إيران لم تزور اسم الأهواز!!!!
أبو هيام الأحوازي
لا أريد في هذا المقال إن انفي الأسماء الأخرى للاحواز بقدر ما هو محاولة لكشف الحقائق التاريخية قدر المستطاع و الرد على بعض الشبهات و الادعاءات الغير دقيقة عند البعض بما يخص التاريخ الأحوازي, من اجل كشف الحقائق التاريخية الصحيحة (باعتقادي) و تكريسها في أذهان أبناء شعبنا بدل الأسماء المزورة و المستوردة في تاريخنا العريق.
متى و كيف و لماذا سميت الأحواز؟
بعد تعرض عيلام و بابل إلى احتلال الأخمينيين قبل حوالي 2500 عام, قام الاسكندر المقدوني بغزو المنطقة و دمر الجيش الأخميني في "معركة انابيلا" و جزء ارض بابل و عيلام إلى دويلات و أمارات و انفرد العرب بالمنطقة و أطلقوا عليها اسم الأحواز نسبة إلى ملكيات قبائلهم لاقسامها. (الأحواز: جمع لكلمة حوز, و أصلها مصدر حاز بمعنى الحيازة و التملك و كان العرب يستعملون هذا اللفظ دلالة على تمليك الأرض دون سواها. و يشيرون بها إلى الأرض التي اتخذها فرد و بين حدودها فاستحقها دون منازع. كما كانوا يعدونها دلالة للتبعية الإدارية أو السياسية أو العشائرية بالنسبة للقبائل و الحواضر و الأمارات فيقال حوز فلان و أحواز تميم و أحواز....).
كثرة الأسماء للاحواز هي نتيجة لحالتين, الأولى ناتجة عن وجود دول و حضارات بمراحل مختلفة و معينة من التاريخ على ارض الأحواز, حيث سميت أربع ألاف عام قبل الميلاد بأرض عيلام لوجود حضارة عيلام على أراضيها التي استمرت لفترة طويلة من الزمن و بعد ذلك سميت بمملكة ميسان التي تأسست في القرن الثاني قبل الميلاد و كذلك سميت بإمارة المشعشعين التي تأسست في القرن الخامس عشر و إمارة المحمرة و.... و الحالة الثانية لوجود الاحتلال و الغزو الأجنبي لأراضينا حيث يخلِف الاحتلال أثار مدمرة مثل نهب الثروات و الآثار الحضارية و تزوير الحقائق التاريخية و تغير أسماء ألاماكن والمخططات الأخرى من اجل تكريس الاحتلال و فرضه كأمر واقع و من هنا وجد للاحواز أسماء أجنبية من أثار الاحتلال الإيراني مثل عربستان, خوزستان, شكرستان و الأهواز.
و الأحواز ليس وحده الذي له أسماء مختلفة ناتجة عن الحالتين المذكورتين أعلاه و على سبيل المثال و ليس الحصر, مصر تسمى ايجيبت, الجزائر تسمى الجيريا, المغرب تسمى موراكو و مراكش, هولندة تسمى نيذرلاند و نيدرلاند, ألمانيا تسمى دو?لاند و جرمانیة (?رمانیه ) و جرمني و...
و كما هو معروف إن السلطات الإيرانية زورت و مازالت تزور التاريخ و الجغرافيا و نهبت و ما تزال تنهب الثروات الحضارية و تجعلها إيرانية!! و تحاول و بشكل مستمر إن تغيير ديموغرافية المنطقة العربية بأسلوب مختلفة و بمخططات قريبة و بعيدة المدى. وغيرت الأسماء العربية إلى الفارسية و تمارس سياسة التفريس تجاه كل ما هو عربي بدءا من الإنسان الناطق بالضاد و مروا بالنخيل حتى وصولا لأسماء المدن و القرى و الحارات و الأزقة العربية.
قبل الرد على ادعاءات البعض التي تدعي الأهواز هو الاسم العربي و الأصيل لوطننا اذكر نموذجا و شهادة بما يخص التزوير و سياسية التفريس على لسان كُتاب الفرس أنفسهم حتى يكون شاهدا على ما يفعلون.
يقول "ری?ارد ?اتم" استاد علوم السياسية في جامعة "?تیزبور?" في ولاية بنسيلوانيا الأمريكية في كتابه المعروف باسم" القومية في إيران"( ترجمه احمد تدين إلى الفارسية) في صفحات 134-138 حول الأحواز: ... إن عرب الأحواز بعد رجوعهم إلى أحضان إيران (كما مذكور في كتاب "تاريخ خوزستان من الحقبة الافشارية حتى الحقبة المعاصرة" للكاتب موسى سيادت في الصفحة 775 المجلد الثاني) , نشؤ و تطور مصانع النفط و بعد ما تثقوا و أصبحوا من الطبقة المتوسطة في المجتمع بدء الشعور القومي يظهر عندهم و اغلبهم يتبعون القومية العربية و تلك الظاهرة أي تنامي الشعور القومي ستخلق مشاكل عدة لإيران. و نضال و مقاومة شيخ خزعل ألكعبي هو جزء ضئيل من ذلك التعقيد بالنسبة لإيران.
و من هنا شَخَص دكتور أفشار المعروف بعنصريته تجاه العرب في عام 1926م الإخطار المحدقة بإيران من قبل العرب في الأحواز و قدم حلولا و نصائح لهذه المشكلة حيث طالب بضرورة استئصال اللغة العربية في الأحواز و القيام بإعمال لتغير ديموغرافية المنطقة العربية بالهجرة و الهجرة المعاكسة من و إلى الأحواز. و هذه النصائح أخذها رضا خان بمحمل الجد و طبقها بعد احتلال الأحواز و هو يحمل نفس الفكرة العنصرية تجاه العرب.
يقول إبراهيم صفائي صاحب قصة حياة الجنرال زاهدي- نقلا عن عيسى صديق في كتابه ( ياد?ار عمر) حول تغيير الأسماء العربية إلى الفارسية: (تشكلت في الجيش مجموعة من الاخصائين و المثقفين بأوامر من رضا خان – وزير الحرب في عام 1301 شمسي و هم: حبيب الله نوبخت, ذبيح بهروز و العقيد علي رياضي بمساعدة فرج الله بهرامي السكرتير الأول, رئيس مكتب وزارة الحرب و ذلك من اجل تغيير الكلمات الأجنبية إلى الفارسية. و في عام 1302 شمسي تغير اسم عربستان إلى خوزستان(شكرستان) اسمه التاريخي كما ورد في منظومة "خسرو و شيرين لشاعر نظامي ?نجوي“ و يضيف الكاتب... و قامت وزارة الحرب باعلام ذلك الى وزارة الداخلية و من جهتها قامت وزارة الداخلية و ضمن رسالة رقم 12-17445 في شهر " دي لعام 1302 شمسي" بإبلاغ السفارات الأجنبية في طهران و السفارات الإيرانية في الخارج.)
و يذكر إبراهيم صفائي في كتابه" لورد كرزن في الخليج الفارسي" في عام 1304 شمسي)1925 ميلادي( و (استكمل ذلك المشروع في عام 1936 في ما بعد) من قبل نفس المجموعة الخاصة بوزارة الحرب حيث تم تغيير أسماء المدن و المواني من العربية إلى الفارسية و بالنحو التالي: عربستان إلى خوزستان, المحمرة إلى خرمشهر, عبادان إلى آبادان, الفلاحية إلى شاد?ان, الصالحية الى انديمشك و الحويزة الى هويزة حتى شملت كل اسماء المدن و القرى العربية.
إذن الفرس زوروا التاريخ و الأسماء العربية و هم يعترفون بذلك كما يذكرونها في كتبهم و مذكراتهم و لكن بعض الأحوازيين لا يريدوه إن يصدقوا ما وقع و هم في إصرارهم على تسمية الأسماء كما يريدها العدو باعتقادي يساعدونه في تكريس سياسية تفريس المدن من حيث لا يعرفون.
بعد هذه الشهادة الواضحة نريد نحكم العقل و المنطق بما جرى و يجري في الاحواز من سياسة تفريس و محاولة لطمس كل ما هو عربي و ما يتعلق بالعرب في الأحواز و نفكر و نسأل أنفسنا لماذا السلطات الإيرانية لم تزور اسم الأهواز إلى اسم فارسيا إن كان الاسم عربيا أو غير مزورا مسبقا؟؟؟
الحقائق التاريخية و العقل يشير على إن اصل الأهواز هو الأحواز الاسم ذات المعنى و الدلالة العربية و التاريخية و من هنا السلطات الإيرانية تغضب كثيرا لما تسمع إن الأحوازيين يرددون الأسماء العربية و الأصيلة لوطنهم و خاصة اسم الأحواز و المحمرة و الفلاحية و الحويزة و... . و الدليل الواضح على صحة الأحواز هو وجود مدينة الحويزة من نفس المصدر و المعنى لاسم الأحواز و تفريس الحويزة إلى هويزة و الأحواز إلى الأهواز هو خير دليل على هذا الأمر.
بعد الايضاح الموجز و التطرق الى بعض الامور اذكر استدلالات البعض في تبريرهم لاستعمال اسم الاهواز بدل الاحواز و الرد عليها:
اولا: تناقل كثير من الكتب التاريخية و الرحالة لاسم الأهواز:
هذا الاستدلال مردود عليه بالنقاط التالية:
1- اذا نريد ان نكون امناء في البحث و الاستنتاج العلمي الدقيق قبل الحكم على شئ و بشكل نهائي علينا ان نعرف صاحب الكتاب و المرحلة السياسية الذي عاصرها و انتماءاته السياسية و كذلك اصحاب المطبعة و مكان تواجدها و احتمال تأثيرها من قبل جهة ما.
2- ضرورة مراجعة كل الطبعات اذا توفرت لدينا الامكانية او مراجعة اكثرها و ليس الاستناد باالطبعة الاخيرة دون مراجعة الطبعات الاخرى, و مراجعة المخطوطات و الاسناد القديمة لان احتمال تزوير الكلمات و الاسماء في الطبعات المتأخرة وارد جدا و هذا ما فعلته و تفعله ايران في الكتب و الاسناد اينما وصلت يدها.
3- الرحالة لا يعرفون الحقائق التاريخية مثل ما هي لانهم غرباء و يسئلون عامة الناس و الناس تجيبهم مثل ما هو رائج في تلك المرحلة او اللحظة بالتحديد. و ربما البعض من الرحالة زار المنطقة في فترة احتلالها من قبل الفرس. ان كان حقا ذاكرين اسم الاهواز في كتبهم و مذكراتهم ؟. و لا ننسى مراحل المختلفة و الطويلة للسيطرة الفارسية على وطننا بدءا من عهد الاخمنيين بعد احتلالهم لعيلام و مرورا بالغزو الساساني للاحواز و وصولا لاحتلالهم في عهد البهلويين في القرن الماضي و في كل فترة احتلالية يمكثون في الأحواز لفترات طويلة و متفاوتة قبل طردهم و في كل مرحلة من الغزو يقومون بعدة مشاريع ومنها تزوير الأسماء و نهب الثروات.
ثانيا:اسم "الأهواز" هو عربي, لوجود “الـ" التعريف في بداية الاسم
هذا الاستدلال مردود عليه لأن:1- الـ التعريف في بداية اسم الأهواز هو مأخوذ من اسم الأحواز و الأهواز هو ليس أكثر من استنساخ من اسم الأحواز بتغيير حرف الحاء المهملة إلى هاء.
2- إذا كان و حسب ما يدعي البعض "الـ" هي دليل على عروبة الاسم إذا: الأرجنتين, الن?ال, ال?ن?و ( الزئير), ال?را?وای و المكزيك و.... كلها عربية و حسب هذا الاستدلال على أصحاب هذا الرأي المطالبة بتلك الدول!!!
ثالثا: إن أكثر أبناء شعبنا يلفظون الأهواز بدل الأحواز:
تعود أبناء شعبنا بتلفظ الأهواز هو بسبب سهولة استعماله فظل شائعا على الألسن من جهة و بسبب الاحتلال و السيطرة على الأحواز من زمن بعيد و لمرات عدة من قبل الفرس من جهة أخرى, حيث سيطروا الفرس على الأحواز( و إن كان في أكثر الأحيان اسميا) لأول مرة قبل قرون من ظهور و مجيء الإسلام و كذلك في مراحل أخرى من تاريخ الأحواز قد قاموا الفرس بمحاولات للسيطرة و إخضاع الأحواز إلى نفوذهم العسكري, السياسي و الثقافي.
و علم المنطق يقول ليس كل ما هو شائع يكون صحيحا و هناك أغلاط كثيرة و ضارة شائعة بين أوساط المجتمعات و على سبيل المثال الزواج من المحرمات شائع في بعض المجتمعات في الماضي و لا يمكن لنا إن نستنتج ذلك الأمر بأنه عمل صحيحا لأنه كان شائعا. و في عصرا الحديث و في مجتمعنا الأحوازي بالتحديد كما هو في كثير من البلدان المتطورة و المتحضرة استخدام المواد المخدر أو التدخين شائعا و رائجا بشكل رهيب رغم التحذير المستمر من الأطباء( و كثير من الأطباء هم يدخنون رغم معرفتهم بأنه مضر بالصحة و يسبب كثير من الإمراض و الإخطار الصحية) بأنه مضر بالصحة و قاتلا و هذا لا يمكننا إن نقبله عملا صالحا أو صحيحا بحجة إشاعته و رواجه في المجتمع.
ناهيك عن تزوير الأسماء و محاولة تجهيل الشعب بتاريخه و أسماء مدنه الحقيقية و محاسبة كل من ينطق بالأحواز بأنه خارج عن القانون و انفصالي على حسب ادعاءات السلطات الإيرانية. و لا ننسى تمسك جيل الشباب الواعي و الشجاع بكلمة الأحواز و رفضه للأهواز هي دليل على نضوج الشارع الأحوازي و تحديه لسياسة النظام الإيراني و مخططاته الإجرامية بحق التاريخ و الإنسان في الأحواز.
رابعا: يدعون إن اسم الأحواز ليس اسم تاريخي للمنطقة و يحددون ولادته في عهد حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق حيث يقولون إن حزب البعث في العراق هو من جاء بهذا الاسم !!!
و هذا الاستدلال إن صح التعبير, لا يستحق البحث أو التفكير في الرد عليه لأنه استدلالاً ساذجا و يعتبر استهزاءا بالعقل الإنسان الأحوازي و ناشئ عن عدم معرفة بالحقائق التاريخية, و من هنا يطرح السؤال على من يدعي بهذا الادعاء, هل الاستاذ شفيق الرشيدات الأمين العام لاتحاد المحامين العرب حين يستخدم الأحواز في كتابه "عربستان, الجزء العربي المغتصب" هو بعثيا؟ (للتوضيح سنة طباعة الكتاب 1967). و هل كان ياقوت الحموي الذي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي(القرن السابع هجري) بعثيا ؟ أو كان يعيش في زمن حكومة البعث في العراق؟؟!! يذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان حول الأحواز و الأهواز:
"إن الأهواز أصلها الأحواز و جمع كلمة هوز و أصله حوز, فلما كثر استعمال الفرس لهذه الكلمة غيرتها حتى أذهبت أصلها جملة و تفصيلا لأنه ليس في كلام الفرس حاء مهملة و إذا تكلموا بكلمة فيها حاء قلبوها هاء". مثلا يلفظون (الحويزة, هويزة و حسن, هسن و محمد, مهمد).
إن كان حقا كما تدعي أصحاب هذا الرأي بان الأهواز هو اسم عربي و اسم الحقيقي للمنطقة فلماذا السلطات الإيرانية حين غيرت كل أسماء المدن و القرى و الشوارع و المواني و الحارات من العربية إلى الفارسية لم تغير اسم الأهواز إلى الفارسية و من المعروف إن الأحواز هو العاصمة و اكبر مدينة في الأحواز الوطن, فهل تناست السلطات الإيرانية هذا الاسم و هل خافت من جهة ما, أو لم تغيره من اجل سواد عيون البعض؟؟ هل و ألف هل يطرح نفسه حول لماذا لم تغير سلطات الاحتلال هذا الاسم كما فعلت بالأسماء الأخرى ؟؟؟؟!!!!
و لماذا السلطات الإيرانية حين تسمع أحدا يقول الأحواز تغضب منه و تعتبره خائنا و انفصاليا و ما شابه ؟؟ أليس لأنه اسم حقيقي و تأريخي ؟ أليس لأنه يفصلنه عن الفرس و ما يدعون و ما ينطقون به لأنهم لا يريدون شيئا يفصلنا عنهم و إن كان هذا الشئ في النطق فقط ؟؟ فكيف إذا كان هذا الشئ الذي يميزنا عنهم هو اسم تاريخي و عريق و متجذر بعمق الزمن و الإنسان على أرضه.
أليس الفرس و حكامهم و نخبهم الحاقدة على كل ما هو عربي في الأحواز لم يقوموا بتزوير اسم الأهواز لأنه أصلا مزورا و المزور لا يحتاج إلى تزوير مجددا و خاصة إن كان هذا الاسم المزور يخدع و يوهم البعض بأنه اسم حقيقي للمنطقة!!!!.
المركز الإعلامي للثورة الأحوازية
www.alahwaz.org
إيران لم تزور اسم الأهواز!!!! بقلم:أبو هيام الأحوازي
تاريخ النشر : 2005-10-20