دون دعوة مسبقة كان العشاء فقير الزاد غنيٌ بالمحبة , فالعتبة كانت لي والدار لضيفيَّ الكرام ,صديقين عزيزين , مدرس و صحفي و فكرٌ إنسانيّ يوحدنا ووجهات نظر تجمعنا تارة و تفرقنا تارة أخرى و كلٌ تحت مظلة الودّ .
إنتهى العشاء و رحنا نتبادل الحديث , من هموم الغربة الى حنين الوطن مرورا بأحوال الجالية الفلسطنية حتى توقف قطار الحديث عند محطة الدين
محطة مكتظة بالركاب منهم من أسودت وجوههم و منهم من إبيضت وجوههم و منهم إمام و آخر شيخ و ذاك العلامة ينتظر أجراَ من الله و آخر من أمير المسلمين وآخرون يجاهدون في سبيل الله و غيرهم في سبيل المجهول , المحطة مكتظة و تذاكر الصعود الى الجنة توزع مقابل رؤوس و أشلاء الأبرياء بعلم أو بدونه , و غرفة حارس المحطة متصارع عليها و الحارس مطعون , مطعون و الجميع برئ من دمه ,لكنه يعالج بماء محبة مصدرها السماء و غيوم الخير فيها والشافي رب كريم فلا تيأس يا حارس المحطة رغم الألم ... أنت في رعاية الله
كان حديثنا ناقدا و مؤلماً لما وصل بنا الحال و كيف لا و معظم رجال الدين أصبحوا في ضلال و ضلال إلا من رحم ربي , لا أطلب عذراَ من أحد على وقاحتي مهما كان حجمها بعد أن أخبرني أحد ضيوفي أن أحد الشيوخ و في بيت من بيوت الله و في درس يقال أنه ديني طلب هذا الأخير من طلابه عدم التنازل عن الخط المستقيم إثناء سيرهم على الرصيف و على القادم التنحي للمسلم بحجة أنه كافر و الغلبة يجب أن تكون للمسلم حتى و إن كان على الرصيف و حتى لو كان المغلوب مسناً أو طفلاً صغيراً و لا بأس إن القيناه من على الرصيف إن رفض التنحي , عاش الرصيف , عاش الرصيف , و مات المسن و مات الطفل و مات المارة, فالولد المسلم قادم مختالاً فخوراً و يمشي في الأرض مرحا و نبي كريم جاءنا ليتمم مكارم الأخلاق و لو كان فظاً غليظ القلب لإنفظوا من حوله و ما وصلنا دين الرحمة و المحبة الى يومنا الأسود إلا إن أراد رب العالمين ..
أيها الأحمق .. أيها المعتوه , أيها الجاهل أتبحث في سبل نصرة الإسلام على الرصيف .. أين أنت من نصرة المسلمين في بلاد المسلمين أم تحسب نفسك فاتحاً لأرصفة الغرب .. أين أنت من تحرير أرصفتنا من الفقراء و المتسولين و المرضى .. أين أنت و أين نباحك لتوقظ ملايين المسلمين النيام في الكهوف ..
أيها الجاهل .. النفس و علمها و مكنوناتها , لو درست ذلك جيداً لعرفت مدى تأثير ما قلت على نفسية الأولاد .. أقل ما يمكن قوله أنك بجهلك جعلت منهم أطفال متعالون , عدوانيون لا تعرف الرحمة طريقاً الى قلوبهم , إنعزاليون في مجتمع غريب هم بأمس الحاجة الى أصدقاء يلهون و يمرحون معهم و غير ذلك الكثير .. الكثير.
أيها الأحمق لو كنت قد أخبرت طلابك بأن ديننا دين محبة و رحمة , دين سماوي فيه من الإعجاز العلمي ما يجعلنا نجتهد في البحت والعلم حتى نخدم البشرية و لا نفسد في الارض ونلغي كل إتهام لنا بالإرهاب و الجهل , لإجتهد الطلاب أكثر ونصروا الإسلام من خلال عقولهم و ليس من رصيف للمارة .. كم أنت جاهل . ..
أيها العاقل .. أيها الشيخ .. أيها الخطيب , أستحلفك بالله أن تنتبه جيدا لهذه الظواهر و لا تتهموا الغير بكرههم وعدم قبولهم لنا .. فكيف نكون يولى علينا ..
اللهم إحمي أطفالنا و المارة و الرصيف ...
بقلم حيدر الديراوي
الرصيف .. المكان الأخير لنصرة الإسلام في الغرب .. بقلم حيدر الديراوي
تاريخ النشر : 2013-04-17