نصيحة ذئب ترجمة : حماد صبح
تاريخ النشر : 2012-06-24
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة : نصيحة ذئب ترجمة : حماد صبح
كان لأحد الفلاحين كلب وفي اسمه سلطان . بلغ المسكين سلطان من الكبر عتيا ففقد كل أسنانه وصار عاجزا عن العض . وفي يوم كان الفلاح جالسا أمام باب بيته مع زوجته فقال لها : غدا سأتخلص من سلطان برصاصة من بندقيتي ؛ لأن هذا الحيوان التعس ما عاد قادرا على أن يقدم لي ولو أصغر خدمة .
أشفقت زوجته على الحيوان التعس وقالت : يبدو لي أنه جدير في أيام شيخوخته بأن يجد عندنا من الخبز ما يجده
العجزة عادة بعد أن انتفعنا منه سنين كان خلالها نعم الكلب الوفي .
فرد عليها زوجها : لا أفهم ما تقولين . تحسبين الأمور بطريقة سيئة للغاية . ألا تعلمين أنه غدا بلا أسنان
وأنه ما عاد من ثم يرهب السراق ؟ إذن أزف أوان التخلص منه ، وهو إذا كان قدم لنا خدمات جلى فقد نال في مقابلها تغذية جيدة .
سمع الحيوان التعس هذا الحديث ؛ لأنه كان يستدفىء في الشمس على دنو منهما . ولكم أن تفكروا في أنه راعه كثيرا . الغد إذن هو يومه الأخير عند الأسرة . وكان له خل مخلص هو صاحب السيادة الذئب فاضطر إلى أن
يقصده الليلة التالية ليحدثه عن قدره المحزن الذي يتهدده . قال له الذئب : اسمع صديقي ! لا تيأسنَ كل هذا اليأس ! أعدك بأنني سأخرجك من هذه الضائقة . عنت لي فكرة رائعة . سيذهب سيدك وزوجته في بكرة صبيحة الغد
إلى ما الكلأ في الحقل ، ولأنه لا يكون في بيتهما أحد عندئذ فإنهما سيأخذان معهما ابنهما الصغير . لاحظت
أنهما يضعانه في الظل وراء السياج كلما قصدا حقلهما . وإليك ما عليك فعله : ستربض في العشب قرب الصغير
بصفة رقيب حارس له ، وما أن ينهمكا في جمع الكلأ حتى أطلع من الغابة وأصل إلى المكان ماشيا مشية ذئب
يريد استراق الطفل ، وعندئذ تندفع بأقصى سرعتك في أثري كأنك تريد انتزاع فريستي مني ، وقبل أن تعدو مسافة أبعد مما تسمح به سنك سأطرح مغنمي فترده إلى الأبوين المروعين ، وسيريان فيك منقذ طفلهما ، وسيمنعهما شكرك على عملك من الإساءة إليك . بالعكس ، ستغدو من تلك اللحظة صاحب حظوة عندهما ولن
تحرم شيئا .
سرت الفكرة الكلب ، وكل ما حدث بعدها كان فعلا مرضيا ، فمن يستطيع تخيل صرخات الرعب التي
أطلقها الأب حين رأى الذئب يفر بصغيره ؟ ومن يستطيع تخيل فرحته حين رده إليه سلطان الوفي ؟
راح يداعب شعر ظهره الذي انجرد ، وقبل جبهته الجرباء ، وصاح في فورة اعترافه بجميل الكلب :
ويل لمن يقترح نزع أصغر شعره في جسم كلبي الطيب سلطان ! ما دام حيا سيجد عندي ما يجده العجزة
من الخبز الذي استحقه لفرط بسالته .
وخاطب زوجته : جريتل ! امضي حالا إلى البيت وأعدي فطيرة لذيذة لهذا الحيوان الوفي ! الواجب
أن نوفر له قشر الخبز ؛ لأنه بلا أسنان . ارفعي مخدتي من السرير فلن يكون لكلبي الطيب سلطان بعد اليوم
من مرقد سوى سريري !
وفي كنف هذا النظام الجديد فما من عجب في أن يصير سلطان عميد الكلاب . مغزى القصة أنه حتى الذئب
في مقدوره أحيانا أن يكون نصيحا مفيدا ومع هذا لا أدعو كل الكلاب إلى الذهاب إليه وطلب نصحه خاصة
إن كانت هذه الكلاب هتماء ( بلا أسنان ) .
* الأخوان يعقوب وويلهلم جرم .
* عن النص الفرنسي .