لم يعد وطن /قصة بقلم الكاتب بدوي الدقادوسي
*********
حين أيقنت أن الوطن الذي عاد بعد الثورة لم يعد وطنا بل ابن جميل سجن في شبابه وظلت عائلته تحلم بعودته ولما عاد كان شخصا ثانيا غير الذي عرفوه بلطجي حشاش يحمل كل أخلاقيات المساجين قتل الكمد أمه -هنا جف حلمي الأخير على شرفة وهن الأمس
روحي استعدت للرحيل ذهبت إلى محطة العمر في أقاصي حدود الذات
تلك المحطة الهادئة التي تكاد تخلو إلا مني جلست محزما حقائبي للسفر الأخير
‍وبالنظر إلى عمر المحطة فهو يشير إلى المشيب
خيال..ما مر من هنا ومزق رسالة من الماضي مبعثرا وناثرا
أجزائها على عتبة النسيان أبقى منها الفكر
.التقطتها استجمعت البصر الذي خالطه قليل من ضباب الوقت
كتب عليه الألم تمتمت ساخطا هاهو يسكنني هذا الوطن أخرجت قلما

كتبت بخط متعرج الو داع خيم صمت غريب / موجع وتردد صدى الكلمة
على مسامع الحقيقة الوداع..الوداع..الوداع
كانت هذه الكلمة نداء لشيء قد حان
.أدركت أنه شيء صعب تجاهله مع انحسار العمركُتب عليه بأحرف أشبه بالرموز كأن من كتبها يؤثر الكتمان أسهبت النظر إلى سماء المغفرة وأرخىت السمع إلى تراتيل الملائكة
فجأة أحسست بنبضي الأخيرفارق الحياة وعلى قلبي ابتسامه من وله..فارقت روحي الحياة ومازالت أشعر بألم ومازاد من ألمي أن جميع القنوات بثت صورتي على انه خائن وعميل