بغض النظر عن الموقف من تجسيد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين و بغض النظر عن النظرة العاطفية تجاه حبيبنا الفاروق رضي الله عنه، لكن فقط كمجرد مشاهد و لست خبيرا أيضا في النقد الفني أو غيره؛ فما يمكن أن نتعلمه من مسلسل "عمر" و أداءه الضعيف حتى الآن رغم الميزانية الكبيرة و المجهود الكبير هو أن مصطفى العقاد رحمه الله كان عبقريا عندما تناول القصة بحد ذاتها و ليس شخصا و نجح رغم تصدير الممثل الذي لعب دور حمزة رضي الله عنه كبطل للفيلم كاستحقاق اخراجي و فني الخ .. في جعل النبي صلى الله عليه و سلم رغم انه لم يظهر بطل القصة بامتياز و هذا ما يجب ان يكون.
هنا تتجلى عبقرية مصطفى العقاد رحمه الله و المقارنة واجبة و اوتوماتيكية بين أي عمل عن نفس القصة و "الرسالة" حيث شكل الرسالة مرجعا قياسيا اجباريا، ليس لأنه الفلم الأول و لكن لأنه تحفة فنية راعت كافة العناصر العاطفية و التاريخية و "الرسالة" من خلف الفلم نفسه الذي اسلم الكثيرون بعد ان شاهدوه كما نعلم.
أول مقارنة تلقائية ستكون مشهد دخول حمزة رضي الله عنه .. و مشهد دخوله في مسلسل عمر .. لا مقارنة اطلاقا بين المشهدين و قد يقال ان المسلسل ليس عن حمزة رضي الله عنه و لذلك لا يجب التركيز على الاضاءة على هذه الشخصية لصالح بطل المسلسل عمر !! و هذه كارثة بحد ذاتها راح ضحيتها .. من لعب دور سيدنا ابو بكر رضي الله عنه حيث يظهر مجرد كومبارس !! و المشكلة ان ممثل عمر نفسه يفتقد الى الكاريزما و قدرته على الالقاء ضعيفة و لا يتغير شكل القاءه لا غضبا و لا جدلا و لا مزاحا (اقتبس من أحدهم) ..
فمشكلة العمل واضحة ان الصحابة رضي الله عنهم لم تكن تهمهم صورهم بقدر القصة نفسها و الرسالة نفسها و كانت كاريزماتهم متكاملة و مصدرها نفس المصدر هو الاسلام و معلمهم صلى الله عليه و سلم .. و محاولة " تبطيل" احدهم في مسلسل خاص اي جعله بطلا تضعف المسلسل عندما يرى المشاهد "صحابة" كبار مثل ابو بكر مثلا حسب المسلسل يروحون و يجيئون و لا يشعر بهم و لا بكاريزمتهم احد !! و هذا لم يغفله العقاد رحمه الله حتى مع ممثليه للصحابة قبل الاسلام حيث اعطى لكل كاريزماه ..
و هناك الكثير من الملاحظات حول المسلسل هي مصدر لعدم الراحة اثناء مشاهدته او على الاقل غياب التشويق عدا عن الملاحظات اعلاه:
- مشهد ممثل دور عمر اشعث اغبر عجوز ينظر الى ماضيه نادما بين كل مشهد و اخر !! ما المقصود منه؟
- التبرير لوحشي الحبشي و كونه شخص برغماتي و ميكافللي و تبرير جريمته التي رغم اسلامه ظل النبي صلى الله عليه و سلم لا يحبه كما يقول وحشي رحمه الله
- الاساءات و السخرية من المسلمين بعكس فيلم الرسالة العبقري لا يتم الرد عليها بل المخرج و الكل محايدون و يتركون للمشاهد ان يغضب و يستفز وحده (و ما سيغضبه اكثر تفكك المسلسل) لكن في فيلم الرسالة كان يضع اية او ردا بصوت محمود ياسين على كل سخرية او شتيمة على النبي صلى الله عليه و سلم و اصحابه
- مشهد اسلام عمر لم يهزنا كما هز مكة في الحقيقة وقتها !! كان مثيرا للشفقة مع انه يجب ان يكون اهم لحظة على الاطلاق في المسلسل .. و الى جانب مشهد هجرته هو قمة التحدي في حياة الفاروق رضي الله عنه و بعدها كانت الرحمة صفته مع المسلمين .. بل مر المشهد مرور الكرام تقريبا
و الكثير من الملاحظات الأخرى التي تفوتني و هي مصدر عدم راحة كمشاهد استمتع بفيلم الرسالة و مع ان المسلسل يحاول شرح بعض المشاهد اكثر من الرسالة لكنه غير مشوق و رتيب و لا أتوقع ان يتغير فجأة بعد خلافة عمر رضي الله عنه .. فقد فوتوا أهم لحظة برأيي و هي إسلامه و مرت بشكل اقل من عادي!!
الخلاصة ان المسلسل لو انه حاول ابراز سيدنا عمر كسيرة ذاتية فقط و بشكل محايد و لم يعط قصة الاسلام حقها و لا باقي الصحابة (و لا حتى عمر) كاريزماهم فقد فشل مبدئيا في رأيي ان يكتشف له المشاهد هدفا! و المقارنة مع فيلم الرسالة المبدع واجبة.
مسلسل عمر ملحق ضعيف لفلم الرسالة
تاريخ النشر : 2012-07-30