يدور جدل عقيم حول الفرق بين الديمقراطية والدكتاتورية كأسلوب ، مع وجود اتفاق تام بين العقلاء بأن الفرق شاسع بين المفهومين ، وفي الفترة الأخيرة بدأت تظهر بعض الأصوات التي تتعمد الخلط بينهما نتيجة يأسها من النضال من أجل الديمقراطية وتسعى لتيئيس الأفراد منها وخاصة في المجتمعات المتخلفة . هذه المحاولات الفاشلة تختزل مفهوم الديمقراطية في التنظير والكلام في حين تمجد الدكتاتورية. وفي ظل هذا التشويش المتعمد من قبل الأنظمة الديكتاتورية التي تستخف بالتحول الديمقراطي وتعتبر ترفا وكل من يطرحه خائن من منطلق إدعائهم ولكن لابد من أن نذكر هذه الفئات بالفروق بين الديمقراطية والدكتاتورية : فالديمقراطية مسئول يراقب وقيادي يحاسب وصحافة تنتقد ، والدكتاتورية مسئول يهتف وقيادي يصفق وصحافة ترقص . والدكتاتورية هي زفة لاتنتهي وطبول لاتسكت ومزامير لاتتوقف ، والديمقراطية هي بحث دروس وعلم وخبرة وحوار ونقاشات . والدكتاتورية مجرد أقواس نصر تقام وأعلام تخفق وثريات تتدلي . والديمقراطية هي أسئلة واستجواب ولجان تحقيق في كل صغيرة وكبيرة ومبارزة أفكار تعرض علي العامة ، وهي أيضا أيدي تعمل وتنشئ وتكتب وتخطط ، بينما في الدكتاتورية الأيدي مشغولة بالتصفيق والعقول غائبة بالترهيب والضمائر هامدة بالترغيب ، وفي الديمقراطية مقاعد لآلاف القادة والمفكرين ، وفي الدكتاتورية مقعد واحد للقائد الأوحد والمفكر الأوحد يبرز اسمه وتختفي كل الأسماء ، تظهر صورته وتختفي كل الصور وهو الرقم وكل من حوله أصفار وهو اللسان وغيره الأبكم لا يتكلم وفي أحسن الأحوال ببغاء يردد ما يقوله لسان الدكتاتور. في النظام الديمقراطي المسئول يفكر قبل أن يقرر والدكتاتور يفرض رأيه علي الشعب لا يهمه رضي العامة أو سخطهم فهو قادر علي أن يخرسهم بالكرباح ويضعهم في سجن كبير اسمه المسئول الكبير الذي يتخفى في ظله ، الداخل إليه مفقود والخارج منه محظوظ.
وآخيرا لابد أن نعلم بأن الديكتاتور شخص خائف وهو أشبه بلص دخل بيتا يظل خائفا ويفزع من أي حركة ويتوجس من أي صوت حتي صوت طفل ، أما المسئول الديمقراطي مرتاح البال يفكر ويقرر مع مؤسسات المجتمع فهو مؤتمن علي حياته بسلوكه وفهمه ، ممتلئ ثقة بنفسه شجاع في مواقفه محبوب عند أهله.
وبعض هذه المقارنة بين مفهومي الديمقراطية والدكتاتورية سيضع المقارنة بين الدكتاتور القابض على أمور العمل ، والمرؤوسين المناديين بالديمقراطية والحرية . فنظام الدكتاتور الذي يمارس الأوامر والنواهي، بالتوازي مع تصاعد وتيرة المعارضة الديمقراطية والوعي الديمقراطي رغم السياج الحديدي الذي ضربه النظام الدكتاتوري .
وفي هذه المرحلة علينا نحن مناصري الديمقراطية الاستجابة أكثر من أي وقت مضى لمتطلبات العامة، وعلى القيادي أن يتفاعل أكثر مع قوى المعارضة والمنادين بالديمقراطية حتى يتمكن من الإضطلاع بدورهم في وظائفهم.
ومن أشد أمراض الدكتاتورية فتكا بالمجتمعات «النرجسية» الميؤوس من الشفاء منها لطبيعتها الفطرية ومهمتها الجذرية، وذلك داء لم يسلم منه من البشر إلا من عصم ربي!. ربما تتساءلون وما الشفاء من الدكتاتورية؟.. إن الشفاء من الدكتاتورية لا يتم إلا بالمزيد من الدكتاتورية لسحق الدكتاتور!
الفرق بين الديمقراطية والديكتاتورية بقلم على حسن السعدنى
تاريخ النشر : 2013-02-12
