقف أو تنتهي ما دام الإنسان في حالة يقظة ، كما يعرف البعض التفكير على أنه مهارة عملية يمارس بها الذكاء نشاطه اعتماداً على الخبرة أو هو اكتشاف متبصر أو متأنٍ للخبرة من أجل الوصول إلى الهدف .
أما مهارات التفكير ، فقد عرفها ويلسون على أنها تلك العمليات العقلية التي نقوم بها من أجل جمع المعلومات وحفظها أو تخزينها ، وذلك من خلال إجراءات التحليل والتخطيط والتقييم والوصول إلى استنتاجات وصنع القرارات .
ومن مهارات التفكير :الأصالة، الطلاقة ، المرونة ، تحمل المسؤولية ، تدوين الملاحظات ، التذكر ، إصدار الأحكام ، التصنيف ، تنمية المفاهيم وتطويرها ، الاستنتاج ، حل المشكلات ، ... وغيرها من المهارات العديدة.
حيث الأصالة هي : وهي تعني القدرة علي إنتاج أفكار أو اشكال أو صور جديدة متميزة فريدة وملائمة أو إبداع فكرة من خلال دمج عدة بيانات وتحليلها في العقل ، مثال : أن يستطيع المصمم الهندسي تصميم شكل معماري مناسب لمبنى معين .
و الطلاقة :تعني القدرة علي إنتاج أكبر قدر من الأفكار والصور والتعبيرات الملائمة في وحدة زمنية محددة، وهي تعني الانتاجية الفكرية الغير مرتبكة والقدرة على تقديمها أو وضع حلول لمواجهة أخطار معينة قبل فوات الأوان .
والملاحظة هي: مهارة جمع البيانات والمعلومات عن طريق واحدة ، أو أكثر من الحواس الخمس ، وهي عملية تفكير تتضمن المشاهدة والمراقبة والإدراك ، وتقترن عادة بسبب قوي ، أو هدف يستدعي تركيز الانتباه ودقة الملاحظة كالقدرة على ملاحظة التغير في نبرة صوت شخص معين عندما يكون خائف أو مرتبك.
أما التصنيف : ويقصد بها تصنيف المعلومات وتنظيمها وتقويمها ، وهي مهارة أساسية لبناء الإطار المرجعي المعرفي للفرد ، وعندما نصنف الأشياء فإننا نضعها في مجموعات وفق نظام معين في أذهاننا ، كالتصنيف حسب اللون ، أو الحجم ، أو الشكل ، أو الترتيب التصاعدي ، أو التنازلي وغيرها .
كذلك من مهارات التفكير المقارنة : وتعني المقارنة بين الأشياء والأفكار والأحداث وفق أوجه الشبه وأوجه الاختلاف، والبحث عن نقاط الاتفاق ، ونقاط الاختلاف ، ورؤية ما هو موجود في أحدهما ، ومفقود في الآخر كالقدرة على تقسيم عدد من المتدربين الى مجموعات على أساس قدراتهم العقلية .
وكذلك التفسير وهو : عملية عقلية غرضها إضفاء معنى على خبراتنا الحياتية ، أو استخلاص معنى منها . ونحن عندما نقدم تفسيرا لخبرة ما إنما نقوم بشرح المعنى الذي أوحت به إلينا من خلال فهمنا لمقتضيات الموقف .
و تنظيم المعلومات : وهي مساعدة المتدربين على تنمية مهاراتهم في البحث عن المعلومات ، وتجميعها ، ومن ثم تنظيمها ، لأن ما يتلقاه المتجرب من المدرب أو المعلم ومن خلال الكتب والمراجع لا يمثل في حقيقة الأمر سوى جزء من مصادر المعلومات .
و التلخيص : وهو مهارة التوصل إلى الأفكار العامة ، أو الرئيسة والتعبير عنها بإيجاز ووضوح ، وهي عملية تنطوي على قراءة ما بين السطور ، وتجريد وتنقيح وربط النقاط البارزة . إنها عملية تعاد فيها صياغة الفكرة ، أو الأفكار الرئيسة التي تشكل جوهر الموضوع .
والتطبيق : يعني استخدام المفاهيم والقوانين والحقائق والنظريات التي سبق تعلمها لحل مشكلة تعرض له في موقف جديد . ويعد التطبيق هدفا تربويا مهما لأنه يرقى بالمتعلم إلى مستوى توظيف المعلومة في التعامل مع مواقف ومشكلات جديدة .
والهدف العام من النشاطات التدريبية التي تستدعي التطبيق هو فحص قدرة المتدرب على استخدام الحقائق التي تعلمها على أرض الواقع .
و الترتيب : ويقصد به وضع المفاهيم ، أو الأشياء أو الأحداث التي ترتبط في ما بينها بصورة أو بأخرى في سياق متتابع وفقا لمعيار معين .
ويجدر الانتباه إلى أن عملية الترتيب ليست بالسهولة التي قد تبدو للوهلة الأولى ، فهناك الكثير من المفاهيم والأشياء التي تجمعها علاقة ، أو خاصية ما ، ولكن الفروق في درجة الخاصية ، أو قوتها طفيفة إلى الحد الذي يصعب معه ترتيبها وفق هذه الخاصية .
أما المرونة فتعني القدرة علي الانتقال الملائم من موضوع إلي آخر في سرعة وعدم التشبث بوجهة نظر واحدة ، ومن ثم فهي ضد الجمود والتعصب ولا تعني الانتقال العشوائي من موقف إلي آخر وبقدر ما تعني القدرة علي تغيير المواقف استجابة لعوامل موضوعية مثال : قدرة البعض على الإنخراط في عمل في مجال غير مجال التخصص في حالة عدم وجود عمل في مجال التخصص .
وإذا أردنا التطرق لأنماط التفكير فإنه من الممكن وصفها كمجموعة من الأداءات التي تميز الفرد وتعتبر دليلاً على كيفية إستقباله للخبرات التي يمر بها في مخزونه المعرفي ويستعملها للتكيف مع البيئة المحيطة . وقد صنفها البعض إلى أكثر من 30 نمط ، من أهمها التفكير الاستدلالي ،الناقد، الإبداعي ، العلمي و التجريبي .
* التفكير الاستدلالي : هو ذلك النمط من التفكير الذي يصل خلاله الشخص الى فكرة وليدة عن أفكار أو بيانات موجودة مسبقًا ومن أبرز مظاهره :
1- الاستقراء: وهو عملية عقلية يصل بها الشخص إلي قاعدة عامة أو تعميم من حالات خاصة أو جزئية ملاحظة أو تم التجريب عليها ، فهو أنتقال من الخاص إلي العام .
2- الاستنباط: وهوعملية عقلية تطبق قاعدة عامة أو تعميم علي الحالات الخاصة أو الجزئية فهو انتقال من العام إلي الخاص.
* التفكير الناقد والذي يعرفه (باير) على أنه "ذلك النوع من التفكير القابل للتقييم بطبيعته والمتضمن للتحليلات الهادفة والدقيقة والمتواصلة لأي إدعاء أو معتقد ومن أي مصدر من أجل الحكم على دقته وصلاحيته وقيمته الحقيقية "
وهو يعني قبول أو رفض فكرة معينة بعد ردها إلي مصادرها وتحليلها إلي عناصرها والكشف عن مدي دقتها وشمولها ، والتمييز بين ما تنطوي عليه من حقائق وآراء شخصية والتأكد من مدي أنساقها وعدم تناقضها ، وإقامة الدليل عليها .
* التفكير الإبداعي
هو ذلك النوع من التفكير الذي يكشف عن علاقات مستحدثة ويحقق حلولاً لمشكلات جديدة ويبتكر طرقاً وتصميمات غير موجودة من قبل ويستحدث موضوعات وصوراً فنية جديدة باعتباره الإدراك أو التنبؤ الذي لا يعتمد علي الغيب ، ولكن علي قراءة الأحداث وإيجاد العلاقات بينها ودراسة ما يمكن أن تسفر عنه في المستقبل فهو التنبؤ العلمي القائم علي دراسة الواقع والإحساس بملل ما أو عدم الرضي عنه ، ومن هنا يبتكر الفرد أسلوباً جديداً لحل مشكلة قائمة ويبدأ التفكير الإبداعي بالإحساس بالدهشة وتأمل الموضوع أو المشكلة أو الظاهرة، ويتطلب التفكير الإبداعي القدرة علي التعمق في دراستها ودراسة العلاقات بين جوانبها بطريقة غير تقليديه تعتمد علي الثراء المعرفي الذي يؤدي إلي بزوغ فكرة جديدة أو جهة نظر مختلفة عما هو موجود
* التفكير العلمي وهو ذلك النمط الذي يعتمد على الأسلوب العلمي أو وجهات النظر العلمية والحقائق الثابتة كقوانين تؤدي الى الوصول الى نتائج مثبتة ،مثل الواقعية والتربوية .
* التفكير التجريبي الذي يعتمد على التجربة والبيانات المأخوذة من الملاحظة العلمية والتي يتم خلالها تقديم عدة خطوات اختباريه وتكرارها للوصول إلى فكرة قابلة للتطبيق في مواقف عدة .
ومن أنماط التفكير الأخرى : التفكير المجرد والتحليلي والتركيبي والمادي والمطلق والمنطقي والفلسفي والابداعي والتشعيبي والاستنتاجي والاستقرائي والتأملي ، ...وغيره.
تعليم التفكير
تكمن أهمية تعلم التفكير في الإستخدام الأفضل والأكثر فاعلية للمعرفة والحقائق المكتسبة لدى المتعلم أو المتدرب بحيث يصبح بإمكانه بناء الأفكار والآراء المختلفة والدفاع عنها وفهم العلاقات. كذلك فإن تعلم التفكير يجعل من المهارات والتعليم الذاتي قائداً للمتعلم ، ويمكن أن نبرز هنا أهمية تعلم التفكير في تعريف الشخص بإمكاناته الحقيقية وكشف ما لا يدركه من قوى عقلية قد لا يدرك هو مغزاها بسبب عدم التنظيم وعدم الدراية بماهيتها و أهميتها.
ولتعلم التفكير طرق عدة من أهمها ما يلي :
1 – التفكير من خلال نقاط تفكير تجريبية معينة ، حيث يساعد هذا المتعلم في تطوير مهارات التفكير وتنظيمها ، قد تبدو هذه النقاط مباشرة في المواضيع المطروحة أو قد يتم استغلال الأحداث اليومية المختلفة في اختيارها كنقاط تفكير تساهم في نقاشها والتعمق في تحليلها كاحتمال حدوث أمر معين و واستنتاج موقف احتمالية تشير الى قدرات التفكير لدى المتدربين .
2 – الاستثارة من خلال التحفيز وتهيئة حالة من الرغبة في التفكير أو تكوين عادات عقلية ، وخلق مناخ يشجع المتدرب على استحضار أفكاره وإبداء أنماط سلوكية تفعل عملية التفكير حتى تصبح عادة تؤدي إلى فهم أعمق للمواضيع المحيطة وبالتالي إتخاذ قرارات أكثر دقة وأقرب للصواب ، ويتم ذلك غالبًا من خلال ابداء أهمية أنجاز أمر معين وغرس روح الرغبة وشحذ الهمم لدى المتدربين مما يساعد على تدفق الأفكار كتعبير عن قدراتهم على التفكير .
3- طرح أفكار واسعة ، و يمكن ذلك من خلال طرح مثيرات تفكير معينة تؤدي إلى وجود مجال للتفكير العميق والتحقق من الأمور بحيث يصبح المتدرب مفكر نشيط ومنظم بشكل دقيق يساعده ذلك على البحث والاستقصاء عن موضوعات أعمق وأكبر في حيّز معين ، وهنا يكون الهدف هو إيصال المتدرب إلى حالة من الإعتماد على النفس بحيث يكون قادرًا على إدارة التفكير وابداع مجالات جديدة للتفكير تتلائم مع واقعية مواقف الحياة المتنوعة .
4- ربط ما تمت معالجته من معلومات موجودة في العقل البشري بمواقف جديدة بحيث أن التطبيق من خلال الربط أو النقل للمعرفة وتفعيلها للمواقف الجديدة تؤدي أيضاً إلى العمق و تعلم المهارات التي ستصقل خبرات المتدرب وتعظم من فائدة المعرفة المخزونة بالعقل بحيث تعمق من مفهوم القدرة على التركيب في عقلية المتدرب .
5- تنمية قدرات المتدرب على إدارة الذاكرة التي يملكها من خلال تعريفه بماهية الذاكرة البشرية ( الطويلة – القصيرة ) الأمد ومعينات التذكر وتعظيم قدرته على استرجاع مخزونه المعرفي بما يلبي متطلبات الحياة المختلفة .
6- استثارة الرغبة في تحليل الأفكار لاستنتاج أفكار دفينة فيها لا تبدو واضحة ظاهريا رغم انها محتواه موجود ضمنيًأ ضمن تلك الأفكار المعلنة التي يحويها العقل البشري أو انها تبدو في بسبب عدم تنظيمها عدمية القيمة .
ما هي مقومات نجاح تعلم التفكير ؟؟؟
تتطلب عملية النجاح لتعليم التفكير عدد من العناصر الهامة هي :
أولاً – المدرب الفعال الحائز على ملكات المهارة في التدريب وإيمانه العميق بأهمية التفكير وإدارته وتطويره في حياة الناس عامة والطلاب والمتدربين يصورة خاصة ، و الإلمام بمهارات التفكير وما يستجد فيه كمجال تدريبي هام ، و التطبيق الفعال لحث المتدربين على استخدام مهارات التفكير من خلال الممارسة الفعالة سواء بطرح الأسئلة والمناقشات والتعبير اللفظي وغيرها.
ثانياً – الرغبة الجادة لدى المتدرب وإيمانه بأهمية تطوير التفكير ، بحيث يتفاعل مع المعرفة ويشارك في المناقشات والتطبيقات للوصول إلى التعمق الناتج عنه الحلول والقرارات والنتائج المستخلصة من عمليات التفكير، ويتم ذلك من خلال استثارة رغبة الطلاب نحو الموضوع .
ثالثاً – توفر المناخ التعليمي المناسب والبيئة والمشجعة لعملية التفكير وإثارته لدى المتدرب بتوفير جو تربوي يسوده الأمان وتقبل آراء الآخرين ووجود الفرص للتعبير عن أفكارهم واحترام قرارات الأغلبية ، والعمل في بيئة تفاعلية وتوفير المراجع ، تنوع الطرق المتبعة ،و مراعاة الحداثة في الأساليب والوسائل.
رابعاً – فرض نوع من التقويم وتنوع أساليبه وتمحوره حول ضرورة قياس ما تم تعلمه مما يؤدي إلى الانتقال للمرحلة التالية من عملية التفكير أو وضع خطة يتم التمكن من خلالها معرفة أوجه الضعف في العملية وتطويرها.
ماهي أبرز البرامج الخاصة بتعليم التفكير ومهاراته ؟؟؟
تم طرح العديد من البرامج لتعليم مهارات التفكير من قبل المهتمين بهذا المجال مثل برنامج البناء العقلي لجيلفوردGuilford والذي يركز على المهارات المعرفية للتفكير كالتصنيف والاستنتاج ، وبرامج تعتمد على الأنظمة اللغوية والرمزية كوسائل للتفكير ، أما المربي والطبيب "إدوارد دي بونو فقد طرح برامج لاقت انتشاراً في تدريس التفكير منها برنامج الكورت 1970 الذي يركز على أهمية تعليم أدوات محددة للتعامل مع المشكلات وحلها واشتق اسم البرنامج من الحروف الأولى لكلمات الجملة Cognitive Research Trust ، وبرنامج القبعات الست وبرنامج المفكر البارع. وفيما يلي سيتم التطرق لملخص برنامج الكورت الذي صمم لتعلم مجموعة من أدوات التفكير تسمح للمتعلم بالابتعاد عن نماذج التفكير المطبوعة في الذهن من خلال التسليم بأن التفكير مهارة يمكن تنميتها ومحاولة إدراك الأشياء بشكل أكثر وضوحاً وتحرراً وفي تطوير اتجاهات أكثر إبداعًا لحل المشكلات ليصبح المتعلم مفكر مبدع ، ولتتعزز لديه قيم التفكير العلمي والتشجيع على النظر بصورة موضوعية تجاه تفكير الذات وتفكير الآخرين.
ويتألف برنامج الكورت من ست وحدات مختلفة وهي على التوالي :
* كورت (1) توسعة مجال الإدراك ، وهو جزء أساسي ويجب أن يدرس قبل أي من الأجزاء الأخرى.
* كورت (2) التنظيم ، يساعد هذا الجزء على تنظيم الأفكار، فالدروس الخمسة الأولى تساعد على تحديد معالم المشكلة، والخمسة الأخيرة تعلم كيفية تطوير استراتيجيات لوضع الحلول.
* كورت (3) التفاعل ، يهتم هذا الجزء بتطوير عملية المناقشة والتفاوض ، وذلك حتى يستطيع المتدربين تقييم مداركهم والسيطرة عليها.
* كورت (4) الإبداع غالبًا ما نعتبر الإبداع موهبة خاصة يمتلكها البعض ولا يستطيع إمتلاكه ا آخرون، أما في كورت 4 فإن الإبداع يتم تناوله كجزء طبيعي من عملية التفكير، وبالتالي يمكن تعليمه للمتدربين وتدريبهم عليه، والهدف الأساسي من كورت 4 هو التدريب على الهروب الواعي من حصر الأفكار، وبالتالي إنتاج الأفكار الجديدة..
* كورت (5) المعلومات والعواطف ،في كورت 5 يتم تعليم كيفية جمع وتقييم المعلومات بشكل فاعل، كما يُقدم لكيفية التعرف على سبل تأثير المشاعر والقيم والعواطف على عمليات بناء المعلومات .
* كورت (6) العمل، تختص الوحدات الخمسة الأولى من الكورت بجوانب خاصة من التفكير، أما كورت 6 فمختلف تمامًا، إذ أنه يهتم بعملية التفكير في مجموعها بدءًا باختيار الهدف وانتهاءً بتشكيل الخطة لتنفيذ الحل .
ومن الجدير بالذكر أنه يمكن إستخدام مواد الكورت في التعليم للطلبة في جميع المراحل ابتداءًا من المرحلة الابتدائية حتى الجامعة ، وينتظر من برامج الكورت أن يكتسب المتدربين مهارات عدة أهمها احترام الذات واحترام الآخرين - الاستماع إلى الآخرين - الثقة في النفس- التفاعل الاجتماعي مع الآخرين - الإحساس بأهمية الوقت - القيادة والتفاوض - تغيير الكثير من العادات السيئة لديهم - تحسين بعض السلوكيات - بناء الشخصية - القدرة على التحدث والتعبير وإبداء الرأي - التعليم التعاوني وغرس روح الجماعة.
بعد هذا العرض المتواضع لبعض جوانب عملية التفكير يمكننا القول بأن التدرب على أحد أهم أنواع السلوك الإنساني وهو التفكير وأنماطه ومهاراته وكيفية تنميتها بطرق مبنية على الأسس العلمية والتربوية ،لا يمكن ان يكون سهلاً في البداية وقد يكون مساره بطيئاً وقد لا يكون متكاملاً لجميع جوانبه ولكن تدريجياً ومع مرور الوقت والمثابرة والعزيمة تضاف هذه المهارات لتصبح جزءاً من السلوك اللامقصود . وتصبح معالجة الأهداف والقرارات أكثر دقة بشكل تلقائي ، وسينعكس ذلك كله على حياة الفرد ومن ثم المجتمع بالايجابية ، لذلك كان ذلك يستحق بذل المزيد من الجهد لتصبح مهمة مشتركة من الأسرة والبيئات التعليمية تقود المتعلمين إلى المبادرة والاستفسار عن ما يحيط بهم والتعبير عن الموضوعات والقضايا والأحداث .