المحتال الصغير بقلم الشاعر زياد محمد حسن .
تاريخ النشر : 2012-08-09
استدعى أنفاسه حين أغلق اللحن وجهه
بالشال الأبيض ، تعثر بها بابه الموصد
بدفقة البحر ، لكنها تتماوج لناظريه كعالم ٍ
من الملح ، ورغم ذلك لا تذوب في دمعة
ولا تحترق في البرد المتوحش .

قريبة هي البعيدة ، باردة في ذات نهار
مشمس ، خطواتها الأولى بكبر ، بزهو ٍ
يترجل بثبات يدعو الرجل إلى الإستفزاز
أحيانا ً ، خطواتها الأخرى تفرش الندى
للأقمار ، وتفتتح الصباح بضجيج عابث .

اختفت منذ عدة أعوام ، جاهد الفرح
الميسور بالحزن الصاخب وهو يبحث عنها
، في حجرة نومها لازالت دميتها الصغيرة
تدوي ّ فوق رفوف الكتب ، أمها الوحيدة
هي الوحيدة ، عالمها الكبير هو ذاك
الشاطئ المنهوك بحبل الوصال الوحيد ،
الكل ينتشل سمارها الأبدي إلا امها ،
غريمتها الودودة التي تطرد الناموس
عن أنفها الصغير وهي نائمة .

بعد رأفة وجيزة من الزمن ، انتفضت ْ
منشآت الأدعية والتقى بها مرة أخرى
أمامه ، خضراء تتسل إلى جفافه ،
سمع صوتها وهي تغني بضآلة المكان
واتساع الممرات الضيقة ، تتفحص
الوجوه تباعا ً ، تقفز بالحلم في كرة
من القماش ، تستدرك تلك المساحة
الملاصقة للأوراق التي سقطت ْ من
مدة بعيدة ، عاد صوتها بعد أن توسل
لها الحزن بالبقاء ، تيقنت ْ انها هي ،
تلك الطفلة المغامرة المشاكسة التي
تستحوذ على اهتمام الصدمة في
ملامحها المتناسقة ، سمع صوتها
وهي تغني وكأنها عائدة من تدريب
عسكري _ صوتك بيجنن .

نظرت إليه وهي توازن حركتها بالأمان
قائلة بسخرية _
أهذا أنت أيها المحتال الصغير .

دنا نحوها وكأنه أخطأ فقدف طوبة ،
استرسل شعرها في بئر خالية
من الماء فضغطت ْ على فرامل الذاكرة
أمام اشارة المرور بينما يتقدم نحوها
ويطرد الناموس عن أنفها وهي نائمة ،
تتسارع اليقظة كأنما تهبط من على سور
وتطبق على أصابعه قائلة _ أمي !!


.