مسلسل ناجي عطا الله في الميزان بقلم:فوزي الحاج
تاريخ النشر : 2012-08-21
  مسلسل فرقة ناجي عطا الله في الميزان

دكتور فوزي الحاج

كان هذا المسلسل من أكثر المسلسلات إثارة للجدل في السنوات الأخيرة  ما بين مؤيد ومعارض ، لذا كان لابد من التوقف قليلاً عند هذا المسلسل وحساب حسناته وعيوبه من وجهة نظر موضوعية للخروج برأي علمي تجاه هذا المسلسل المثير .

وكعادة النقد الإيجابي نقف أولاً عند حسنات هذا العمل :

أولاً: رمز بنك ليئومي المنيع إلى إسرائيل ذاتها ، فكما أمكن التغلب على جميع الموانع الإلكترونية للبنك والدخول إلى خزنته السرية وسرقتها ، فإن إسرائيل هي أيضاً قابلة للوصول إلى نفس المصير من تدمير كل مناعتها المصطنعة  والهالة التي تحيط بها نفسها ، وكان هذا الإحساس الخفي هو ما أمد المشاهد العربي بالمتعة الحقيقية في مشاهدة المسلسل .

 ثانياً : أظهر المسلسل بصورة واضحة وجلية ، ومنذ اللقطة الأولى فيه ، حالة العداء الكامنة داخل كل عربي وكل مسلم تجاه الكيان الصهيوني  الغاصب للآرض والطامع في خيرات العرب ، والمخطط لتدمير الأمة العربية سياسياً واقتصادياً ....إلخ

ثالثاً :عرض المسلسل ، ولأول مرة ، لكثير من الدول العربية ووقف عند مشاكلها ، فقد عرض للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وعرض للحصار المفروض على الشعب الفلسطيني فيه ، ثم عرض للمقاومة اللبنانية ، وعرض لقضية العراق وما فعله الاحتلال الأمريكي من تمزيق لهذا البلد ونهب لخيراته ، وتدمير لبنيته التحتية مشيراً لتبني البعض للمقولات الأمريكية في إثارة النعرات الطائفية .

وعرض أخيراً لمأساة الشعب الصومالي ومعاناته الشديدة من الفقر والجوع والتخلف بسبب النزاعات الداخلية بين أمراء الحروب .

رابعاً: أظهر المسلسل التضامن العربي على المستوى الشعبي بعيداً عن الحكومات ، وبيّن أن ما يجمع العرب أكثر بكثير مما يفرقهم .وكان المصري في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق محاطاً بالحب ومشاعر الأخوة الصادقة .

خامساً : أظهر المسلسل حقيقة العدو الصهيوني وبيّن النفسيات المريضة لليهود ، وإقدامهم على بيع كل شيء من أجل المال ، كما بيّن أن أسطورة الموساد   مجرد وهم صنعه الإسرائيليون كنوع من الردع المعنوي .

سادساً : اهتم المسلسل بالجوانب الأخلاقية والإنسانية أكثر من الاهتمام بالمال ، فرأينا أبطال المسلسل يتبرعون بكل هذه الملايين من أجل شعب الصومال البائس .

سابعاً : على خلاف الأعمال الفنية التي تهتم بالمتعة الفنية وتشويق المشاهد ، تبنى هذا المسلسل تقديم جرعة من الوعي السياسي دسمة جداً ، لجيل من الشباب يعاني من فراغ فكري ومعرفي مدقع ، وهذه عملية نادرة في الأعمال الفنية .

هذه أهم حسنات هذا المسلسل ، وإن كان هناك بعض الحسنات الأخرى التي لم نقف عندها .

أما المآخذ على المسلسل فهي كما يلي :

أولاً : ضعف المعلومات التي تخص البلدان العربية ، فعلى سبيل المثال تحدث المسلسل عن الأنفاق التي تربط غزة بمصر وقال إن طول النفق تسعة كيلو مترات ويحتاج الشخص إلى أنبوبة  أوكسجين وحليب وماء كي يعبر النفق ، ورأينا الفريق يضل الطريق ويتوه داخل النفق ، في حين أن طول النفق الحقيقي لا يتجاوز مائة متر ، وأن اجتيازه أسهل من اجتياز شارع رمسيس المزدحم بالسيارات والباعة وخلافه .

ثانياً : محاكاة اللهجات كان بعيدأ عن الأصل إلا في الحالات التي تم الاستعانة فيها بممثلين من الأقطار العربية ذاتها .

ثالثاً : اتسمت بعض المواقف التي تحتاج إلى دقة بالتسطيح  ، فرأينا –مثلاً – فرقة ناجي عطا الله تدخل وتخرج من إسرائيل بسهولة شديدة ، وغير ذلك من مشاهد حفلت بالتبسيط .

وأخيراً ، فإن حساب ميزات وعيوب المسلسل يظهر لنا أن هذا المسلسل من أفضل المسلسلات العربية ، وأن ما فيه من حسنات يجعلنا نغض الطرف عما فيه من عيوب ، بل ونتمنى أن تنتشر المسلسلات التي تنادي بالوحدة العربية وتظهر خطر الصهيونية والاستعمار الجديد على العرب جميعاً .

وعليه ، فلا بد من توجيه التحية لجميع العاملين في المسلسل ، بدءاً بالمؤلف وانتهاء بأصغر كومبارس ، وتحية خاصة إلى النجم الكبير عادل إمام الذي قاد هذا العمل الكبير .

 

                            دكتور فوزي الحاج

                            ناقد فلسطيني

[email protected]