نبوغ موسيقى و الاسطوانه البلاتينيه الثانيه !بقلم:وجيه ندى
تاريخ النشر : 2013-02-22
نبوغ موسيقى و الاسطوانه البلاتينيه الثانيه  !بقلم:وجيه ندى


نبوغ موسيقى و الاسطوانه البلاتينيه الثانيه !
وكان لتلك النبوغ الفنى ان تم منحه الاسطوانه البلاتينيه لنبوغه الموسيقى الفنان "محمد عبدالوهاب" موسيقار الأجيال الذي أمتع الكثيرين بعطائه الفني المتواصل لأكثر من نصف قرن من الفن الجيد والأصيل، والذي أثري الحياة الفنية والموسيقية في العالم العربي بأغانيه وألحانه، النشأة دينية وكان محمد عبدالوهاب راغباً في الاتجاه للفن منذ صباه، فقد ولد في حي باب الشعرية بالقاهرة في الثالث عشر من شهر مارس عام 1901، ونشأ في بيئة دينية حيث كان والده "محمد ابو عيسي " مؤذناً وخطيباً وقام بتحفيظه جزءاً كبيراً من القرآن الكريم في طفولته، ثم أُلحق محمد عبدالوهاب بكتّاب جامع سيدي الشعراني بناء علي رغبة والده الذي أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك، كما أن حبه للغناء والطرب جعله شديد الشغف بالاستماع إلي شيوخ الغناء في ذلك العصر مثل الشيخ سلامة حجازي وعبد الحي حلمي وصالح عبدالحي، وكان يذهب إلي الموالد والأفراح التي يغني فيها هؤلاء الشيوخ للاستماع إليهم وحفظ أغانيهم، ولم ترض أسرته عن هذا الاتجاه وكانت توجه له بعض العقاب والجزاء، لكن بعد فترة وجيزة قابل عبدالوهاب الأستاذ فوزي الجزايرلي صاحب فرقة مسرحية بالحسين والذي وافق علي عمله كمطرب يغني بين فصول المسرحيات التي تقدمها فرقته، وبالفعل التحق بفرقة فوزي الجزايرلي عام 1917 والتي تعتبر هي نقطة البداية والانطلاق لحياته الفنية. وغني محمد عبدالوهاب أغاني الشيخ سلامة حجازي متخفياً تحت اسم "محمد البغدادي" حتي لا تعثر عليه أسرته، إلا أن أسرته نجحت في العثور عليه وازدادت إصراراً علي عودته للدراسة، فما كان منه إلا أن هرب من سيرك إلي دمنهور حتي يستطيع الغناء، ولكنه طُرِد من السيرك بعد ذلك ببضعة أيام لرفضه القيام بأي عمل سوي الغناء، فعاد إلي أسرته بعد توسط الأصدقاء، وما كان من الأسرة إلا أن اضطرت للنزول عن رغبتها ووافقت علي غنائه مع إحدي الفرق وهي فرقة الأستاذ "عبد الرحمن رشدي" علي مسرح برنتانيا. وكان يغني نفس الأغاني للشيخ سلامة حجازي، وفي ذات ليلة حضر أمير الشعراء "أحمد شوقي" أحد عروض الفرقة وبمجرد سماعه لعبدالوهاب قام متوجهاً إلي حكمدار القاهرة الإنجليزي آنذاك ليطالبه بمنع محمد عبدالوهاب من الغناء بسبب صغر سنه، ونظراً لعدم وجود قانون يمنع الغناء أخذ تعهد علي الفرقة بعدم عمل عبدالوهاب معهم. بعد ذلك ونتيجة لإصراره علي تعلم الموسيقي التحق بنادي الموسيقي الشرقي "معهد الموسيقي العربية حالياً" في عام 1920 لرغبته في تعلم العزف علي آلة العود حيث درس علي يد الفنان "محمد القصبجي". كما تعلم فن الموشحات وبعدها أكمل دراسته بمعهد (جويدين) الإيطالي بالقاهرة، وقد عمل في نفس الوقت كمدرس للأناشيد بمدرسة (الخازندار)، ثم ترك كل ذلك للعمل بفرقة "علي الكسار" كمُنشد في الكورال وبعدها عمل بفرقة "نجيب الريحاني" عام 1921، والتي قام معها بجولة في بلاد الشام وسرعان ما تركها ليكمل دراسة الموسيقي ويشارك في الحفلات الغنائية، وأثناء ذلك قابل "سيد درويش" الذي أُعجب بصوته وعرض عليه العمل في فرقته الغنائية، وتعلم عبدالوهاب علي يديه التطور في الموسيقي العربية، كما عمل معه في روايتي البروكة وشهرزاد، وبالرغم من فشل فرقة سيد درويش إلا أن عبدالوهاب لم يفارق سيد درويش بل ظل ملازماً له يستمع لغنائه ويردد ألحانه حتي وفاة سيد درويش، بعد ذلك كان اتجاهه إلي التمثيل في السينما منذ بدايات السينما المصرية حيث يعد هو أول مطرب يظهر علي الشاشة في فيلم (الوردة البيضاء) الذي قدم عام 1933 إخراج "محمد كريم"، وبعد نجاحه السينمائي أنشأ شركة لإنتاج الأفلام تحت اسم (فيلم عبدالوهاب) وكان المخرج محمد كريم هو المدير الفني لها، كما عمل أيضاً في الإذاعة المصرية منذ عام 1934، وحظي عبدالوهاب علي شهرة واسعة من خلال عمله في السينما والإذاعة، كما لاقت أغنياته وألحانه نجاحاً جماهيرياً منقطع النظير. وقد تعامل عبدالوهاب كملحن مع الكثير من المطربين في مصر والوطن العربي منهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز وطلال مداح وأسمهان ووردة الجزائرية وفايزة أحمد ونجاة وشادية وغيرهم، كما تعامل مع كثير من الشعراء وعلي رأسهم أحمد شوقي والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة منذ صباه حينما رفض غناءه في الصغر لخوفه عليه، لكن فيما بعد رعاه أحمد شوقي واستطاع بفضله أن يلقب ب"مطرب الأمراء والملوك". تطور موسيقي ويعتبر عبدالوهاب أحد الأعمدة والركائز الأساسية التي اعتمدت عليها الموسيقي العربية والشرقية في تطورها حيث استكمل مسيرة تطور الموسيقي العربية التي بدأها مطرب الشعب سيد درويش، كما عمل علي المزج بين الموسيقي الشرقية والموسيقي الغربية والذي يعد سبقا له الفضل فيه، حيث أضاف الآلات الغربية إلي بعض الألحان الشرقية الأصيلة وبذلك اختلف شكل التخت الشرقي الذي اعتدنا عليه، كما أدخل بعض الإيقاعات والموازين المستحدثة علي الموسيقي الشرقية مثل الفالس والتانجو؛ مما أصبغ ألحانه وأعماله بلون مميز يختلف عن سابقيه. وقد حصل محمد عبدالوهاب علي الدكتوراة الفخرية من أكاديمية الفنون، ووسام الاستقلال الليبي عام 1955، وحصل علي الميدالية الذهبية من معرض كلولوز عام 1962، ووسام الاستقلال من سوريا عام 1970، وجائزة الدولة التقديرية عام 1971، ونيشان النيل عام 1973، ويعتبر هو أول موسيقي في العالم العربي وثالث فنان في العالم حصل علي " الأسطوانة البلاتينية" المقدمة له من مجموعة شركاتA M T ، وتضم الأسطوانة عمليه " في الليل لما خلي، دعاء الشرق "، وقد لقب ب "الموسيقار العربي الأول" من المجتمع العربي عام 1975، ولقب أيضاً ب "الفنان العالمي" من جمعية المؤلفين والملحنين في فرنسا عام 1983 . وقد وافته المنية في الرابع من شهر مايو عام 1991، بعد رحلة فنية امتدت لما يزيد علي نصف قرن من الفيض الغزير والعطاء المتواصل، والذي جعله واحداً من أكبر المساهمين في إثراء الموسيقي العربية بأعمال خالدة مازالت هي منارة لكل الموسيقيين الذين يودون السير علي نهجه ليس فقط في مصر بل في الوطن العربي أجمع. المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيــه نــدى 01006802177 [email protected]