وقفة نبوية مع الحجامة الربانية.. بقلم محمد برهام المشاعلي
تاريخ النشر : 2013-03-07
وقفة نبوية مع الحجامة الربانية.. بقلم.. محمد برهام المشاعلي
لقد خلق الله الجسد وجعل له منهجا وأوامر ونواهي‏,‏ فالأوامر إذا فعلناها صح الجسد وإذا ابتعدنا عن النواهي صح الجسد أيضا، والرسول(صلى الله عليه وسلم) علمه من علم الله، روى الإمام أحمد عن ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ما أنزل الله (عز وجل) داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله. وفي قصة أيوب (عليه السلام) وشفائه بعد ما يئس منه الناس كلهم دليل على ذلك، ويكفينا في ذلك وصاية الملائكة لنبينا في الإسراء والمعراج"ما مررت ليلة أسرى بى بملاء من الملائكة إلا كلهم يقول لي: عليك يا محمد بالحجامة، وفي لفظ"مر أمتك بالحجامة"‏.‏
والحجامة لغة:كلمة (الحجامة) مشتقة من حَجَمَ وحَجَّمَ، نقول: حجَّم فلانٌ الأمر أي: أعاده إلى حجمه الطبيعي وأحجم ضد تقدم، فمن احتجم تحجُم الأمراض من التعرُّض له فزيادة الدم الفاسد في الأبدان يجعله يتراكد في أركد منطقة فيها ألا وهي الظهر، ومع تقدم العمر تسبب هذه التراكمات عرقلة عامة لسريان الدم العمومي في الجسم مما يؤدي إلى ما يشبه الشلل في عمل كريات الدم الفتية وبالتالي يصبح الجسم بضعفه عرضة لمختلف الأمراض، فإذا احتجم عاد الدم إلى نصابه وذهب الفاسد منه على عرف كثير من الناس ( أي الحاوي على نسبة عظمى من الكريات الحمر الهرمة وأشباحها وأشكالها الشاذة ومن الشوائب الدموية الأخرى) وزال الضغط عن الجسم فاندفع الدم النقي العامل من الكريات الحمر الفتية ليغذي الخلايا والأعضاء كلها ويخلِّصها من الرواسب الضارة والأذى والفضلات.
والحجامة على الريق أمثل كما أخبرنا به سيد الأنام، وفيه شفاء وبركة، وتزيد في العقل، وفي الحفظ، فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء، والجمعة، والسبت، ويوم الأحد، تحريا، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء، وضربه بالبلاء يوم الأربعاء، فإنه لا يبدو جذام و لا برص إلا يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء(حديث صحيح).
يذكر أن أول من عرف العلاج بالحجامة في العديد من المجتمعات البشرية هم الفراعنة في العام 3200 ق.م وقد ظهر ذلك جليا في رسومات مقبرة (توت عنخ آمون) وكذلك النقوش في معبد (كوم أمبو), بمحافظة أسوان جنوب مصر، الذي كان يمثل أكبر مستشفى في ذلك العصر. ويعتقد أن الحجامة انتقلت من الفراعنة إلى (المنونين) شعوب تعيش في مناطق جنوب أفريقيا، ناميبيا، بوتسوانا، وزيمبابوي وأيضا إلى السومريين الذين أجروها وفق طقوس خاصة في حماماتهم ومعابده، وعرفت الحجامة أيضا في الصين منذ 3000سنة ق .م لعلاج الكثير من الأمراض وكذلك في شبه القارة الهندية فلقد فصلت أدوات الحجامة بطرقها المختلفة في كتاب(الأيوربدا) ,الذي كتب باللغة السنسيكريتية القديمة ويعد هذا المرجع من أقدم الكتب في تاريخ الطب الهندي، وقد اعتبر (ساشرتا) أحد أكبر علماء الهند (100 قبل الميلاد) الحجامة أحد أهم العلاجات للأمراض الدموية، وفي عهد الإمبراطورية الرومانية كان يوجد 900 حمام عام, حيث كان يتخلص المستحم من الفضلات السمية والدم الزائد في جسمه بعد عملية الاستحمام, وقد كانت هذه الحمامات تقدم المطهرات القوية قبل إجراء الحجامة وبعدها, وقد برع الجراح البيزنطي (انيليوس) في إجراء التشطيب على المناطق القذالية External occipital protuberance (القذالية تقع في الوسط بين الأذنين من الخلف ويطلق عليها (القمحودة) الخلفية والأذينية الأمامية والصدغية لمعالجة الحمى, وما تزال هذه الطريقة متبعة شعبيا في بعض مناطق فلسطين وفي كثير من بلاد العرب.
مواضع الحجامة الطبية:
يتم عمل الحجامة من خلال ثلاث طرق‏,‏ أولها:‏ إثارة وتنبيه مناطق الألم، وثانيها‏:‏ تنبيه المناطق العصبية التي لها اتصال بالجلد أو بمعني آخر الوصلات العصبية المشتركة مع الجلد في مراكز واحدة‏.‏ كما في حالات القلب‏,‏ حيث يتم التنبيه في مناطق معينه في الكتف، والبروستاتا يتم التنبيه في أسفل الظهر حيث يكون الجلد مشتركا مع الأعضاء الداخلية في أماكن حسية عصبيه واحدة‏. والطريقة الثالثة عبارة عن استخدام ردود الفعل‏ (Reflexology) ‏حيث يتم التنبيه في أماكن معينه في الجلد فيحدث ذلك ردود فعل في الأعضاء الداخلية،‏ مثل تنبيه الغدد وتنبيه إفرازات الجهاز الهضم‏.
تجارب واقعية:
تحكي أحدهم قصتها مع العلاج بالحجامة في الصين فتقول: علمت بأنني مصابة بحالة من انسداد مسارات طاقة "كي". وهنا قامت إحدى ممارسات الطب الصيني التقليدي بالضغط على الجزء العلوي من أذني وأخبرتني بأن هذه الحالة التي أعاني منها نتجت جزئيا قبل آت بوقت قصير من انتقالي للصين، وقالت أيضا إنني أعاني من ركود في وظائف الكبد وضعف في القلب. وحتى تلك اللحظة، كنت قد اعتقدت أنني على ما يرام. واقترحت علي تجربة نوع من أنواع العلاج يعرف باسم "الحجامة بالأكواب" cupping لم أكن قد سمعت به من قبل قط قبل انتقالي لبكين، مع أني شاهدت آثاره على أجساد كثيرين هنا: دوائر حمراء على الأكتاف والأظهر العارية التي تبدو كوشم "تاتو مؤلم".
قبل عدة أعوام، أحدثت الممثلة "غوينيث بالترو" ضجة عندما كشفت فتحة فستانها المسائي عن صف من العلامات والندوب التي خلفها العلاج بالحجامة على ظهرها.
استخدام العلاج بالأكواب الدافئة في الولايات المتحدة:
وعلى الرغم من أن العلاج بالحجامة بالأكواب، قد أصبح أشبه بتقليعة في هوليوود، فإنه لا يحظى بقبول كبير بين عموم الجمهور في الغرب؛ إذ يشمل العلاج بالحجامة بالأكواب شفط السوائل من الجسم باستخدام أكواب دافئة عادة ما يتم تسخينها باستخدام عصا ساخنة، وتولد الحرارة داخل الكوب فراغا ما يؤدي إلى سحب الجلد لأعلى لمسافة بوصة (2.5 سم) أو نحو ذلك في محاولة لتحفيز الدورة الدموية وسحب السموم وتحفيز الجهاز اللمفاوي. وعادة ما يطبق هذا العلاج على الظهر، غير أنه يمكن أن يطبق أيضا على الظهر والساقين والأرداف، وتبلغ تكلفة جلسة علاج مدتها ساعة مع اختصاصي علاج بالحجامة بالأكواب نحو 55 دولارا، بحسب جيس ماكلين، مدير التعليم بالجمعية الدولية للعلاج بالحجامة، الكائنة خارج سياتل وعادة ما تتراوح تكلفة جلسة الوخز بالإبر التقليدية ما بين 70 و120 دولارا.
ويستطرد ماكلين إنه في حين يصعب تعقب شعبية الحجامة بالأكواب في الولايات المتحدة، فإنها المجموعة التي يشرف عليها شهدت "زيادة كبيرة خلال الأعوام القليلة الماضية" في التساؤلات والطلبات التي انهمرت من كل من اختصاصيي الرعاية الصحية والعملاء الراغبين في معرفة المزيد من المعلومات عن هذا الإجراء الطبي.
يقول ليكسينج لاو، مدير برنامج أبحاث الطب الصيني التقليدي بمركز الطب التكاملي بكلية الطب بجامعة ميريلاند، إنه بمجرد أن يتعرف مرضاه على أسلوب العلاج بالحجامة بالأكواب، فإنهم يفضلونه على الإبر المستخدمة في أسلوب الوخز بالإبر الصينية التقليدي.
ويعقب لاو بقوله، إنه قد شاهد الكثير من المرضى الذين قد "تحسنت حالتهم الصحية أو تعافوا بعد خضوعهم للعلاج بالحجامة بالأكواب". ويقول إن هذا الأسلوب على وجه الخصوص"مفيد في تخفيف ألم العضلات والعظام" الذي يصيب الظهر والرقبة والكتفين والأرداف.ويضيف "إنه يمكن استخدامه أيضا في علاج
اضطرابات مرضية داخلية، مثل المغص وألم المعدة أو القيء أو الإسهال أو ضيق التنفس أو الكحة".
ففي دراسة أجريت عام 2010 بتمويل من برنامج الأبحاث الرئيسي الوطني في الصين والمركز الوطني للطب البديل والتكاملي التابع للمعاهد الوطنية للصحة، 550 دراسة إكلينيكية في الفترة ما بين عامي 1959 و2008، في الصين بالأساس.
وكشف هذا التقرير عن أنه في حين أظهر العلاج بالحجامة بالأكواب "فوائد محتملة" في تخفيف الألم وفي علاج مرض الهربس النطاقي أو الحزام الناري Herpes zoster – shingles وغيره من الأمراض الأخرى.
تجاربي مع الحجامة:
استخدمت العلاج بالحجامة منذ أكثر من 10 سنوات وكانت معظم الحالات مكللة بالنجاح، على الرغم من أنني عالجت غير المسلمين بها، ويمكن استخدام 12 كوبا أو أكثر، وهذه الطريقة لا أحبذها أنا شخصيا لأن أكثر من 6 كاسات للجلسة الواحدة يعد أهم أسباب تشتت الجهاز العصبي، يحدث بأن يحمر الجلد داخل الأكواب استخدمت في العلاج أنواع الحجامة الثلاثة،( الجافة والمتزحلقة والرطبة)، وكانت نسبة الشفاء عالية مقارنة عن قبل في علاج: (الظهر والرقبة والكتفين والأرداف وعرق النسا(التهاب العصب الوركي، والصداع النصفي(الشقيقة)،الضغط المرتفع، وجع الرأس، والكدمات، والإصابات الرياضية، وفي علاج الكسل وكثرة النوم والخمول، والوقاية من الأمراض، وضعف المناعة وغيرها.
وتستحب (الحجامة) في: السابع عشر أو التاسع عشر أو الحادي والعشرين من الشهر العربي، والدليل حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر، أو تسعة عشر أو إحدى وعشرين.
وأخيرا: ضوابط الحجامة:
1- الحجامة بعد الأكل خطأ وممكن أن يحدث للمريض إغماء وفى هذه الحالة يرفع كاس الحجامة فورا ثم تجعله ينام على ظهره وترفع قدما آلي أعلى حتى يتجه الدم آلي الرأس وان تحضر له مشروب وليكن (ماء + عسل نحل)، وتكون الحجامة بعد الأكل بساعتين على الأقل.
2- في حالة مرضى سيولة الدم والسكر يستخدم الوخز بالإبر بدلاً من التشريط.
3- تساعد الحجامة مع المضادات الحيوية على مفعول سريع.
4- التشريط يكون بعيداً عن أماكن الشرايين والأوردة البارزة خاصة الدوالي الصغيرة في ظهر القدم أو اليد.
6- بالنسبة لمريض ضغط الدم المنخفض يكون التعامل معه بحذر ولا نضع الكأس في المنطقة القطنية.