الإخوان والجبهة والرَّدح النسائي!بقلم محمد إسماعيل سلامه
تاريخ النشر : 2013-02-01
للذين يطالبون بإسقاط الرئيس ، هذا الرئيس لم نستورده من الصين بضمان ، هذا الرئيس انتخبناه واسقاطه يعني اسقاط الشرعيه التي يمثلها إنتخابه ، صحيح أنه كشف عن مستوى متدنى ورؤى ضيقة تثبت فشل الإخوان المسلمين كحزب حاكم وهي تجربة لن تتكرر أبدا في وجهة نظري ، لكن ما تدعوا إليه الجبهه من إسقاطه يمثل الفوضى بذاتها ، كما يكشف عن رؤى مقابله على ذات المستوى من ضيق الأفق وإيثار المصالح ، وإستغلال الأخطاء لمكاسب سياسية وهذا ظاهر وواضح في مواقفها .
 
لهذا انصح من يشارك في الأحداث التي وصلت في عنفها للقتل ! أن يراجع موقفه جيدا لأن الرأي العام ضد إسقاط الرئيس وإن كان مستفزا بضعفه الذي فوجئنا به ، وضد مشاهد العنف وإن كان متفقا على بعض الإنتقادات الموجهه للإخوان ، ويثبت ذلك أن شعبية الجبهة ليست بأفضل من الإخوان وحتى الآن لم تثبت أنها بديلا وطنيا جيدا بل العكس تماما .
 
المرجعية الدينية ليس لها تمثيل حق في كل الرموز الموجوده فكفى متاجره بها من جهة أو تخويفا منها ي جهة أخرى ، وكذلك فإن رؤى ما يسموا بكتاب الصفوة ورموز الإعلام تصل في تطرفها اللا ديني تحت سماء ما يسمى بالدولة المدنيه إلى مستوى لا يتفق ونظام دولة علمانية اوروبية حديثه ، فزواج المثليين مثلا لم توافق عليه فرنسا الذي غرمت المنقبة غرامه فورية ! ( وكذا فإن اضطهاد المسلمين في أوروبا اليوم يثبت كذب ادعاء ديمقراطية الدولة المدنية الحديثه وبالأخص النموذج الأوروبي منها كفرنسا ) فبأي منطق يقال أن سعيهم إلى دوله مدنية حديثة وما يتم طرحه من رؤى لا يتفق ومباديء المدنيه من وجوب مراعاة عُرف الدولة ومبادئها الدينية وعاداتها . وهذا أساس لو لم يكن في إعتبار ساسة أوروبا اليوم لما اضطهد المسلمين هناك ، ولما أصرت فرنسا على رفض السماح بزواج المثليين ، وهو أمر يسمح به النظام المدني الذي يطالب به صفوة الكتاب في مصر اليوم للأسف .
 
وما يروج له الأسواني وغيره من مباديء العلمانية فقد كشفنا عورته في أكثر من مناسبة واتضح أن اللادين هو الجو المناسب جدا لكتابة وطبع ونشر أعمال من قبيل رواية عمارة يعقوبيان ثم طرحها فيلما سينمائيا ! هذه أقنعه مكشوفة ، وأما أن يقال أنه تعصب للدين ، أو إلباس الجماعات الدينية ثوب الإسلام دون غيرها ومن ثم تكفير الناس ، فهذا لا يقبله الناس ذلك أن تشدق هذه الجماعات وبالأخص الإخوان بالدين لا ينفي أن الدين نفسه لا يزال موصولا بالمجتمع مؤثرا فيه كمجتمع عربي - مسلم أو مسيحي - ولا يزال المجتمع ، يعرف بالعيب والأصول والحرام والحلال كل شيء تقريبا ، تاجر به البعض أم لم يتاجر ، استغله السياسيون أم لم يستغلوه ، الدين أصل هنا وسيظل إلى فترات طويلة كذلك .

فلا تقل لي أن الخلاص من جماعة ضلت الطريق ولا تزال تردد أن عملها لله وللدين يكون بالخلاص من ارتباط الدين الوثيق بالناس في مجتمعنا لأنه الأساس الذي تستند إليه تلك الجماعه وغيرها من كيانات دينية في المجتمع ، ولأن هذا الإرتباط يستغل في ذلك ، للتأثير على البسطاء ، أنت تدفع الباطل بما هو أشنع منه في البطلان . فما عليك إلا ان تبين للناس مدى ابتعاد الإخوان عن النهج الذي يدعونه من المرجعيه الدينيه وعدم اتفاقها والدين . ثم تقدم أنت حلولا تتفق وطبيعة المجتمع وأعرافه وأصوله التي اغلبها دينيه ، فلا علمانية ولا مدنية ولا أي نظام آخر سيتماشى مع افكار الناس إن تم فصله عن عقيدتهم التي لا يمكن تجنيبها في ممارستهم اليومية لأي نشاط ، ههذا المجتمع مختلف عن أوروبا وأصحاب الفكر المادي ، لن يكسبوا أي معركة في هذا الخصوص ، وجد من يتاجر بالدين لتنفير الناس منه أم لم يوجد .
 
ولا يخدعك رفض الناس لهذا الفصيل ( الإخوان ) بناء على أخطائه ، لتطرح أفكار لن يقبلها أحد ثم تتذمر من تأثير الإخوان وغيرهم مستغلين الدين في نفوس الناس . أغلب الرأي العام لا يرى تمثيل الدين بالإخوان ولا يعتبرهم مجموعه دينية ، لكنه في الوقت ذاته لن يتقبل أبدا مفهوم العلمانية أو اللادينية أو حتى الدولة المدنية بهذا الطرح الملتوي ومالم تستطع جذب الناخب الجاهل والذي ما تنفك تعايره بجهله وبأنه مُغيب و " خروف " ، وضحية التأثير الإخواني المصطبغ بالتدين ، فأنت فاشل بأكثر مما فشل الإخوان ، والسياسة ليست مجالك ، هذا سيّان كنت فيها كاتبا أو ناشطا أو حزبي أو موظفا عاما .
 
هذا الجاهل هو سبيلك لصندوق الإنتخابات ..  ( إذا كان ثمة نهج ديمقراطي ) ما لم يكن نهجك منصبا على نسخ الثورة واستنساخ الغضب الشعبي ضد بطش بوليسي سلطوي لثلاثين عاما ومحاولة فرضهما على تجربة ناشئه متخبطه كثيرة الأخطاء لتقذف أصحابها بغضب الناس ، أو كما في خيالك ، بثورة جديدة !
 
الناس لن تغضب ولن تنزل إلى الشارع بالأعداد التي كانت عليها في ثورة يناير من أجل ( سواد عيون ) كاتب يرى الكل جهله ويجب قصر الإنتخابات على المتعلمين والمثقفين ! أو سياسي لا يقدم رؤى يتفهمها المعارض للإخوان بقدر ما يقدم ردحا نسائيا في الإخوان كل يوم ولا يقدم حلولا ترضى البسيط والجاهل قبل المتعلم والمثقف .. فيضيف إلى رصيده السلبي لدى العامه نقاط تتخطى كثيرا ما اضافه الإخوان .

إن ظهور كيانات جديدة فجأة في المجتمع كشباب (البلاك بلوك ) مثلا ، أمر سمح به واقع فشل الحزب الحاكم والمعارضة في آن عن إحتواء غضب الشارع ، ورفضه للجهتين معا ً ، والدليل على ذلك ، أن ظهور مثل هؤلاء الشباب وبرغم العنف الذي أظهروه اتفق معه البعض وبخاصه الشباب وأيدوه ، وربما يكسبون أنصارا ومؤيدين لهذا النهج من العنف ، وما ذلك إلا إيذانا بسقوط شعبية كل من على الساحه السياسية بعد ان ثبت فشلهم وإصرار كل منهم توجيه الشارع توجيها سلبيا في مواجهة الآخر بدون تقديم حلول إيجابية أكثر تعقلا وقبولا من إسقاط رئيس منتخب مهما كانت أخطاؤه ، حلول تتفق وطموح رجل الشارع الذي تصدعت رأسه بهذا الردح النسائي اليومي من الجهتين معا ، الإخوان والجبهة .
محمد إسماعيل سلامه


--
http://mohamed-salama.blogspot.com/