جيش التحرير وخطيئة طارق الخضراء بقلم : صلاح صبحية
تاريخ النشر : 2012-08-21
جيش التحرير وخطيئة طارق الخضراء
بقلم : صلاح صبحية

حرّان العواميد ، خطيئة أخرى من خطايا رئيس هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني طارق الخضراء في سورية ، خطيئة يرتكبها طارق الخضراء لتكون تعبيراً صادقاً عن انعدام الرؤية الاستراتيجية لديه ، فالزج بكتيبة من كتائب جيش التحرير الفلسطيني في أتون الصراع السوري الداخلي هو زج بكل الشعب الفلسطيني في هذا الصراع ، لا نريد أن نعدد خطايا طارق الخضراء هنا ، بقدر ما نريد أن نشير إلى خطورة خطيئة حرّان العواميد ، وقبل ذلك نود أن نشير إلى الوضع التعبوي لجيش التحرير الفلسطيني في سورية ، فقوات جيش التحرير الفلسطيني في سورية ومن الناحية التعبوية العسكرية هو احتياط عام بيد القائد لعام للجيش والقوات المسلحة السورية ، ولكن هذا الوضع التعبوي لجيش التحرير في سورية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحالة الصراع العربي الصهيوني ، وبالتالي لا يزج به إلا في حرب مع العدّو الصهيوني كما حدث في حرب تشرين 1973 ، وأي زج لجيش التحرير في أي صراع آخر هو في خدمة النظام السوري وليس في خدمة الدولة السورية كدولة ، فمنوط بجيش التحرير الفلسطيني الدفاع عن سورية الدولة في حال تعرضها لعدوان خارجي ، وليس منوط به الدفاع عن النظام في إطار صراع داخلي سوري ـ سوري ، وبالتالي لا يمكن لقوات جيش التحرير الفلسطيني في سورية أن تكون طرفاً في الصراع السوري الداخلي ، وأن تقف مع طرف ضد طرف .
فحماية المحطة الحرارية في حرّان العواميد في ضواحي دمشق وفي ظل الصراع السوري الداخلي هي مهمة سوريـّة وليست من مهام جيش التحرير الفلسطيني ، فكيف يزج طارق الخضراء بقوات جيش التحرير في الصراع الداخلي السوري ، وهو يعلم علم اليقين أنّ ذلك سيؤدي إلى انشقاق في جيش التحرير كالانشقاق الذي حصل عندما تم الزج بقوات جيش التحرير في لبنان عام 1976 ضد المخيمات الفلسطينية وضد قوات منظمة التحرير الفلسطينية ، وطارق الخضراء يعلم أنّ ذلك سيؤدي إلى بلبلة في المخيمات الفلسطينية ، وهو يقصد ذلك ، ولا سيما أنّ الموقف الفلسطيني العام في سورية تحديداً هو التأكيد على الحياد الفلسطيني من الأزمة السورية الداخلية ، وبالتالي إفقاد المخيمات الفلسطينية أمنها وأمانها الذي سهر عليه الفلسطينيون منذ بداية الأزمة السورية ، وإدخال المخيمات في دائرة النار السورية .
فكيف لا يدرك رئيس هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني طارق الخضراء خطورة ما أقدم عليه ، أو خطورة استجابته لأمر تعبوي عسكري سوري خاطىء ، وكيف لا يدرك طارق الخضراء أنّ ما أقدم عليه هو عبث في كل المخيمات الفلسطينية في سورية ، هذه المخيمات التي آلت على نفسها إلا أن تكون شبكة أمان اجتماعي لساكنيها ولمن يلجأ إليها من الإخوة السوريين الفارين من القتل والدمار ، أم إنّ طارق الخضراء يريد للدم الفلسطيني أن يكون شاهد زور على ما يجري في سورية ، أما يكفي طارق الخضراء دماء أفراد جيش التحرير الفلسطيني من مخيمي النيرب وحندرات في حلب والتي سالت على أرض سورية زوراً وبهتاناً واعتداءً ، ولم يتعلم طارق الخضراء الدرس ، وكأنّ الدّم الفلسطيني رخيص لدرجة أن تكون قيمته صفراً لديه .
وعندما ارتكبت المجزرة بحق أفراد جيش التحرير قبل شهر ونصف أكدت جماهير شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجدها وعلى كافة المستويات بأن قتلهم كان رسالة إلى كل الفلسطينيين ، أياً كان موقفهم من الأزمة السورية ، وأولى هذه الرسائل إلى رئاسة هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني بأن تنأى بنفسها عن التدخل بالشأن السوري ، حتى ولو كان جيش التحرير الفلسطيني يشكل احتياطاً بيد القائد العام للجيش والقوات المسلحة السورية من الناحية التعبوية ، وأن يحافظ جيش التحرير على صفته الوطنية الفلسطينية ، لأن ما يجري على الأرض السورية ليست حرباً يشنها عدوُ خارجي حتى يكون لجيش التحرير دور فيها ، وإن ما جرى من اغتيالات لعدة ضباط في جيش التحرير لأسباب لا تجهلها قيادة جيش التحرير ، يجعل قيادة جيش التحرير تعيد النظر في الأمر التعبوي اليومي إلى كل مرتبات جيش التحرير .
واليوم وأمام الخطيئة التي ارتكبها طارق الخضراء بإرسال أفراد جيش التحرير إلى حرّان العواميد ، فإنّ جماهير شعبنا على حق وهي تدعو إلى التراجع عن هذه الخطيئة ، وإقالة طارق الخضراء من مهامه ، لأنه أصبح يشكل خطراً على الوجود الفلسطيني في سورية ، وإعادة النظر بدور جيش التحرير الفلسطيني وأن يأخذ مهامه كمدافع وحام ٍ للمخيمات الفلسطينية في سورية ، لأنّ جيش التحرير من الممكن أن يكون هو المتفق عليه فلسطينياً في حماية المخيمات الفلسطينية من أي خطر يمكن أن تتعرض له من أية جهة كانت ، فهل يدرك طارق الخضراء مهمة جيش التحرير ويسحب أفراده من حرّان العواميد ويضعه في حماية شعبه محافظاً بذلك على حيادية المخيم الفلسطيني ويباشر فوراً إلى البدء في أخذ الدور الحقيقي له .

20/8/2012 صلاح صبحية